ببلوغرافيا

مريم الصيفي.. شاعرة فلسطينية رسمت هويتها في صالونها الأدبي

أطلقت الصالون الأدبي في الكويت منذ عام 1987، فكان يُعقد في منزلها، ويلتقي فيه العديد من الشعراء والأدباء والنقاد والمثقفين والفنانين التشكيليين في الأردن والوطن العربي..
أطلقت الصالون الأدبي في الكويت منذ عام 1987، فكان يُعقد في منزلها، ويلتقي فيه العديد من الشعراء والأدباء والنقاد والمثقفين والفنانين التشكيليين في الأردن والوطن العربي..
لطالما كان للصالونات والمنتديات الأدبية العربية تأثيرٌ اجتماعيّ عميق في تشكيل الوعي السياسي والاجتماعي. وإذا عرفنا أن أغلب الذي أعدمهم جمال باشا عام 1916 أُعدموا على خلفية علاقتهم بـ"المنتدى الأدبي العربي" ورئيسه عبد الكريم الخليل، سندرك أهمية هذه المنتديات، بغض النظر عن سلبيتها أو إيجابيتها.

غير أن المنتديات النسوية كانت قليلة جدا، فمنذ صالون مي زيادة إلى يومنا هذا، بقيت المنتديات النسوية الأدبية نادرة وقليلة، وذلك لطبيعة دور المرأة في مجتمعاتنا.

شهد العالم العربي بعد استقلال المنطقة واحتدام الصراع العربي الإسرائيلي، طفرة ونهضة أدبية، كان للنساء دور فيها، غير أن هذا الدور كان مشاركا ولم يكن رائدا، ما خلا بعض المحاولات الريادية في مجالات أخرى؛ كالإعلام والتراث والتربية. إلا أن صالونا أدبيا فلسطينيا، تديره شاعرة فلسطينية، صمد نحو ثلاثة عقود من السنين، استمرّ في الأردن، هو صالون الشاعرة مريم خليل الصيفي.

من هي شاعرتنا؟

هي مريم خليل سالم الصيفي، ولدت عام 1945 في قرية الولجة، قضاء القدس، لجأت مع أهلها إلى الأردن في أثناء النكبة عام 1948، درست الابتدائية والإعدادية والثانوية في مدارس عمّان، وتخرّجت في قسم اللغة العربية في الجامعة الأردنية عام 1968، ثم انتقلت للتدريس في السعودية حتى العام 1973، ومن ثم انتقلت إلى الكويت للتدريس لمدة 17 عاما، وحصلت على دبلوم التربية من جامعة الكويت عام 1978.

عادت إلى الأردن سنة 1990 إثر حرب الخليج، وعملت في التدريس أيضا، وتسلمت إدارة تحرير مجلة "الشراع" الأردنية من 1996 حتى 1999.

أطلقت الصالون الأدبي في الكويت منذ عام 1987، فكان يُعقد في منزلها، ويلتقي فيه العديد من الشعراء والأدباء والنقاد والمثقفين والفنانين التشكيليين في الأردن والوطن العربي، ويعقد مرة كل شهر أو شهر ونصف، ويتواصل الكثير من الأدباء والشعراء من خارج الأردن مع صالونها الأدبي عن طريق المراسلة أو الاتصالات..

واستمرّ الصالون أكثر من ثلاثين سنة في الانعقاد، تعطل عدة مرات لأسباب خارجة عن إرادتها؛ كحرب الخليج وجائحة كورونا.

نشرت الصيفي بعض قصائدها في الصحف والمجلات الكويتية والأردنية والعربية، وشاركت في الكثير من المهرجانات والأمسيات الشعرية في الكويت والأردن والسعودية، وحلّت ضيفة على عدة برامج إذاعية في الإذاعات الأردنية والسورية والعراقية والليبية والسعودية. واستضافتها فضائيات العراق والجزائر ودبي وسورية والأردن وغيرها.

هي عضو رابطة الكتاب الأردنيين، والاتحاد العام للأدباء والكتاب العرب، والاتحاد العام للكتاب والأدباء الفلسطينيين، واتحاد المعلمين الفلسطينيين، وعضو لجنة المعلمين في وكالة الغوث الدولية، وعضو اللجنة الدولية المساندة للعراق.

تقول الصيفي: "ظلت صورة الولجة محفورة في الذاكرة.. وما يزال الأمل يراودني في العودة إلى قريتي الحبيبة، إذ لن يضيع حقنا في الأرض التي سلبت".

تتنوع موضوعات كتاباتها وتتنوع أشكالها، حيث تكتب الشعر العمودي وشعر التفعيلة، وتتغنى بالوطن وقضاياه وبالأمة وآلامها وآمالها. وهي تؤمن أن الشعر يجب أن يبتعد عن المباشرة في مضامينه، ويبتعد أيضا عن الإسفاف.

مؤلفاتها

من دواوينها الشعرية:

"انتظار"، عمان، 1996.
"عناقيد في سلال الضوء"، عمان، 2002.
"صلاة السنابل"، عمان، 2004.
"أغانٍ للحزن والفرح"، عمان، 2006.
"وردة الغياب"، عمان، 2013.
"ويبوح الصمت، عمان، 2014.

ولها كتاب "فضاءات شعرية، شعر وسير ذاتية"، عمان، 1999. وهو عن سِيَر وحياة الشعراء الذين شاركوا في صالونها الأدبي.

نماذج من شعرها:

يا قدسُ لا تحزني

في الصّدرِ نهرٌ من الآهاتِ يضطــــــرِمُ           ..         ودفقةُ الحزنِ منـــها الرّوحُ تنثلــــــــــــمُ
يا قدسُ لوحي بمنديلِ الأسى أسفًـا          ..         فالجرحُ في القلـــبِ دامٍ ليــــس يلتــــــئمُ
ألوذ بالدّمـــعِ في عينــــي فيغرقـــــــني   ..         وكيــف من غـــرقٍ للــرّوحِ مُعْتــــــَصَمُ
ويصرخُ الوجـــــدُ محمومًا يُجرّحُــــني          ..         يثيـــرُ نــافورةَ الأوجــــــاعِ يحــــــــتدمُ
في هبّــــةِ الرّيــــحِ أنفـــاسٌ تُذكــــّرني     ..         يفــــوحُ مـــلءَ شـــذاها عابـــقٌ عــــرِمُ
تاريخُ مجدٍ توالى في الحـــروفِ سنًى          ..         فنوّرَ الكـــونَ وجــــهٌ ضـــاءَ مُبْتَســــــِمُ
هنـــا صلاحٌ هنــــا الخطّــــابُ دوّنـــهُ           ..         فأشرقَ العــــدلُ فيــــما سجّــــلَ القلــــمُ
فكم توالتْ جيــــوشُ الفتــــحِ عـــابرةً       ..         ورفَّ بالحــــقِّ فــــي آفــــــاقِها علـــــَمُ
قــدسٌ محمّـــَدُ بالإســـــراءِ شرَّفـــها        ..         فأشرقــتْ صخـــرةٌ قد زانــــها شـــــمَمُ
هنـــا المسيــــحُ توارى في أزقَّتــــِها         ..         وسار في دربِــــهِ يجتـــــاحُهُ الألـــــــمُ
تـــلك الأزقّــةُ ذابت في دمي ولــــهًا         ..         واستمطرتني دموعًـــا فيضُـــها سقَــــمُ
تآمرتْ ثلَّةٌ الطاغــوتِ ثمَّ عتتــــَتْ               ..          فهمُ يهـــودٌ وهـــذا دأبُ مَــن ظلمــــوا
هذي المآذنُ والأجــــراسُ وحّدهـــــا        ..          فكرٌ بهِ ترتقـــي الأخـــلاقُ والشِّيـــــَمُ
هي الأخوّةُ بيــــن الأهــلِ تجمعُهـــم      ..           في القدسِ ما فتئتْ تحـــدوهم الهـــمَمُ
غدرُ اليـــهودِ تفشَّى مــــِلْءَ أروقــةٍ         ..           فغـــابَ عــدلٌ ومــا نــادتْ بــهِ أمــَمُ
حقدٌ على الدّينِ ها قد طالَ صخرتَها         ..           وفي مرابــــعِ أقــــصاها أريــــــقَ دمُ
عاثوا فسادًا وساد الصّمتُ عالمَــــنا       ..          فصاحتْ القدسُ أين العُرْبُ ؟ أيـــن همُ؟
يا قدسُ لا تحزني فالأصلُ يجمعُنــا         ..         عـــروبةٌ وعُـــراها ليــس تنفصِــــــــمُ
نفدي ترابـــــكِ بالأرواحِ غاليـــــــةً           ..           ها هم بنوكِ على التحريــــرِ قد عزموا
ونخوةُ الصِّيدِ تســــري مِلْءَ أوردةٍ          ..            يا قــــدسُ فاستـــبشري إنّـــا سننتقِـــمُ
يا قدسُ حَنّي كفوفَ العزِّ زاهيـــــةً         ..            شمــلُ الأحبّــةِ بعدَ الصّــــدعِ يلتحِـــمُ
ها نحنُ قد جمعتنا رايــــةٌ خفقـــتْ          ..            ووحّدتنا عرى الآمــــــالِ تنسجِـــــــمُ
كلُّ الفصــــائلِ بــاسمِ اللّه قد هتفتْ    ..           إنّـــا جميــعًا بحبـــلِ اللّهِ نعتصِــــــمُ
ها نحنُ تشرِقُ ملْءَ الكونِ وحدتُنا          ..           وفرحةُ العيــــدِ في أوطانِنـــا قَسَــــــمُ
غدًا سيبزُغُ فجرُ النّصرِ يا وطني                 ..           ورايــةُ الحــقِّ في الآفـــاقِ تبتَسِـــــــمُ


أحرارُ نحنُ (عن عملية الهروب من سجن جلبوع)

أحرارُ نحنُ وسيفُنا بتَّارُ                          ..              والصمتُ فِيهِ العزمُ والإصرارُ
كم طالَ صبرٌ في انتظارِ سويعةٍ        ..              فيها الحصادُ، وينتهي المشوارُ
ويغيبُ في الظلماتِ قهرٌ سنَّهُ           ..               ظلمُ العدوِّ وفعلُهُ الغدَّارُ
نامتْ عيونُ الجبنِ عن صبرِ المدى     ..              فغفتْ تطمئنُّ بالهَا الأسوارُ
لكنَّ عينَ الحقِّ ظلَّتْ ينجلي                 ..              في صحوِها ما يبتغي الأحرارُ
همْ ستَّةٌ عزموا على نيلِ المنى        ..               وتبادلوها: إنَّنا الثُّوارُ
فلنجعلِ الصمتَ البليغَ طريقَنا          ..              وخلاصنا ما شاءت الأقدارُ
ولنحفر الصخرَ العتيدَ بإظفَرٍ               ..              لا بدَّ يومًا أن يلينَ جدارُ
ويُطِلَّ نورٌ من شقوقِ سجوننا          ..              ننسلُّ منها والنفوسُ كبارُ
يا ليلُ ظلِّلْ صبرنا بعزيمةٍ                   ..              تقوى ليُشرِقَ في النفوسِ نهارُ
وننالَ ما شاءتْ نفوسٌ أينعتْ         ..              بالصبرِ حتى انشقَّ فِيهِ جدارُ
وأطلَّ نورٌ في سماءِ قلوبنا              ..              وتربَّعتْ في عرشِها الأقمارُ
وتلألأتْ نجماتُ شوقٍ للألى             ..              كم طالَ وقتُ غيابِهمْ كم ساروا!
فالنصرُ للحقِّ المبينِ وإن طغى      ..              مستعمِرٌ مُتَمَرِّدٌ جبَّارُ
لا بدَّ من نصرٍ يسرُّ قلوبَنا                   ..             وتشعُّ ملءَ سمائنا الأنوارُ
التعليقات (0)