ملفات وتقارير

مقترح فرنسي بإنشاء وحدات عسكرية مشتركة في ليبيا بإشراف أمريكي.. ما أهدافه؟

كشف موقع "أفريكا أنتليجنس" أن باريس تستعد لاستضافة قمة أمنية مصغرة تركز على ليبيا
طرحت الأنباء المتداولة عن قمة أمنية مصغرة في فرنسا لتشكيل وحدات عسكرية مشتركة في ليبيا، بإشراف أمريكي وبريطاني، أسئلة عن أهداف الخطوة، وعلاقتها بمواجهة واشنطن للنفوذ الروسي هناك، خاصة الفيلق الأفريقي في شرق ليبيا.

وكشف موقع "أفريكا أنتليجنس" الفرنسي أن "باريس تستعد لاستضافة قمة أمنية مصغرة تركز على ليبيا، بمشاركة ممثلي بريطانيا والولايات المتحدة وإيطاليا، فيما سيكون على رأس جدول الأعمال خطة إنشاء وحدات عسكرية مشتركة في ليبيا؛ من أجل تأمين الحدود التي تخضع حاليا لسيطرة فصائل قبلية في الغرب والجنوب، وقوات حفتر في الشرق".

"توافق أمريكي- فرنسي"
وأكد الموقع الاستخباراتي أن "فرنسا تحاول الدفع بخطة لتشكيل وحدات مشتركة لتأمين الحدود مع رئيسي الأركان العامة الليبية في الشرق والغرب، إلى جانب ضم ضباط من اللجنة العسكرية المشتركة "5+5"؛ بهدف الوصول إلى جيش ليبي موحد، وطرح برنامج لنزع السلاح والتسريح، وإعادة الإدماج للمجموعات المسلحة".

وأوضح أن "هذه الخطة الفرنسية تتماشى مع مساع مشابهة من الإدارة الأمريكية، حيث تشرف شركة "أمنتوم" الأمريكية شبه العسكرية على تدريب الجماعات المسلحة التابعة لحكومة الوحدة الوطنية في طرابلس؛ بهدف دمج هذه العناصر في جيش نظامي موحد"، وفق الموقع.

ولم يصدر أي تعليق رسمي من قبل حكومة الدبيبة ورئاسة الأركان التابعة لها، أو تعليق من قبل قوات حفتر ومكاتبها الإعلامية، أو اللجنة العسكرية المشتركة بخصوص طبيعة هذه الوحدات وأماكن تمركزاتها.

لكن مراقبين وعسكريين أكدوا أن الخطوة هدفها الأول هو استهداف زيادة النفوذ الروسي في شرق ليبيا، خاصة بعد إنشاء الفيلق الروسي الأفريقي هناك، والانطلاق منه إلى باقي دول أفريقيا والساحل.

فما طبيعة هذه الوحدات ومهامها الآن؟ وهل هي خطة أمريكية بواجهة فرنسية لمواجهة النفوذ الروسي في ليبيا؟

"مواجهة الإرهاب والتهريب"
قال وزير الدفاع الليبي السابق، محمد البرغثي: "منذ أن كنت وزيرا للدفاع وفرنسا تسعى إلى تأمين الحدود بين كل من الجزائر وليبيا والنيجر؛ للسيطرة على الأوضاع في مالي؛ تجنبا للتدخل الروسي فيما يسمى مثلث "السلفادور" بين الجزائر وليبيا والنيجر، ولقربه من مالي، وتواجد تنظيم "داعش" فيه، وهم الذين يتعاملون في تهريب السلاح والمخدرات في المنطقة التي ترتبط فرنسا بدولها".

وأكد في تصريحات لـ"عربي21" أنه "نظرا لوجود قوات أمريكية في المنطقة هناك، فإن روسيا تسعى للحصول على موضع قدم في هذه المنطقة، وكذلك خوفا من ارتباط "مليشيات" الغرب الليبي مع تجار الأسلحة والتهريب، فإن دول المساندة تطمح لإنشاء قوة مشتركة بين قوات الجيش في الشرق والغرب؛ لحماية هذه المنطقة الحدودية، والسيطرة عليها بالتعاون مع الجزائر والنيجر"، وفق معلوماته العسكرية.

"تدخلات تزيد الأزمة تعقيدا"
في حين قالت عضو لجنة الدفاع والأمن القومي بمجلس النواب الليبي، ربيعة بوراص، إنه "حتى الآن لم تتوافر المعلومات الكافية عن هذه القمة الأمنية في باريس، وما إذا كانت أطراف ليبية عسكرية وسياسية ستشارك فيها، أو طبيعة هذه الوحدات العسكرية المشتركة المقترحة، أو تمركزاتها بالتحديد، ما يجعل التكهن بأهدافها وتداعياتها حاليا صعبا".

واستدركت لـ"عربي21": "لكن بشكل عام، التدخل الدولي في الشؤون الأمنية وإقحام ليبيا في الصراعات الدولية على النفوذ العسكري والجيوسياسي والاقتصادي، سيزيد من حجم الأزمة الداخلية والخارجية للبلاد، وكذلك لأطراف الصراع الليبي التي اتجهت مؤخرا لصراع على التنمية، وابتعدت عن الصراعات العسكرية، وفق رأيها.

وتابعت: "لذا ننصح الأطراف العسكرية والأمنية في ليبيا ألا تنجر وراء أي تحالفات عسكرية مع أي طرف دولي أو إقليمي في هذه المرحلة، وأن تتأكد هذه الأطراف أن الحل في تقديم التنازلات والجلوس معا من أجل تحقق الاستقرار السياسي والعسكري".

"مواجهة روسيا عسكريا"
الكاتب والمحلل السياسي المقيم في أمريكا، محمد بويصير، قال من جانبه إن "هذا التحرك يأتي كمحاولة غربية لمواجهة الجهد الروسي لفتح جبهة ثانية ضد الناتو في شمال أفريقيا، بعد أن حسم الوضع في جبهة أوكرانيا تقريبا، والحديث عن مشاركة قوات حفتر في هذه الوحدات المشتركة المقترحة هو أقرب للأمنيات؛ كونه حليف لروسيا ولن يضحي بدعم موسكو".

وأشار إلى أن "المقترح هو خطة أمريكية في الأساس تطرحها فرنسا، كون الأخيرة لم تنجح حتى في الحفاظ على مواقعها في مستعمراتها القديمة، لذا الفكرة أمريكية، هدفها تشكيل قوة عسكرية لمواجهة التمدد الروسي، دون التورط المباشر في الصدام، بحيث أن يكون الضحايا ليبيين فقط"، حسب تقديره وتصريحه لـ"عربي21".


"جيش موحد ومعالجة أمنية"
لكن الأكاديمي والباحث الليبي، عماد الهصك، رأى أن "القمة الأمنية المزمع عقدها في باريس تأتي في إطار تحركات هذه الدول لمعالجة الوضع الأمني الهش في ليبيا، والمحافظة على حدودها معها، خاصة أن الخطة جاءت بموافقة أهم دولتين في حلف الناتو "أمريكا وبريطانيا".

وبيّن لـ"عربي21" أن "هذه الدول ستستعين في تطبيق خطتها الأمنية بالقوى العسكرية الليبية الأكثر فاعلية وانضباطا شرقا وغربا؛ للقضاء على التشكيلات العسكرية غير المنضبطة، وذلك بالتماهي مع جهود لجنة 5+5، وقد تصب هذه الخطوة في مصلحة إعادة تشكيل الجيش الليبي الموحد، وذلك قطعا للطريق أمام أي تواجد لدول تتصادم مصالحها مع الدول الغربية، كروسيا مثلا، التي تسعى لخلق مناطق نفوذ في شمال أفريقيا كمدخل لباقي الدول الأفريقية".