حقوق وحريات

تقرير حقوقي يحذر من بوادر قمع بتونس بعد قرارات سعيّد

اعتقال عدد من البرلمانيين المنتقدين لسياسات قيس سعيد- (الأناضول)
اعتقال عدد من البرلمانيين المنتقدين لسياسات قيس سعيد- (الأناضول)

عبرت المنظمة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا عن قلقها من توقيف نائبين برلمانيين تونسيين من المعارضين لقرارات قيس سعيد الأخيرة، مؤكدة أن تلك الممارسات إشارة سلبية تثير المخاوف من تحول تونس إلى ديكتاتورية شمولية جديدة تقمع حرية الرأي والتعبير، وتسعى لفرض الصوت الواحد.

وأكدت المنظمة في بيان لها اليوم الاثنين، أرسلت نسخة منه إلى "عربي21"، أن ملاحقة نواب عارضوا قرارات قيس سعيد عبر القضاء العسكري في دعاوى قديمة أو جديدة هو انتهاك جسيم لحقوق الإنسان بغض النظر عن الملاحقين بتلك الدعاوى.

وقال البيان: "لا يمكن بحال قبول محاكمة المدنيين إلا أمام قاضيهم الطبيعي، ويزيد من مستوى هذا الانتهاك الإجراءات الأمنية المخالفة للقانون التي رافقت عمليات الاعتقال". 

وشددت المنظمة على أن إطلاق يد الأجهزة الأمنية وتجاهل خرقها للقانون، واستخدام القضاء في ملاحقة نواب معارضين لقرارات الرئيس، لا يمكن أن يكون أبدا حلا للأزمة التونسية، ولن يصب إلا في صالح تأجيج الخلاف السياسي، وتقليص فرص الحوار الوطني. 

ودعت المنظمة الرئاسة التونسية إلى التحلي بالمسؤولية، واحترام حرية الرأي والتعبير، وحقوق الإنسان، ووقف محاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وضمان التزام أجهزة الأمن التونسية بالقانون دون أي تجاوز ومحاسبة المخالفين.  

وطالبت المنظمة القوى السياسية ومؤسسات المجتمع المدني التونسية بالدفاع عن سيادة القانون، وحماية المسار الديمقراطي ورفض كافة انتهاكات حقوق الإنسان تحت أي مبرر، ورفض استخدام القضاء والأجهزة الأمنية في تصفية الحسابات السياسية، بما يقضي على كافة المكتسبات التي حققها الشعب التونسي في ثورته على نظام بن علي، وتفتح الباب واسعاً لقوى عديدة متربصة للقضاء على آخر معقل مضيء للربيع العربي.

وكانت قوات أمن تونسية بزي مدني سمى عناصرها أنفسهم بالأمن الرئاسي، قد اعتقلوا النائب عن قائمة "أمل وعمل" (مستقلة) البرلمانية الجمعة 30 تموز (يوليو) الماضي، ياسين العياري، بطريقة عنيفة ـ بحسب زوجته ـ دون التعريف عن سبب اعتقاله أو إظهار هوياتهم أو إذن قضائي بذلك، لتعلن النيابة العسكرية في وقت لاحق أنه أودع السجن، لتنفيذ حكم قضائي "عسكري" بحبسه شهرين صدر في 6 كانون الأول (ديسمبر) 2018.

وفي ذات اليوم اعتقلت قوات الأمن النائب ماهر زيد ـ من ائتلاف الكرامة المعارض لقرارات سعيد ـ على خلفية قضية وقعت تسويتها منذ عام 2018، إذ كان محكوما عليه غيابيا بالسجن عامين بتهمة "إهانة الرئيس الراحل الباجي قايد السبسي"، قبل أن يفرج عنه لاحقا بعد 24 ساعة تقريبا، وفور إخلاء سبيله قامت وحدات من إدارة الشرطة العدلية بالقرجاني بتوقيفه مجددا بمقتضى إنابة قضائية عسكرية،  وصرحت محاميته لوسائل إعلام بأن زيد فوجئ أثناء مغادرته مع فريق الدفاع بفرقة أمنية تحاول إيقافه من جديد دون الاستظهار ببطاقة جلب أو التصريح عن الجهة المطلوب لديها والتهمة الموجهة إليه.

وصرح أحد محامي زيد لوسائل إعلام بأن زيدا الآن في فرقة مكافحة الإجرام وأن المحكمة فتحت خصيصا في منتصف الليل لتلقي شكاية بحق زيد على خلفية حادثة وقعت في شهر آذار/ مارس الماضي، ولم يكن لزيد أي دور في تلك الحادثة.

وفي 25 تموز (يوليو) الماضي، قرر سعيد إقالة رئيس الحكومة، وأن يتولى هو بنفسه السلطة التنفيذية بمعاونة حكومة يعين رئيسها، بالإضافة إلى تجميد اختصاصات البرلمان (برئاسة الغنوشي)، ورفع الحصانة عن النواب، وترؤسه للنيابة العامة.

وعارضت أغلب الكتل البرلمانية في تونس قرارات سعيد إذ عدتها حركة "النهضة" "انقلابا"، واعتبرتها كتلة قلب تونس (29 نائبا) "خرقا جسيما للدستور"، ورفضت كتلة التيار الديمقراطي (22 نائبا) ما ترتب عليها، ووصفتها كتلة ائتلاف الكرامة (18 مقعدا)، بـ"الباطلة" فيما أيدتها حركة الشعب (15 نائبا).

وأدان البرلمان الذي يترأسه راشد الغنوشي زعيم "النهضة"، بشدة في بيان لاحق، قرارات سعيّد، وأعلن رفضه لها.

 

إقرأ أيضا: صحفية أمريكية: سعيّد احتجزني ثم أسمعني محاضرة عن الحريات


التعليقات (0)