صحافة دولية

"إنترسيبت": "مشروع الديمقراطية التركية" داعم لإسرائيل

تزعم المنظمة أنها "ملتزمة بتشجيع تركيا على تبني سياسات أكثر ديمقراطية"- جيتي
تزعم المنظمة أنها "ملتزمة بتشجيع تركيا على تبني سياسات أكثر ديمقراطية"- جيتي

ذكر موقع "ذي إنترسيبت" الأمريكي، أن "مشروع الديمقراطية التركية" الذي تأسس قبل مدة في الولايات المتحدة، مدعوم من قبل اللوبي الصهيوني.

 

وأوضح الموقع أن هذا المشروع هو "عبارة عن مجموعة مناصرة سياسية انطلقت هذا الصيف وغايتها المعلنة دعم الديمقراطية في تركيا. من الخصائص المثيرة لتلك المجموعة أنها لا تشتمل على أي عناصر تركية ضمن مجلس إدارة قيادتها".

 

في البيان الصحفي الذي أعلن تأسيسها، قالت المنظمة إنها "ملتزمة بتشجيع تركيا على تبني سياسات أكثر ديمقراطية".

 

ولكن بعد برهة قصيرة من إطلاق المنظمة، حُذف من قائمة أسماء مستشاريها المنشورة في موقعها على الانترنت اسما الشخصين التركيين اللذين كان قد أعلن رسمياً عن مشاركتهما في المشروع وهما السياسي التركي السابق أيكان إردمير والأكاديمي سليمان أوزرين.
 
على الرغم من عدم وجود ارتباط رسمي لأي أتراك بالمجموعة، إلا أن مشروع الديمقراطية التركية يشتمل على قائمة أسماء من الأوزان الثقيلة ممن كانوا في السابق مسؤولين حكوميين أو دبلوماسيين ويعرف عنهم أن لهم صلات وثيقة بإسرائيل ودول الخليج العربية، ومنهم فرانسيس تاونسند، مسؤولة مكافحة الإرهاب سابقاً في إدارة بوش، والسيناتور الأمريكي السابق جوزف ليبرمان، وجون بولتون، المستشار السابق للأمن القومي في إدارة الرئيس دونالد ترامب والذي اشتهر بشراسته وعرف عنه حماسه الشديد لأن تدخل الولايات المتحدة في مواجهة مع إيران.

 

غرد بولتون معلقاً على إطلاق مشروع الديمقراطية التركية عبر حسابه في تويتر قائلاً: "حان الوقت لإطلاق صفارة الإنذار في وجه تركيا".

 

ويتابع الموقع: "ما من شك في أن الديمقراطية التركية شهدت تراجعات خطيرة تحت الحكم الجائر لحزب العدالة والتنمية، إلا أنه ليس من الواضح ما الذي يقوم به مشروع الديمقراطية التركية لمعالجة هذه المشكلة تحديداً، علماً بأن المنظمة معروف عنها ارتباطها بشبكة من مجموعات الأموال السوداء الممولة جيداً والتي تسعى نحو دفع السياسة الخارجية للولايات المتحدة في الشرق الأوسط لتتبنى مواقف تنسجم مع المصالح السعودية والإماراتية والإسرائيلية".

 

اقرأ أيضا: محكمة تركية تقرر تمديد اعتقال رجل الأعمال عثمان كافالا
 

يتواجد في القلب من هذه المنظمة مارك والاس، الذي شغل منصب سفير الولايات المتحدة إلى الأمم المتحدة في عهد الرئيس جورج دبليو بوش، والذي يشغل الآن ليس فقط منصب رئيس مشروع الديمقراطية التركية ولكن أيضاً المنظمة المعادية لإيران والتي تسمى "متحدون ضد إيران النووية"، ويرأس كذلك مجموعة مناصرة لمكافحة الإرهاب اسمها "مشروع مكافحة التطرف"، بالإضافة إلى مجموعة غير ربحية تقوم على الفنون وتركز على حقوق الإنسان داخل إيران اسمها "بايكان آرت كار".

 

يشغل ثمانية من أحد عشر عضواً من أعضاء المجلس الاستشاري لمشروع الديمقراطية التركية مناصب في "متحدون ضد إيران النووية" أو في "مشروع مكافحة التطرف" أو فيهما معاً.
 
أثيرت تساؤلات حول غايات ومصادر تمويل كل من "متحدون ضد إيران النووية" و"مشروع مكافحة التطرف" بما في ذلك ما إذا كانتا تتلقيان دعماً مالياً من حكومات أجنبية وشخصيات سياسية. لم يرد مشروع الديمقراطية التركية على طلب التعليق على كيفية تمويله ومصادر الدعم الذي يتلقاه.
 
شبكة مجموعة الضغط 
لم ينشر مشروع الديمقراطية التركية بعد بيانات حول تمويله، إلا أن الملاحظ أن المجموعتين المرتبطتين به، "متحدون ضد إيران النووية" و"مشروع مكافحة التطرف"، تنضويان تحت مظلة منظمة تسمى المشروع المتحد لمكافحة التطرف.

 

على الرغم من أن هذه الشبكة من المنظمات لم يسبق من قبل أن كشفت عن مصادر تمويلها، إلا أنها جلبت ما يزيد عن 101 مليون دولار ما بين عام 2009 وعام 2019، بحسب ما ورد في تقرير ضرائبي، مما يجعلها واحدة من أضخم شبكات الأموال السوداء التي تنشط اليوم في عالم مجموعات الضغط التي تسعى للتأثير على السياسة الخارجية للولايات المتحدة.
 
نشر موقع إنتلجنس أونلاين في شهر تموز/يوليو 2021 مقالة حول تأسيس مشروع الديمقراطية التركية وردت فيه الإشارة إلى الارتباط الوثيق بين والاس وتوماس كابلان، المستثمر الملياردير المعروف بتمويله ودعمه العلني والصريح لمجموعات المناصرة التي يترأسها والاس حول الشأن الإيراني.
 
بالإضافة إلى ذلك يعمل والاس لدى كابلان كمستشار كبير في شركته إليكترام غروب التي تستثمر في شراء أسهم في قطاع المعادن والتعدين – السلع التي يعمل كابلان ووالاس على تسويقها لدى المستثمرين باعتبار أنها تحافظ على قيمتها، أو ترتفع قيمتها، فيما لو تراجع الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط.
 
كما أشارت المقالة المنشورة في موقع إنتلجنس أونلاين إلى علاقات كابلان الوثيقة مع العائلات الملكية الحاكمة في دول الخليج العربية، وهو الأمر الذي ما فتئ يذكره بحماسة في المناسبات العامة التي يشارك فيها. يحتفظ كابلان بشكل خاص بعلاقات تجارية ومالية واسعة النطاق مع دولة الإمارات العربية المتحدة.
 
تعثرت الجهود التي تبذل للتحقق من التعاملات المالية التي تقف من وراء شبكة مجموعات ضغط في السياسة الخارجية ترتبط بكابلان بعقبة غير عادية، ألا وهي قرار الحكومة الأمريكية في عام 2013 إسقاط قضية قانونية كانت مرفوعة ضد كابلان ومنظمة "متحدون ضد إيران النووية". كانت القضية تزعم أن كابلان ومنظمة "متحدون ضد إيران النووية" يحصلان على تمويل من قبل مصالح أجنبية لم يتم الكشف عنها. في إجراء غير عادي اعتمد على أسرار الدولة كطرف ثالث يتدخل في قضية قانونية مدنية زعمت الحكومة الأمريكية بشكل يكتنفه الغموض أن السماح للقضية بالمضي قدماً يمكن أن يفضي إلى تهديد الأمن القومي للولايات المتحدة.
 
على الرغم من توفر المعلومات الرسمية التي تعطي أرقاماً إجمالية حول تمويل تلك الشبكة من المنظمات التي يترأسها والاس، إلا أن المعلومات الخاصة بالمتبرعين تحديداً ما تزال غامضة، وإن كانت ترد من حين لآخر بعض المؤشرات على الدور السخي الذي يقوم به كابلان في تمويل هذه النشاطات. ومن ذلك ما كشفه تقرير نشره الموقع الإخباري الاستقصائي "ليبيلوغ" حول التبرعات التي تصل إلى منظمة "متحدون ضد إيران النووية"، وتحديداً أن صناديق الأمانات التي يتحكم بها كابلان تبرعت بمبلغ قدره 843 ألف دولار لمنظمة "متحدون ضد إيران النووية" في عام 2013 وهو ما يعادل تقريباً نصف إيرادات المنظمة لتلك السنة.

 

اقرأ أيضا: لا انتخابات مبكرة بتركيا.. ما تقييم الحزب الحاكم حول الليرة؟
 
التمويل من الخارج 
في عام 2015 تقدم والاس بإقرار ضمن ما يسمى بملف "الحقيقة في الشهادة" إلى لجنة الشؤون الخارجية التابعة لمجلس النواب الأمريكي، وذلك قبل أن يتقدم للإدلاء بشهادته من موقعه كرئيس لمشروع مكافحة التطرف. كتب والاس يقول: "حتى هذا التاريخ لم نتلق سوى تبرعات شخصية وخاصة.

 

لم يتلق مشروع مكافحة التطرف أموالاً من حكومات أجنبية. ولقد ناقشنا تمويل مشروع مكافحة التطرف في المستقبل مع الحكومة الأمريكية (وزارة الخارجية) وكذلك مع مختلف الحكومات الأجنبية."
 
قبل عدة سنوات سُربت مجموعة كبيرة من رسائل الإيميل يعتقد بأن مصدرها كان حساب سفير الإمارات العربية المتحدة إلى الولايات المتحدة يوسف العتيبة. كشفت تلك الرسائل المسربة فيما يبدو عن سعي الشبكة للحصول على تمويل أجنبي، وبشكل خاص من الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية. إحدى هذه الرسائل أرسلت من والاس إلى العتيبة بتاريخ الثالث من سبتمبر (أيلول) 2014 وتشير إلى "تقدير التكاليف" لعقد "ندوة" قادمة، وإن لم يكن جلياً ما إذا كان الحدث المشار إليه هو من نشاطات منظمة "متحدون ضد إيران النووية" أم مناسبة إطلاق "مشروع مكافحة التطرف"، والذي تم بالفعل في وقت لاحق من نفس الشهر.
 
إحدى الرسائل الإلكترونية الأخرى المسربة تعود إلى سنة 2015. ورد في تلك الرسالة ذكر دعم الإمارات العربية المتحدة لمشروع مكافحة التطرف.

 

تطلب تاونسند في الرسالة من العتيبة المساعدة في ترتيب لقاءات مع محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، وتنهي تاونسند رسالتها الإلكترونية بتوجيه شكر للعتيبة على جهوده في دعم مشروع مكافحة التطرف.
 
ثم في شهر أغسطس (آب) من عام 2016، كتب السيناتور الجمهوري نورم كولمان، والذي يعمل الآن لصالح اللوبي السعودي، إلى العتيبة بتوجيه من وزير الخارجية السعودي عادل بن أحمد الجبير حتى يوفر لمشروع مكافحة التطرف وضعاً ضريبياً. كتب كولمان إلى السفير الإماراتي يقول له: "أوصى وزير الخارجية الجبير بأن أتابع معك بشأن القضية المرفقة. مشروع مكافحة التطرف هو 501c4. أعلمني إن كانت لديك أي استفسارات."
 
إذا ما تلقى مشروع مكافحة التطرف ومنظمة "متحدون ضد إيران النووية" تمويلاً أجنبياً، فقد يتطلب ذلك تسجيل نشاطاتهما بموجب قانون تسجيل الوكلاء الأجانب، أو ما يعرف اختصاراً بعبارة فارا، وهو قانون يشترط تسجيل الكيانات الموجودة داخل الولايات المتحدة وتمارس النشاط السياسي.
 
إلا أن أياً من المجموعتين لم تسجل نفسها ضمن فارا. وعلى الرغم مما يشاع إلا أنه لا يتوفر دليل حاسم على تلقيها تمويلاً من مصادر أجنبية.
 
تعليقاً على موضوع "متحدون ضد إيران النووية" ومشروع مكافحة التطرف، قال بن فريمان، مدير مبادرة الشفافية حول النفوذ الأجنبي داخل مركز السياسات الدولية: "هذه المجموعات ضالعة كلها في نشاطات قد تصنف ضمن ما يعتبره قانون فارا نشاطات سياسية. ولديهم غايات صريحة تتعلق بالسياسة الخارجية للولايات المتحدة، ويسعون بكل جد للتأثير على قطاعات من الجمهور – وفي بعض الحالات التأثير على صناع السياسة أنفسهم – في سبيل تحقيق هذه الغايات."
 
وأضاف: "بإمكانك أن تقوم بكل هذه الأنواع من العمل لو كنت مواطناً أمريكياً وممولاً من قبل مواطنين أمريكيين، إلا أن قانون فارا يدخل حيز التطبيق إذا كنت ممولاً من قبل حكومة أجنبية أو كيان أجنبي أو تقوم بالعمل نيابة عن تلك الحكومة الأجنبية أو ذلك الكيان الأجنبي."
 
المصالح المتحيزة 
كما هو متوقع، أسخط إطلاق مشروع الديمقراطية التركية وسائل الإعلام الموالية للحكومة في تركيا، والتي اعتبرت تلك المنظمة جزءاً من مؤامرة تحاك ضد البلد من قبل تشكيلة من أعدائه بهدف تقويض الاستقرار فيه.
 
على مدى العقد الماضي، تخوض تركيا صراعاً داخلياً بين أنصار حزب العدالة والتنمية الحاكم من جهة وحركة غولن من جهة أخرى.

 

يذكر أن حركة غولن عبارة عن شبكة سياسية محظورة يتهمها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالوقوف من وراء المحاولة الانقلابية الفاشلة في عام 2016. كما أن السنوات الأخيرة شهدت عداءً بين تركيا ودول الخليج العربية مثل الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية، بالإضافة إلى إسرائيل.

 
من طرفهما، ما يزال والاس وكابلان يحتلان المركز من شبكة متنامية من المنظمات الممولة جيداً، والتي تتوافق غاياتها في مجال السياسة الخارجية مع المصالح الأمنية المعلنة لحكومتي أبوظبي وتل أبيب. وعلى الرغم مما ورد في البيانات المنشورة من كلمات تنم عن نبل الغاية، إلا أن المراقبين يقولون إن إطلاق مشروع الديمقراطية التركية يبدو متعلقاً بخدمة مصالح خصوم تركيا في المنطقة أكثر من تعلقه بالدفاع عن الديمقراطية اللبرالية.
 
علقت على ذلك سارة لياه ويتسون، المدير التنفيذي لمنظمة الديمقراطية للعالم العربي الآن، وتعرف اختصاراً بعبارة "داون"، وهي عبارة عن مركز بحث وتفكير يركز اهتمامه على الشرق الأوسط وتم إنشاؤه بعد جريمة قتل جمال خاشقجي. تقول السيدة ويتسون إن خلفية من يقفون وراء تلك المنظمات تشير إلى وجود هدف سياسي وليس غاية إنسانية.
 
وتضيف: "إن استهدافها لديمقراطية يشوبها الخلل في الشرق الأوسط بينما أعضاء مجلس إدارتها يدافعون عن أنظمة ملكية مطلقة ويروجون لها في المملكة العربية السعودية والإمارات العربية المتحدة، وكذلك عن دولة الفصل العنصري في إسرائيل، وعن الدكتاتورية في مصر، كل ذلك يفيد بأن هذه المجموعة مهتمة بتحقيق مصالح سياسية بدلاً من أن تكون قائمة على القيم".

 

للاطلاع إلى النص الأصلي (هنا)

التعليقات (1)
سليمان كرال اوغلو
الأحد، 28-11-2021 05:09 م
توجد في تركيا ديمقراطية أفضل من ديمقراطية أمريكا و ديمقراطية بعض بلدان أوروبا . لكن يوجد أيضاً أناس مصابون بمرض اسمه (جنون كراهية تركيا) و الأمثلة على هؤلاء المرضى في أمريكا "بولتون ، بومبيو " و المثال على المرضى في أوروبا " ماكرون" .