مقالات مختارة

الوضع الفلسطيني نكبة جديدة

جهاد الخازن
1300x600
1300x600

في 13 أيلول (سبتمبر) 1993، وقّع الفلسطينيون وإسرائيل اتفاق أوسلو، وصافح ياسر عرفات رئيس وزراء إسرائيل إسحق رابين في حديقة البيت الأبيض، وهما يتوقعان معاهدة سلام كاملة شاملة مع حلول 1999.

ما حدث هو أن اليمين الإسرائيلي قتل رابين، وأن الإرهابي أرييل شارون قتل ياسر عرفات. شارون مات بعد أن قضى سنوات عمره الأخيرة غائبا عن الوعي، فأقول إلى جهنم وبئس المصير.

كل ما عند الفلسطينيين من اتفاق أوسلو الآن، هو السلطة الوطنية الفلسطينية والرئيس محمود عباس الذي تجاوز الثمانين، وكان يُفترض أن تكون ولايته أربع سنوات بعد انتخابه رئيسا سنة 2005، إلا أنه في الحكم حتى اليوم ولا خليفة معروف له.

اليوم ثلاثة أرباع الفلسطينيين يعتقدون أن الوضع الحالي أسوأ منه قبل الاتفاق في أوسلو، والسلطة الوطنية أصبحت جهازا ديكتاتوريا، عمله أن يحفظ عمل قادته على حساب المواطنين الفلسطينيين. هذا مع العلم أن السلطة أوجدت وظائف لحوالي ربع الفلسطينيين في سن العمل.

إسرائيل مذنبة لكن السلطة الوطنية ليست بريئة، والرئيس عباس يقودها كأنه ديكتاتور صغير في جمهورية موز. هناك خلاف هائل مع حماس التي تحكم قطاع غزة، وأتهم قيادة حماس بالمسؤولية عن القطيعة مع الضفة الغربية، حيث بنى الإسرائيليون مستوطنات والإرهابي بنيامين نتانياهو يزيد عدد الوحدات السكنية فيها يوما بعد يوم، حتى إن عدد المستوطنين تجاوز مئتي ألف.

المستوطنات غير شرعية إلا أن نتانياهو يعتمد على أصوات المستوطنين للاستمرار في الحكم، لذلك هو يقدم لهم كل ما يريدون متوقعا أن ينتخبوه مرة أخرى لرئاسة الوزارة. هو مجرم حرب قتل ألوفا من أهالي قطاع غزة، فأتمنى أن أقابله في محكمة بريطانية في لندن حيث تقيم عائلتي، لكشف سجله الإرهابي في الحكم وخارجه.

رابين قُتِل سنة 1995 وإرهابي إسرائيلي قتل 29 مسلما فلسطينيا داخل مسجد في الخليل، وكانت هناك عمليات إرهابية متبادلة لم تؤدِّ إلى شيء غير وأد عملية السلام، بعد أن تسلم الحكم في إسرائيل أقصى اليمين، تؤيده جماعات يهودية متطرفة مثله في الولايات المتحدة.

اليوم، الحليف الأول والأخير لنتانياهو في العالم هو الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي نقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، ثم اعترف بالقدس عاصمة لإسرائيل.

القدس لنا وفلسطين من البحر إلى النهر، وفي حين أن هناك يهودا كثيرين معتدلون، ويمكن عقد سلام معهم، فإن الحكم في إسرائيل تسلمه أقصى اليمين بمساعدة المستوطنين وأنصارهم في الولايات المتحدة.

دونالد ترامب أمر بإغلاق مكتب منظمة التحرير في واشنطن، لأن الفلسطينيين، حسب قوله، لا يعملون للسلام. أقول إن ترامب ونتانياهو لا يعملان للسلام ولا يريدانه، بل يريدان دولة يهودية في فلسطين كلها، وربما معها مرتفعات الجولان السورية.

إسرائيل تقول إن الفلسطينيين لجؤوا الى «الإرهاب» بعد انهيار سلام أوسلو، وأقول إن الفلسطينيين كانوا يقاومون الاحتلال الذي وجد في مقاومتهم العذر لإعادة احتلال الضفة الغربية سنة 2002 وبدء بناء المستوطنات فيها.

هذا الوضع لا يمكن أن يستمر، وإذا رحل الرئيس عباس بسبب المرض أو غيره، فإنني أتوقع انتفاضة ثالثة ورابعة وخامسة وعاشرة وعشرين. ترامب قد لا يكمل ولايته الأولى مع وجود مَن يريد عزله بسبب سوء إدارته الحكم، ونتانياهو قد يستمر في إسرائيل بمساعدة المستوطنين، إلا أنه شخص كريه ومكروه، فأرجو أن أرى نهايته قريبا قبل أن يقضي على عملية السلام بمساعدة الرئيس الأمريكي ولوبي إسرائيل في واشنطن.

ما أتمنى ليس بالضرورة ما سيحدث، فأنتظر انتفاضة فلسطينية جديدة تعيد عملية السلام إلى الواجهة، لتقوم دولة فلسطينية مستقلة في أقل من ربع فلسطين التاريخية.

 

عن صحيفة الحياة اللندنية

0
التعليقات (0)

خبر عاجل