صحافة دولية

نيويوركر: كيف حوّل تحالف ترامب نتنياهو سياسة بلديهما؟

نيويوركر:  سيكون لإعادة انتخاب ترامب أثر كارثي على أمريكا- جيتي
نيويوركر: سيكون لإعادة انتخاب ترامب أثر كارثي على أمريكا- جيتي

نشر موقع مجلة "ذي نيويوركر" مقالا للكاتب ديفيد ريمنيك، يتحدث فيه عن التحالف بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

 

ويقول ريمنيك في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إنه قبل 21 عاما جلس العالم المتخصص في تاريخ القرون الوسطى ووالد رئيس الوزراء الإسرائيلي الحالي، بينزيون نتنياهو، مع مراسل في بيته في القدس الغربية، وكان يفكر بصوت عال إن كان ابنه الذي يلقب بـ"بيبي" كان يتميز بالمواصفات الصحيحة.

 

ويشير الكاتب إلى أن "بينزيون كان منظرا لا هوادة عنده، ومتطرفا وعضوا في حركة التصحيحيين، (وتحتوي صلاة التصحيحيين على النص "لنهر الأردن ضفتان، هذه لنا والأخرى لنا أيضا")، وكان يبغض النخبة الليبرالية، فهم من خنقوا مهنته الأكاديمية، كما يعتقد، وأضعفوا البلد بثرثرتهم عن صنع السلام مع الفلسطينيين، فمؤيدو حزب العمال الذين كان القوة السائدة في السياسة الإسرائيلية لعقود، لم يعيشوا في نظره في العالم الحقيقي، وقال يومها: (تاريخ اليهود بشكل كبير هو تاريخ محارق)".  

 

ويلفت ريمنيك إلى أن "بينزيون مات عام 2012، وكان عمره 102 عامين، وأي تشكك أو خوف من أن ابنه كان ينقصه الدهاء السياسي أو الهمة الأيديولوجية لإنهاء أي توقع لحل الدولتين الذي أثاره اتفاق أوسلو، كان في غير مكانه، وقد أثبت بنيامين نتنياهو، الذي فاز بدورة خامسة الأسبوع الماضي بأنه داهية وساخر ومستعد لأن يفعل أي شيء للبقاء في منصبه".

 

ويبين الكاتب أن "نتنياهو يستهدف من خلال سياسته، التي تقوم على التقسيم، أعداءه في الصحافة وفي الأكاديمية وفي المحاكم، وبشكل متزايد يجد حلفاءه العالميين في النادي الدولي للاليبراليين، من زعماء الدول السنية في منطقته، إلى فيكتور اوربان في هنغاريا، إلى جائير بولسونارو في البرازيل، إلى فلاديمير بوتين في روسيا، لقد توصل إلى أن العالم لم يعد يهتم بالفلسطينيين ولا بالمجاملات الديمقراطية، وهمش اليسار، وحتى يسار الوسط (معسكر السلام)، الذي كان يكرهه بينزيون، أصبح شبه معدوم".

 

ويستدرك ريمنيك بأن "اهتمام نتنياهو الأكبر هو المصلحة الشخصية، فلم يلغ أي تظاهر بالرغبة للتوصل إلى سلام مع الفلسطينيين، بل إنه بدأ يفكر الآن بضم المستوطنات اليهودية في الضفة الغربية، وبمجرد الحديث بلغة ضم المستوطنات، فإنه قد يحاول الحصول على دعم العنصريين ومؤيدي الاستبداد في ائتلاف يميني، يمكنه بدوره أن يسحق تهم الفساد المتعددة التي تواجهه، وكان الحديث السياسي في القدس يوما ما عن الأرض مقابل السلام، لكن نتنياهو جعله مقايضة حكم القانون بضم المستوطنات". 

 

ويفيد الكاتب بأن "هذا جديد، ففي الماضي كان رؤساء الوزراء الإسرائيليون يميلون لليسار عندما يواجهون مشكلات قانونية ليوسعوا دعمهم محليا وفي الخارج، مثل عندما قام أرييل شارون بإخلاء المستوطنات في غزة، كما اعتاد الرؤساء الأمريكيون أن يضغطوا على نتنياهو للالتزام بحدود، ففي 1998 دفعه بيل كلينتون لإبرام اتفاقية واي ريفر، التي هدف منها لإعادة الحيوية لعملية السلام مع الفلسطينيين، وتحت ضغط من باراك أوباما، ألقى نتنياهو خطابا في جامعة بار إيلان في عام 2009، تحدث فيه عن حل الدولتين، لكن هذا كله تغير، خاصة الآن، حيث وجد ربيبا ذا عقلية مشابهة في دونالد ترامب".

 

ويقول ريمنيك: "كما لقن نتنياهو ترامب تعليمات في إمكانيات سياسة الشعبوية اليمينية، فإن ترامب لقن نتنياهو دورسا في إمكانيات قمع الناخب الشائن بالقذف وازدراء القانون، فنتنياهو اليوم يستمتع باستخدام العبارات على شاكلة (أخبار كاذبة)، ويصبح التحقيق في مغامراته المالية (مطاردات للساحرات)، ولمنع العرب من التصويت قام مؤيدوه بتركيب أكثر من ألف كاميرا في محطات الاقتراع، حيث يقوم الناخبون العرب بالتصويت لتخويفهم ومنعهم من التصويت، وكلا الرجلين يحبان بناء الجدران، ومثل ما قال ترامب في تغريدة: (الجدران تعمل، اسألوا إسرائيل)، ورد عليها أستاذه (نتنياهو) بتغريدة، قال فيها: "الرئيس ترامب محق، لقد بنيت جدارا في الحدود الجنوبية، لقد أوقف الهجرة غير القانونية كلها.. نجاح باهر، فكرة عظيمة)".  

 

وتنقل المجلة عن الصحافي أنشيل فيفر، المراسل مع "هارتس" ومؤلف السيرة الذاتية لنتنياهو، قوله إن كلا الرجلين يعيشان على سخط الآخرين، و"لديهما براعة خارقة في تحسس نقاط ضعف الخصم، وإمكانية تحريك المخاوف الداخلية لناخبيهم". 

 

ويذكر الكاتب أن "نتنياهو كان متخوفا من ترامب، حيث كان يظن بأن غبيا قد وصل إلى البيت الأبيض، ومع الوقت لم يتغير رأيه بالضرورة، لكنه سحر عندما أدرك أن ترامب مستعد لفعل كل ما يطلبه منه".

 

وينوه ريمنيك إلى أنه "في زيارة ترامب الأولى للخارج، ذهب إلى إسرائيل من السعودية، وأعلن ترامب قائلا: (لقد عدنا لتونا من الشرق الأوسط)، وبشعور الصداقة قالت سارة، زوجة نتنياهو، لترامب: (معظم الناس في إسرائيل، على خلاف وسائل الإعلام، يحبوننا، وسنقول لهم كم أنت عظيما، وهم يحبونك)، وقام ترامب بإهداء نتنياهو الهدية تلو الأخرى؛ فانسحب من الاتفاقية النووية مع إيران، ونقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس، وقام في ذروة حملة نتنياهو الانتخابية بالاعتراف بسيادة إسرائيل على مرتفعات الجولان".

 

ويبين الكاتب أن "ترامب تحدث لمدة عامين عن (خطة سرية) لحل القضية الإسرائيلية العربية، والفكرة هي أن كوشنير، الذي هو بمثابة مترنيخ ترامب (مترنيخ: سياسي نمساوي كان أحد منظمي مؤتمر فيينا للتوصل إلى سلام ـوروبي بعد الحروب النابليونية)، سينجح حيث فشلت الدبلوماسية لمدة قرن من الزمان، ويتوقع أن تقوم الخطة على تنازلات فلسطينية كبيرة غالبا ما سيرفضها الفلسطينيون، وستسمح لنتنياهو بالتصرف دون قيود، وتسمح له بالاستمرار بإدارة الوضع الراهن أو حتى يفي بوعوده بضم المستوطنات".

 

ويجد ريمنيك أنه "في الوقت الذي بدأت فيه حملة الرئاسة الأمريكية تأخذ شكلها -فالمؤتمرات الحزبية في ولاية أيوا لا تبعد سوى عشرة أشهر- يستحق الآمر ملاحظة المدى الذي يمكن فيه لزعيم أن يحول الحياة السياسية في بلد ما، لقد استغرق الأمر مع نتنياهو سنوات كثيرة، وحسن حظه في انتخاب ترامب عام 2016 لتحقيق حلم أبيه، لكن إسرائيل أصبحت بلدا مختلفة تحت حكمه".

 

ويختم الكاتب مقاله بالقول: "لقد أصبح ترامب مع مرور الوقت أقرب إلى ذاته، فأصبح أقل صبرا على المستشارين الذين يحاولون ضبطه، أو يحاولون تحدي تشويهه الشنيع والخيالي للحقيقة، وأصبحت تعييناته أسوأ، وامتعاضه أكثر حدة، وسياساته أكثر ضررا، وسيكون لإعادة انتخابه أثر كارثي على حكم القانون والديمقراطية الليبرالية وقيمة التسامح، وأقل مستوى من الأخلاق في الحياة الأمريكية، إنا نراها في أنحاء العالم كلها: سياسة الخوف والتفريق ثمنها يصعب تقديره".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)