قضايا وآراء

الشعب السوداني يقطع أذرع السيسي قبل أن تمتد إلى ثورته

1300x600
1300x600

بلهجة مصرية لا يخطئها سامع خرج الثوار في الخرطوم وعدد من المدن يهتفون: "يا سيسي ده السودان، انت حدودك بس أسوان".

اختار الثوار اللهجة المصرية التي يعرفونها جيدا، وكثير منهم يتقنونها، حتى يفهم الزول في مصر رسالتهم، ويتراجع الزول الكعب عن أفعاله.

كما عهدناه شعبا مثقفا واعيا ومدركا لأبعاد الصراع، يرسل الشعب السوداني برسالة من الخرطوم إلى حلفا إلى القاهرة، حيث لا يعرف أحد أين يختبئ قائد الانقلاب وأحد أهم مديري الثورات المضادة في الوطن العربي.. الرجل الذي تتمحور إنجازاته في الانقلاب على الرئيس المنتخب وحكومته الدستورية، ومن خلفهما إرادة 33 مليون مصري دعموا الثورة والدستور الذي ألغاه، تلك الثورة التي تعد أهم ثورة في ثورات الربيع العربي؛ لما يمثله شعبها من ثقل وازن في أي معادلات إقليمية، وما يمثله حراكه من قيادة تاريخية وتقليدية لأي تطور في المنطقة بحكم التاريخ والجغرافيا.


عصافير السيسي في السودان كثيرة، ويريد أن يصيبها جميعا بحجر دعم المجلس العسكري. فمن ناحية، يأمل السيسي ألا تمتد موجة جديدة من الثورات العربية إلى مصر التي تعيش على حافة البركان

في الثاني والعشرين من الشهر الجاري، التقى رأس النظام في مصر برئيس جهاز الأمن والمخابرات الوطني السوداني، الفريق أول أبو بكر دمبلاب، ليطلعه الأخير على سير الثورة وأوراق الضعف والقوة في الحراك، وهو ما فسره المراقبون على أنه إعداد لخطة مضادة لإجهاض الثورة السودانية، لا سيما وأن دمبلاب قد شغل مهام القنصل السوداني في مصر، ويعرف المسؤولين المصريين جيدا على المستوى الدبلوماسي والأمني، وهو ما يضع حول اختيار الرجل في التشكيلة الجديدة للمجلس العسكري في السودان علامات استفهام كبيرة، خاصة لو عرفنا أن الرجل عمل أيضا مستشارا في السفارة السودانية بالرياض، بمعنى أن الرجل قريب بشكل لافت من غرفة عمليات الثورات المضادة التي تدار من أبو ظبي.


عصافير السيسي في السودان كثيرة، ويريد أن يصيبها جميعا بحجر دعم المجلس العسكري. فمن ناحية، يأمل السيسي ألا تمتد موجة جديدة من الثورات العربية إلى مصر التي تعيش على حافة البركان، بعد التدابير الاقتصادية التي اتخذها النظام، وأثرت بشكل كبير على الحياة اليومية للمواطن على اختلاف شرائحه. فرفعُ الدعم عن المحروقات، ورفع أسعار الكهرباء والغاز والمياه للمنازل، كل ذلك سحب شريحة كبيرة من الشعب إلى دائرة الفقر، وإن كان الشعور بآثار هذه الإجراءات لم يلمس بعد، وإن بدا ظاهرا للعيان.

كما أن ملف النيل وسد النهضة يعد من الملفات التي يلعب السيسي عليها في حال استتب الأمر للعسكر في السودان، عقب انحياز البشير لإثيوبيا، بعدما تبين فشل السيسي في إدارة الملف، وهو ما كان سيكلف السودان الكثير، وهذا ما جعل البشير يقفز من مركب السيسي ليتعلق بطوق إثيوبيا، عسى أن يحصد السودان شيئا من المشروع الذي أصبح واقعا. فالسد الذي يعتبر في طور الانتهاء ستبدأ إثيوبيا في ملئه بحلول 2022، وهو ما سيؤثر بشكل قاتل على حصة مصر في المياه، وسيؤجج ذلك الوضع الملتهب بالأساس على النظام، الأمر الذي يحاول السيسي على الأقل تأجيله، لا سيما وقد ضمن الرجل بقاءه بعد التعديلات الدستورية التي مررها أخيرا.

 

الشعب السوداني الواعي عرف فتحرك، وهتف دفاعا عن ثورته وعن عمقها الاستراتيجي في مصر. فثوار السودان يعرفون جيدا أن ثورتهم لن تستتب ما دام نظاما انقلابيا على حدودهم

أما العصفور الثالث، فهو مثلث حلايب وشلاتين المتنازع عليه بين البلدين، والذي يحلم السيسي أن ينهيه لصالحه، لسحب ثروات المثلث الكبيرة من الذهب، والتي أعد لها الرجل العدة بإنشاء شراكات مع شركات عالمية متخصصة في هذا المجال. فهو يأمل بنهب مزيد من الثروات وتوزيعها على شركائه في الانقلاب، وسداد مصروفات الانقلاب التي دفعها الكفيل الخليجي، والتي سدد جزءا منها بجزيرتي تيران وصنافير، وهو الثمن الذي يراه الشركاء ثمنا غير كاف في دولة كبيرة كمصر.

الشعب السوداني الواعي عرف فتحرك، وهتف دفاعا عن ثورته وعن عمقها الاستراتيجي في مصر. فثوار السودان يعرفون جيدا أن ثورتهم لن تستتب ما دام نظاما انقلابيا على حدودهم، فأرادوا مرحليا تحييده إلى حدوده فهتفوا: "يا سيسي ده السودان، انت حدودك بس أسوان".

التعليقات (0)