كتاب عربي 21

تهمة معاداة السامية والمقطع المحرج في قناة الجزيرة

عزام التـميمي
1300x600
1300x600

أثار قرار شبكة الجزيرة سحب المقطع المتهم بمعاداة السامية الكثير من الجدل. والحقيقة أن قطاعا كبيرا من الزملاء والزميلات العاملين في مجال الإعلام في العالم العربي لا يدركون تعقيدات هذه القضية، ومدى خطورة تناولها دونما مراعاة للمعايير المعتمدة دوليا.

 

فعلى سبيل المثال ثمة فرق كبير بين أن نقول إن الهولوكوست كذبة أو أن نقلل من قيمته كحدث تاريخي، وبين أن نشير إلى أن الكيان الصهيوني استثمر في المظلمة اليهودية بشكل عام وفي المحرقة بشكل خاص. بينما بإمكاننا الجزم بصحة الجزء الثاني بل والدفاع عن موقفنا فيه دون خشية المؤاخذة.

 

إلا أنه ليس صحيحا أن الهولوكوست كذبة، ولا يفيدنا في شيء التقليل من أهمية الحدث وكارثيته أو التهوين من عدد ضحاياه، بل المحرقة كانت حدثا فارقا ليس في تاريخ أوروبا فحسب، بل وفي تاريخ منطقتنا؛ لأنه لولا المحرقة، ولولا صعود النازيين لما تمكن الصهاينة من إقناع معظم اليهود في أوروبا -الذين كانوا حتى ما قبل اندلاع الحرب العالمية الثانية بقليل معارضين للمشروع الصهيوني- بأن أوروبا لم تعد مكانا آمنا لهم، وأن عليهم إذ ذاك أن ينخرطوا في المشروع الصهيوني، ويهاجروا إلى فلسطين؛ لتوفير الشعب الذي تحتاجه الدولة حتى تقوم.

وعلى الرغم من أن الوثائق التاريخية تثبت كما أشار إسرائيل شاحاك في كتابه الأصولية اليهودية في إسرائيل إلى أن زعامات صهيونية وزعامات نازية في أوروبا كانت تتعاون وتنسق فيما بينها حتى عام 1939 (سنة اندلاع الحرب العالمية الثانية)، إلا أنه ليس صحيحا أن المشروع الصهيوني وليد النازية، بل هو سابق على النازية، وجذوره تعود إلى المسيحية وليس إلى اليهودية، وإن كانت نخبة من اليهود العلمانيين قد تبنوه في أواخر القرن التاسع عشر.

في الوقت ذاته، يبدو لي أن ما طرحته الصحفية منى حوا اشتمل على خلط بين حق وباطل وبين ما هو مفيد وما هو ضار، ما أحرج قناة الجزيرة، ولا تستطيع لا الجزيرة ولا غيرها من وسائل الإعلام العربية مقاومة العاصفة التي ستثار تجاه أي معالجة غير حكيمة لهذه القضية بالغة الحساسية. نحن لا نعيش في عالم معزول، وعلى وسائل الإعلام والإعلاميين مراعاة المعايير الدولية وتقديم الحقائق دون انتهاك هذه المعايير.

 

إن عدم الالتزام بهذه المعايير يعرض القنوات الفضائية لمخاطر وقف بثها على الأقمار أو حجبها عبر السوشيال ميديا، وهذه الأدوات كلها مملوكة لمجتمع دولي وضع ما بات يعرف بالمعايير الدولية، التي لا مفر من الالتزام بها.

ولا يفوتني التأكيد على أن الالتزام بالمعايير الدولية لا ينال من قدرتنا على خدمة قضايانا، ولن يمنعنا من قول الحقيقة، لكن علينا أن نخلص الحقائق مما علق بها من شوائب الباطل والدسائس. ولذلك، فإن كل وسيلة إعلامية بحاجة لأن يكون لديها قسم خاص بالمعايير، وتحتاج لأن تدرب المنتجين والمحررين والمقدمين فيها على الالتزام بهذه المعايير.


3
التعليقات (3)
رائد عبيدو
الثلاثاء، 21-05-2019 06:26 م
هذه القناة هي وسيلة إعلامية تنتهك معايير الإنسانية وميثاق مقاومة التطبيع، فهي تستضيف إرهابيين صهاينة، وترحب بهم، وتسميهم أسيادا. وهي إذ تبرر هذا الانتهاك بحجة الرأي والرأي الآخر لا تحتمل آراء صحفية بحثت في موضوع ما وخلصت إلى نتيجة معينة. ألم يكن ممكنا الإشارة إلى أي خطأ إن وجد وتصحيحه، بدل الاعتذار عن كل المقطع وحذفه وإيقاف معديه؟
جزائري أصيل
الثلاثاء، 21-05-2019 04:24 م
يا سيدي سلمونا الفيديو ونحن سننشره على نطاق واسع، وعلى مسؤوليتنا.
متابع
الثلاثاء، 21-05-2019 10:15 ص
القضية غير معقدة ولا ترتبط بمعاداة السامية، كون الفيديو المقتضب عن الهولوكسوت ليس في مضمونه ما يسيء، وشبكة الجزيرة نشرت برامج عن الصهيونية واليهود أشد وقعا وأثرا.. لكن يبدو أن ما يشاع عن وجود شراكة يهودية مخفية في القناة باتت تظهر على شكل اعتراض لما تبثه الجزيرة عن اليهود.

خبر عاجل