علوم وتكنولوجيا

"التلغراف": هل تجعلنا الهواتف أكثر أو أقل إنتاجية؟

هل تؤثر الهواتف الذكية على أعمالنا اليومية؟ - أرشيفية CC0
هل تؤثر الهواتف الذكية على أعمالنا اليومية؟ - أرشيفية CC0

نشرت صحيفة "التلغراف" البريطانية تقريرا تحدثت فيه عن تباين الآراء والمواقف حول تأثير الهواتف الذكية على الإنتاجية وعلى سير العمل. وتجدر الإشارة إلى أنه أصبح من الصعب الاستغناء عن الهواتف ما من شأنه أن يثير امتعاض أرباب العمل إذا ما أصبحت هذه الأجهزة تشكل عائقا أمام الإنتاجية.

وقالت الصحيفة في تقريرها الذي ترجمته "عربي21"، إنه بداية من الرد على رسائل البريد الإلكتروني وصولا إلى التحقق من الأخبار، تعد هواتفنا النقالة أكثر الأدوات إنتاجية في حياتنا خاصة وأن كل شيء تقريبا أصبح بفضلهم أسرع وأسهل وأكثر كفاءة. ومن جهته، صرح مدير خدمات تسويق الأعمال في شركة كليكيتون، جيرارد أوشوغنسي، أنه شعر بالانزعاج الشديد من الموظفين الذي يلتهون بهواتفهم، ما دفعه إلى مصادرتها إلى حين استراحة الغداء.

وذكرت الصحيفة أن مقهى "لاست وورد" الواقع داخل المكتبة البريطانية، كان قد أعلم موظفيه بوجوب تسليم هواتفهم إلى المشرف أثناء دوام العمل. وعموما، هناك ما يبرر مثل هذه الإجراءات، حيث كشفت الأبحاث أن الأمر يستغرق حوالي 25 دقيقة حتى يعيد المرء التركيز على المهمة بعد وضع الهاتف جانبا. ومن جهته، أفاد أحد الكتاب الذي تحدث إلى صحيفة "التلغراف" شرط عدم الكشف عن هويته، أن إغراء استخدام الهاتف الذكي خلال دوام العمل من شأنه أن يؤدي إلى بعض "العواقب الخطيرة".

 

اقرأ أيضا: 11 شيئا لا يرغب محترفو تكنولوجيا المعلومات في أن تعرفها

وصرح الكاتب أنه لم يتمكن من إنجاز العمل المطلوب خاصة في ظل وجود حاجة ملحة تدفعه إلى تفحص هاتفه. وتابع الكاتب حديثه قائلا: "تركت هاتفي على متن أحد القطارات واستغرق الأمر أسبوعا لاستعادته، حينها اكتشفت أنني كنت أكثر إنتاجية بحوالي مرتين أو ثلاث مرات خلال الأسبوع".

وأشارت الصحيفة إلى وجهة نظر آنا أولدباري، مؤسسة شركة الوجبات الخفيفة، التي تعتقد أن الهاتف الذكي يعدّ ضروريا من أجل زيادة الإنتاجية. وفي هذا السياق، قالت أولدباري: "أدير شركة صغيرة حيث يسمح لي هاتفي الذكي أن أكون مرنة مع العمل حينما أكون بصدد ممارسة الحياة الأسرية. كما أنني أستغل وقتي حينما أكون على متن القطار للتحقق من رسائل البريد الإلكتروني الخاصة بي، حيث يكون باستطاعتي الرد على الرسائل المهمة دون الحاجة إلى حمل حاسوب محمول".

وأوردت الصحيفة أنه على مدار العقد الماضي، وفي ظل ارتفاع مبيعات الهواتف الذكية، واجهت الإنتاجية صعوبات من حيث النمو. ويبدو من المدهش أن الثورة الرقمية التي أطلقتها الهواتف الذكية فشلت في أن يكون لها تأثير. ومن المرجح أن الإحصائيين فشلوا كذلك في تحديد مكاسب التكنولوجيا الجديدة خاصة وأنهم يستخدمون تقنيات مصممة للعصر ما قبل الرقمي. والجدير بالذكر أن الناتج المحلي الإجمالي صمّم في شكله الحديث منذ أكثر من 80 سنة.

ونقلت الصحيفة ما أفاد به أستاذ العولمة والتنمية بجامعة أكسفورد، إيان جولدن، في تقريره الذي يحمل عنوان "مفارقة الإنتاجية"، حيث قال: "يُعتبر سعر فاتورة الهاتف المثال النموذجي الذي من شأنه أن يبرز حجم هذا التأثير لا سيما وأنه لم يتغير إلا قليلا خلال العقد الماضي. وفي الوقت نفسه، ارتفع حجم الرسائل النصية وعدد الدقائق والبيانات المقدمة في حزم جديدة بشكل كبير".

وبيّنت الصحيفة أنه في حال استخدم الموظفون هواتفهم الذكية في المكتب، فذلك يعني أن الشركات لن تُضطر إلى شراء هذه الأجهزة وتوزيعها على موظفيها. كنتيجة لذلك، سيوفّر الموظفون عنصرا مهما من رأس المال، في حين ستتبخر بعض الاستثمارات الموجّهة نحو الاقتصاد الرقمي. وعندما يقتني الموظف الهاتف الخاص به، لن يتم سوى رصد حجم الاستهلاك. وعموما، لن يؤثر ذلك سلبا على الاقتصاد حيث سيُوظّف الهاتف للاستخدام الشخصي وللعمل، الأمر الذي من شانه أن يعدّ فعالا للغاية ولم يحدث خلال السنوات الماضية مع أجهزة حواسيب سطح المكتب.

وأوردت الصحيفة أن بعض الدراسات، التي نشرتها مجلة علم النفس التجريبي في سنة 2015، تُشير إلى أن الإشعارات تقضي على الإنتاجية. وجاء في التقرير أن إشعارات الهاتف المحمول عرقلت بشكل كبير الأداء حينما كان الشخص بصدد القيام بمهمة تتطلب الانتباه، حتى عندما لم يتفاعل مباشرة مع جهازه". كما تشير النظرية التي تفيد بأن الإغراء المتواصل لصوت الإشعارات المتأتية من مواقع التواصل الاجتماعي، فضلا عن "الخوف من توفيتها"، بلغ ذروته بحيث لا يمكن للموظفين التركيز على المهمة التي تكون بين أياديهم.

ونقلت الصحيفة ما جاء على لسان نيكلاس يوهانس من المعهد الهولندي للعلوم السلوكية في جامعة رادبود، الذي أورد أنه على الرغم من وجود العديد من الدراسات التي تشير إلى أن الإلهاء الذي يوفره الهاتف الذكي من شأنه أن "يعيق الأداء"، إلا أن دراسته الأخيرة كشفت عكس ذلك. وأضاف يوهانس قائلا: "هناك المزيد من الأدلة التي تشير إلى وجود انفصال بين ما يراه الناس وأدائهم. لذلك، سنحتاج إلى وجود المزيد من البحوث لمعالجة آلية الإلهاء".

وفي الختام، أوضحت الصحيفة أنه في ظل وجود مثل هذه الأدلة المتضاربة المتعلقة بالتأثير، من الممكن أن تكون ثقة الأفراد بأنفسهم القضية الرئيسية التي تتمحور حول ما إذا كانت الهواتف الذكية تجعلنا أكثر أو أقل إنتاجية. ومما لا شك فيه أن الحاسوب الذي تحمله في جيبك يمكن أن يجعلك أكثر كفاءة. في المقابل، إذا ما وجدت أن صوت الإشعارات لن يكون مثمرا، فسيكون عليك حينها التخلص من هاتفك الذكي.

التعليقات (0)