كتاب عربي 21

حزب الدعوة بعد مؤتمره العام: تجديد للمشروع أم مزيد من التفكك؟

قاسم قصير
1300x600
1300x600

أنهى حزب الدعوة الإسلامية (العراق) مؤتمره السابع عشر في نهاية الأسبوع الماضي، مجددا انتخاب رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي أمينا عاما، مع انتخاب مجلس شورى جديد ضم 40 شخصية من مختلف الاتجاهات داخل الحزب، رغم بروز الكثير من الخلافات بين أجنحة الحزب وقياداته في السنوات الأخيرة.

وشهد المؤتمر بعض الخلافات في وجهات النظر حول آليات انتخاب مجلس الشورى والأمين العام الجديد، في ظل تراجع دور بعض القيادات الأساسية كرئيس الوزراء السابق حيدر العبادي، والشيخ عبد الحليم الزهيري وعلي الأديب وطارق نجم، فكرّس المؤتمر قيادة المالكي للحزب وسيطرته على المفاصل الأساسية فيه.

فهل سيستطيع حزب الدعوة برئاسة المالكي إعادة تجديد دوره وموقعه ومشروعه داخل العراق وخارجه، في ظل الكثير من الانتقادات التي وجهت للمالكي في السنوات الأخيرة؟ وماذا سيقدم الحزب بعد فشله في تقديم تجربة سياسية ناجحة في الحكم؛ رغم أن ثلاثة من قيادييه تولوا رئاسة الحكومة في مرحلة ما بعد صدام حسين، وهم إضافة للمالكي، إبراهيم الجعفري وحيدر العبادي؟

 

هل سيستطيع حزب الدعوة برئاسة المالكي إعادة تجديد دوره وموقعه ومشروعه داخل العراق وخارجه، في ظل الكثير من الانتقادات التي وجهت للمالكي في السنوات الأخيرة؟

وماذا يمكن أن يقدم حزب الدعوة من أفكار جديدة تعيد له المنحى الإسلامي الشامل بعد أن غرق في قُطريته العراقية، وابتعد عن المشروع الإسلامي والحركي الشامل الذي كان يطرحه منذ تأسيسه وإلى حين عودة الحزب للعراق، وفي ظل الانقسامات والتشتتات التي تعرض لها تنظيميا وداخليا، وعلى صعيد علاقته بفروع الحزب في مختلف الدول العربية والإسلامية، بعد أن كان يتميز بانتشاره الواسع عالميا؟

لا يمكن لمن تابع مسيرة الحزب منذ تأسيسه وطيلة السنوات الستين الماضية إلا أن يعترف له بدوره التأسيسي في مسيرة الحركة الإسلامية، وقد تأثر الحزب بحركة الإخوان المسلمين وحزب التحرير في خمسينيات وستينيات القرن الماضي، وكانت له بصمات كبيرة في العمل الإسلامي في عدد من الدول العربية والإسلامية، ولا سيما في العراق ولبنان والبحرين والسعودية وسوريا وإيران، وصولا لدول أوروبية وأمريكية.

لكن بعد عودة الحزب إلى العراق بعد الاحتلال الأمريكي وسقوط صدام حسين، غرق الحزب في همومه العراقية ومشاكل الحكم والخلافات الداخلية، في ظل استقلالية وخروج معظم الفروع القُطرية عنه، وتحوّل إلى حزب عراقي، ووُجهت له تهم كثيرة حول مسؤوليته عن الفساد في العراق، إضافة لتراجع البعد الإسلامي في مسيرته واتسامه بالبعد المذهبي، رغم محاولة أمينه العام نوري المالكي حمل مشروع الدولة والتواصل مع بقية الأطياف العراقية في الولاية الأولى من عهده، لكن هذه التجربة فشلت ولم تحقق الأهداف المطلوبة، وفي ظل الولاية الثانية للمالكي انتشر تنظيم داعش وشهدت البلاد صراعات طائفية ومذهبية، إضافة لانتشار الفساد والمحسوبيات.

 

الخلافات والصراعات داخل الحزب أضعفت الجميع وأبعدت الحزب عن الحكم، وتراجع دوره في المشهد السياسي العراقي، إضافة لتراجع دوره الإسلامي العام

وقد حاول الدكتور حيدر العبادي تصحيح المسار وإعادة ترتيب الأوضاع، ولا سيما بعد الانتصار على داعش واستعادة الدولة لسيطرتها على مختلف المناطق، وتراجع حدة الصراعات المذهبية والطائفية في العراق، لكن الخلافات والصراعات داخل الحزب أضعفت الجميع وأبعدت الحزب عن الحكم، وتراجع دوره في المشهد السياسي العراقي، إضافة لتراجع دوره الإسلامي العام.

فماذا يمكن أن يقدم المؤتمر العام الجديد للحزب؟ وهل يستطيع استعادة موقعه السياسي الداخلي في العراق، واستعادة المشروع الإسلامي والفكري العام الذي طرحه الحزب عند تأسيسه؟

من خلال متابعة المعطيات عن أجواء المؤتمر السابع عشر لحزب الدعوة، لم نلحظ وجود مراجعة شاملة لمشروع الحزب الإسلامي والفكري، وجرى التركيز على دور الحزب في العراق وأوضاعه التنظيمية الداخلية وكيفية معالجة الخلافات الداخلية. ومع أن نوري المالكي حاول طرح بعض الأفكار حول المشروع الإسلامي للحزب من خلال مداخلاته، وبعض النصوص التي نشرها وتمت إعادة نشرها في كتاب خاص، لكن من الواضح أن الحزب يفتقد اليوم للشخصيات الفكرية والقيادية والفقهية التي تحمل مشروعا إسلاميا شاملا، وغابت عن الحزب القيادات الفكرية العريقة التي لعبت دورا هاما في مسيرته طيلة الستين سنة الماضية، ولم نعد نقرأ أو نسمع عن أدبيات الحزب الإسلامية أو عن طروحات فكرية جديدة.

 

حزب الدعوة معني اليوم قبل الغد بأن يعيد تعريف موقعه ودوره في الحركة الإسلامية، سواء في العراق أو خارجه، وأن يقدم قراءة نقدية شاملة لكل مسيرته، سواء في الحكم أو خارجه

طبعا لا يمكن للتاريخ أن يعود إلى الوراء، ولا يمكن لحزب الدعوة أن يعود إلى بداياته الإسلامية الشاملة ومشروعه الإسلامي العابر للحدود والأقطار، ولا يمكن للقيادات التاريخية والفكرية والفقهية أن تستعاد اليوم، فبعضها رحل عن هذه الدنيا والبعض الآخر تولى مسؤوليات جديدة، ولم يعد في الحزب الفقيه القائد.


لكن في المقابل، فإن حزب الدعوة معني اليوم قبل الغد بأن يعيد تعريف موقعه ودوره في الحركة الإسلامية، سواء في العراق أو خارجه، وأن يقدم قراءة نقدية شاملة لكل مسيرته، سواء في الحكم أو خارجه، وأن يقدم لنا مشروعه الإسلامي أو الفكري الجديد.

فهل سنشهد كل ذلك في العهد الجديد لنوري المالكي، أم أن الخلافات والصراعات التنظيمية والداخلية ستسيطر على أوضاع الحزب في المرحلة المقبلة؟

التعليقات (3)
سلام خمّاس محسن
الخميس، 19-05-2022 03:58 م
السلام عليكم على? الرغم من أن الأستاذ قاسم قصير وضع إشاراتٍ على? نقاط ومفاصل مهمة ، ولكن غفل عن موضوع لابد أن تكون له الصدارة مادام حزب الدعوة ومنذ تأسيسه لاينفك عن البعد الآيديولجي الإسلامي بدلالة وجود فقيه للحزب يتمتع بأسباب القيادة من العلم والورع ووو مما أعطى? للحزب آنذاك تلك الهالة والهيبة العظيمة التي بذل لها الكثير من الناس أرواحهم دونه وإن لم ينتموا اليه تنظيما اولتي حتى? أذاقت مناوئيه مر الإحساس باليأس والخيبة من ان يصلوا الى? قامة الحزب المتأصلة في قلوب الكثير من الناس من الشيعة خاصة ومن غيرهم فكانوا كلما رموا سهام البطش نحوه كلما تأصل أكثر في قلوب الناس وهنا آختم قولي : ماموقف حزب الدعوة الإسلامية من المرجعية العليا في النجف الأشرف والمتمثلة بسماحة السيد علي الحسيني السيستاني من سقوط صدام والى? يومنا هذا ؟ فهل كان موقف الحزب إيجابيا ومتفاعلا مع المرجعية العليا ليعوض ولو الى? حد ما وضوح رؤيته وسمته الإسلامية وليعيد بعض مافاته والأمر الآخر الذي لم يشر اليه الأستاذ قاسم قصير ، هل ان الكم الهائل من افراده والمحسوبين اليه من الذين يحتلون مكانات كبيرة في السياسة والدولة ويحظون منه بالدعم المادي والمعنوي أقول هل هم اليوم مناسبون لان يكونوا سببا لإعادة جميل ماكان ؟ أنا هنا لا أرغب بمزيد من الكلام والحر تكفيه الإشارة ، ولكن راودني ان أكتب اسم حزب الدعوة فكان ظهور مقالة الأستاذ قصير والتي أفضت إلى? ماكتبت ارتجالا الحر تكفيه الإشارة
الحقيقة
الخميس، 18-07-2019 05:58 ص
الحقيقة التي لا يبدو أن كاتب المقال يريد ابرازها هي ان حزب الدعوة متورط حتى النخاع في تأجيج الخطاب الطائفي. ويضاف إلى ذلك الفساد المعشعش في مفاصل الدولة العراقية ما بعد سقوط نظام الديكتاتور صدام... حزب الدعوة هو جزء أصيل من ذلك الفساد.
طالب سريبت لطيف الربيعي
الأربعاء، 17-07-2019 05:13 م
أجدتم العرض لا أعتقد أن الحزب بمقدوره إصلاح ما حدث من تدهور بل سيشهد الكثير من التشتت