صحافة دولية

إندبندنت: هذه تفاصيل سيطرة الانفصاليين على عدن وحروب الجنوب

تثير المعركة الفوضوية من أجل استقلال الجنوب المزيد من الصراعات في اليمن- إندبندنت
تثير المعركة الفوضوية من أجل استقلال الجنوب المزيد من الصراعات في اليمن- إندبندنت

نشرت صحيفة "إندبندنت" تقريرا لمراسلتها بيل ترو، تحت عنوان "الحرب التي بدأت الحروب كلها: في داخل جنوب اليمن المضطرب"، تقول فيه إن المعركة الفوضوية للانفصاليين الجنوبيين تولد نزاعات جديدة في بلد يعاني من أسوأ كارثة إنسانية في العالم. 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن قبائل المهرة، التي كانت جزءا من جنوب اليمن، حذرت من سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي على مدينة عدن، مقر الحكومة الشرعية، بشكل أثر على التحالف الذي تقوده السعودية الداعمة لحكومة عبد ربه منصور هادي. 

وتنقل ترو عن شيوخ قبائل المهرة، قولهم إن سيطرة المجلس الانتقالي الجنوبي لن تؤدي إلى حرب بين الشمال والجنوب فقط، بل لحرب داخل الجنوب نفسه، مشيرة إلى أنهم يتحدثون عن حرب داخل حرب أخرى في دولة تعيش أسوأ كارثة إنسانية في العالم، حيث يواجه 13 مليون شخص المجاعة.

وتورد الصحيفة نقلا عن نائب الحاكم السابق ومدير الحدود في المهرة علي سالم الحريزي، قوله: "نعتقد أن الخطر قادم إلينا"، مشيرة إلى أن الحريزي هو الزعيم المثير للجدل، والمعروف بالجنرال بين أتباعه، الذين يكتبون القصائد والأغاني لمديحه، ويقود مجموعة من المسلحين في المهرة، الذين يرونه حاجزا ضد التغلغل السعودي في المحافظة، فيما يراه نقاده محرضا ضد الخليج، ويقولون إن عمان تدعمه. 

ويلفت التقرير إلى أن أتباع الحريزي في المهرة وغيرها يؤمنون باليمن الموحد، لكنهم اشتبكوا مع الإمارات، وفي الفترة الأخيرة مع السعوديين؛ بسبب الوجود العسكري في البلد، مشيرا إلى أنهم مثل الكثير من اليمنيين، يحملون الإماراتيين مسؤولية صعود المجلس الانتقالي الجنوبي، الذي دربت وسلحت أبو ظبي قواته لقتال الحوثيين. 

وتنقل الكاتبة عن الحريزي، قوله: "نؤمن بيمن واحد، ولهذا يجب على المهرة الدفاع عن نفسها"، وأضاف: "في الأسابيع المقبلة سندرب رجالنا ليكونوا مستعدين". 

وتعلق الصحيفة قائلة إن مشاهد الذعر في المهرة تشير إلى التعقيد المدمر في اليمن، الذي أحبط محاولات عدة من الخارج للسيطرة عليه، وأطلق على المجتمع المنقسم اسم "مقبرة الغزاة"، بشكل دعا البعض للمقارنة بينه وبين أفغانستان، التي هزمت في الماضي محاولات الغزاة كلها. 

وينوه التقرير إلى أن هناك نكتة في الجنوب تقول إن اليمن عادة ما يشهد كل أربعة أعوام حربا، ولهذا فإن الحرب الأخيرة جاءت متأخرة، مشيرا إلى قول الحريزي: "أتوقع أن يسيطر المجلس الانتقالي الجنوبي على المحافظات (شرق عدن) مثل أبين وشبوة، وسيحاولون الزحف عبر الصحراء.. يعتقدون أنهم يمثلون الجنوب، لكنهم ليسوا كذلك، ولو جاءوا إلى هنا فسنقاتلهم". 

وتعلق ترو قائلة إن توقعاته كانت صحيحة، فبعد أسبوع من سيطرة الانفصاليين على عدن فإنهم قاموا بالسيطرة على معسكرين في محافظة أبين القريبة من عدن، مستدركة بأنه رغم دعوات حكومة هادي الانفصاليين تسليم عدن إلى الحكومة، إلا أنهم أكدوا التمسك بما حققوه وتسليم عدن إلى الحكومة. 

وتستدرك الصحيفة بأنه رغم مشاركتهم في محادثات جدة، وانسحابهم على تردد من بعض المؤسسات تحت ضغط من السعودية، إلا أنهم رفضوا الانسحاب من بعض المواقع العسكرية الأخرى. 

ويشير التقرير إلى أن مقاتلي المجلس الانتقالي الجنوبي خاضوا اشتباكات مع قوات الحكومة يوم الخميس في شبوة، لافتا إلى أنهم يقومون في الوقت ذاته بمحادثات مع شيوخ قبائل حضرموت، أكبر محافظات الجنوب. 

وتفيد الكاتبة بأن الدعوات انتشرت على وسائل التواصل الاجتماعي يوم السبت بين أتباع شيوخ القبائل الأخرى غير المرتبطة بالحريزي، تحدثت عن تقدم لقوات المجلس الانتقالي الجنوبي نحو المهرة، مشيرة إلى أنه بحسب البيان الذي انتشر على "تويتر"، فإن سكان المهرة دعوا للتعبئة والوحدة لمواجهة كل من يحاول غزو المحافظة، وحذروا من "الغزو الحتمي" والخلايا النائمة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي. 

وتعلق الصحيفة قائلة إن حربا جديدة متعددة الجوانب قريبة تختلف عن تلك التي اندلعت بعد سيطرة الحوثيين على العاصمة صنعاء، حيث شنت السعودية والإمارات حربا مدمرة في عام 2015 لهزيمة الحوثيين وإعادة الحكومة الشرعية، مشيرة إلى أنه مع طول أمد الحرب فإن الإمارات قامت بتدريب 90 ألفا من مقاتلي الجنوب، بعضهم شارك في السيطرة على عدن.

ويلفت التقرير إلى أنه لأكثر من أربعة أعوام قتل حوالي 100 ألف في الحرب، فيما يواجه حوالي 13 مليون يمني المجاعة، مشيرا إلى أنه بحسب الأمم المتحدة، فإن اليمن شهد أسوأ موجات الكوليرا، فيما يعتمد ثلثا اليمنيين على المساعدات الإنسانية للنجاة. 

وتذكر ترو أن الحوثيين وممثلي الحكومة وقعوا اتفاقية وقف إطلاق نار في ميناء الحديدة، وأعلنت الإمارات في حزيران/ يونيو عن بدء سحب قواتها بحجة بناء الثقة بين الأطراف، ودفع عملية السلام. 

وترى الصحيفة أنه لكون أطراف التحالف المعادين للحوثيين يخوضون حربا ضد بعضهم فإن الحديث عن السلام يبدو لا قيمة له، مشيرة إلى أنه في الوقت ذاته فإن الحوثيين يراقبون المشهد، ويرون أنه دليل على عدم قدرة الحكومة التي يدعمها التحالف السعودي الإماراتي على الحكم. 

وبحسب التقرير، فإن الأحداث الأخيرة بدأت قبل ثلاثة أسابيع عندما زعم الحوثيون أنهم وراء إطلاق صاروخ قتل عددا من الانفصاليين، بينهم قيادي معروف، وهو منير محمود اليافعي المعروف بأبي يمامة، وافترض الكثيرون أن هناك من ساعد الحوثيين على الهجوم؛ نظرا لبعد الجنوب عن العاصمة، إلا أن المجلس الانتقالي الجنوبي، اتهم حزب الإصلاح المرتبط بحركة الإخوان المسلمين والمتحالف مع الرئيس هادي. 

وتنقل الكاتبة عن ناصر الخبجي، وهو أحد قادة المجلس الانتقالي الجنوبي، قوله في 1 آب/ أغسطس، وبعد ساعات من الهجوم، إن الانفصاليين لن يتركوا مقتل أبي يمامة دون انتقام، وقال في مقابلة مع "إندبندنت" من أبو ظبي: "في الوقت الذي يعتقد فيه الجميع أن الحرب في اليمن هي بين المتمردين الحوثيين والحكومة اليمنية، إلا أن الحرب الحقيقية التي ستبدأ الآن هي بين الشمال والجنوب". 

وتقول الصحيفة إنه في تلك الفترة، وقبل 10 أيام من السيطرة الدموية على عدن، فإنه لم يتم الاستماع إلى الدعوات للحرب على خلفية الثريات اللامعة وموسيقى المصاعد التي تبدو بعيدة عن ساحة المعركة.

وينوه التقرير إلى أنه بعد هذا كله، فإن قادة المجلس الانتقالي، الذي يقيم أفراده بشكل كامل في أبو ظبي، يهددون بشن حرب منذ عام، لكن لم يحدث شيء، وقال الخبجي: "ستكون هناك خطوة سياسية وعسكرية من المجلس الانتقالي الجنوبي"، وأضاف "يمكن تنسيق هذه الخطوة مع الإمارات العربية المتحدة".

وتورد ترو نقلا عن زعيم جنوبي قابلته في مقهى في أبو ظبي، قوله: "لن تطول الحرب الحالية مع الشمال، لكن هناك حروبا أصغر ستبدأ"، وأضاف: "تفهم الإمارات العربية المتحدة القضية، نفضل أن تظل الإمارات في الجنوب، لكننا نعلم أنهم غير راضين عن الإسلاميين مثلنا". 

وتذكر الصحيفة أن الإمارات نفت أي علاقة تربطها بالمجلس الانتقالي الجنوبي وخطته للسيطرة على عدن، إلا أن الخبراء حذروا الإماراتيين من دعم المجلس الانتقالي عسكريا، وفي مجال البنى التحتية المهمة التي أقامتها في الجنوب، قائلين إن ذلك يعد إسفينا في التحالف القوي مع السعودية.
 
ويفيد التقرير بأن الخبراء يعتقدون أن البلدين لديهما أولويات مختلفة في اليمن، فالسعودية تخشى من إيران ودعمها للحوثيين بالصواريخ، أما الإمارات فالأولوية لديها هي الإخوان المسلمون.

وتنقل الكاتبة عن الباحث السياسي وسكرتير مجلس الشورى العماني سابقا أحمد علي المخيني، قوله: "تهديد الحوثيين لا يعد وجوديا بالنسبة للإمارات مثل تهديد الإخوان المسلمين"، وأضاف: "بالنسبة للإمارات فهؤلاء هم مظهر قلقها الأكبر". 

وتقول الصحيفة إن تقوية المجلس الانتقالي الجنوبي ربما كانت محاولة لمنع وصول الإسلاميين إلى السلطة في حال وجود فراغ بسبب الحوثيين، مستدركة بأن الباحثة في شؤون اليمن في كلية بيمبروك في جامعة أوكسفورد إليزابيث كيندال، تعتقد أن تدريب الإمارات للانفصاليين "أطلق العنان لقوة" ليست لديها القدرة على السيطرة عليها، وقالت: "كانت الكرة في ملعب الإماراتيين، وعليهم جلب المخلوق الذي رعوه ومنع رغبته من الاستقلال لو أردنا تحقيق الاستقرار في هذا البلد". 

ويشير التقرير إلى أنه في عدد من المقابلات التي أجرتها الصحيفة منذ العام الماضي، عبر مسؤولون إماراتيون عن قلقهم من الإخوان المسلمين، قائلين إن تدريب مليشيات عدة على أساليب مكافحة الإرهاب كان ضروريا.

 

وتلفت ترو إلى أن "عدم حب الإمارات لعبد ربه هادي ليس سرا، وربما أدى هذا إلى توتر مع الرياض، إلا أنهم رفضوا بقوة التقارير التي تحدثت عن خلافات مع السعودية كلها، وبأنهم وراء (الانقلاب)، بحسب ما قالت حكومة هادي".

وتورد الصحيفة نقلا عن مسؤول إماراتي، قوله: "لا شيء واضحا بين الإمارات والسعودية عندما يتعلق الأمر باليمن"، مشيرة إلى أن ما يزيد المشهد اليمني تعقيدا، أن هناك حركة انفصالية في العاصمة العمانية مسقط تدعو إلى انفصال الجنوب عن الشمال، لكنها معارضة للمجلس الانتقالي الجنوبي المتحالف مع الإمارات. 

وتختم "إندبندنت" تقريرها بالإشارة إلى قول زعيم الحركة الثورية للجنوب فادي حسن برهوم، إن المجلس الانتقالي الجنوبي هو أداة في يد الإمارات، وقال: "نخشى من تحول الجنوب إلى مسرح دموي وساحة لمصالح دول الخليج وقوى أخرى".
 
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)

التعليقات (0)