مقالات مختارة

الحراك الثوري في مواجهة محاور القمع الإقليمية

ماجد الأنصاري
1300x600
1300x600

ما لا شك فيه أن شعوب المنطقة باتت أكثر وعيا بالعدو الحقيقي.


في الموجة الثانية للربيع العربي تختلط أصوات الثائرين على الجمهورية العربية العسكرية في السودان والجزائر بأصوات رافضي ولاية الفقيه وتوابعها في العراق ولبنان وإيران.

 

انحدار الدول من مستقرة لهشة ومن هشة لفاشلة يضعف البنية الإقليمية ويشكل ثقلا كبيرا على كاهل من لا يريد التغيير في المنطقة.

 

المستقبل قد يكون مشرقا في نهاية المطاف ولكن الوصول إلى هذا المستقبل سيكون عبر مخاض عسير جدا.

منذ عام 2013 تكون انطباع عام لدى المراقبين بأن محور الثورات المضادة تمكن من كبح جماح شعوب المنطقة، بعد نجاح انقلاب مصر وانحدار سوريا نحو الحرب وما تبع ذلك في ليبيا واليمن، لم يعد للزخم الثوري وجود على الأرض، وعادت الدولة القمعية لتكون هي النموذج الأساس في المنطقة، ما ننساه أحيانا أن الانقلاب على دعوات الإصلاح والهبات الثورية في المنطقة لم يكن من قبل المحور العربي للثورات المضادة فحسب، فإيران ومن خلال دعمها لنظام الأسد، والنظام الطائفي في العراق وقمعها للتظاهرات الداخلية في تلك الفترة كانت المطرقة التي هوت على سندان محور الثورات المضادة ضاربة بقوة الحديد الهبات الشعبية، ففي الحقيقة كان محورا الثورة المضادة العربي والإيراني متطابقين من حيث مواجهة الشعوب في المنطقة وإن اختلفت السياسات، واليوم يبدو أن الشعوب في المنطقة تثور على الطرفين في آن واحد.

في الموجة الثانية للربيع العربي تختلط أصوات الثائرين على الجمهورية العربية العسكرية في السودان والجزائر بأصوات رافضي ولاية الفقيه وتوابعها في العراق ولبنان وإيران، ناهيك طبعا عن الحراك داخل إيران والذي بدأ يكتسب زخما ثوريا غير بسيط، وفي الوقت نفسه يواجه مشروع الثورات المضادة في ليبيا وتونس ضربات موجعة بهزيمة حفتر على أبواب طرابلس وفشل القوى المحسوبة على الثورة المضادة والنظام السابق في تحقيق مكاسب في الانتخابات التونسية، ولكن ما الذي يعنيه ذلك بالنسبة للمنطقة بشكل عام، وهل ستسفر هذه الموجة الثورية عن تغير هيكلي في المنطقة؟

تصعب الإجابة عن سؤال مستقبل المنطقة في ظل الأوضاع المتفجرة والمطردة حاليا ولكن ما لا شك فيه أن شعوب المنطقة باتت أكثر وعيا بالعدو الحقيقي، فبعد أحداث 2011 وما تبعها أصبح واضحا موقف الدول والأنظمة بين تلك التي تعادي تطلعات الشعوب والأخرى الصامتة عنها أو تدعمها، وبالتالي أصبح الحراك الثوري واضحا في استهدافه للمحور المعادي للتغيير بمختلف تجلياته، اليوم القلق السعودي الإماراتي يقابله قلق إيراني وكل طرف ينفث النار في الحراك الذي يناسبه ويحاول إطفاء جذوة حراك آخر حيث لا يريد، ولكن هناك حالة ارتباك في هذه الدول وترقب بتوتر شديد لما يمكن أن تسفر عنه هذه التطورات، فأيا كانت نتائج الحراك وحيثما كانت فهي لن تكون في صالح هذا الطرف أو ذاك.

التغيير في المنطقة حتمي، فلا يمكن لهذه الأنظمة التي تزداد وهنا خارجيا وعنفا داخليا أن تصمد أمام موجة عالمية تمتد من هونج كونج إلى فرنسا تطالب بالعدالة في ظل ظروف اقتصادية خانقة للعالم أجمع، كما أن تتابع انحدار الدول من مستقرة لهشة ومن هشة لفاشلة يضعف البنية الإقليمية ويشكل ثقلا كبيرا على كاهل من لا يريد التغيير في المنطقة، بقاء الوضع على ما هو عليه لم يعد هو السيناريو الأسهل لصناع السياسة في الإقليم، المرحلة القادمة هي مرحلة إعادة تشكل للنظام السياسي في الشرق الأوسط مبنية أساسا على انهيار نموذج الدولة الذي تشكل بعد الحرب العالمية الثانية واستقر بعد نهاية الحرب الباردة، ومن الواضح أن القوى الدولية وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية تتراجع قدرتها على التأثير في مستقبلنا كما تراجعت قدرة الأنظمة التقليدية على التحكم في شعوبها، المستقبل قد يكون مشرقا في نهاية المطاف ولكن الوصول إلى هذا المستقبل سيكون عبر مخاض عسير جدا.

(الشرق القطرية)

0
التعليقات (0)