قضايا وآراء

تاريخ عيد العمال (1)

سيد حماد
1300x600
1300x600
يحتفل كثير من دول العالم كل عام بعيد العمال في الأول من أيار/ مايو، بعد أحداث دموية ضحت فيها قيادات عمالية بحياتها من أجل الحصول على حقوق مشروعة، منها: العمل ثماني ساعات في اليوم، وتحسين الأجور، والرعاية الصحية، والحصول على وجبة غذائية، إلى آخره من احتياجات العمال الأساسية، وأهمها حق الإنسان في الحياة؛ لأن العامل إذا لم يجد عملا يموت في اليوم ألف مرة عندما يطلب الأموال من زوجته وأبنائه في ظل مجتمع دولي لا يعترف إلا بمن معه مال، وكما يقول المثل العربي: "اللي معاه قرش يساوي قرش".

ويعاني العالم حاليا من وباء فيروس كورونا الذي أثر على الاقتصاد في كل دول العالم، حيث تم إيقاف العمل وبالتالي إيقاف عجلة الاقتصاد التي توفر الحياة الكريمة للإنسان على وجه البسيطة، ليثبت لنا بالدليل القاطع أهمية العمل والعمال. ومع ذلك نجد العمال مهددين بالفصل من وظائفهم، بل تم الاستغناء عن ملايين من العمال في كثير من الدول، وأصبح العامل الذي من المفترض أن يتم تكريمه في يوم عيده مشردا هو وأسرته، لا يعلم ما يخبئ له القدر، وما قيمته عند الحكومات وأصحاب الأعمال، وكيف يصل إلى حقه من المجتمع! والحق يقال إن الحركة العمالية وتاريخها مرتبط بالاشتراكيين، حيث كان لهم السبق في بداية النضال العمالي في العالم.

تاريخ النضال العمالي

بدأت الاحتفالات بعيد العمال في أستراليا في 21 نيسان/ أبريل عام 1856م، ثم انتقلت إلى الولايات المتحدة الأمريكية؛ حيث طالب العمال في ولاية شيكاغو عام 1886م بتخفيض ساعات العمل اليومي إلى ثماني ساعات، وتكرر الطلب في ولاية كالفورنيا، وفي تورونتو الكندية حضر زعيم العمال الأمريكي بيتر مغاوير احتفالا بعيد العمال فنقل الفكرة، وكان أول عيد للعمال في الولايات المتحدة الأمريكية في 5 أيلول/ سبتمبر 1882م في مدينة نيويورك، وأثمر نضال العمال في كندا عن قانون الاتحاد التجاري الذي أعطى الصفة القانونية للعمال ووفر الحماية لنشاط الاتحاد عام 1872م.

وفي 1 أيار/ مايو 1886م نظم العمال في شيكاغو ثم في تورونتو إضرابا عن العمل، شارك فيه ما بين 350 و400 ألف عامل، للمطالبة بتحديد ساعات العمل تحت شعار: "ثماني ساعات عمل، ثماني ساعات نوم، ثماني ساعات فراغ للراحة والاستمتاع"، الأمر الذي لم يعجب أصحاب المصانع، خصوصا وأن الدعوة للإضراب حققت نجاحا كبيرا وشلت الحركة الاقتصادية في المدينة. فتحت الشرطة النار على المتظاهرين في شيكاغو وقتلت عددا منهم، ثم ألقى مجهول قنبلة في وسط تجمع للشرطة أدى إلى مقتل 11 شخصا منهم سبعة من أفراد الشرطة. واعتُقل على إثر ذلك العديد من قادة العمال وحكم على أربعة منهم بالإعدام وعلى الآخرين بالسجن لفترات متفاوتة.

وعند تنفيذ حكم الإعدام بالعمال الأربعة كانت زوجة أوجست سبايز (أحد العمال المحكوم عليهم بالإعدام) تقرأ خطابا كتبه زوجها لابنه الصغير: "جيم ولدي الصغير، عندما تكبر وتصبح شابا وتحقق أمنية عمري ستعرف لماذا أموت. ليس عندي أكثر من أن أقول لك أنني بريء وأموت من أجل قضية شريفة، ولهذا لا أخاف الموت، وعندما تكبر ستفخر بأبيك وتحكي قصته لأصدقائك.

وقد ظهرت حقيقة الجهة التي رمت القنبلة عندما اعترف أحد أفراد الشرطة بأن من رمي القنبلة كان أحد عناصر الشرطة أنفسهم.

بعد وفاة عمال على أيدي الجيش الأمريكي فيما عرف بإضراب بولمان عام 1894م؛ سعى الرئيس الأمريكي غروفر كليفلاند لمصالحة مع حزب العمال، تم على إثرها بعد ستة أيام تشريع عيد العمال وإعلانه إجازة رسمية. بقي كليفلاند قلقا من تقارب اليوم العالمي للعمال مع ذكري هايماركت في 4 أيار/ مايو 1886م، تحت شعار "من اليوم ليس على أي عامل أن يعمل أكثر من ثماني ساعات". وبلغ عدد الإضرابات خمسة آلاف إضراب بمشاركة نحو 340 ألف عامل تقريبا. وبنضال العمال أصبح 1 أيار/ مايو الاحتفال الرسمي بعيد العمال.

وتوجد قصص كثيرة وإنجازات أكثر للعمال أقصها عليكم في المقال القادم إن شاء الله.
التعليقات (0)