صحافة دولية

فيسك: ماذا لو أخبرتنا السعودية عن جثة خاشقجي مقابل نيوكاسل؟

تساءل فيسك عن مدى قدرة "الغسيل الرياضي" على محو الجرائم وملفات حقوق الإنسان القاتمة- عربي21
تساءل فيسك عن مدى قدرة "الغسيل الرياضي" على محو الجرائم وملفات حقوق الإنسان القاتمة- عربي21

نشرت صحيفة "إندبندنت" مقالا للكاتب المعروف روبرت فيسك، علق فيه على محاولات السعودية الاستحواذ على نادي نيوكاسل يونايتد الإنجليزي، تحت عنوان " مقابل نيوكاسل يونايتد، ربما أخبرنا السعوديون عن مكان جثة جمال خاشقجي". 

 

وحمل فيسك في مقاله الذي ترجمته "عربي21" على من سماهم الأمراء الشباب، مشيرا إلى طريقة "إدمان الديكتاتوريين والمستبدين والطغاة وبالطبع الأمراء الشباب المتطرفين في اعتدالهم وديمقراطيتهم على الرياضة".

 

وتساءل فيسك "هل ما يجذبهم في الحقيقة "غسل الرياضة" وفكرة أنك تستطيع الإفلات من الخطيئة وحتى تقطيع جثة من خلال دعم الفرق الرياضية وسباق السيارات أو الرياضيين؟ هل هذا يهم كثيرا عندما يكون لديك صواريخ باتريوت، هينكلز والقنابل العنقودية المصنعة أمريكيا والجيوش الجرارة والمقاتلات المصنعة في بريطانيا؟".

 

ويجيب فيسك على أسئلته بالقول:" إن هناك شيئا ما في هذه الرقصة الإسبانية التي تمسك بخيال المستبدين، فهو بالتأكيد ليس بحاجة هنا لألعاب الكوليسيوم التي كان أباطرة الرومان يدفعون فيها أموالا جيدة مقابل قتل المصارعين الأشداء، المسيحيين أو الأسود البريئة". 

 

وتاليا النص الكامل للمقال :

 

"مقابل نيوكاسل يونايتد، ربما أخبرنا السعوديون عن مكان جثة جمال خاشقجي". 

 

ماذا عن إدمان الديكتاتوريين والمستبدين والطغاة وبالطبع الأمراء الشباب المتطرفين في اعتدالهم وديمقراطيتهم على الرياضة؟ هل ما يجذبهم في الحقيقة "غسل الرياضة" وفكرة أنك تستطيع الإفلات من الخطيئة وحتى تقطيع جثة من خلال دعم الفرق الرياضية وسباق السيارات أو الرياضيين؟ هل هذا يهم كثيرا عندما يكون لديك صواريخ باتريوت، هينكلز والقنابل العنقودية المصنعة أمريكيا والجيوش الجرارة والمقاتلات المصنعة في بريطانيا؟".

 

هناك شيء ما في هذه الرقصة الإسبانية التي تمسك بخيال المستبدين، فهو ليس بحاجة هنا لألعاب الكوليسيوم التي كان أباطرة الرومان يدفعون فيها أموالا جيدة مقابل قتل المصارعين الأشداء، المسيحيين أو الأسود البرية، ولا أن يذكرنا بما فعل هتلر عام 1936 عندما تخلى في دورة الألعاب الأوليمبية عن نزعته المعادية للسامية كي يقوم بتبييض سمعته عبر الرياضة. 

 

اقرأ أيضا : إندبندنت: كيف تستخدم السعودية الرياضة لتحسين صورتها؟

 

وبنفس السياق استخدم الاتحاد السوفييتي وببراعة الرياضة حيث تحول نجوم فريقي سبارتاكس ودينامو إلى نجوم اشتراكية. 


لا أزال أذكر عملية غسل رياضة كبيرة، عندما قاطع جيمي كارتر دورة الألعاب الأوليمبية في موسكو عام 1980 لأن ليونيد بريجنيف غزا أفغانستان.

 

وعندما كنت أتجول حول مطار كابول شاهدت طائرة إيروفلوت تتوقف عند المدرج، وكان عليها صورة الدب الجميل ميشا الذي تم اتخاذه كشعار للدورة.

 

وعندما فتح باب الطائرة ووضع السلم نزل منها الجنود بزيهم العسكري وقبعاتهم ولم يكونوا يتنافسون في مباريات القفز العالي، مع أن هذا ما حدث من الناحية السياسية. 


ومع أن الأمر ليس لي للقول إن اهتمام السعودية بشراء نسبة 80 بالمئة من أسهم نادي نيوكاسل هو من أجل أن ننسى هجومها على اليمن، والقصف الجوي الذي قتل حتى الآن 17.000 من المدنيين، وأن الأمير محمد بن سلمان الذي استضاف منذ عام 2016 سباق سيارات ومباريات مصارعة دولية، هو من اخترع "صندوق التنمية الرياضي" ويأمل بأن يتخلص من الذاكرة الجمعية لموضوع جمال خاشقجي التي أنتهت رحلته إلى القنصلية في إسطنبول بعملية قتل حمقاء وتقطيع جثته".

 

الأمير نفى أي مسؤولية شخصية عن الجريمة، لكن هذا لم يخفف غضب خطيبة خاشقجي، خديجة جنكيز التي طلبت من الدوري الإنكليزي الممتاز (بريميير ليغ) منع استحواذ السعودية على النادي على خلفية أن عملية كهذه ستشوه سمعة كرة القدم الإنكليزية ويجعلها متواطئا في عملية التستر السعودية على جريمة قتل خاشقجي.

 

ووصف محاميها رودني ديكسون عرض الشراء بأنه "محاولة لتجنب العدالة على فعل لا يصدقه العقل" وسيدمر سمعة الدوري الإنكليزي.

 

ولكن "السمعة" قد لا تهم في هذا السياق مشيرا إلى مملكة البحرين التي استقبلت سباق السيارات والتي حاولت من خلاله إظهار أنها بلد طبيعي رغم التعذيب والقتل وقمع الانتفاضة القصيرة عام 2011.

 

وأكدت على أن الرياضة هي فوق السياسة، وأظهرت طبيعيتها من خلال استقبال سباق السيارات عام 2012 ولم يهتم المشاركون سواء لويس هاميلتون أو جينسون باتون بما حدث، فيما قال مدير فورميلا وان بيرني إكلستون إن على الصحافة التعامل مع الحقائق وليس القصص المفبركة، وكأن قتل وتعذيب المتظاهرين كان خيالا. 

 

وقد لا يهتم مشجعو نيوكاسل بمقتل جمال خاشقجي ولا حزن خطيبته، وربما وجدوا العزاء في استقبال قطر لمباريات كأس العالم 2022، فهي ليست ديمقراطية مزدهرة ولكنها مقارنة مع السعودية تظل ديمقراطية ليبرالية وهي تتعرض الآن للحصار لأن قناة الجزيرة تغضب مشيخات الخليج ولأن قطر متعاطفة مع إيران. 


ويعتقد أن المباراة الكروية الوحيدة وغير السياسية التي سمع عنها هي تلك التي لعبها الجنود البريطانيون والألمان على الجبهة الغربية أثناء فترة وقف إطلاق النار غير الرسمية وقت احتفالات أعياد الميلاد، قبل أن يوقف القادة كل هذا الهراء ويذكروا الجنود أن مهمتهم هي قتل الطرف الآخر وليس مشاركته في لعبة كرة قدم.

 

وعلى الأقل كان لدى الجنود فرصة لنقل رفاقهم القتلى من المناطق العازلة بين الطرفين ودفنهم بطريقة محترمة، ولكن جمال خاشقجي ليس محظوظا، فرغم اعتراف السعوديين بقتل عملائهم للصحافي إلا أنهم لا يريدون إخبار العالم عن مصير أجزاء جثته المنشورة.

 

وربما كانت هذه صفقة جيدة لرجال نيوكاسل عندما يبهرهم لون المال السعودي، 80 بالمئة من أسهم النادي لهم مقابل إعادة بقايا جمال خاشقجي.

التعليقات (1)
محمود النجار
الثلاثاء، 19-05-2020 06:05 ص
لم يعد ثمة جثة لخاشقجي رحمه الله