صحافة إسرائيلية

قراءة إسرائيلية متشائمة للاتفاق الجديد بين إيران والصين

ذكر خبير عسكري إسرائيلي أن "تفاصيل الاتفاقية الصينية الإيرانية ظلت لفترة طويلة غير معروفة بدقة"- جيتي
ذكر خبير عسكري إسرائيلي أن "تفاصيل الاتفاقية الصينية الإيرانية ظلت لفترة طويلة غير معروفة بدقة"- جيتي

قال خبير عسكري إسرائيلي إن "التقديرات الأمنية والعسكرية الإسرائيلية تترقب نشوء شرق أوسط جديد، وهذه المرة بتدخل صيني في إيران، مع قرب توقيع بكين وطهران على اتفاقية تاريخية تتضمن استثمار مئات المليارات من الدولارات في النقل والاتصالات والطيران والبنية التحتية البحرية، وهكذا تجد إسرائيل نفسها تواجه تهديدا استراتيجيا جديدا يتمثل بالتدخل العسكري والاقتصادي الصيني بالشرق الأوسط".


وأضاف أمير بار شالوم، وثيق الصلة بالمؤسسة العسكرية الإسرائيلية، في تقرير نشره موقع "زمن إسرائيل"، وترجمته "عربي21" أن "هذا التهديد الناجم عن التقارب الإيراني الصيني ليس ظاهرا على رادار وسائل الإعلام الإسرائيلية في الوقت الحالي، لأنها منشغلة بالكامل في وباء كورونا والأزمة الاقتصادية، لكن من المحتمل أن يكون صانعو السياسة في تل أبيب مستيقظين بالتأكيد، ويقظين في الليل لمواجهة هذا التهديد".


وأوضح أن "الاتفاقية الصينية الإيرانية بقيت في الهواء لفترة طويلة دون أن يعرف أحد تفاصيلها بدقة، لكن مسودتها، التي تم تسريبها لصحيفة نيويورك تايمز، تشهد على عمق العلاقة بينهما، وهو ما تراقبه إسرائيل عن كثب، فضلا عن قدرتها على خلق واقع جديد في المنطقة، خاصة أن هذه العلاقة المتنامية بينهما تواجه جملة تحديات منها: جيران إيران السنة، الشيطان الأكبر الولايات المتحدة، والشيطان الأصغر إسرائيل".

 

الأهمية الاقتصادية 


وأشار إلى أن "الصين وقعت على الاتفاقية النووية مع إيران في يوليو 2015، ومنذ ذلك الحين، بدأت بالتراجع عن الطلب الأمريكي بإعادة مناقشة تفاصيل الاتفاقية، خاصة بعد انسحاب ترامب المدوي منها في 2018، وفي هذا السياق، تتماشى الصين مع روسيا، فكلاهما لهما مصالح عديدة في إيران، وكلاهما ليستا معنيتين بأي دور أمريكي في المنطقة، ما يحقق قاعدة "عدو عدوي صديقي"، وهو ما يتسبب بقلق إسرائيلي".


وأكد أنه "من أجل فهم الأهمية الاقتصادية لهذه الاتفاقية، تورد المحافل الإسرائيلية، الأمنية والاقتصادية على حد سواء، تفصيلا واحدا مهما للغاية، حيث تستورد الصين 10 ملايين برميل من النفط يوميا لتلبية احتياجاتها الصناعية، ويمكن لإيران في هذه الحالة أن تمدها بما يقرب من 90% من الاحتياجات بدون عقوبات، وهنا تبدأ القصة، لكنها لا تنتهي".

 

اقرأ أيضا: جنرال إسرائيلي: إيران تخدعنا.. و200 ألف صاروخ موجهة علينا


وأضاف أن "القراءة الإسرائيلية لهذا البند الاقتصادي من الاتفاقية الصينية الإيرانية تعني أن التزويد الثابت للنفط بسعر ثابت يستحق الكثير بالنسبة للصين، وعلى طول الطريق يتعارض مع سياسة الولايات المتحدة الساعية لتحقيق انهيار إيران في ساحتها الداخلية في ظل حظر اقتصادي خانق".


أما بالنسبة للوجود العسكري، فيقول الكاتب إن "الأوساط العسكرية الإسرائيلية تعتقد أن الصين حددت لنفسها هدفا لتحدي كل تواجد أمريكي في العالم، بدأ بميناء عسكري في جيبوتي شرق أفريقيا، بحجة وجود قاعدة لوجستية للقوات التي تقاتل القراصنة الصوماليين، واستمر بحضور صيني عند مدخل الخليج العربي، وهذا يعني أن الولايات المتحدة لن تكون القوة المهيمنة المسيطرة على مضيق هرمز، التي تضمن ممرات الشحن المجاني".


ولفت إلى أن "المحافل الاستراتيجية الإسرائيلية تتابع حالة الصراع الصيني الأمريكي، فليس هناك أحد في إسرائيل ينكر أنه بتوقيع هذه الاتفاقية تتسبب إيران بتصدع كبير في العلاقة بين الصين والولايات المتحدة، وفي هذه الحالة سيكون السؤال في إسرائيل عن خطوات الصين الآتية: كيف ستترجم الاتفاقية، وهل ستحرر نفسها تماما من التزامها بالعقوبات العسكرية على إيران، وتتحرك للتجارة الحرة والمفتوحة معها".

 

الوضع المعقد


وأكد أن "الإجابة عن هذه الأسئلة تكمن في صفحات المسودة التي تنص صراحة أن الصين ستسمح لإيران بالوصول لنظام الملاحة بالأقمار الصناعية، والتعاون في تطوير القدرات السيبرانية، ونشر شبكة خلوية من الجيل الخامس في إيران، ومن المحتمل أن يكون استثمار مئات المليارات من الدولارات الصينية "مطمعا" حتى في الوجود العسكري الصيني في المنطقة لردع أي خطر".


وأوضح أن "إسرائيل ترى بتشابك المصالح الصينية والأمريكية في إيران ومحيطها مبررا لطرح السؤال: ماذا ستفعل إسرائيل في الوضع المعقد الذي تجد نفسها فيه، خاصة أن المشروع النووي، النقطة الأكثر إثارة للقلق في إسرائيل يمضي في سباق سريع إلى الأمام، ما يدفع للاستفسار حول مدى تأهيل الاتفاقية لإنتاج القنبلة الإيرانية، خاصة أن الصين انضمت لأعضاء مجلس الأمن الآخرين من أجل منع برنامج نووي إيراني؟".


وأضاف أن "إسرائيل تقرأ جيدا النص الحرفي للبند الوارد في الاتفاقية، وجاء فيه أن الثقافتين الآسيويتين شريكتان في التجارة والاقتصاد والثقافة والأمن، وسيرى البلدان اللذان لديهما مصالح إقليمية مشتركة، بعضهما البعض شريكين استراتيجيين"، وهنا تنظر إسرائيل لما تصفه بـ"الأخطبوط الإيراني"، الذي بات مدعوما من الصين بأسلحة متطورة، وأصبح أكثر شجاعة وخطورة.


وأشار إلى أن "المتابعة الإسرائيلية للسلوك الإيراني اليوم، ورغم وضعها الاقتصادي الصعب، يظهر أنها تتورط عسكريا في اليمن والسعودية ولبنان وسوريا والعراق، ويمكن للمراقب الإسرائيلي أن يتخيل فقط كيف سيبدو هذا النفوذ الإيراني مع الريح الخلفية الصينية، ما يعلي من شأن الافتراض الإسرائيلي ومفاده أن إيران في حالة سباق مع الزمن، لأنه في حال تم توقيع الاتفاق قريباً، فإن الفترة الزمنية لوقف إيران عسكريا تقصر".


وختم بالقول إنه "ثبت مرات عدة بالماضي أن إسرائيل والولايات المتحدة تترددان في الخيار العسكري ضد إيران، وأثبتت أحداث الأيام الأخيرة أن جهة ما، دون الإشارة لإسرائيل، قررت اتخاذ إجراء ضد المشروع النووي بالقوة بطريقة خفية، ولكن لا يزال تحت عتبة التصعيد"، بحسب تقديره.

 
التعليقات (0)