صحافة دولية

MEE: هكذا يضرب انفجار ميناء بيروت اقتصاد لبنان المتردي

خمسين بالمئة من اللبنانيين تحت خط الفقر- تويتر
خمسين بالمئة من اللبنانيين تحت خط الفقر- تويتر

نشر موقع "ميدل إيست آي" تقريرا للصحفي بول كوتشران حول الآثار الاقتصادية الناجمة عن انفجار مرفأ بيروت، في ظل ما يمر به لبنان من أزمة اقتصادية خانقة، تعتبر الأسوأ منذ الحرب الأهلية (1975 إلى 1990).

ويرصد التقرير التداعيات الخطيرة للانفجار على اقتصاد لبنان، والتي يمكن أن تطال في تأثيراتها الأمن الغذائي، وتدهور سعر صرف الليرة اللبنانية مقابل العملات الأجنبية، والقدرة على التعافي الاقتصادي إثر هذه الضربة.

وتاليا نص التقرير كاملا كما ترجمته "عربي21":

يشكل الانفجار الضخم الذي وقع في ميناء بيروت ضربة قاصمة للبلد الذي يعاني أصلاً من أزمة سياسية ومالية، ومن تدهور قيمة العملة، ومن وباء كوفيد-19. تقدر الخسائر الاقتصادية الناجمة عن الانفجار بالمليارات من الدولارات.

يقول لاوري هايتايان، الخبير في معهد الإنقاذ الوطني والمقيم في بيروت: "يصعب تصور التكلفة المالية لهذه الكارثة، لكنها بالمليارات. لقد دُمر الميناء عن بكرة أبيه، وجزء كبير من المدينة ناله الدمار. من ذا الذي سيدفع تكلفة إعادة إعمار بيروت؟"

يعتبر ميناء بيروت، حيث وقع الانفجار، بؤرة النقل الرئيسية في البلاد وميناؤها البحري الأعمق.

يقول سامي حلبي، أحد مؤسسي شركة المثلث الاستشارية في بيروت ومدير المعلومات فيها: "كان الميناء هو القلب النابض للبلد حيث كانت تصل عبره ثمانون بالمائة من البضائع المستوردة، والتي كانت تبقي الاقتصاد في حركة دؤوبة".

 

اقرأ أيضا: الدمار يطال 80% من تجارة لبنان.. كم بلغت قيمة الخسائر؟

يهدد إغلاق الميناء الأمن الغذائي في البلد، والذي يعتمد على استيراد ما يتراوح ما بين 65 و 85 بالمائة من الاحتياجات الغذائية، وذلك بحسب ما ورد في تقرير لشركة المثلث للاستشارات. كان ما يقرب من خمسة عشر ألف طن من القمح مخزونة داخل صوامع الميناء.

يقول مارتن كيليرتز، الأستاذ المساعد في برنامج الأمن الغذائي في الجامعة الأمريكية ببيروت: "سوف يكون للكارثة أثر كبير على الأمن الغذائي. كانت أسعار الخبز أصلاً قد ارتفعت، ويتوقع أن تستمر أسعار الأطعمة في الارتفاع، علماً بأن خمسين بالمئة من اللبنانيين هم دون خط الفقر. إنها العاصفة العاتية التي سيمتد أثرها طوال الشهور القادمة."

يقع الميناء الثاني في البلد في مدينة طرابلس على بعد ثمانين كيلومتراً شمالاً، وهو أصغر بكثير من ميناء بيروت، وسيتعسر عليه التعامل مع المزيد من البضائع.

يقول حلبي: "في الواقع ميناء طرابلس غير مجهز للتعامل مع كميات الأغذية المطلوب استيرادها. فثمة حاجة ماسة للاستيراد، ولا يتوفر لدى الحكومة ما يكفي من العملات الأجنبية لكي تقوم بذلك."

صدمة ثالثة

هذه الكارثة هي الصدمة الثالثة التي تتعرض لها البلاد منذ الاحتجاجات التي انطلقت في تشرين الأول/أكتوبر من عام 2019، وما خلفه وباء فيروس كورونا من تبعات على الاقتصاد.

على الرغم من الضوابط غير الرسمية التي تفرضها البنوك على الأموال للحد من سحبها إلا أن ما يزيد عن 25 مليار دولار تسربت إلى خارج البلاد خلال العام الماضي. وفي هذه الأثناء فقدت الليرة اللبنانية ما يقرب من 80 بالمائة من قيمتها أمام الدولار. كما ارتفع الدين العام بشكل حاد ليصل إلى 92 مليار دولار، وذلك يعادل ما يزيد عن 170 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي.

ومع جفاف العملات الأجنبية يجد المستوردون صعوبة بالغة في دفع ثمن البضائع التي يرغبون في استيرادها، وقد انعكس ذلك على الواردات التي انخفضت بمعدل خمسين بالمائة هذا العام، بحسب ما ورد في بيانات نشرتها سلطة الجمارك اللبنانية.

يمكن للأثار المترتبة على الانفجار أن تتسبب في هبوط الليرة إلى مستويات أدنى، بعد أن هبطت من 1507 ليرة للدولار إلى 8000 ليرة للدولار، الأمر الذي سيزيد من غلاء الواردات.

يقول حلبي: "حالما تفتح الأسواق ستتلقى الليرة ضربة، ولكن لا يُعلم مدى تأثير ذلك بعد. أياً كان الطلب على الليرة من قبل، فلسوف يزداد عليها الطلب من قبل من هم أسوأ وضعاً من الناحية الاقتصادية."

سوف تحول التداعيات المستمرة للأزمة المالية دون أن يستعيد الاقتصاد عافيته بعد ما أصابه بسبب الانفجار.

يقول هاياتايان: "كيف سيتسنى للقطاع التجاري أن ينتعش في ظل الضوابط المفروضة على حركة رأس المال، الأمر الذي يقيد حرية الناس في سحب الأموال من البنوك، وفي ظل تقلب أسعار العملة داخل السوق السوداء؟ إنها كارثة بكل ما تعنيه الكلمة."

في كل القطاعات، لم يلبث الاقتصاد اللبناني يتراجع، ففي قطاع الإنشاءات انخفضت تراخيص البناء بمعدل ستين بالمائة، وانخفض بيع السيارات بمعدل سبعين بالمائة، وانخفضت السياحة إلى النصف هذا العام مقارنة بما كانت عليه في عام 2019.

يقول حلبي: "كل شيء متوقف تماماً، وسوف يكون صعباً لملمة الأمور لتعود كما كانت لأن كثيراً من الناس لم يؤمّنوا على أنفسهم وممتلكاتهم ضد مثل هذا النوع من الكوارث، كما أن شركات التأمين مرتبطة بالقطاع البنكي الذي كان أصلاً غارقاً في حالة من الكآبة بسبب الأزمة المالية."

ويضيف: "الكثير من الأعمال لن يُكتب لها التعافي"

التعليقات (0)