صحافة دولية

أوبزيرفر: انفجار بيروت جعل النخبة الفاسدة خائفة على سلطتها

فقدت العملة المحلية قيمتها- جيتي
فقدت العملة المحلية قيمتها- جيتي

تساءل مراسل صحيفة "أوبزيرفر" البريطانية بالشرق الأوسط، مارتن شولوف، عن ما إذا كان انفجار بيروت سيعجل بالإطاحة في حكومة فاسدة وسط فقر يتصاعد في لبنان منذ عقود.

واستعرض شولوف في تقرير ترجمته "عربي21" فداحة الانفجار وما صاحبه من أضرار هائلة، وعلق بالقول إن الفوضى والفزع والحرارة المرتفعة والازدحام بدأت تؤشر نحو "واقع جديد"، وأضاف أن الأمور هناك لن تكون كما في السابق.


ومع حلول ظلام يوم الثلاثاء على ما تبقى من بيروت، بدا واضحا أن ما أدى إلى هذا الانفجار هو 2750 طنا من نترات الأمونيوم تم تخزينها في الميناء.


وبعد خمسة أيام على الانفجار أصبحت الصورة واضحة أكثر، وكشفت عن سلسلة من قصور "حكومة فوضوية" عرضت أبناء شعبها إلى الخطر المميت وتكتمت عليه مدة ستة أعوام، منذ مصادرة الشحنة من سفينة روسية رست بالميناء وتركها صاحبها وغادرها بحارتها.


وقال إن التكهن بالنتائج من سلسلة متعددة من الأزمات أمر محفوف بالمخاطر في لبنان، حيث يمكن التعرف على المشاكل دون حلها. لكن لم يحدث شيء منذ الإمبراطورية والحرب العالمية والميلاد الصعب للدولة الحديثة، والتمرد والحرب الأهلية والاحتلال والطبقة الفاسدة يؤشر إلى ما سيحدث بعد. هناك أمر جديد ومخيف يتشكل، لحظة حساب وزخم اجتماعي يلوح بالأفق.

 

اقرأ أيضا: مستشار لعون: إذا ثبت تورط الاحتلال بالانفجار فالمقاومة سترد

وقال المشرف بإحدى البنوك نضال عيوش، 36 عاما: "لو لم يكسر هذا النظام الفاسد فلن يكسره شيء.. كيف سيقوم نفس الأشخاص الذين قادونا ونحن نائمين إلى القيامة بإخراجنا منها؟".

 

وقال حكمت عبد الله الذي يملك شركة عقارات إن "تخزين نترات الأمونيوم في الميناء ليس بدون سبب" و"لأن الجميع كانوا يعرفون أنها مهمة، وكل لاعب مهم في لبنان كان يعرف بوجودها هناك، بمن فيهم حزب الله الذي يدير المرفأ، وهم يكذبون عندما يقولون إنهم لم يعرفوا".


ويضيف: "ظل المرفأ وطوال العقود الماضية المكان الذي تلاقت فيه المصالح التجارية والسياسية المختلفة. وتمر منه مليارات الدولارات سنويا".

 

وقال مسؤول أمني متقاعد: "هناك تقوم النخبة السياسية والزعامات وممولوهم بإدارة أكبر العمليات في الشرق الأوسط" و "مولت عفن الدولة وفي الوقت نفسه دمرتها ولم يكن أحد يتوقع هذا".

 

ويقول شولوف إن الغضب المتجمع في البلد قاد الكثيرين للاعتقاد بأن انفجار 4 آب/أغسطس سيكون نقطة التحول التي تم التكهن بها ولكنها لم تتحقق.

 

وكان مقتل رئيس الوزراء رفيق الحريري في شباط/فبراير 2005 نقطة مهمة في ذلك الوقت وأدت لانسحاب القوات السورية من لبنان، وأدت لولادة فجر سياسي جديد حمل وعود المحاسبة والسيادة.

 

وفي السنوات التي تبعت من الفوضى بالمنطقة ظل لبنان أسير النزاعات الحدودية وطبقة سياسية راسخة حولت مؤسسات الدولة إلى اقطاعيات ونهبت مليارات الدولارات من أموال الدولة.


وفي بداية العام تخلفت الدولة عن دفع سلسلة من الديون المستحقة عليها، فيما راقب السكان بعجز العملة المحلية تفقد قيمتها.

 

والحاجة للتغيير باتت ماسة ولكن البنية الفاسدة في الحكومة مصممة على التمسك بمكاسبها فيما يريد اللبنانيون حدوث أمر.

 

وتقول ليلى حبيب، 22 عاما، وهي طالبة محتجة: "بدأت السلطة تفلت من أيديهم هذه المرة" و "أشعر بهذا".


ووسط التدهور وطد حزب الله موقعه كأقوى جماعة في البلد وواحدة من المليشيات الضخمة في المنطقة، بحسب ما قالت الصحيفة، وللحزب عدد من النواب في الحكومة حيث يستخدم تحالفاته فيها ليمارس التأثير، كما أنه يلوح بقوته من خلال العملية التشريعية.


وجعلت سيطرة الحزب على الدولة اللبنانية منه جماعة لا يمكن أن يمسها أحد، فحتى لو تم التحقيق والتدقيق فيه تخشى جماعات أخرى من فتح جبهات عسكرية وسياسية جديدة معه، وفقا للصحيفة.


ويقول نديم حوري المدير التنفيذي لمبادرة الإصلاح العربي "في المرحلة الحالية، ستكون الأولوية هي التخلص من العصابات" و "لا يمكن هزيمة العصابات وحزب الله في نفس الوقت، وبالنسبة لي فهذا هو أكثر سيناريو يحمل أملا. ونأمل أن تكون القوى السياسية منظمة بدرجة كافية لكي تفوز بالانتخابات وتعيد الحياة السياسية إلى قاعدة جديدة. وفي الوقت الحالي الأولوية هي التخلص من المجرمين".


وأضاف أن "الخطر هو أن تستخدم الجماعات المعادية لحزب الله هذا وتحشره بالزاوية للاستسلام، وسيكون هذا خطأ فادحا، ليس تعاطفا معه ولكن لأن البلد لا يحتمل المواجهة".


وقال إن الخطوة المقبلة هي حكومة إنقاذ من خارج الطبقة السياسية بتفويض خاص لمعالجة الأزمة الاقتصادية والإنسانية. وهي بحاجة لتفويض محدود، عامان أو ثلاثة أعوام على الأكثر لتحضير البلاد إلى انتخابات على قاعدة قانون الانتخاب الجديد.

 

اقرأ أيضا: مذيعة CNN لجبران باسيل: أنت تمثل فساد النخبة الحاكمة (شاهد)

ومع قرب نهاية أسبوع حافل بالأحداث تداعت المطالب إلى استقالات جماعية من البرلمان وعدم تسييس التحقيق بالحادث من جماعات لها مصلحة بنتائجه.


وقالت مها يحيى مديرة مركز كارنيغي الشرق الأوسط إن "على الحكومة الاستقالة" مضيفة أن "اللبنانيين لا يثقون بالطبقة السياسية: وما حدث هو كارثي ونتاج إهمال إجرامي وسوء إدارة على قاعدة فساد يتغلغل في قلب لبنان".

وقالت إن على الأحزاب السياسية التوافق على حكومة مستقلين تستطيع منع لبنان من الوقوع في الهاوية. ويجب ألا تتوقف عملية المحاسبة عن الانفجار عند مجموعة من الموظفين بل ويجب أن تلاحق سلسلة القيادة.


ويقول شولوف إن استقالات جماعية من البرلمان تبدو محتومة وكذا عملية ملء الفراغ. وهناك حديث عن قيادة مؤقته يترأسها الجيش، وهو تحرك يمثل تحديا لنظام الرعاية الذي ستحاول النخبة إنقاذه ولكن من خلف الستار. 

 

وقال خالد زيدان، 48 عاما، العامل في الاستثمار البنكي: "الحل الوحيد للخروج من المأزق هو استقالة النواب وتعيين حكومة مؤقتة بهدف واحد وهو تهدئة الوضع والمساعدة على وصول المساعدات"، مشيرا إلى أن الجيش هو القوة الأكثر ثقة.


ودعا إلى لجنة مستقلة لإعداد قانون انتخابات جديد وبإشراف دولي.

التعليقات (0)