سياسة عربية

ما دلالات المشهد الانتخابي "الهزيل" لمجلس "شيوخ" مصر؟

انتخابات مجلس الشيوخ شهدت ضعف إقبال بشكل واضح وجرت وقائع تزوير- مواقع التواصل
انتخابات مجلس الشيوخ شهدت ضعف إقبال بشكل واضح وجرت وقائع تزوير- مواقع التواصل

أغلقت مقار الاقتراع في انتخابات مجلس الشيوخ في مصر أبوابها مساء الأربعاء، وسط مؤشرات على ضعف الإقبال، بل وعزوف الناخبين المصريين بشكل واضح عن المشاركة في أول انتخابات للغرفة الثانية للبرلمان المصري في ثوبها الجديد.

وجرت على مدار يومين انتخابات اختيار 200 نائب بمجلس الشيوخ من بين 300 مقعدا، يغلب على المنافسين بها أنصار رئيس الانقلاب عبدالفتاح السيسي والأحزاب الموالية له، بعد تقزيم النظام للمعارضة على اختلافاتها، وإقصاء معظم التيارات السياسية، وبينها جماعة الإخوان المسلمين.

ويتشكل مجلس الشيوخ، الذي استعادته التعديلات الدستورية المثيرة للجدل في ربيع 2019، من 300 عضو، يتم انتخاب الثلثين كل 5 سنوات ‏بنظامي القائمة والفردي، مع تخصيص 10 بالمئة من المقاعد للمرأة، أما ‏الثلث المتبقي، فيتم تعيينه من قبل رئيس الجمهورية.

ورغم صلاحياته الضيقة، إلا أنه يتم أخذ رأي مجلس الشيوخ بـ"الاقتراحات الخاصة بتعديل مادة أو أكثر من مواد الدستور"، و"معاهدات الصلح والتحالف، وجميع المعاهدات التي تتعلق بحقوق السيادة"، بحسب الجريدة الرسمية.

"مشهد طبيعي"

وفي تعليقه على ضعف الإقبال وقلة التفاعل الشعبي لهذه الانتخابات، رغم التهديد بالغرامات وتقديم الرشى الانتخابية، قال الكاتب الصحفي أسامة الألفي: "طبيعي أن يضعف الإقبال على انتخابات الشيوخ، نتيجة للأداء الباهت لمجلس نواب أفقد الناس الثقة بالمجالس النيابية، وجعلهم يحسون أنها تعمل لصالح أعضائها لتنال رضاء السلطة".

نائب رئيس تحرير "الأهرام" الأسبق، أضاف بحديثه لـ"عربي21": "وإذا أضفنا إلى ذلك أن مجلس النواب أنفق خلال 6 شهور نحو ثلاثة أرباع مليار جنيه على أعضائه في وقت لا يجد بعض الناس قوت يومهم، لأدركنا أن المواطن لا يحتاج ذكاء ليرفض مجلس الشيوخ".

ولفت أيضا إلى أن "المجلس الجديد سينافس النواب، ليس بخدمة المواطن، وإنما بتعذيبهم أكثر بالضرائب، وبعثرة أموالهم على الأعضاء".

وختم الألفي بالقول: "وينبغي ألّا نغفل أيضا أن رفض الدولة السماح بصلاة الجمعة، بحجة كورونا، قد جعل الناس تحجم عن المشاركة بالانتخابات بالحجة ذاتها".

"لمبات كثيرة حمراء"

وفي قراءته للمشهد الانتخابي لمجلس الشيوخ، قال قيادي بـ"الحركة المدنية الديمقراطية" إن "ما دفع المصري للإحجام عن الانتخابات إدراكه أن البرلمان الحالي ونوابه لا يمثلونه، وأن المرشحين لمقاعد الشيوخ يمثلون فئات تسعى لتمثيل أنفسهم".

السياسي الذي رفض ذكر اسمه بحديثه لـ"عربي21"، أضاف: "وبغض النظر عن ضعف اختصاصات هذا المجلس، إلا أن كل المرشحين وبلا استثناء هدفهم الحصول على المقعد بأي شكل، وعبر الرشاوي الانتخابية، وبكل الوسائل الممكنة وغير الممكنة".

وأشار إلى أن "ممارسات مجلس النواب، ورضوخ أعضائه للقرارات الحكومية، وقبول مشروعات القوانين المثيرة للجدل، والتفريط بالأرض والمياه والغاز بـ5 سنوات، كل ذلك جعل الشعب يوقن بأن هذا الشيوخ لن يكون مغايرا للنواب".

وقال إن "المشهد مخز، ويذكرني بانتخابات نهاية عهد حسني مبارك المزورة في 2010؛ فلا اختلاف في الحشد ودفع الأموال والرشى الانتخابية، والتأثير المباشر على رأي الناخب، وتوجيهه لما يريد النظام والأحزاب التي تتحكم فيه وفقا لما ترغب".

وأعلن عن تعجبه من "عدم إعلان الهيئة الوطنية للانتخابات ككل مرة نتيجة تصويت الخارج قبل انتخابات الداخل، ما يوحي بأن نتيجته تمثل كارثة، وتضيء لمبات كثيرة حمراء للنظام والأحزاب بأن الشعب فقد الثقة".

"غلاف ديكوري"

وفي رؤيته، قال محلل سياسي أشار لنفسه باسم "مصري أصيل": "لم تحدث انتخابات حقيقية بمصر منذ سنوات، ولكن يجتهد النظام لإظهار الأمر كما لو كانت هناك انتخابات وناخبون، وكما لو كانت هناك هيئات نيابية، وهذا مجزوم بعدم وجوده".

وأكد بحديثه لـ"عربي21" أن "هناك حالة تزوير للمشهد بشكل  كامل، والجميع سواء الشعب أو القوى المهتمة بالعالم الخارجي يدركون يقينا أن ما يحدث بمصر محاولة لتشكيل غلاف ديكوري يتم تسويقيه والمتاجرة به".

وأضاف: "لدي معلومات أن السيسي زوّر تعداد السكان الأخير لإضافة الملايين لكشوف الانتخابات، بل تم عمل لجان وهمية أيضا، وذلك بخلاف التزوير في اللجان والرشاوي والتهديد والترويع".

وأوضح أنه "يمكن بدراسة معدلات نمو السكان، وتاريخ الإحصائيات، وأعداد الناخبين في تجربة انتخابية منذ 50 عاما، ستكتشف بجلاء أن أعداد الناخبين قفزوا بصورة ضخمة للغاية بآخر 5 سنوات".

"غضب وسخرية"

وعبر صفحته بـ"فيسبوك"، رصد الناشط والمصرفي المصري، عبدالمنعم بدوي، المشهد الانتخابي بالقول: "ما حدث أمام اللجان الانتخابية لمجلس الشيوخ، من حشد للشباب بمعرفة وزارة الشباب والرياضة، واستغلال الفقر والحاجة لدى البسطاء، حتى ينقل الإعلام المصري للعالم حالة العبث والسخرية والسلبية التي يعيشها المجتمع المصري".

من جانبها، انتقدت الكاتبة الصحفية، مي عزام، غياب الشفافية، وعدم صدور أي تصريح رسمي عن تكلفة انتخابات مجلس الشيوخ التي يقدرها البعض بمليار جنيه و2 مليار وأكثر، قائلة بـ"فسبوك": "ولا يعرف المواطن الذي دفع ثمن ذلك فائدة واحدة تعود عليه من هذا المجلس".

وغلب على وقائع التصويت بانتخابات مجلس الشيوخ على ضعف الإقبال طرائف ومواقف مثيرة للسخرية والتندر والجدل، حيث ظهرت لقطات مصورة أثارت حفيظة مواقع التواصل الاجتماعي، بينها رقص بعض النساء داخل اللجان.

 

وأثارت مشاهد ظهور عريس وعروسة بملابس الزفاف نهارا للتصويت داخل اللجان، ومشهد رجل مسن وسيدة عجوز يحملهما المجندون، ونساء ورجال يلبسون علم مصر، وسيارة إسعاف تجلب ناخبة، تندر المصريين.





وكذلك ظهور شخصيات عامة ودينية خلال التصويت، والتقاط صور لبعض المرشحين وهم يحملون أطفالا، ويقبلون رؤوس عجائز وكبار السن أمام اللجان، وهي اللقطة التي ظهرت لرجل الأعمال أحمد أبو هشيمة بإحدى لجان محافظة بني سويف بالصعيد.

 

 

وأيضا، ظهور مفتي مصر شوقي علام، في أثناء دخوله إحدى اللجان المفروشة بأجمل أنواع السجاد لمسافة طويلة.

 

 

وشحن عمال بعض الشركات للتصويت الإجباري، أو بمقابل مادي.

 

التعليقات (0)