صحافة دولية

MEE: اتفاق الإمارات مع إسرائيل يؤثر على علاقة الأردن بواشنطن

هل يتأثر موقع الأردن في القضية الفلسطينية بعد تطبيع الإمارات؟- جيتي
هل يتأثر موقع الأردن في القضية الفلسطينية بعد تطبيع الإمارات؟- جيتي

قال نيكولاي دوغاندرسين، مؤلف كتاب "خصخصة الحرب"، المستشار السابق للمعهد العربي للدراسات الأمنية في العاصمة الأردنية عمان، إن اتفاق الإمارات مع إسرائيل سيترك الأردن وحيدا، ويقلل من أهميته كصلة وصل عربية مع إسرائيل، ما يعني مساعدات أمريكية أقل.

وفي مقال نشره موقع "ميدل إيست آي"، قال إن وزير الدولة للشؤون الخارجية الإماراتي، أنور قرقاش، اعتبر اتفاق التطبيع "مبادرة جريئة من الشيخ محمد بن زايد"، التي جمدت قرار الضم، وفتحت مجالا أوسع للسلام، واصفا التحرك بأنه "نهج واقعي".

وكان رد الفعل على المبادرة متفاوتا، حيث قالت السياسية الفلسطينية حنان عشراوي لابن زايد: "أرجو ألا تعاني أبدا ألم سرقة بلدك، وأتمنى ألا تعيش معاناة العيش في الأسر تحت الاحتلال، وألا تشاهد هدم بيتك أو قتل عزيز، وأتمنى ألا يبيعك أصدقاؤك".

وانتقد الأردن الاتفاق، رغم توقيعه اتفاقية سلام مع إسرائيل عام 1994، وقال وزير الخارجية أيمن الصفدي: "لو تعاملت إسرائيل معه كحافز لإنهاء الاحتلال، ومنح حقوق الفلسطينيين بالحرية وإقامة دولة فلسطينية مستقلة على حدود 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، فإن كل المنطقة ستتحرك نحو السلام. ولكن إن لم تفعل هذا فسيتعمق الخلاف ويهدد كل المنطقة".

وأشار الكاتب إلى تغريدة أعاد نشرها الأمير علي بن الحسين، وظهر فيها كلمة "خائن" على صورة محمد بن زايد، وتم إعادة نشر التغريدة 900 مرة، والتي تراوحت ما بين الوقوف مع الأمير و"موقفه المشرف"، وتذكيره بـ"اتفاقية عام 1994 الأردنية- الإسرائيلية في وادي عربة".

والعامل السكاني في الأردن مهم (غالبية السكان الذين لجأوا ونزحوا من فلسطين غادروا إلى الأردن)، ويؤثر هذا على الطريقة التي تقوم العائلة الهاشمية بتشكيل شرعية النظام ونجاته، الذي ربما كان في جوهر غضب الأردن على اتفاقية الإمارات. وبناء على اتفاقية وادي عربة 1994، أجبر الأردن على التنازل عن الضفة الغربية والقدس المحتلة.

وهذا الوضع إشكالي؛ لأن العائلة الهاشمية الأردنية تقوم على نسب ديني يمنحها الشرعية، بما فيها حراسة القدس والمسجد الأقصى. لكن الأردن حصل مقابل السلام على علاقة قريبة مع الولايات المتحدة. ومنحه ميزتين: دفع إسرائيل من أجل الحصول على مساعدات أمريكية، وكوسيط سري بين إسرائيل والدول القريبة منها.

 

اقرأ أيضا: أمير أردني يثير الجدل بتغريدة عن الإمارات.. واتصالات لتفادي أزمة

وكان الدعم الأمريكي ملحا، خاصة أن دعم الأردن للعراق في حرب الخليج الأولى عام 1991، وبعد احتلال صدام الكويت، أدى، كما قال بروس ريدل، من معهد بروكينغز، إلى "تسميم العلاقات الأمريكية – الأردنية"، وأضاف: "توقفت المساعدات، وقطع الدعم العسكري واللوجيستي، وأصبح الميناء الأردني الوحيد، العقبة، تحت الحجر؛ لمراقبة المواد المنقولة إلى العراق عبر الأردن".

وفي عام 1994، كان الملك حسين "مستعدا لتوقيع معاهدة سلام مقابل مساعدة إسرائيل له في واشنطن وإعادة العلاقات، بما في ذلك استئناف الدعم العسكري وسرب من مقاتلات أف-16 لسلاح الجو الملكي الأردني". وسمحت المعاهدة الأردنية مع إسرائيل لعمان بأن تواجه عدم شعبيتها بمحاولات عقد قمم سلام، وتعزز من خلالها موقع كمحكم. وكان هذا واضحا في عام2013، عندما أعلن الملك عبد الله عن استعداد عمان للعب دور وسيط السلام بين الإسرائيليين والفلسطينيين. وفي مؤتمر صحافي مشترك مع الرئيس باراك أوباما، قال: "نافذة الفرص لا تزال مفتوحة للعودة ودفع جهود السلام".

ولا شك أن موازنة الموقف الشعبي الفلسطيني والشرعية الدينية من خلال المعالم الدينية في القدس، ومعاهدة سلام مع إسرائيل، أعطى عمان المؤهلات لكي تدفع باتجاه هذه المبادرة. وأعطاها أيضا الفرصة للانتفاع من قدرة استضافة مسؤولين إسرائيليين راغبين بلقاءات سرية مع مسؤولين عرب. فالعائلة المالكة التي لا تملك الكثير من المصادر، قد كانت القنوات السرية هذه ضرورية لجعلها لاعبا مستقرا في المنطقة.

وهذا المفهوم صحيح عندما نأخذ بعين الاعتبار أن الأردن كان البلد الثاني الذي وقع معاهدة سلام مع إسرائيل بعد مصر. فقد كلفت المعاهدة المصرية- الإسرائيلية عام 1979 الرئيس المصري أنور السادات حياته عندما اغتيل عام 1981. ولم يواجه الملك حسين نفس المصير، ما قاد بعض المحللين لوصفه بالحاكم الرائع، وظل حاكما حتى وفاته عام 1999. لكن العلاقات الخليجية- الإسرائيلية المتطورة تعتبر تحديا للأردن، ووضعه كوسيط قوي في اتصالات إسرائيل مع العالم العربي.

وفي ظل رئيس الوزراء الإسرائيلي المتطرف بنيامين نتنياهو، بدأ الجليد بالذوبان، وفي تشرين الأول/ أكتوبر 2018، رحب سلطان عمان في حينه قابوس بنتنياهو. ووصف وزير الإعلام العماني الزيارة بأنها علامة على "العلاقات الجيدة التي تنمو بين إسرائيل والدول السنية التي تعارض إرهاب إيران والتي تهددها أيضا". ويبدو أن التركيز على إيران كعدو مشترك شجع وعمق العلاقات الخليجية- الإسرائيلية.

وفي عام2017، ذكر أن ولي العهد السعودي محمد بن سلمان زار إسرائيل؛ لإجراء محادثات حول السلام الإقليمي. وتبع هذا صفقة في تشرين الأول/ أكتوبر 2018 بقيمة 250 مليون دولار للحصول على معدات إسرائيلية، و"تبادل عسكري استراتيجي". واحتفظت البحرين، حليفة السعودية، بعلاقات سرية مع إسرائيل منذ عام 1994، وهو العام الذي وقعت فيه إسرائيل معاهدة سلام مع الأردن.

ومثل السعودية تعتبر البحرين إيران تهديدا لها، خاصة أن طهران تزعم أن البحرين هي جزء منها. ومع قيادة الإمارات الطريق للتطبيع مع إسرائيل، فسيكون هذا مصدر فرح لأمريكا. وبالنسبة للأردن الذي يعاني من أزمة اقتصادية، فإن عام 2020 يلغي منافع 1994.

ولو أصبحت أبو ظبي قريبة من إسرائيل وواشنطن وقادرة على "تجميد" المستوطنات، فهل ابتعدت محادثات السلام المستقبلية عن عمان إلى الإمارات؟ وهل يعني دورا منخفضا للأردن في العملية السلمية ومساعدات أقل؟ ولو تفوق ما يطلق عليه اتفاق "أبراهام" على إعلان واشنطن عام 1994 فهل سيظل الأردن مهما لأمريكا؟

ويجيب الكاتب بأن الولايات المتحدة ستظل تنظر للأردن على أنه مهم من الناحية الجيوستراتيجية، وبدور أقل كقناة للسلام، وهذا يعني تخفيض في المساعدات تنعكس على مستويات الحياة، وتؤدي إلى مصاعب اقتصادية- اجتماعية على خلفية الاضطرابات، وربما كان هذا سبب اعتقال رسام الكاريكاتير عماد حجاج لرسمه الساخر من التطبيع.

كما وسيوثر التغير الجيوستراتيجي على وضعية الأقصى ودور الأردن كحارس له. وكان الرد من القدس حاسما، على تغيير وضعية الأقصى ومن مفتي القدس، الذي أكد على أن أي زائر يجب عليه المرور عبر الأردن والمناطق الفلسطينية، وليس عبر مطار بن غوريون.

لكن هل يمكن فرض الفتوى؟ وماذا عن رد الأردن؟ فالفتوى تعتبر رفضا للاحتلال الإسرائيلي، لكن الأقصى يمثل الشرعية الأردنية.

ورد الملك عبد الله الثاني ببرود على اتفاقية الإمارات – إسرائيل، حيث أخذ بعين الاعتبار الغالبية الفلسطينية في بلاده، لكنه وازن هذا بلا شك بعلاقة مع واشنطن والإمارات. ومهما كان الطريق الذي يتخذه الأردن للحفاظ على علاقة مع واشنطن فعليه إرضاء الإمارات أيضا.

التعليقات (0)