صحافة دولية

التايمز: معتقلات عائلات تنظيم الدولة بسوريا تفرخ "المتشددين"

ويبلغ عدد المحتجزين في مخيمين تحت إشراف قوات سوريا الديمقراطية 13,500 امرأة وطفل من عائلات مرتبطة بتنظيم الدولة بمن فيهم 1000 أوروبي- جيتي
ويبلغ عدد المحتجزين في مخيمين تحت إشراف قوات سوريا الديمقراطية 13,500 امرأة وطفل من عائلات مرتبطة بتنظيم الدولة بمن فيهم 1000 أوروبي- جيتي

نشرت صحيفة "التايمز" البريطانية تقريرا لمراسلها أنطوني لويد، ترجمته "عربي21"، تحدث فيه عن الظروف البائسة لمعتقلات تنظيم الدولة في مخيمي الهول والروج في سوريا، معتبرا أنهما أصبحا مكانا لتفريخ المتشددين، على حد وصفه.

وقال إن الأطفال الذين يمرضون ويموتون يدفنون في مقابر حفرت على عجل خارج المحيط المسيج للمخيم المليء بالالتهابات وسوء التغذية الحاد والإسهال المزمن.

وبعض هؤلاء الموتى يدفنون في قبور بدون شاهد بينهم أطفال أوروبيون وآسيويون وعرب وأفارقة في سهل بالحسكة.

ويصف من هم بداخل المخيم المسيج بالقول: "أجسادهم هزيلة وشعرهم أشعث وعيونهم لامعة وبشرتهم جافة بسبب سوء التغذية وعدم توفر الخضروات والفواكه في وجبات الطعام. وفي غياب التعليم هناك مناخ من العنف، وتقوم مجموعات الأطفال بمحاربة بعضها البعض وإلقاء الحجارة على الحرس للتسلية".

 أما الأطفال الكبار الذين انغرس فيهم الحقد بسبب دراستهم بمدارس تنظيم الدولة فيهاجمون الشباب مع حدوث حالات من العنف الجنسي في بعض الأحيان. ولو ضبطوا متلبسين بالجريمة فيضربون عقابا لهم بأعمدة حديدية.


وفي هذا المناخ من الفوضى لا مجال للتعليم إلا في النادر ولا وجود للعلاج النفسي من الصدمات أو نزع أفكار التشدد من عقول هذا الجيل الذي ولد في ظل خلافة تنظيم الدولة. وهناك شعور لدى الكبار الذين يتذكرون أوطانهم بحالة الهجرة ويتمنون لو لم يحضروا أبدا إلى سوريا.

 

اقرأ أيضا: حكاية طفل أمريكي أجبره تنظيم الدولة على تهديد ترامب

وقال طفل فرنسي عمره 13 عاما: "لم أطلب الحضور إلى هنا ولم أكن أريد أن أكون هنا"، وأضاف: "أريد العودة إلى باريس إلى جدتي ولعب كرة القدم لكن بلادنا لا تسمح لنا بالعودة".

ويعلق لويد أن هؤلاء الأطفال تخلت عنهم بلدانهم مع أنهم لم يرتكبوا جريمة وتركتهم في مخيم اعتقال بشمال شرق سوريا. وبات مصير الأطفال وأمهاتهم محل انتقاد للسياسات البريطانية والأوروبية التي طُبقت على المواطنين الذين سافروا إلى أماكن سيطرة تنظيم الدولة.

وناشد القادة البارزون في التحالف الدولي ضد تنظيم الدولة ومسؤولون في وزارة العدل الأمريكية والسلطات الكردية التي تدير المخيمات ومنظمات حقوق الإنسان وجماعات الإغاثة بريطانيا والدول الأوروبية السماح لهؤلاء بالعودة إلى بلدانهم، وحذروا من أن بقاء المخيمات ستظل مصدرا لقوة تنظيم الدولة وليس احتواء لتهديده.

وقال الجنرال فرانك ماكينزي، قائد القيادة المركزية في الشرق الأوسط: "حتى يعود هؤلاء ويندمجوا من جديد في مجتمعات بلدانهم، فإننا نخزن لأنفسنا مشكلة استراتيجية لعشرة أعوام من الآن عندما يكبر هؤلاء الأطفال في ظل التشدد". وأضاف: "لو لم نعالج هذا الآن فلن نكون قادرين على هزيمة تنظيم الدولة".

ويبلغ عدد المحتجزين في مخيمين تحت إشراف قوات سوريا الديمقراطية 13,500 امرأة وطفل من عائلات مرتبطة بتنظيم الدولة بمن فيهم 1000 أوروبي، ومنذ سقوط آخر معقل لتنظيم الدولة في آذار/مارس 2019 في باغوز تم وضع عائلات المقاتلين والأسرى في مخيم الهول والروج.

ومن بين هؤلاء 8000 طفل تحت سن الخامسة من العمر. وفي مخيم الهول هناك 65,000 امرأة وطفل بمن فيهم أطفال سوريون وعراقيون. وتوفي فيه 371 طفلا العام الماضي. وتوفي 80 طفلا في الأشهر الثمانية الأولى من هذا العام وحتى قبل بداية موسم الشتاء.


ووجد تنظيم الدولة في الظروف البائسة لسكان المخيمين فرصة دعائية للتجنيد وإمكانية إعادة بناء قاعدته من الجيل الذي تخلت عنه بلدانه.

 وبعد دارستهم دعايات ينشرها تنظيم الدولة، تقول مولي إلينبرغ، الباحثة في مركز العنف المتطرف بأمريكا: "يصور تنظيم الدولة المخيمات في سوريا على أنها مراكز اضطهاد لأسر الأطفال والنساء، وهو ما استخدموه في دعايتهم طوال الوقت: المؤمنون أسرى ومضطهدون وبحاجة لمن ينقذهم. وتحصل المنشورات على متابعة لأن قضية المخيمات أهم من تنظيم الدولة نفسه".

 ووصفت الأمم المتحدة الأوضاع في المخيمات بـ "غير الإنسانية".

ودعت منظمة "رايتس أند سيكوريتي انترناشونال" إلى عودة سريعة للأطفال والنساء إلى بلدانهم التي جاؤوا منها.

 

اقرأ أيضا: تنظيم الدولة يتبنى هجوم فيينا وينشر صورة "المنفذ" (شاهد)

واتهمت المنظمة الحكومة البريطانية والدول الأوروبية بخلق "غوانتانامو أوروبي" في المخيمين حيث يعتقل الأطفال والنساء من بريطانيا بدعم من تنظيم الدولة بدون توجيه اتهامات.

 ولاحظ التقرير أن عدد الأطفال الأوروبيين المحتجزين في "الهول" و"الروج" هو أعلى من عدد المعتقلين الكبار في معسكر غوانتانامو الأمريكي في ذروته، وأن معظم هؤلاء الأطفال تحت سن الخامسة وبدون حقوق قانونية ويعانون من ظروف مريعة.

 وقالت ياسمين أحمد المديرة التنفيذية لرايتس أند سيكوريتي إنترناشونال: "هذا غوانتانامو أوروبي، ولكن للأطفال، وهذا لا يصدق في ظل شجب بريطانيا لمعسكر غوانتانامو، ولكنها وقفت متفرجة الآن وتركت الأطفال يموتون".

وفي ظل غياب التعليم وبرامج نزع التشدد أو معرفة بالعالم المحيط بهم فمستقبل الأطفال الذين يعيشون المرض والحرمان والقذارة والعنف يؤشر لاتجاه واحد وهو: "وقود للتطرف غدا"، كما قالت ياسمين أحمد.

ويظل عدد الأطفال البريطانيين وأمهاتهم في المخيم قليلا. وبحسب الأرقام التي جمعتها الصحيفة ومنظمات الإغاثة فهناك 35 طفلا و15 امرأة في الهول بالإضافة إلى تسعة رجال بريطانيين معتقلون في الحسكة.

لكن الحكومة البريطانية متمسكة بمدخلها "غير المتسامح" مع التطرف والإرهاب والذي بدا من خلال رفضها عودة شميما بيغوم، 21 عاما، وتجريد من ذهب إلى تنظيم الدولة في سوريا والعراق من جنسياتهم.

لكن الأدلة على الأرض تظهر عدم نجاعة السياسة البريطانية والأوروبية التي ترفض التعامل مع قضايا الأطفال والنساء المحبوسين في الخارج. فهي سياسة تقوض الأمن القومي ولا تعززه، نظرا للدور الذي بات يمثله هؤلاء في ولادة تنظيم الدولة من جديد، بحسب التايمز.

ونقل الكاتب عن مسؤول في مناطق الأكراد قوله: "لا مصادر لدينا لكي نسيطر على ما يحدث في الهول"، وأضاف: "ارتكبت المجتمعات الأوروبية خطأ فادحا بالتخلي عن النساء والأطفال وتركهم هناك".

وأفاد بأن "هؤلاء الأطفال هم ضحايا لم يقترفوا جرما ولكنهم تركوا ليواجهوا الحرمان ولقنوا على الانتقام والظلم والحقد".

وأعادت بريطانيا عددا قليلا من المحتجزين البريطانيين في المخيمين، حيث تعللت الحكومة البريطانية بخطورة إرسال فرق إلى سوريا. وهو زعم أثار دهشة الأمريكيين نظرا لوجود القوات البريطانية الخاصة والمخابرات في التحالف ضد تنظيم الدولة وتشارك في المهام مع قوات سوريا الديمقراطية.

وكان عناصر القوات الخاصة البريطانية بارزين في معسكر "روج" إلى جانب قوات سوريا الديمقراطية، وفقا للصحيفة البريطانية.

ويزور ضباط المخابرات السويدية والفرنسية والألمانية المخيم للتحقيق مع المعتقلين. ويقوم مسؤولو وزارة العدل الأمريكية الذين أعادوا 27 مواطنا أمريكيا بمن فيهم 15 طفلا بنقلهم على طائرات بشكل مباشر من سوريا. ووجهت اتهامات لعشرة كبار بمن فيهم امرأة.

وقال النائب العام للأمن القومي جون ديمرز في تصريحات للتايمز: "أعتقد أن مسؤوليتنا الأخلاقية تقتضي نقل مواطنينا الذين ذهبوا وانضموا لتنظيم الدولة"، مضيفا: "من يمثلون تهديدا فيجب تحييدهم. ومن لا يمثلون مثل الأطفال فيجب إعادتهم إلى مكان يمكنهم التأقلم مع الديمقراطية الليبرالية. وتركهم في المخيم سيعرضهم لتشدد مستمر".

وأشرف ديمرز على إعادة المواطنين الأمريكيين وتوجيه تهم لكل من ألكسندر كوتي والشفيع الشيخ عضوي مجموعة "البيتلز" في تنظيم الدولة.

وقال: "نحن مستعدون للتعاون مع الأوروبيين الذين يريدون استعادة مواطنيهم".

ولتخفيف الضغط على "الهول" نقلت عائلات وأطفال إلى مخيم "الروج" الذي يحتجز فيه 4,000 طفل وامرأة وأفرج عن عائلات سورية بعد إصدار عفو بحقهم. لكن المخيم يعاني من نفس مشاكل الهول، من ناحية سوء التغذية وانتشار المرض وغياب العناية النفسية.

ويقوم بعض السجناء من جنسيات أخرى باستخدام نظام الحوالة للحصول على الخضروات والفواكه لمنع سوء التغذية.


لكن عائلات الأوروبيين ستواجه تهما بمساعدة الإرهاب بموجب قوانين الإرهاب لو أرسلوا المال إلى أبنائهم.

وقالت سونيا كوش من "سيف ذا تشيلدرن": "الكثير من البريطانيات لا يحصلن على الحوالة".

وتابعت: "أعرف امرأة بريطانية توفر ما يكفي لشراء حبة تفاح وتقسمها لخمسة أجزاء بينها وأولادها. وامرأة من لندن تقسم حبة تفاح لأن عائلتها تخشى من إرسال المال لها".

لكن الصحيفة تشير إلى أن معظم المطلوبين من السلطات هربوا من "الهول أو الروج" كما هو الشأن في حالة حياة بومدين التي تعاونت مع أحميدو كوليبالي في تفجيرات باريس عام 2015 والتي هربت مع 13 جهادية فرنسية.

ولا زالت السلطات السويدية تبحث عن فاتحة ميجاتي أو الأرملة السوداء التي هربت العام الماضي.

 

وهربت 750 امرأة وطفلا من ضمنهم فرنسيات وألمانيات وبلجيكيات من مخيم ثالث في عين عيسى.

التعليقات (0)