حقوق وحريات

MEE: عائلة ريجيني حولت قضية ابنها للدفاع عن حقوق الإنسان بمصر

كان تصميم عائلة ريجيني على تحقيق العدالة لابنها لا تراجع عنه ما أحبط مخططات القاهرة
كان تصميم عائلة ريجيني على تحقيق العدالة لابنها لا تراجع عنه ما أحبط مخططات القاهرة

قال موقع "ميدل إيست آي" البريطاني إن عائلة الطالب الإيطالي جوليو ريجيني حولت قضيته للدفاع عن حقوق الإنسان في مصر. مضيفة أن محاكمة قتلة الطالب قد تصبح محاكمة لنظام عبد الفتاح السيسي.

وقال الموقع في مقال للصحفية الإيطالية باربرا بيبو، ترجمته "عربي21" إن أربعة رجال أمن بمن فيهم جنرال سابق سيحاكمون غيابيا في إيطاليا بتهمة اختطاف وتعذيب وقتل ريجيني (28 عاما) بعد خمسة أعوام من التحقيقات المعقدة.

وقال المدعي العام في روما ميشيل بريتسيبنو إن فريقه جمع أدلة وشهادات "قاطعة ومهمة" قادت إلى توجيه تهم إلى الضباط رغم غياب التعاون من القاهرة. وفي الوقت الذي منح فيه المتهمون فرصة أسابيع للرد على الاتهامات الموجهة ضدهم وهو ما لم يحصل لأن القاهرة رفضت توفير عناوينهم للقضاء الإيطالي، إلا أن هذا لن يمنع روما من تنظيم محاكمة لهم غيابيا كما أخبر المدعون نواب البرلمان الإيطالي.

وقالت باولا ريجيني والدة الضحية: "لن يمنعنا شيء"، مضيفة أن "معركة عائلتنا أصبحت معركة لحقوق الإنسان وجوليو كان مرآة للانتهاكات التي ارتكبت يوميا في مصر".

وكان ريجيني يعمل على بحث حول النقابات العمالية في مصر عندما اختفى في 25 كانون الثاني/ يناير 2016 يوم الذكرى الخامسة للثورة المصرية التي أطاحت بنظام الديكتاتور حسني مبارك. وعثر على جثته بعد أسبوع نصف عارية وبعظام مكسرة وحروق وكدمات في كل جسده، وكانت مشوهة لدرجة لم تستطع والدته التعرف عليه إلا من طرف أنفه.

ويعتقد المحققون الإيطاليون أن الأمن المصري اعتقد خطأ أن ريجيني كان جاسوسا ومات تحت التعذيب بعد أيام من اختطافه.

وطالب والدا ريجيني الحكومة الإيطالية مرارا باستدعاء سفيرها من القاهرة ووقف صفقات السلاح للنظام المصري، ولكن مطالبهما قوبلت بالصمت من وزير الخارجية لويجي دي مياو.

وقالت محامية العائلة أليساندرا باليريني: "آخر مرة تحدثنا فيها مع الوزير عندما وعد بأنه ستكون هناك عواقب لعدم تعاون مصر ولكن لا شيء حدث". وعلى العكس زادت إيطاليا من صفقات السلاح إلى مصر في السنوات الأخيرة. وفي 2018 وصلت مشتريات مصر من السلاح الإيطالي إلى 77 مليون دولار وأعلى من السنوات الماضية. وفي هذا العام تفاوضت مع إيطاليا لشراء فرقاطتين عسكريتين بـ 1.3 مليار دولار.

ومن المستبعد أن تعرّض الحكومة الإيطالية للخطر العلاقات مع القيادة المصرية والتي لا تشتمل على صفقات السلاح ولكن إدارة حقل للغاز الطبيعي ومنع تدفق المهاجرين غير الشرعيين.

وتعتبر إيطاليا من أكبر شركاء مصر التجاريين وتقوم شركة "إيني" الإيطالية بإدارة حقل ظهر للغاز الطبيعي.

وتعي الحكومة الإيطالية أنها غير قادرة وحدها على ممارسة الضغوط على مصر في مجال حقوق الإنسان بدون أن تعرض مصالحها الاقتصادية للخطر. وبدون موقف أوروبي مشترك فروما ليست مستعدة للتخلي عن مصالحها باسم حقوق الإنسان، لكي تخلي المكان لغيرها من الدول الراغبة بالتعامل مع مصر مثل فرنسا.

وقال رئيس مجلس النواب روبرتو فيكو إن "حالة ريجيني تعكس الضعف الأوروبي عندما يتعلق الأمر بموقف مشترك في مجالات مثل حقوق الإنسان"، مضيفا: "لو كان هناك موقف مشترك بين فرنسا وإيطاليا لحلت هذه المشكلة منذ وقت طويل". ولكن فرنسا قامت بمنح السيسي أعلى وسام في البلاد وذلك في حفلة خاصة مع الرئيس الفرنسي.

وخلال زيارة السيسي كان الرئيس إيمانويل ماكرون واضحا بأنه غير مستعد لربط أمور الدفاع بحقوق الإنسان مما أثار غضبا وسط الناشطين في حقوق الإنسان حول العالم.

وقال أحمد مفرح مدير لجنة العدالة من أجل حقوق الإنسان في جنيف: "نجح النظام في استخدام موضوعات مثل الاستثمار واللاجئين والإرهاب والنزاع الليبي لإحباط أي محاولات ظروف حقوق الإنسان"، وأضاف: "غياب الضغط من الاتحاد الأوروبي والبيت الأبيض منح نظام السيسي الضوء الأخضر لمواصلة القمع".

وأفرجت السلطات المصرية قبل زيارة السيسي لباريس عن ثلاثة ناشطين في مجال حقوق الإنسان، وعلى ما يبدو لتخفيف النقد في أثناء زيارة السيسي لفرنسا. لكن هناك أسئلة تثار حول مستوى سيطرة السيسي على أجهزة الأمن التي أدى سوء إدارتها لقضية ريجيني لخلق كابوس علاقات عامة للنظام المصري وحلفائه الأوروبيين. وقال يزيد صايغ، من مركز كارنيغي الشرق الأوسط ببيروت: "يملك السيسي سلطة مهمة ولكنه ليس حرا بالكامل في ما يتعلق ببقية القطاعات الرسمية داخل ائتلاف الحكومة، وبخاصة القوات المسلحة ووزارة الداخلية والقضاء"، وأضاف: "بالتأكيد فهو عرضة للخطر من ديناميات الشلل في داخل كل قطاع من هذه القطاعات. فهو يستطيع استخدام التنافس بين الشلل للتحكم بها، وهذا يعني منح كل منها مكافآت حتى يحافظ على الولاء".

وبالإضافة للديناميات الداخلية فعلى السيسي المناورة والحفاظ على تحكمه بمؤسسات الدولة، فهو لا يسمح لنفسه بالظهور بمظهر من يستجيب لطلب قضائي من حكومة أجنبية. خاصة أنه كما يقول صايغ: "لا يواجه تهديدات بالعقوبات أو أي نوع من الجزاء البعيد".

ويرى مفرح أن محاكمة الضباط المصريين سيكون لها بعد رمزي لآلاف المصريين والمدافعين عن حقوق الإنسان والضحايا والسجناء القابعين في سجون القاهرة، وقال: "نأمل أن تتحول المحاكمة لمحاكمة أجهزة المخابرات التي حصلت على مستويات غير مسبوقة من التهور والإفلات من الحساب في ظل السيسي".

ورصدت لجنة العدالة انتهاكات حقوق الإنسان على يد أجهزة الأمن. وأصدرت هذا الأسبوع تقرير "كلنا جوليو ريجيني" عن أثر قضية الطالب الدولية. وكان تصميم عائلة ريجيني على تحقيق العدالة لابنها لا تراجع عنه. ففي الوقت الذي أملت فيه القاهرة بتلاشي الاهتمام بالقضية لعدم تعاونها مع المحققين الإيطاليين، فقد حدث العكس. فقد زاد تصميم عائلة ريجيني وحولت قضية ابنها لمعركة أوسع من أجل العدالة في مصر. ولو تحققت العدالة لابنها فلربما تحققت ولو بشكل رمزي للسجناء المصريين.

 

اقرأ أيضا: رئيس وزراء إيطاليا: محاكمة قتلة ريجيني ستكشف حقائق صادمة

التعليقات (0)

خبر عاجل