ملفات وتقارير

قرار أمريكي لصالح إثيوبيا.. كيف يؤثر على مفاوضات سد النهضة؟

علقت إدارة ترامب المساعدات الأمريكية إلى إثيوبيا على خلفية تعثر مفاوضات سد النهضة- جيتي
علقت إدارة ترامب المساعدات الأمريكية إلى إثيوبيا على خلفية تعثر مفاوضات سد النهضة- جيتي

في قرار مفاجئ، ألغت إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن قرارا سابقا لسلفه دونالد ترامب، بشأن دعم النظام المصري في قضية سد النهضة، من خلال حجب المساعدات عن أديس أبابا، وفك البيت الأبيض الجمعة الارتباط، الذي كان يقضي بحجبها بسبب النزاع مع القاهرة حول السد الإثيوبي.


ولا يعني القرار، وفق الخارجية الأمريكية، استئناف المساعدات، وقدرها 272 مليون دولار، بل ربط تعليقها بـ"الأوضاع في البلاد"، بدلا من ملف سد النهضة.


ونهاية آب/ أغسطس، علقت إدارة الرئيس الأمريكي، آنذاك، دونالد ترامب، مساعدات بلاده إلى إثيوبيا، على خلفية تعثر المفاوضات بشأن السد مع كل من مصر والسودان، ما أثار حفيظة أديس أبابا.


وجاء القرار الأمريكي حينها ردا على فشل وساطتها بين الدول الثلاث، ورفض إثيوبيا المشاركة في مبادرتها للتوسط في حل الأزمة.


وأعلنت إثيوبيا عزمها المضي قدما في عملية بدء المرحلة الثانية من ملء السد حتى لو لم تتوصل إلى اتفاق بشأنه، في حين تؤكد مصر والسودان على ضرورة التوصل أولا إلى اتفاق ثلاثي حول قواعد ملء السد وتشغيله.


الانحياز الأمريكي


اعتبر عضو اللجنة الوطنية المصرية لدراسة آثار سد النهضة الإثيوبي سابقا، محمد محيي الدين، أن القرار الأمريكي بفك الارتباط بين المساعدات لأديس أبابا وتحقيق تقدم في مفاوضات سد النهضة "بأنه، بلا شك، يصب في صالح إثيوبيا، ويعزز موقفها بشكل أو بآخر".


وحول رؤيته لهذا القرار، أكد مستشار البرنامج الإنمائي للأمم بشأن مياه النيل، لـ"عربي21" أن "إدارة الديمقراطيين تختلف عن نظيرتها السابقة، وتحديدا ترامب، وهي أقل ميلا للانحياز للمصالح العربية العامة؛ لأن الديمقراطيين يعتمدون بشكل كبير على أصوات اليهود".

 

اقرأ أيضا: حملة لإسقاط توقيع السيسي على اتفاقية مبادئ سد النهضة


وأعرب عن اعتقاده بأن هذا "القرار لن يساعد في تحقيق انفراجة في مفاوضات سد النهضة، وربما يشجع إثيوبيا على التشبث بموقفها أكثر، وإدارة بايدن لن تنحاز إلى طرف دون الآخر، حتى لو كان الحق مع مصر، وستفضل الحياد في الأزمة".


موقف أمريكي مبكر


وبشأن إلى أي مدى يقوي القرار الأمريكي الموقف الإثيوبي، قال الخبير المصري في هندسة السدود والمياه، الدكتور محمد حافظ، إن "القرار يظهر نوايا الحكومة الأمريكية الجديدة تجاه كل من (مصر وإثيوبيا)، وهي رفضها الدخول في نزاع بين الأطراف وإيجاد حل سلمي دبلوماسي لتلك القضية، ويظهر بوضوح إصرار الحكومة الأمريكية على لعب دور الحياد في تلك القضية".


وتابع لـ"عربي21": "واشنطن لا ترى أي انعكاس لهذه القضية على أي من مصالحها في الشرق الأوسط أو مصر تحديدا، كما أن الشعب المصري لم يظهر أصلا اهتماما ذا شأن بخصوص (آثار سد النهضة) على حياته كشعب أو دولة، فلماذا نعتقد أن الحكومة الأمريكية سوف تهتم بمصالح هذا الشعب، إلا إذا استشعر العالم غضب المصريين".

 

اقرأ أيضا: أمريكا تخرج "سد النهضة" من حسابات مساعداتها لإثيوبيا


وإذا ما كان القرار يأتي كورقة ضغط أمريكية على نظام السيسي، أوضح حافظ أنه "يبدو أن بايدن قد بدأ يخلط بين انطباعه الشخصي عن السيسي (ديكتاتور ترامب المفضل) وبين الدولة المصرية كدولة"، مشيرا إلى أن "هذا خلط غير عادل فالدولة المصرية ليست هي السيسي، وهذه الصورة الذهنية السيئة عن السيسي ستظل دائما عائقا ضد أي خطوة إيجابية قد تكون الولايات المتحدة قادرة عليها ولكن تؤجلها أو تلغيها لأنها سوف تفيد السيسي".


قرار يهدر فرص التفاوض


على الجانب السوداني، قال المحلل السياسي والكاتب الصحفي ياسر محجوب الحسين، "لعل الأمر المهم أن إثيوبيا قد قوي موقفها بمرور الوقت وبالتزامن مع تقدم مراحل إنشاء السد حتى إنها وصلت مرحلة الملء الثاني".


وأضاف لـ"عربي21": "ويأتي القرار الأمريكي بدون شك يعزز موقفها من ناحيتين: الأولى دعم الوضع الاقتصادي لا سيما قدرتها على تسديد ديون إنشاء السد ومزيدا من كسب ثقة المانحين والدائنين، والناحية الثانية أن القرار الأمريكي يأتي في سياق دعم وتعضيد موقفها سياسيا، إقليميا ودوليا وبالتالي شعورها بالثقة وهي تخوض مفاوضات السد مع مصر والسودان".


وأكد أن "الولايات المتحدة لا شك لاعب مهم في السياسة الدولية وتأثيرها قوي على مجريات الأحداث، ومن المحتمل أن القرار الأمريكي يشجع أديس على المضي قدما في سياسة شراء الوقت وفرض الأمر الواقع، ما سينعكس على إصرارها تمرير سياستها بشأن فترة الملء الثانية دون وضع أدنى اعتبار لمطالبات السودان ومصر بالاتفاق على برنامج الملء".

التعليقات (0)