سياسة عربية

6 أعوام على "عاصفة الحزم" السعودية باليمن.. عود على بدء؟

اليمن عاد عقودا إلى الوراء وربما أكثر بحسب تقارير دولية- الأناضول
اليمن عاد عقودا إلى الوراء وربما أكثر بحسب تقارير دولية- الأناضول

أطلقت السعودية في مثل هذا اليوم قبل ستة أعوام عملية "عاصفة الحزم"، في اليمن، وأطلقت معها وعودا بإنهاء "الانقلاب الحوثي على الشرعية"، خلال مدة زمنية قصيرة.

 

إلا أن "العملية الخاطفة" لم تكن كذلك، وعمقت أزمة البلد المضطرب أصلا، وفاقمت الفاتورة الإنسانية، بحسب تأكيدات منظمات دولية، بينها الأمم المتحدة.

 

وبعد ست سنوات، وعلى وقع ضغوط حوثية ميدانيا، وأخرى أمريكية سياسيا ولوجيستيا؛ أعلنت الرياض عن مبادرة للسلام، تشمل وقف إطلاق النار في أنحاء البلاد تحت إشراف الأمم المتحدة.

 

وفي حين أن "السلام"، إن تم التوصل إليه بين الجانبين، سيعيد المسار السياسي والعسكري إلى نقطة البداية تقريبا، فإن الدولة اليمنية عادت عقودا إلى الوراء وربما أكثر، جراء الحرب الطاحنة وآلاف الغارات الجوية، وما رافق كل ذلك من تعميق لنزعات انفصالية؛ بحسب ما أكدته تقارير دولية وحتى في مجلس الأمن.

 

ووفق تصريح لوزير الخارجية السعودي، فيصل بن فرحان بن عبد الله، الاثنين؛ فإن "التحالف بقيادة السعودية سيخفف حصار ميناء الحديدة، وستذهب إيرادات الضرائب من الميناء إلى حساب مصرفي مشترك في البنك المركزي".

 

وقال ابن فرحان: "نأمل في استجابة الحوثيين لمبادرتنا صونا للدماء اليمنية وإتاحة الفرصة للحل السياسي".

 

ولا تتضمن المبادرة تحقيق أي من الأهداف المعلنة للحرب السعودية في اليمن، وتمثل عودة إلى نقطة الصفر، إلا أن الجماعة المحسوبة على إيران، رغم كل ذلك، لم تقبل بها.

 

اقرأ أيضا: محللون: مبادرة السعودية بضغط أمريكي والحوثي لن تستجيب

 

وفي أول رد من جماعة الحوثي، قال كبير مفاوضيها، محمد عبد السلام الحوثي، في حديث لوكالة "رويترز"، إن هذه الخطة "لا تتضمن شيئا جديدا"، وإن المملكة "جزء من الحرب، ويجب أن تنهي الحصار الجوي والبحري على اليمن فورا".

لكن الحوثي استدرك بالقول إن "أنصار الله" ستواصل الحديث مع السعودية وسلطنة عمان والولايات المتحدة للتوصل إلى اتفاق سلام.

فاتورة إنسانية باهظة


وقتلت آلة الحرب نحو تسعة آلاف مدني في اليمن، بحسب "مشروع بيانات اليمن"، فضلا عن عشرات آلاف المسلحين، بجانب ضحايا الأمراض والأوبئة والجوع وغياب الرعاية الصحية.

 

ووفق البيانات، التي اطلعت عليها "عربي21"، فقد نفذت السعودية أكثر من 22 ألفا و700 غارة جوية، استهدفت أكثر من ستة آلاف و600 منها مواقع مدنية، بشكل مؤكد، فيما لم يتم التحقق تماما بشأن ثمانية آلاف و600 موقع.

 

وشملت الأهداف المدنية آلاف المنازل والمزارع والبنى التحتية والمتاجر والمباني الحكومية، فضلا عن 244 مدرسة و39 جامعة، و51 مسجدا، و60 موقعا رياضيا، و52 قاربا مدنيا، حمل بعضها مهاجرين في عرض البحر.

 

 


وبحسب تقرير لمنظمة "هيومن رايتس ووتش"، فإن اليمن لا يزال يواجه أكبر أزمة إنسانية في العالم.

 

ويشهد البلد العربي أسوأ أزمة أمن غذائي في العالم مع احتياج 20.1 مليون شخص -حوالي ثلثي السكان- إلى مساعدات غذائية في بداية 2020.

 

وارتكبت جميع أطراف النزاع المسلح في اليمن انتهاكات جسيمة لقوانين الحرب، وفق التقرير؛ قد يرقى الكثير منها إلى جرائم حرب من مسؤولين.

 

ونفّذ التحالف بقيادة السعودية والحوثيين هجمات غير قانونية على مراكز الاحتجاز، وقتلوا وجرحوا المحتجزين.


وبحسب التقرير، فقد واصل الجانبان أيضا إطلاق قذائف الهاون والصواريخ، وغيرها من القذائف بشكل عشوائي على مناطق مكتظة بالسكان بما فيها مأرب وتعز والحُديدة.

 

اقرأ أيضا: تقرير حقوقي: هذه مسؤولية الإمارات عن الانتهاكات باليمن

 

ميدانيا

 

وتحل الذكرى السادسة لانطلاق "العاصفة" بمشهد ميداني ضعيف للسعودية، إذ يواصل الحوثيون هجومهم العنيف على مأرب، كما أنهم يواصلون شن ضرباتهم في عمق المملكة حتى باتت نهجا معتادا.

 

وضعف التحالف الذي تقوده السعودية، إذ خرجت قطر في البدايات جراء الأزمة الخليجية، وباتت طبيعة مشاركة السودان محل شك.

 

 

 

والإمارات أيضا، رغم التحالف الوطيد الذي جمعها بالمملكة، فقد استقلت بمشروعها الخاص في اليمن، وعملت على إنشاء قوى موالية لها، وسط اتهامات لها من الحكومة اليمنية الشرعية بـ"محاولة احتلال" مناطق من البلاد، أو إعادة تقسيمها إلى شمال وجنوب.

 

والعام الماضي، انسحبت أبوظبي أخيرا، تاركة وراءها قوى موالية لها في الجنوب اليمني، وسط غموض بشأن مدى تواجدها إلى جانب الرياض منذ ذلك الحين في إدارة الملف، وما إذا بقيت في "التحالف" أطراف أخرى مع السعودية.

 

ومع قدوم إدارة الرئيس الأمريكي الجديد، جو بايدن، في 20 كانون الثاني/ يناير الماضي، تعمقت الأزمة بإعلان واشنطن وقف دعم الحرب السعودية في اليمن وتجميد صفقات تسليح مع المملكة، فضلا عن إزالة جماعة الحوثي من قوائم "الإرهاب"، مرورا بالتوتر الشديد مع شخص ولي العهد، محمد بن سلمان، على خلفية "تقرير خاشقجي"، وصولا إلى الدعوة إلى مفاوضات لإنهاء الحرب، دون منح الرياض أي انتصار، بعد ستة أعوام من الحرب.

التعليقات (0)