طب وصحة

طبيبة: بتنا نختار بالأولوية من ننقذ حياته من كورونا بالعراق

العراق تعد من الدول العربية المتقدمة بعدد الإصابات بفيروس كورونا- جيتي
العراق تعد من الدول العربية المتقدمة بعدد الإصابات بفيروس كورونا- جيتي

وصلت حالة الحرج في مستشفيات العراق جراء تفشي فيروس كورونا، لمرحلة بات فيها الأطباء مضطرين للتفاضل بين إنقاذ مريض وترك آخر يصارع الموت، بسبب اكتظاظ أسرة العناية المركزة وعدم توفر أجهزة الأوكسجين في المستشفيات.


وكشفت الطبيبة العراقية "أوريلي غودارد"، المسؤولة عن العناية المركزة في منظمة أطباء بلا حدود، في أحد مشافي بغداد، عن مقدار القسوة التي آلت إليها الأوضاع الطبية في العراق بسبب جائحة كورونا، مع تجاوز عدد الإصابات حاجز المليون.

وفي رسالة منها وصلت إلى موقع "الحرة"، عبرت غودارد، عن الحيرة التي عاشتها أمام خيارات "أُجبرت" على اتخاذها لمحاولة إنقاذ من هم أصغر سنا بين المصابين بعدوى فيروس كورونا المستجد في أحد المستشفيات العراقية، لقاء ترك آخرين لمواجهة الموت

وقالت غودارد؛ إن الأسرّة في المستشفى وصلت الحد الأعلى من طاقتها الاستيعابية، كما أكدت أن تلافي الأزمة كان ممكنا لو حصل المرضى على اللقاح المضاد.

وفي رسالتها عبرت غودارد عن قلقها بشأن من تنقذ أولا من مرضى المستشفى الذي تعمل به في بغداد، وتقول: "نحن الآن نختار من نُخرج من غرفة الطوارئ، فلدينا على الدوام ما بين ستة إلى عشرة أشخاص على أجهزة (ضغط المجرى الهوائي الإيجابي)، وهو نوع من أجهزة التنفس (..) في قسم الطوارئ، بانتظار أن يفرغ سرير في وحدتنا الممتلئة بشكل دائم".

وأضافت أنه "هناك دائما ما لا يقل عن ستة أشخاص بانتظار سرير، وليس عندي مكان آخر أرسلهم إليه".

وبحسب وصف غودارد، فإن الطبيب بالتالي يجد نفسه "مضطرا للاختيار". وتتابع "هي ليست كلمة لطيفة، لكن ذلك ما نفعله. تكون أُسر المرضى بجانب السرير، وهم يرونك تأخذ مريضا آخر إلى الوحدة وقد وصل بعدهم.

 

لكنهم يفهمون جيدا أننا إذ لم نأخذ المريض خاصتهم، فذلك ربما لأننا لا نعتقد أنهم سينجون. ليس أمامي خيار آخر؛ لأني لن آخذ امرأة مسنة في السابعة والسبعين من العمر وأترك رجلا في الأربعين من عمره على النقالة".

وتعبّر غودارد عن حالة من الحيرة المؤلمة المرافقة للحاجة الملحة إلى التصرف لكل من يقف في مكانها، وتقول: "لكني لا أعرف دائما من آخذ. أول أمس، كان لدينا امرأة في الثالثة والثلاثين، كانت قد أُدخلت المستشفى وهي حامل. عندما وصلت كان الجنين ميتا؛ لأنه كان لديها نقص كبير في الأكسجين. وتوفيت المرأة في أقل من 24 ساعة، بالرغم من أننا أدخلناها مباشرة، إذ لم تُمض في غرفة الطوارئ سوى خمس دقائق".

وبينما تجاوزت الإصابات بالعراق حاجز المليون، رصدت البلاد ما لا يقل عن 15098 وفاة على أراضيها بسبب المرض، وفقا للأرقام الرسمية.

وتلفت غودارد في رسالتها إلى حالة تعود لامرأة أخرى كانت تنتظر لسبعة أيام في قسم الطوارئ، "وقد أدخلتها إلى اليوم إلى الوحدة لأنها بدأت تتحسن، "كان هناك آخرون قد أُدخلوا قبلها لأنها في السادسة والستين من العمر، اعتقدت أنها ستموت في بضعة أيام. كان لديها خطّا أكسجين متصلان بكمامتها، وكانت متصلة بجهاز (ضغط المجرى الهوائي الإيجابي) على مدار 24 ساعة في اليوم، لذلك تظن أنها لن تعيش ليوم آخر". 

وتتابع "في اليوم التالي كانت مازالت على قيد الحياة ووضعها يتحسن. ثم مضت 24 ساعة أخرى، ووضعها يتحسن أكثر. أما الآن فهي ليست على ما يرام، لكني أعتقد أنها ستنجو".

وتقول وزارة الصحة العراقية؛ إنها تجري ما لا يقل عن 40 ألف فحص للكشف عن الإصابة بكورونا يوميا.

وعبرت غودارد عن صعوبة ما شهدته، لا سيما وأن بعض ضحايا الوباء كانوا لا يزالون في سن الشباب، حيث كان هناك خلال فترة خدمتها بالمستشفى أشخاص بعمر 19، و21، و33، وقد توفوا. "وحينها كان أصغر شخص في الوحدة فتاة عمرها 17 عاما، وهي على جهاز (ضغط المجرى الهوائي الإيجابي). في السابعة عشر من العمر!".

وتشدد غودارد على أنه من الصعب حقا ألّا "تختار" المريض المناسب، و"ألّا تعرف من حقا لديه فرصة، ومن ثم لمن عليك أن تقدم وقتا وطاقة".


وتصف غودارد الطريقة التي يكافح فيها بعض المرضى لسحب أنفاسهم، وتصفها بأنها "كما لو أنك بلعت بعض الماء وأنت تعوم في المسبح. تخيل أن تعيش بذلك الوضع لمدة أسبوع كامل – أو حتى أكثر لدى بعض الناس". 

وتصف الطبيبة الحالة التي باتت بعض العائلات تعيشها بسبب مرض ذويهم، وقالت: "أما الأسر الجالسة بجانب السرير، فيكونون مشدوهين إلى الرقم الدال على مدى تشبع أحبائهم بالأكسجين. تنظرُ للرقم وتعلم أن الأمر لا يسير على مايرام عندما ينخفض". 

وتتابع: "مع ذلك، ترى في أعينهم في الوقت ذاته الكثير من القلق والكثير من الأمل عندما يُرونك صورة أخذوها خلال الليل عندما وصل الرقم إلى 95 أو 97، وهم سعداء جدا، وأنت تعلم أن تلك الإشارة قد تكون مجرد إشارة خاطئة!".

ووفقا لغودارد، فإن كل مريض يستهلك "40 لترا من الأكسجين في الدقيقة وسطيا، وهي كمية كبيرة. ونقوم يوميا بإعادة ملء خزانات الأكسجين السائل في المستشفى التي تتسع لـ 4,000 ليتر".

وتؤكد غودارد أن ما شهدته لا يعدّ سوى جزءا بسيطا من جائحة، باتت تعصف ببلد قطاعه الصحي منهك.


اقرأ أيضا : مخاوف من طفرة كورونا بالهند.. اكتظاظ بالمقابر ومحارق الجثث


وتردف أن "الأمر صادم حقا، والناس الذين يموتون الآن هم من كان يمكننا أن نحول دون موتهم باللقاح. وما يثير الغضب أكثر هو رؤية شباب يموتون من شيء، كان يجب أن يكون تحت السيطرة من خلال اللقاح، جزئيا على الأقل".

 

في السياق، توفي الخميس، البرلماني الثالث في مجلس النواب العراقي جراء إصابته بفيروس كورونا المستجد "كوفيد-19".

وذكرت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، أن رئيس كتلة ائتلاف دولة القانون بالبرلمان عدنان الأسدي، توفي متأثرا بإصابته بفيروس كورونا.

ويتزعم الائتلاف رئيس الوزراء العراقي السابق نوري المالكي، ولدى كتلته البرلمانية 26 مقعدا بمجلس النواب، من أصل 329.

وتوفي نائبان عراقيان في وقت سابق إثر إصابتهما بفيروس كورونا، هما النائب عن تحالف الفتح حسن الزهيري، الذي توفي في تشرين الثاني/ نوفمبر الماضي، والنائبة غيداء كمبش عن كتلة تحالف القوى العراقية، التي توفيت في تموز/ يوليو الماضي.

 
التعليقات (0)
الأكثر قراءة اليوم