حقوق وحريات

إحصائيات وأرقام صادمة عن أحكام الإعدام في مصر منذ الانقلاب

حقوقي: السيسي نجح بفرض سيطرته على سلطات ومؤسسات الدولة الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية كافة
حقوقي: السيسي نجح بفرض سيطرته على سلطات ومؤسسات الدولة الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية كافة
"استمرار الحكومة المصرية على هذا الحال، يُنذر بأن تكون مصر منافسا قويا على الترتيب الأول عالميا بتطبيق عقوبة الإعدام بالعام 2021، وهو أمر أشد خزيا بعدما جاءت الثالثة عالميا بتطبيق أحكام الإعدام بالعام 2020، بعد الصين وإيران".

كانت تلك إحدى فقرات التقرير السنوي لمنظمة العفو الدولية، الصادر في نيسان/ أبريل 2021، الذي حذر من تفاقم أحكام الإعدام في مصر وزيادة وتيرة تنفيذها، مطالبا السلطات بتخفيف تلك الأحكام، التي يتشكك حقوقيون حول تحقيق معايير المحاكمة العادلة للمتهمين خلالها.

ودأبت السلطات المصرية منذ انقلاب قائد الجيش عبدالفتاح السيسي، على أول رئيس منتخب ديمقراطيا منتصف 2013، وحتى 2021، على إصدار مئات أحكام الإعدام بحق قيادات جماعة الإخوان المسلمين وأنصارها.

وخلال الأعوام الماضية من حكم النظام العسكري الحاكم، دعت الكثير من الدول والهيئات الدولية والمؤسسات الحقوقية سلطات الانقلاب لوقف تنفيذ العمل بعقوبة الإعدام، واستبداله بعقوبات مثل السجن مدى الحياة أو العمل بالخدمة العامة، طبقا لقرار الأمم المتحدة في كانون الثاني/ يناير 2018.

ونددت مفوضة الأمم المتحدة السامية لحقوق الإنسان ميشيل باشليت بأحكام الإعدام في مصر، باعتبارها "نتيجة محاكمة غير عادلة" قد تفضي إلى "خطأ جسيم لا رجعة فيه في تطبيق العدالة".

أرقام المحكومين بالإعدام الذين يقبعون خلف السجون في انتظار تنفيذ تلك الأحكام، حولها تضارب كبير، ما دفع منظمة العفو الدولية لاتهام السلطات المصرية في كانون الأول/ ديسمبر 2020، بعدم الشفافية حول أعداد المعتقلين والسجناء المعرضين لتنفيذ حكم الإعدام.

"1565 حكما سياسيا"

لكن، مدير "مركز الشهاب لحقوق الإنسان" الحقوقي المصري خلف بيومي، قال؛ إن إجمالي أحكام الإعدام في قضايا سياسية بالأساس منذ العام 2013، وحتى العام 2021، بلغت (1565) حكما، تم تنفيذ الإعدام في (97) منها بالفعل.

وفي حديثه لـ"عربي21"، أكد بيومي، أن "هناك نحو (81) محكوما بالإعدام، ومنتظر التنفيذ فيهم في أي وقت"، والباقي نحو (1487) منها ما هو حكم نهائي وبات، ومنها ما هو حكم غير نهائي، خاصة مع التوسع في استخدام تلك العقوبة في السنوات الست الأخيرة.

"2013 - 2019"

ووفق إحصائيات "منظمة العفو الدولية"، في الفترة ما بين 2011، وحتى 2016، إلى جانب إحصاء "المبادرة المصرية للحقوق الشخصية"، من 2016 وحتى العام 2019، فإن أحكام الإعدام بشكل عام بجميع مستويات التقاضي الجنائية والسياسية بلغت من 2013 وحتى 2019، نحو 2532 محكوما بالإعدام، تم تنفيذ الحكم في نحو (92) حالة.

عام 2013:

شهد صدور (109) أحكام بالإعدام؛ فيما لم ينفذ خلال العام أي أحكام إعدام، لكن نهاية ذلك العام شهدت تدشين النظام لـ"محاكم الإرهاب" ضمن نظام المحاكم الجنائية، وعيّن لها قضاة مختارون بعناية أمنية، أصدروا لاحقا أحكاما قاسية بالقضايا السياسية.

عام 2014:

ولذا؛ فقد تضاعفت الأحكام لـ5 أضعاف الرقم السابق خلال عام واحد، حيث سجلت محاكم النظام العسكري الحاكم رقما قياسيا بلغ (509) أحكام بالإعدام عام 2014، تم تنفيذ (15) منها بالفعل.

ولأن السيسي أصدر في تشرين الأول/ أكتوبر 2014، قانونا يمنح المحاكم العسكرية حق مقاضاة المدنيين؛ مَثُلَ نحو 15 ألف مدني أمام تلك المحاكم المعروفة بأحكامها القاسية، ما زاد من وتيرة أحكام الإعدام بالعام 2015.

عام 2015:

وبالفعل، على إثر ذلك، تزايدت أحكام الإعدام لتبلغ (530) حكما تم تنفيذ (22) منها في عام 2015، أشهرها في أيار/ مايو بإعدام 6 مصريين في قضية "عرب شركس"، بينما شهد ذلك العام توجه 160 دولة بالعالم بينها دول إسلامية لوقف عقوبة الإعدام.

عام 2016:

شهد انخفاضا ملحوظا في إصدار أحكام الإعدام، إلى نحو (237) حكما، إلا أن وتيرة التنفيذ تصاعدت عن العام السابق لتبلغ (44) منها فعليا، بينها في كانون الأول/ ديسمبر تنفيذ إعدام عادل حبارة في قضية "مذبحة رفح الثانية".

عام 2017:

لترتفع الأحكام أيضا إلى (402) حكم بالعام 2017، حيث تم تنفيذ (35) منها، لتصبح مصر من بين 23 دولة فقط نفذت إعدامات بهذا العام، التي كان من بينها تنفيذ الحكم في 4 أشخاص بقضية "استاد كفر الشيخ" في كانون الثاني/ يناير، وإعدام 15 بقضية "كمين الصفا" في كانون الأول/ ديسمبر.

ولأن محكمة النقض المصرية، قامت بإلغاء الكثير من أحكام الإعدام من محكمة الجنايات بين 2014 و2016، أجرى النظام في نيسان/ أبريل 2017، تعديلات بقانون الإجراءات الجنائية وبقانون الطعن أمام محكمة النقض، بجانب منح السيسي حق تعيين رئيس محكمة النقض.

عام 2018:

ولذلك، فإن العام شهد صعودا كبيرا بأرقام المحكومين بالإعدام من قبل المحاكم المصرية المختلفة، لتصل إلى (717) حكما تم تنفيذ (43) منها.

عام 2019:

وفي شباط/ فبراير 2019، بدا السيسي خلال القمة العربية-الأوروبية في شرم الشيخ مدافعا عن قرارات وأحكام وتنفيذ الإعدام في مصر، حيث قال أمام قادة وزعماء أوربيين؛ إننا نقدر موقفكم من عقوبة الإعدام، لكن أرجو ألا تفرضوه علينا، وأضاف: الإعدامات جزء من "إنسانيتنا" المختلفة عن "إنسانيتكم الأوروبية".

 

تصريح السيسي هذا كان ضوءا أخضر للسلطات القضائية والأمنية لزيادة وتيرة أحكام الإعدام، بل وتنفيذها بلا تردد.


وتم تنفيذ حكم الإعدام خلال كانون الثاني/ يناير 2019، بحق 3 مصريين بقضية "نجل المستشار"، وإعدام 3 في قضية "أحداث كرداسة" في شباط/ فبراير، ثم إعدام 9 في قضية "النائب العام" بالشهر نفسه.

عام 2020:

شهد تشرين الأول/ أكتوبر، تنفيذ أكبر عدد من أحكام الإعدام التي بلغت 53 معتقلا بقضايا مختلفة، منها اثنان بقضية "أحداث مكتبة الإسكندرية"، و10 بقضية "أجناد مصر"، و3 معتقلين بقضية "اقتحام قسم شرطة كرداسة"، والباقي قضايا جنائية.

تقرير منظمة العفو الدولية الصادر في 21 نيسان/ أبريل 2021، رصد وجود زيادة 300 بالمئة بتنفيذ أحكام الإعدام بمصر، راصدا إعدام 107 بينهم 23 سياسيا والباقي جنائيان، وواصفا المحاكمات بأنها بالغة الظلم، وشابتها "اعترافات" قسرية وانتهاكات أخرى.

المنظمة الدولية سجلت زيادة بتنفيذ أحكام الإعدام في 57 شخصا في شهري تشرين الأول/ أكتوبر، وتشرين الثاني/ نوفمبر 2020، بعد محاولة هروب فاشلة من سجن العقرب، قُتل فيها عدد من ضباط الشرطة وسجناء محكوم عليهم بالإعدام.

عام 2021:

شهد إصدار محاكم الجنايات 92 حكما بالإعدام خلال الربع الأول من العام، أغلبها في قضايا جنائية، وقد قامت السلطات بتنفيذ أحكام الإعدام على 37 شخصا في 19 قضية جنائية على الأقل، 2 منهم في قضية سياسية هي "مقتل أمين شرطة" بمحافظة بني سويف.

وفي واقعة أثارت الجدل، نفذت السلطات حكم الإعدام خلال شهر رمضان على 16 معتقلا في القضية المعروفة إعلاميا بقضية "كرداسة"، في نيسان/ أبريل.

وفي14 حزيران/ يونيو 2021, أيّدت محكمة النقض، أحكام الإعدام بحق 12 من بينهم رموز جماعة الإخوان المسلمين، في القضية المعروفة إعلاميا بـ"فض رابعة"، ذلك في الوقت الذي نُفِّذ حكم الإعدام بحق 51 رجلا وامرأة بينهم جنائيان في 2021 حتى الآن.

"هذا مقصد السيسي"

السياسي المصري الدكتور عز الكومي، قال؛ إن "قصد النظام من هذه الأحكام توجيه رسالة للداخل والخارج، وفي الداخل يريد تعزيز قبضته الأمنية لمنع أي محاولة لأي حراك يمكن أن يحدث الفترة القادمة، في ظل الفشل الذريع بملف المياه والاستسلام للجانب الإثيوبي".

وكيل لجنة حقوق الإنسان بمجلس الشورى السابق، أكد بحديثه لـ"عربي21"، أن "الرسالة التي أراد النظام توجيهها للخارج ولأمريكا والغرب، أنني أسحق كل أتباع الإسلام السياسي خاصة جماعة الإخوان المسلمين، وسأفعل ما لم يفعله أي نظام عميل بالمنطقة".

ولفت إلى أن "الغرب مطمئن لهذا النظام الدموي الذي لم يقصر بحماية الكيان الصهيوني وخنق غزة، وتفريغ سيناء من أهلها، وحماية الحدود الجنوبية لأوروبا عبر المتوسط بمنع الهجرة غير الشرعية".

وقال؛ إن "النظام يستخدم أحكام الإعدام والقمع والقهر والتوسع في بناء السجون والمعتقلات وتكميم الأفواه ومنع التظاهر، وغير ذلك من الإجراءات التي يعتبرها كفيلة بحمايته، ربما يكون للتغطية على فشل مفاوضات سد النهضة وما يترتب على هذا الفشل من كوارث".

وأضاف أن "السيسي نجح بفرض سيطرته على سلطات ومؤسسات الدولة الثلاث التنفيذية والقضائية والتشريعية كافة، ثم السيطرة على المؤسسة العسكرية التي حولها لمؤسسة مستأنسة يهيمن عليها بمفرده، فأصبح المهيمن عليها خوفا من مصير مبارك".

وختم حديثه بالقول: "ويمكن وقف أحكام الإعدامات بقرارات عفو رئاسي أو بإلغاء عقوبة الإعدام؛ ولكن لا أظن ذلك النظام يستجيب، ودائما ما يرد على المنظمات الحقوقية الدولية بأن هذه أحكام قضائية، وأنه لا يتدخل بأحكام القضاء".

 

اقرأ أيضا: حقوقي مصري لـ"عربي21": أحكام الإعدام عبثية ووقفها بيد الشعب

 

التعليقات (0)