ملفات وتقارير

كيف استقبلت مدينة محرري جلبوع خطاب أبي عبيدة؟

جاء الخطاب ليشد من أزر الفلسطينيين في ظل حرب نفسية حاول الاحتلال شنها عليهم بعد اعتقال أربعة أسرى هم حرروا أنفسهم
جاء الخطاب ليشد من أزر الفلسطينيين في ظل حرب نفسية حاول الاحتلال شنها عليهم بعد اعتقال أربعة أسرى هم حرروا أنفسهم

رغم مرور يومين على إلقائه؛ فإن خطاب الناطق العسكري باسم كتائب القسام ما زال حديث الشارع الفلسطيني في الضفة الغربية المحتلة خصوصا في مدينة جنين مسقط رأس الأسرى الستة الذين حرروا أنفسهم، والتي شهدت كثيرا من الأحداث خلال الفترة الماضية.

وربما جاء الخطاب ليشد من أزر الفلسطينيين في ظل الحرب النفسية التي يحاول الاحتلال شنها عليهم بعد اعتقال أربعة من الأسرى الذين حرروا أنفسهم عبر حفر نفق في أرضية غرفتهم في سجن جلبوع شمال فلسطين المحتلة.

جنين

خطاب الناطق باسم كتائب القسام كان له تأثير آخر لدى أهالي مدينة جنين التي خصها بتوجيه كلمات تثني على مقاومتها وتحديها للاحتلال.

وترى الناشطة وفاء جرار من جنين زوجة الأسير عبد الجبار جرار، أن تأكيد أبي عبيدة في بيانه أن المقاومة لن تترك الضفة الغربية وجنين القسام وحدها أمام تغول الاحتلال الإسرائيلي عليها، هو ما يعزز ثقة الشعب بمقاومته، ويُشعر أهالي المدينة بأنهم ليسوا وحدهم في مواجهة هذا الاحتلال.

 

اقرأ أيضا: محللون يقرأون تأثير خطاب أبي عبيدة على مفاوضات التبادل

وقالت لـ"عربي21" إن الخطاب جاء في توقيت مناسب ليعيد رفع الروح المعنوية للشعب الفلسطيني بعد أن حاولت المؤسسة الأمنية الإسرائيلية ترميم صورة "فشلها الذريع" بعد اعتقال أربعة من الأسرى الذين حرروا أنفسهم في عملية نفق الحرية، بحسب قولها.

وأكدت أن الخطاب شدد على أن هذه العملية هي عمل بطولي ومشرف ومرغ أنف الاحتلال وهز أمنه ومنظومته الأمنية والاستخباراتية والعسكرية؛ حيث تمت العملية في أكثر السجون تشديدا أمنيا وحراسة دقيقة وهذا يدلل على عدم صوابية مقولة الجيش الذي لا يقهر.

وأضافت:" أكد في خطابه أن أسرى نفق الحرية سيكونون على رأس قائمة الأسرى المحررين في صفقة قريبة للمقاومة وهذا ما يضفي على عملية نفق الحرية طابع البطولة والعمل المشرف، كما أنه أكد وقوف المقاومة خلف الأسرى وأنه لن يسمح للاحتلال بالتفرد بهم وهو ما يقوي من عزيمة أسرانا ويشد على أيديهم بخطواتهم الثابتة نحو بدء إضرابهم الجماعي الذي توضع الخطوط العريضة له حاليا وسيتم تنفيذه بعد فترة قصيرة".

وأشارت إلى أن الخطاب جاء في الوقت الذي خيم فيه الحزن على الفلسطينيين بعد اعتقال أربعة من أسرى نفق الحرية ليؤكد أن المقاومة لن تخذل شعبها وأنها ستسعى لتحرير الأسرى كافة.

بدورها ترى المواطنة فاطمة حامد من رام الله أن الفلسطينيين لم يعهدوا من المقاومة ومن يمثلها سوى الوقوف مع أبناء شعبها في هذه المراحل الحاسمة والأحداث الجوهرية التي تمر بها الذاكرة الفلسطينية والنضال الوطني الفلسطيني.

وقالت لـ"عربي21" إن "المقاومة هي من الشعب والشعب من المقاومة، وإن خطابها جاء كالماء الذي هدأ قليلا من النيران المشتعلة في صدور الأحرار غضبا وحنقا على اعتقال أبطال نفق الحرية".

وأضافت:" هذا هو المتوقع من مقاومة تعرف ما يريده شعبها وتستثمر كل إمكانياتها لتحقيق ما يريده شعبها؛ وهذا هو الفرق الواسع والكبير بين المقاومة من الشعب؛ ومقاومة الشعب وإرادته".

 

معانٍ واضحة

الكاتبة لمى خاطر اعتبرت أن هذا الرجل يتحدث قليلا ويقول كثيرا؛ بمعنى أنه لا يستطرد في إطلالاته الإعلامية التي تكون في فترات متباعدة ومدتها قصيرة، لكنها تحمل الكثير من المعاني المكثفة والواضحة والرسائل المباشرة التي ممكن للإنسان أن يلتقطها مباشرة وبدون عناء.

وأكدت لـ"عربي21" أن الكلمة تضمنت عنصرين مهمين، الأول هو إعادة ضبط بوصلة الأمل والتفاؤل في الشارع الفلسطيني؛ خاصة أن الكثير من الناس أصابتهم خيبة أمل بعد إعادة اعتقال أربعة من الأسرى المتحررين من سجن جلبوع..

وأوضحت أن العنصر الثاني المهم في الخطاب هو التذكير بقضية مهمة تغيب أحيانا عن الناس وإن كان الأصل أن تظل حاضرة؛ أولها أن قيادة المقاومة وكتائب القسام تحديدا حاضرة وموجودة تراقب وترصد المشهد بشكل دقيق وهذا حالها حقيقة خلال السنوات الماضية، على حد قولها.

وأضافت أن إعادة الاعتقال لا تحجب العمل نفسه وقيمته وهو التحرر نفسه وهزيمة المنظومة الإسرائيلية الأمنية والمخابراتية؛ وأنه حتى إعادة اعتقالهم لا تطعن في صورة البطولة وقدر وحجم هذه البطولة وفرادة العمل الذي قاموا به.

وتابعت: "الأمر ليس كفيلا برد الاعتبار للمؤسسة الأمنية بعد الهزيمة التي لحقت بها، والحقيقة الأخرى الهامة التي أكدها الخطاب أن مشروع المقاومة بشكل عام والمقاومة في غزة بشكل خاص وكتائب القسام هي بمثابة جدار ومتكأ لكل المكلومين ولن تتركهم وحدهم خاصة الأسرى الموعودين بحرية قريبة في أي صفقة قادمة".

وأشارت إلى أنه ما دام هناك رصيد للمقاومة فستبقى نافذة الأمل مفتوحة وينبغي لعنصر التفاؤل أن يظل حاضرا لدى عموم الفلسطينيين والأسرى؛ لأن هذه المقاومة لا تتحدث من فراغ بل تستند إلى رصيد حقيقي ولن تترك أي قضية وطنية في مهب الريح؛ بل إن وجودها أصبح عامل ردع للاحتلال يحول بينه وبين التمادي في مختلف أشكال انتهاكاته المتعلقة بالإنسان والأرض.

وتضيف:" هي مقاومة مجربة ونحن حديثو العهد بها حيث نتذكر حيثيات معركة سيف القدس كيف بدأت وكيف كان التهديد بالوقت والساعة مطابقا للفعل الذي حدث فيما بعد؛ فنحن نتحدث عن مقاومة مجربة تتمتع بمصداقية عالية يثق بها الشارع الفلسطيني بالنظر لأفعالها وهي صاحبة فعل مشهود له في سياق المعركة مع الاحتلال وهذا بحد ذاته بث في الشارع جرعة كبيرة من التفاؤل والأمل وأحيا فيه الهمة والعزيمة؛ بحيث أن كل هذه الجراح ينبغي ألا تكون عاملا لتثبيط الشعب بل أن تحثه على المواصلة والإرادة وهذه المعاني كلها متضمنة في الموجز الذي خرج به أبو عبيدة".

منشورات مكثفة

الخطاب الذي أكد أن الأسرى الأربعة سيكونون على رأس أي صفقة تبادل قريبة بين المقاومة والاحتلال؛ حمل معه بشريات عدة تتعلق بالأسرى وتؤكد لأهالي الضفة أنهم ليسوا وحدهم، وهو ما جعل صفحات التواصل الاجتماعي تعج بعبارات الثقة المتبادلة بين الشعب ومقاومته؛ وتعبر عن حالة الارتياح الشديدة التي شعر بها الفلسطينيون بعد هذه الكلمات.

الفلسطينية فداء نصر كتبت على صفحتها عبر "فيسبوك":" ما رأيكم بخطاب أبي عبيدة؟ نحن شعب نحتاج لمن يلملم جروحنا.. أبقوا المعنويات عالية".

أما المواطن يوسف زغلول فكتب منشورا يقول فيه:" إعلان أبي عبيدة بربط أسرى جلبوع بصفقة التبادل المرتقبة هو التقاط وربط ذكي للأحداث، خطوة تستحق الاحترام بجدارة".

أما الناشط المعارض للسلطة فايز السويطي فكتب في منشور له:" ناطق عن ناطق يفرق؛ حسين الشيخ: اعتقال الاحتلال للأسرى الأربعة خارج مناطق السلطة يعفيها من مسؤوليتها، أبو عبيدة: سنجبر السجان أن يفتح لهم أبواب السجن لتحريرهم في صفقة قادمة".

التعليقات (0)