ملفات وتقارير

هل تقف نتائج الانتخابات وراء أحداث ديالى العراقية؟

أحرقت المليشيات نحو 20 منزلا وآلاف الدونمات من الأراضي الزراعية في قرية الإمام- الأناضول
أحرقت المليشيات نحو 20 منزلا وآلاف الدونمات من الأراضي الزراعية في قرية الإمام- الأناضول

أطلقت قوى عراقية تحذيرات من وقوف جهات إقليمية وراء تصاعد الأحداث الأمنية في مدينة ديالى، التي قد تنذر بعودة البلاد إلى مربع "الحرب الطائفية"، وذلك بعد مقتل العشرات وتهجير المئات من الأهالي في المحافظة الشرقية للبلاد والمحاذية لإيران.

توقيت التصعيد الأمني في محافظة ديالى، الذي خلّف خسائر في الأرواح والأموال، يأتي بعد نحو أسبوعين من إجراء الانتخابات البرلمانية المبكرة وإعلان النتائج الأولية، الأمر الذي جعل قوى سياسية تربط ما يجري من أحداث الأمنية بالنتائج الانتخابية المعلنة.

"توجيه إقليمي"

من جهته، رأى الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود البارزاني، أن "الحوادث والمجازر الدموية" التي شهدها قضاء المقدادية في ديالى، هي ردود فعل وتداعيات ما بعد الانتخابات، محذرا من توجيه وتدخل إقليمي لإعادة المحافظة إلى "مربع الطائفية".

وقال مسؤول إعلام مركز الحزب في ديالى شيركو توفيق خلال تصريحات صحفية، الخميس، إن "هجمات ومجازر المقدادية وراءها توجيه إقليمي وسياسي على خلفية تداعيات نتائج الانتخابات ومخطط إقليمي مبرمج لإعادة ديالى إلى الحرب الطائفية ومربع ما قبل 2007".

واعتبر توفيق أن "ما جرى في المقدادية من مجازر وحوادث مؤلمة توجيه إقليمي لإثارة البلبلة والاقتتال الطائفي في ديالى من جديد، خاصة في مناطق المقدادية المختلطة التي عجزت التنظيمات الإرهابية عن اختراقها وتنفيذ هجمات منذ سنوات طويلة".

 

اقرأ أيضا: نزوح جماعي لأهالي قرية بالعراق إثر أعمال عنف "طائفية"

وطالب القيادي في حزب البارزاني الحكومة والأجهزة الأمنية "بضرب مخططات الاقتتال والفتن الطائفية، والحفاظ على التعايش السلمي والمجتمعي بين مكونات ديالى من الشيعة والسنة والكرد؛ لمنع الانزلاق إلى مخططات الطائفية التي تغذيها التدخلات الإقليمية".

وفي السياق ذاته، كتب رئيس حزب "المواطنة" العراقي غيث التميمي على "تويتر"، قائلا إن "عمليات انتقامية ضد مواطنين سنّة في قرية نهر الإمام بديالى؛ ثأرا لشهداء بني تميم، وهذا السلوك لا يمثل سوى المليشيات والإرهاب الداعشي، وهو بعيد كل البعد عن المروءة والشهامة والقانون والدين. الشجاعة هي محاسبة الأحزاب والمليشيات المتحكمة بأمن هذه المحافظة وحكومتها الفاشلة المليشياوية".

 

 

 


توقيت مريب

 
وعلى الصعيد ذاته، قال السياسي العراقي المعارض، أحمد الأبيض، إننا "نبهنا في وقت سابق إلى أن المشهد سيتعقد في العراق بعد الانتخابات، خصوصا إذا شابها التزوير، وهذا ما حصل بالتأكيد، والآن المحور الإيراني يعتقد أن هذه العملية ليست انتخابية، وإنما إقصاء له من المشهد العراقي بالكامل".

وأضاف الأبيض لـ"عربي21" قائلا: "المليشيات التي ينضوي قسم منها تحت الحشد الشعبي تعتقد أنه إذا مضت الانتخابات بهذه النتائج وجرى تشكيل الحكومة، فهي حكومة ضمن محور عربي خليجي مدعوم من إسرائيل، وبالتالي الهدف من الانتخابات هو إقصاء الحشد وحله ثم مطاردة المليشيات".

ولفت السياسي المعارض إلى أن "إيران سوف تعمل على خلق الفوضى؛ حتى لا تخسر نفوذها في العراق، لأن نفوذها يتكون من مسألتين أساسيتين: نفوذ سياسي، وهذا خسرته في الانتخابات الأخيرة، ونفوذ آخر مليشياوي، والذي بدأ يضعف وغير مرغوب به شعبيا نهائيا".

ورأى الأبيض أن "ما حصل في ديالى هي جريمة نكراء بالتأكيد لها أهداف ومسببات وجهات داعمة، وكدليل جنائي حول من قام بذلك لا يوجد. لكن مؤكد أن من يمسك الأرض هو مسؤول عنها، فإن مليشيا بدر وبعض الفصائل هي من تمسك ديالى منذ زمن".  

ولفت إلى أن "التوقيت يثير الشك، لماذا حصلت هذه الأحداث بعد الانتخابات ومضي المفوضية بمسألة العد والفرز والذهاب باتجاه مسألة المصادقة؟ وهذا يعني أن المسار الانتخابي ماض. لكن المسار السياسي لا يزال معطلا، وأقصد به التفاوض على تشكيل الحكومة وما شابه ذلك".

ونوه الأبيض إلى أن "إيران لديها الآن جبهات عدة تقاتل عليها، وهي: التصعيد مع الإسرائيل لأن الأخيرة تريد استهداف برنامجها النووي، وكذلك فشل في مفاوضاتها بفيينا، إضافة إلى خسارة كبيرة في سوريا ولبنان، وأن الجبهة اليمنية أيضا فيها تعقيد بالنسبة للمشهد الإيراني".

 

اقرأ أيضا: 12 قتيلا في هجوم لتنظيم الدولة شرق العراق

وأردف: "أما الملف العراقي، فإن إيران مستفيد من الفوضى، وتريد إحراج الولايات المتحدة قبل أن تشرع إسرائيل في تنفيذ ضرباتها على برنامجها النووي، لذلك إيران تريد القول إن الفوضى ممكن أن تخلق في الشرق الأوسط كله، وليس فقط في العراق. وهذه رسالة على العالم أن يقرأها بوضوح".

وأشار الأبيض إلى أن "المشهد الطائفي ليست إيران فقط مستفيدة منه، وإنما التنظيمات المتطرفة أيضا تعتاش عليه، وهناك بعض الدول تتستر خلف المشروع الطائفي، وتتحدث بشكل آخر، وأن مطلبها الأساسي بقاء العراق ضعيفا تتحكم فيه العصابات الإجرامية والمليشيات، وبالتالي ثروته منهوبة وشعبه مغيّب".

وخلص إلى أن "ما يحصل في ديالى هو بداية نذر حرب طائفية، ويبدو أن تنظيم الدولة الذريعة الأساسية والشماعة التي تعلق عليها كل الجرائم، ولذلك نحتاج أحيانا تحقيقات دولية وليست محلية لعدم الثقة المطلقة- ليس في العناصر الأمنية والتحقيقية- ولكن المؤثرات السياسية أكبر وأعلى من قدرات هؤلاء".

انعكاس النتائج

وفي الجانب ذاته، قال الكاتب والمحلل السياسي العراقي، حسين السبعاوي، لـ"عربي21"، إن "الانتخابات البرلمانية ونتائجها وأثرها انعكست على المناطق في العراق، خصوصا ديالى، لأن الأخيرة عادت فيها الأغلبية للمكون السني، بعدما أصبحوا منذ عام 2010 أقلية في هذه المحافظة".

ورأى السبعاوي أن "عودة الأغلبية هو الشيء الطبيعي للمكون السني في ديالى، بل إنهم يستحقون أكثر من هذا العدد (8 مقاعد)، لأنه في انتخابات 2005 كان المكون الشيعي له مقعدان فقط. لكن وصل إلى 8 وحتى 10 مقاعد بعد عام 2005؛ بفعل التهجير للسكان".

وأضاف: "في حكومتي حيد العبادي، ورئيس الوزراء الحالي مصطفى الكاظمي، حدثت بعض العودة للمهجرين من ديالى، وشارك الناس بهذه الانتخابات في ظل العد والفرز الإلكتروني، فعادت الأغلبية للسنة، لكن إيران وحلفاءها لن يقبلوا بهذا الأمر، فبالتالي بدأت تحرّك حلفائها لإقصاء هذا المكون (السني) من جديد".

وأوضح السبعاوي أن "ديالى منطقة مهمة جدا بالنسبة لإيران بحكم قربها منها، إضافة إلى قربها من بغداد واتصالها أيضا بمدينة سامراء، وأعتقد أن نتائج الانتخابات هي من انعكست على الأوضاع في ديالى، وربما تنتقل إلى مدن أخرى".

 

اقرأ أيضا: خاص عربي21.. اندماج مرتقب لأكبر تحالفين للسنة في العراق

ونوه إلى أن "حلفاء إيران أدركوا خسارتهم في الانتخابات، وأن العد والفرز اليدوي لن يصلوا به إلى ما يريدون، وبالتالي بقي موضوع تسمية رئيس الوزراء المقبل؛ لأن الموضوع ليس أمرا داخليا، ولا يأتي على ضوء نتائج الانتخابات، وإنما العامل الخارجي، وتحديدا أمريكا وإيران، يجب أن يتوافقا على تسميته".

وبيّن أن "التصعيد في ديالى يأتي بعد رفض الشعب لحلفاء إيران ومعاقبتهم في الانتخابات، خاصة في الوسط والجنوب، لكنهم لا يستطيعون في هذه المناطق فعل شيء؛ لأنها ضمن المكون (الشيعي)، وذلك يحدث حربا أهلية، فلجأوا إلى ديالى، وهي أضعف النقاط؛ لإحداث الفوضى، وإحراج حكومة الكاظمي، لتحقيق مكاسب أكثر بتشكيل الحكومة، لأنه لا يمكن إعادة الانتخابات".

ولم يستبعد السبعاوي أن "يكون التهجير وحرق البساتين والقتل الطائفي أمرا معدا له مستبقا من أجل تسعير الطائفية في العراق، وأن الحكومة اليوم أضعف حلقات الدولة العراقية، بدليل أنها ترى وتشاهد تهجير هؤلاء السكان، وللأسف تقول إن الأمور تحت السيطرة. هل رجع سكان هذه المناطق إلى قراهم؟".

وأفادت وسائل إعلام محلية، الجمعة، بتجدد استهداف قرية "شوك الريم" في محافظة ديالى بخمسة قذائف هاون دون وقوع خسائر تذكر، وذلك بعد أقل من 24 ساعة على استهداف قرية الكرامة بثلاثة قذائف هاون لم تسفر عن وقوع ضحايا في صفوف المدنيين.

ويأتي هذا التصعيد على خلفية مقتل 12 شخصا، الثلاثاء، بهجوم تبناه تنظيم الدولة على قرية الرشاد (غالبية شيعية) في ديالى، الأمر الذي أعقبته عمليات انتقامية شنتها مليشيات على قرية نهر الإمام (غالبية سنية)، أسفرت عن مقتل 10 أشخاص بينهم نساء وأطفال، وتهجير أكثر من 300 عائلة، وفق بيان لوزارة الهجرة العراقية.

ولم يقف الأمر عند ذلك، وإنما أحرقت المليشيات نحو 20 منزلا وآلاف الدونمات من الأراضي الزراعية في قرية الإمام، وسط مطالبات سياسية للقوات الأمنية بـ"وقفة حازمة" تجاه ما يجري، ووضع حد لهذه الأفعال الإجرامية، باعتبارها المسؤولة عن حماية أرواح المواطنين وأمنهم.

التعليقات (2)
احمد
السبت، 30-10-2021 09:47 ص
الدواعش و الحشد الشيعي وجهان لعمله واحده فلو كان الدواعش يخشون على السنه كان عليهم حساب انتقام كلاب ايران اما كفاهم درسا ما حصل في الموصل حيث تعيث فيها الميليشيات الايرانيه فسادا و تملك اراضيها للشيعه الذين لم يكونوا يوما يحلمون بان تطأ اقدامهم الموصل والتي ببركه الدواعش قدمت لايران على طبق من ذهب .. ثم اشعال المنطقه في هذه الايام دلاله اخرى على التناغم الداعشي الايراني لان ما حصل يخدم كلاب ايران الذين خسروا مقاعدهم في البرلمان فكان عليهم خلط الاوراق بفتنه و مجازر طائفيه . اليوم على المكون السني ( الخنجر + الحلبوسي ) الاجتماع و تمثيل السنه فعلا و ليس قولا و يبتعدوا عن السير وراء المالكي و بقيه الحثاله الايرانيه .
احمد
السبت، 30-10-2021 07:33 ص
يا اهلنا في العراق لا تنتظروا من الحكومة الرافضية الكافرة المشركة كلاب ايران المجوسية الوثنية ان تحميكم ،النفير والإلتحاق بآساد الدولة الإسلامية والجهاد في سبيل الله واعلاء كلمته هو الذي يردع ايران واذنابها خشارة العرب المشركون .