قضايا وآراء

فاعلية الورقة الألمانية في قمة بوتين ـ بايدن

حازم عياد
1300x600
1300x600

كما هو متوقع فلم تنهِ القمة بين الرئيسين بوتين وبايدن عبر تقنية الاتصال يوم أول أمس الثلاثاء 7 كانون أول (ديسمبر) الحالي التوتر بين روسيا ودول حلف الناتو وعلى رأسها الولايات المتحدة الأمريكية؛ فالأزمة وإن جاءت تحت عنوان الحشود الروسية على الحدود مع أوكرانيا إلا أنها تحولت إلى حشود اقتصادية أمريكية لمحاصرة روسيا؛ فالأزمة في جوهرها خليط من التحديات والأزمات الجيو ـ اقتصادية والجيوسياسية التي باتت تربط أوروبا ودول حلف الناتو بروسيا والصين من ورائها.

الورقة الأوكرانية والتهديد الجيوسياسي

التوتر على الحدود الأوكرانية تحول لهدف استراتيجي أمريكي يحمل أبعاد اقتصادية بالضغط على دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها ألمانيا باقتاعها الانضمام لحملة العقوبات التي تقترحها الإدارة الأمريكية على روسيا بحجة ردعها عن أي إجراء يستهدف أوكرانيا؛ فألمانيا وبعد لقاء (ريغا) عاصمة لاتفيا أبدت مرونة وتقبل لوقف العمل بالناقل الجنوبي للغاز الروسي (نورد ستريم) في حال صعدت روسيا إجرءاتها على الحدود الاوكرانية.

القمة تحولت إلى استعراض قوة أمريكي بفرض قائمة طويلة من العقوبات المسنودة من دول الاتحاد الأوروبي على روسيا تفوق في خطورتها الدعوات لإعادة نشر الأسلحة النووية الأمريكية في بولندا؛ بل ومن الممكن أن تفوق آثارها المدمرة الشراكة الاستراتيجية المقترحة بين أوكرانيا وحلف الناتو.

فالعقوبات المقترحة تشمل إجراءات جديدة ضد أعضاء الدائرة المقربة من بوتين ومنتجي الطاقة الروس، وخيار محتمل بفصل روسيا عن نظام الدفع الدولي SWIFT الذي تستخدمه البنوك في جميع أنحاء العال؛ ورقة لوح بها بايدن في قمة الاتصال المرئي التي جمعته بالرئيس الروسي بوتين أول أمس الثلاثاء.

الورقة الألمانية والتهديد الجيو ـ اقتصادي 

الولايات المتحدة الأمريكية نجحت في تحويل التهديدات الجيوسياسية لروسيا إلى تهديدات جيو ـ اقتصادية بانضمام ألمانيا إلى تحالف الدول الراغبة بفرض عقوبات على روسيا؛ فإدارة الرئيس بايدن نجحت ومن خلال إشراكها دول الحلف بالمعلومات الاستخبارية المتوافرة لديها من إاقناع دول الاتحاد الأوروبي وعلى رأسها ألمانيا بوجود تهديدات روسية جدية باجتياح أوكرانيا.

 

أوكرانيا تحولت إلى ملف مزعج لابتزاز روسيا؛ يتم من خلاله حشد القارة الأوروبية خلف الإدارة الأمريكية ورؤيتها الاقتصادية والسياسية للعالم، فروسيا فشلت في تقديم رسائل إيجابية للقارة الأوروبية تحد من مخاوفها تجاه الخطر الروسي السلافي في وقت نجحت فيه الإدارة الأمريكية في إثارة هذه المخاوف واستثمارها لمحاصرة روسيا.

 



تهديدات دعمتها حالة الاحتقان السياسي والأمني المتولد عن أزمة المهاجرين على الحدود البلاروسية ـ البولندية التي تستهدف الأراضي الألمانية الشريك التجاري الثاني لروسيا بعد الصين؛ علما أن التبادل التجاري بين البلدين تضاعف مرتين خلال الأشهر الست الأولى من العام 2021 عما كان عليه في العام 2020؛ فروسيا تعول كثيرا على ألمانيا لتحقيق التعافي الاقتصادي من جائحة كورونا والانهيار الكارثي لأسعار النفط العام الفائت؛ برفع ناتجها القومي من ترليون و400 مليار دولار إلى ترليون و600 مليار دولار مع توقعات بنسب نمو تصل إلى 3.2% خلال العام 2022 القادم.

القمة المرئية والتعبئة الأمريكية

الرئيس الروسي بوتين وبعد ساعتين من الحوار مع نظيره الأمريكي أعلن أن روسيا ستقدم للولايات المتحدة اقتراحاتها بشأن الأمن في غضون أسبوع؛ مقترحات تتعلق بالاستقرار الاستراتيجي والأمن السبراني؛ فالملفات العالقة بين البلدين تفوق أوكرانيا ومحيطها الجغرافي نحو أبعاد استراتيجية تمتد إلى الصين ووسط وغرب آسيا وإفريقيا والدائرة القطبية الشمالية؛ والفضاء السبراني والجو فضائي.

أوكرانيا تحولت إلى ملف مزعج لابتزاز روسيا؛ يتم من خلاله حشد القارة الأوروبية خلف الإدارة الأمريكية ورؤيتها الاقتصادية والسياسية للعالم، فروسيا فشلت في تقديم رسائل إيجابية للقارة الأوروبية تحد من مخاوفها تجاه الخطر الروسي السلافي في وقت نجحت فيه الإدارة الأمريكية في إثارة هذه المخاوف واستثمارها لمحاصرة روسيا. 

ختاما ..

القمة الأخيرة لم تنهِ التوتر بين روسيا وأمريكا ولن تجبر روسيا على سحب قواتها من الحدود الأوكرانية؛ لكنها رسمت حدودا جديدة للمواجهة؛ إذ رفعت الكلف على روسيا من ناحية جيو ـ اقتصادية؛ بتحويلها التهديدات الجوسياسية إلى تهديدات جيو ـ اقتصادية أمريكية لموسكو.

كلف تدفع الروس للبحث عن أوراق جديدة للتفاوض مع أمريكا، ما يعني أن هناك ساحات قابلة للاشتعال في المرحلة المقبلة تمتد من وسط آسيا وغربها إلى شبه الجزيرة الكورية وتايوان إلى الفضاء السبراني والجوفضائي؛ فروسيا لن ترفع الراية البيضاء ما يعني أن العالم على موعد مع جولة جديدة من التصعيد إن لم تكن في البحر الأسود والبلطيق فستكون في غرب آسيا وإفريقيا والباسفيك.

hazem ayyad
@hma36


التعليقات (0)

خبر عاجل