سياسة عربية

ما سر اختفاء المعارضة من المشهد السياسي بمصر في 2021؟

سياسي مصري: المقاومة لم تغب ولكنها ترتب أوراقها ومشاريعها وتتحاور مع بعضها ويؤلمها كثيرا ما يحدث- الأناضول
سياسي مصري: المقاومة لم تغب ولكنها ترتب أوراقها ومشاريعها وتتحاور مع بعضها ويؤلمها كثيرا ما يحدث- الأناضول

شهد العام 2021 تراجعا كبيرا لدور المعارضة في المشهد السياسي بمصر، وفقا لمحللين سياسيين، وسط تساؤلات واسعة عن سر اختفاء المعارضة المصرية، وتداعيات ذلك بعد نحو 8 سنوات من الانقلاب العسكري الذي قاده قائد الجيش عبدالفتاح السيسي في تموز/ يوليو 2013، ضد الرئيس الراحل محمد مرسي.


ورغم آلة القمع والبطش الأمني والقبضة الحديدية والقتل بلا عقاب والاعتقال المتواصل منذ منتصف 2013، إلا أن المعارضة المصرية طيلة تلك السنوات سجلت حضورا قويا في أوقات وخفوتا في أوقات أخرى.

إلا أن العام 2021، وفقا لبعض المحللين السياسيين شهد شبه وفاة لكامل قوى المعارضة التي اختفت الثورية منها تماما عن المشهد، وتماهت أغلب اليسارية والمدنية مع النظام، واختبأ أكثرها خوفا من البطش والتنكيل.

كما أن المعارضة الإسلامية المتمثلة بجماعة الإخوان المسلمين وباقي تيار الإسلام السياسي غابت بشكل كامل عن الشارع المصري خلال 2021، ليس بفعل القمع والاعتقالات والمطاردة لمن تبقى من أعضائها خارج السجون فقط؛ ولكن بفعل الخلافات الداخلية والبينية كذلك.

"هل تمكن السيسي؟"

وفي رده على التساؤل "كيف كان 2021 هو العام الذي كتب فيه نظام السيسي شهادة وفاة المعارضة رسميا؟"، قال السياسي المصري المعارض عمرو عبدالهادي، إن "المعارضة فقط أُعلن وفاتها في 2021 بينما هي ماتت فعليا في 2016".

وفي حديثه لـ"عربي21"، أوضح أن "ذلك حدث حينما حاولت المعارضة إحتواء أنصار 30 حزيران/ يونيو العائدين من حضن الانقلاب العسكري، وكانوا هم السبب الرئيسي في تمكين السيسي من قتل الرئيس مرسي الذي بمقتله أُسدل الستار على الثورة".

وتابع: "لكن ورغم كل هذا؛ إلى الآن يتصرف السيسي على أنه غير متمكن من الحكم، وهذا يظهر جليا في تحركاته وأفعاله وأقواله اليومية؛ فمن يتمكن من حكم دولة لن يطارد معارضة ولن يستمر في غلق المجال السياسي والقمع وسرقة أحلام الفقراء".

ولفت عبدالهادي، إلى ضرورة أن "نفرق بين المعارض والمناهض للانقلاب؛ فنحن من ناهض ويناهض هذا الانقلاب وانقسمنا حين حاولنا احتواء معارضي هذا الانقلاب من أنصار 30 حزيران/ يونيو حيث إن المعارض يعترف بالنظام ويناقش تصرفاته ولكن المناهض لا يعترف بالنظام أصلا".

"ميلاد جديد"

رئيس المكتب السياسي للمجلس الثوري المصري الدكتور عمرو عادل، سجل اعتراضه على جملة "الموت الكامل للمعارضة خلال 2021"، مؤكدا في حديثه لـ"عربي21"، أن "اختفاء أو انزواء طرف من أطراف الصراع لا يعني انتهاء حالة النضال، بل يعني أن المجال العام أصبح مهيأ لظهور قوى جديدة".

السياسي المصري المعارض من الخارج، قال إن "هذا بحكم التاريخ الحتمي وكذلك السنن الكونية المستخلصة من دراسة الصراع بعمق التاريخ وعرض الجغرافيا".

وأضاف أن "القضايا الكبرى لا تموت بل يتتابع حاملوا الشعلة، والمظاهر التي تبدو كارثية ربما تكون المجال المناسب لظهور قوى جديدة قادرة على استكمال الصراع سواء كانت إسلامية أو يسارية أو غير مؤدلجة ".

وتابع: "الأمر الثاني، هو اعتبار عام واحد في تاريخ الصراع (2021) كافيا للحكم على انتهائه، وهذا غير متوافق مع عمق المعركة وشدتها، فالصراعات الكبرى لا يمكن الحكم عليها وعلى نتيجتها من عام واحد".

وأقر عادل، بأن "هناك خللا كبيرا بالتأكيد في رؤية بعض القوى الحالية لطبيعة الصراع وأدواته، وأيضا في قدرتها على التعامل مع المتغيرات سواء فيما بينها أو مع الآخر، إلا أن ما يحدث جزء من الصراع الكبير ويبدو طبيعيا بعد أحداث السنوات العشر السابقة".

ويعتقد أن "النظام المصري العسكري لا يملك غير عدة أدوات هو مستمر فيها بمنتهى العنف وهي الإفقار والإذلال والترويع باستخدام النظام الأمني والقوة الباطشة".

وأكد أن "هذه الأدوات قد تكون مناسبة على المدى القصير والمتوسط في قمع الآخر ولكنها على المدى الطويل مدمرة للنظام نفسه كما أنها ذكرت بالحكم الحتمي للتاريخ".

وأضاف: "ولم تمارس غالب قوى المعارضة فعلا ثوريا حقيقيا على مدى السنوات العشر السابقة حتى يقال إن عام 2021 اختفت الثورة منه، فالثورات الحقيقية لا تتحرك من وسائل الإعلام ولكن تبدأ في الشارع بوسائل متعددة".

ويرى أن "كل المقدمات سواء السيطرة المطلقة من النظام أو ضعف غالب القوى المشاركة في الصراع الآن تبدو سلبية للغاية، ولكن لا بد أن نتأكد أن الصراع لم ينته بعد، ربما تتغير القوى الفاعلة ولكنه لن ينتهي".

وختم بالقول: "فالتاريخ مليء بحالات مشابهة وتغيرت الأمور في سنوات قليلة بفعل قوى جديدة تملأ الفراغ الذي أنتجه النظام العسكري".

"مقاومة لا معارضة"

وفي رؤيته قال السياسي المصري المعارض من أمريكا عبدالموجود الدرديري، لـ"عربي21": "لا أظن أن الذين يقفون ضد الانقلاب يمكن تسميتهم بمعارضة ربما التعبير الأكثر دقة هو المقاومة".

وأضاف: "وإذا أردنا تقييم دور المقاومة السياسي لانقلاب أجرم بحق الشعب كله فيجب معرفة موازين القوى؛ فالانقلاب تدعمه مؤسسات الدولة العميقة منذ عهد حسني مبارك والمؤسسة العسكرية منذ 70 عاما، لذلك فلا غرابة أن يواصل منذ 2013 جبروته وفساده".

وتابع: "أما المقاومة رغم حداثة عمرها (8 سنوات) لا أظن أن كلمة موت أو حياة توجد في قاموسها فهي مقاومة حياتية يجب أن تنتصر ولا خيار آخر؛ ولننظر للتاريخ ففي جنوب أفريقيا: يُعتقل المناضل نيلسون مانديلا 27 عاما ثم يخرج ليصبح رئيسا".

"كل الشعوب الحرة لا تعرف كلمة موت أو وفاة حتى تنجح، ولأن هذا النظام لا مستقبل له بالرغم مما يدعيه فهو فاشل سياسيا ساقط اقتصاديا منحط اجتماعيا"، وفق المتحدث باسم لجنة العلاقات الخارجية بحزب الحرية العدالة، والبرلماني السابق (2011-2012).

وأشار إلى أن "كل المؤشرات تشير لغياب الحريات وزيادة الاعتقالات وبناء السجون وانخفاض قيمة العملة وارتفاع جنوني للأسعار، وإزاء كل ذلك فإن هناك قبضة حديدية"، مبينا أن "هذه المعادلة غير قابلة للاستمرار".

 

"معركة طويلة"

وأكد أن "المقاومة السياسية نظرا لطبيعة المعركة تقف ضد فساد واستبداد داخلي وإقليمي ودولي، ولذلك فالمعركة ستطول وتتحدث عن مستقبل شعب يجب أن يكون جزءا من هذه المعادلة إذا أراد أن يتحرر من قيود الاستعباد والفساد".

ويعتقد الدرديري، أن "المقاومة المصرية لها مسميات كثيرة إحداها (اتحاد القوى الوطنية) الذي يجمع اتجاهات فكرية وسياسية تحت مظلة واحدة لطرح مشروع بديل عن النظام، وأصدر وثيقة (العشرين) ووثائق أخرى مهمة تؤكد أن للبناء الفكري للمقاومة أهمية قصوى رغم التحديات".

وفي رؤيته أكد أن 2021، "شهد فيه النظام مزيدا من الانتكاسات رغم ما يدعيه من صورة قبيحة ببناء طرق وكباري ومدن خرسانية من يسكنها خائف لا يعبر عن نفسه أو يعترض على أي خطأ أو يرفض الغلاء".

"والنظام يسعى لتجميل وجهه القبيح رغم سجنه أكثر من 60 ألف معتقل بينهم أكبر نسبة برلمانيين معتقلين في العالم، والسبب أن الشعب مقاوم ورافض للانقلاب الذي يخلق أوهاما كاستراتيجية حقوق الإنسان التي يكذب بها على الشعب ونفسه".

"وربما إحدى إنجازات النظام في 2021 هي بناء السجون وبناء أكبر سجن في أفريقيا ما يدل على أنه نظام يخاف من شعبه ولو استطاع لسجن كل المصريين".

"فالصورة ليست وردية ولكنها بالغة القتامة ولا تنبئ عن أن النظام يمثل مشروعا تنمويا لأبناء مصر سياسيا واقتصاديا واجتماعيا وفي الصحة والتعليم والخدمات، فالشعب يئن من ارتفاع الأسعار 2021".

"والمقاومة لم تغب ولكنها ترتب أوراقها ومشاريعها وتتحاور مع بعضها ويؤلمها كثيرا ما يحدث ولكنها مصرة أن تستبعد من قاموسها مسألة الموت أو الوفاة فهي باقية بقاء الشعب الذي يطالب بحقه".

ويرى السياسي المصري أن "الخلافات بين المعارضة لم تساهم في تمكين السيسي خلال 2021، فهناك أسباب طبيعية لبقاء الانقلاب وهناك أسباب طبيعية ستؤدي لزواله".

وأكد أنه "بالطبع.. المقاومة يضعفها أي اختلافات بينية، وعلى تشكيلاتها أن تصفي اختلافاتها برؤى استراتيجية وأن تسعى للتعاون لأن التحديات كبيرة وليس هناك وقت يمكن تضييعه".

وختم الدرديري بالقول: "علينا أن نتعاون في المتفق عليه ونعذر بعضنا بعضا في المختلف فيه حتى نحقق أمل الشعب بالعيش الكريم والحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الإنسانية".

 

التعليقات (1)
ابوعمر
الثلاثاء، 28-12-2021 10:00 ص
المعارضة الالكترونية..أو مايسمى سابقا معارضة الصالونات...الموت أفضل لها...