صحافة دولية

FT: الغرب منقسم حول كيف يجب أن تنتهي الحرب في أوكرانيا

هل يريد الغرب إذلال روسيا أم ردعها فقط؟ - جيتي
هل يريد الغرب إذلال روسيا أم ردعها فقط؟ - جيتي

نشرت صحيفة "فايننشال تايمز" مقالا للصحفية سيلفي كوفمان قالت فيه إن الرئيس الروسي السابق دميتري ميدفيديف أكد لفلاديمير بوتين، قبل ثلاثة أيام من غزو روسيا لأوكرانيا في 24 شباط/ فبراير، في اجتماع متلفز مصيري لمجلس أمن الكرملين أنه لا يوجد ما يخشاه من رد فعل الغرب.

قال: "نحن نعلم ما سيحدث (...) سيكون هناك ضغط وعقوبات لكن بعد فترة سيهدأ التوتر. عاجلا أم آجلا، سوف يتعبون وسيطلبون منا أنفسهم استئناف المناقشات والمحادثات حول جميع القضايا المتعلقة بضمان الأمن الاستراتيجي. فالحقيقة هي أن روسيا تعني أكثر بكثير من أوكرانيا بالنسبة لأصدقائنا في الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي".

حتى الآن، ثبت خطأ ميدفيديف بكل المقاييس، فوجئت موسكو بقوة ووحدة الغرب في تضامنه مع أوكرانيا. لكن مع دخول الحرب الروسية شهرها الرابع، يفكر القادة الغربيون الآن في احتمال استمرار الصراع على المدى الطويل. إنهم يدركون أيضا أنهم ألقوا بثقلهم وراء مقاتلي أوكرانيا البواسل دون تحديد نهاية اللعبة.

في وقت مبكر من الحرب، كان الهدف هو مساعدة أوكرانيا على الصمود في وجه عدوان غير مبرر على الإطلاق من قبل أحد أكبر الجيوش في العالم. ثم حدث شيء غير متوقع: هذا الجيش الجبار، بقيادة قادة غير أكفاء وفي مواجهة مقاومة شرسة، اضطر إلى التراجع إلى جزء يسهل الوصول إليه من البلاد. أصبح فجأة من المعقول أن أوكرانيا، مجهزة بأسلحة أثقل من الغرب، يمكن أن تنتصر في هذه الحرب بالفعل.

يثير هذا أسئلة متعددة لمؤيدي أوكرانيا. ماذا يعني "الانتصار"؟ هل الانتصار يدفع الروس إلى العودة إلى حيث بدأوا في 24 شباط/ فبراير؟ أم أنها تعني أيضا استعادة الأراضي المحتلة منذ عام 2014، وهي القرم ومنطقتان في دونباس؟

إذا قررت القيادة الأوكرانية أن قواتها المسلحة يجب أن تقود هجوما مضادا لاستعادة كل أراضيها، فهل يستمر الغرب في تقديم المساعدة؟ ما الذي يجب أن يؤدي إلى رفع العقوبات؟ إذا كان انتصار أوكرانيا يعني هزيمة روسيا، فما هي مدى الفداحة التي يجب أن تكون الهزيمة عليها؟ إذا كانت هذه منافسة بين نظامين عالميين، أحدهما يقوم على القوانين والآخر على مناطق النفوذ، فكيف يمكن أن تبدو التسوية؟

 

اقرأ أيضا: روسيا تحذر من أزمة غذاء عالمية.. وتدرس مبادلة أسرى مع كييف

في مواجهة العودة الوحشية للمسألة الروسية، يحتاج الغرب إلى خطة ولا يبدو أن لديه خطة. ظهرت مدرستان فكريتان. وفقا لإحداهما، يجب معاقبة روسيا على عدوانها بطريقة تجعلها لا تحاول مرة أخرى. والمنطق خلف ذلك هو أنه لو كان رد فعلنا أقوى عندما غزا بوتين جورجيا في عام 2008 واستولى على شبه جزيرة القرم في عام 2014، لكان قد تم ردعه عن مهاجمة أوكرانيا في عام 2022. قال وزير الدفاع الأمريكي، لويد أوستن، في 25 نيسان/ أبريل إنه ينبغي الآن "إضعاف" روسيا بالوسائل العسكرية، وهو ما يفتح منظورا جديدا لأهداف واشنطن، والتي لا تزال غير واضحة.

تريد المدرسة الثانية أيضا أن تنتصر أوكرانيا في الحرب وتؤكد أن الأمر متروك للأوكرانيين لتحديد الهدف الإقليمي الذي يريدون القتال من أجله. لكنها تأخذ وجهة نظر مختلفة عن المستقبل مع روسيا. حتى بعد هزيمتها، ستظل روسيا، القوة النووية، أكبر دولة في القارة، وسيتعين على موسكو أن تكون جزءا من أي نظام أمني جديد يتم بناؤه في أوروبا. في 9 أيار/ مايو في ستراسبورغ، استخدم الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون كلمة مشحونة بالتاريخ لتوضيح هذه النقطة. وقال إنه لا ينبغي "إذلال" روسيا.

هذا النقاش الحساس للغاية يعيد فتح الجراح العميقة للقرن العشرين في أوروبا - تلك التي سببتها الحرب العالمية الأولى ومعاهدة فرساي التي تلت ذلك، والتي أدت إلى صعود ألمانيا النازية، وبعد 20 عاما، إلى الحرب العالمية الثانية، وجراح الاحتلال السوفيتي لوسط وشرق أوروبا.

كشفت الحرب الروسية في أوكرانيا عن ديناميكية أوروبية جديدة تماما. ألمانيا وفرنسا وإيطاليا هي القوى الأكثر قلقا من الوضع الجديد لأنها حطمت نموذج العلاقة مع روسيا بعد الحرب الباردة المبنية على التجارة والطاقة أو، في حالة ماكرون، على حلم بناء بنية أمنية أوروبية مستقبلية.

من ناحية أخرى، تشعر بولندا ودول البلطيق أن عدم ثقتهم العميقة في روسيا قد تم تبريره ودعمه بفكرة انضمام فنلندا والسويد إلى الناتو. تتصور بولندا الآن شراكة مع أوكرانيا في أوروبا المستقبلية التي يمكن أن تكون قوية ومؤثرة في طريقها كما كان الترادف الفرنسي الألماني في أوروبا القديمة.

أما روسيا فهي ليست بحاجة إلى الغرب ليذلها. لقد قام بوتين بنفسه بذلك بشكل جيد.

 

التعليقات (1)
عابر سبيل
الأربعاء، 25-05-2022 07:15 م
"التفاعل بين دول العالم تعاونا وتنافسا وحربا هو العامل الأكبر في طبيعة عمل النظام الدولي" (أسوشيتد برس) ـ مهد سقوط الاتحاد السوفياتي وانهيار المعسكر الشرقي لولادة نظام دولي جديد تفردت فيه أميركا بالقيادة وزعامة العالم، مع عجز دول العالم الثالث وبعض القوى الصاعدة عن تطوير فكرة "عدم الانحياز"، وتقديمها خيارا منافسا قادرا على استثمار تركة المعسكر المنهار في سبيل بروز قطب عالمي موازي للقطب الليبرالي. وبانتصاف العقد الأول من القرن الواحد والعشرين، باتت الصين قوة اقتصادية عالمية يُحسب لها حسابها، لاسيما بعد تحقيقها نموا اقتصاديا سريعا يُؤهلها لتصدر العالم اقتصاديا في النصف الثاني من هذا القرن، كما برزت كوريا الجنوبية وإندونيسيا وماليزيا وسنغافورة (النمور الآسيوية) ومعها الهند والبرازيل [وتركيا] قوى اقتصادية هامة تمثل جزءا معتبرا من التجارة الدولية. ودفع هذا التعدد القطبي على المستوى الاقتصادي كثيرين إلى توقع تبلوره في تعددية سياسية وإستراتيجية للنظام الدولي [الجديد]، لكن ذلك ما زال مستبعدا نظرا للتباين الكبير بين مرجعيات ومصالح هذه القوى الصاعدة. المصدر الجزيرة نت ـ [هذا قبل بدء حرب روسيا وحلفائها ضد أمريكا وأوروبا مع حلفائهما على أرض أوكرانيا في 24 شباط/فبراير 2022م]