ملفات وتقارير

هل تطيل صواريخ أمريكا لكييف أمد الحرب الروسية بأوكرانيا؟

نفى بايدن أن يكون الهدف من الصواريخ بلوغ الأراضي الروسية - جيتي
نفى بايدن أن يكون الهدف من الصواريخ بلوغ الأراضي الروسية - جيتي

أشارت وسائل إعلام أمريكية إلى أن واشنطن تستعد لإرسال أنظمة صاروخية إلى أوكرانيا، وتتضمن هذه الخطوة، التي يمكن الإعلان عنها في وقت مبكر من الأسبوع المقبل، توفير نظام إطلاق الصواريخ المتعددة، أو MLRS.


ووفقا لصحيفة واشنطن بوست الأمريكية، فإن نظام MLRS هو سلاح أمريكي قادر على إطلاق سيل من الصواريخ على بعد أميال عديدة، لا تستطيع حاليا القوات الأوكرانية الوصول إليها بأسلحتها.


وأكدت الصحيفة أن هذا النظام الصاروخي كان أحد الطلبات الرئيسية من المسؤولين الأوكرانيين الذين يقولون إنه من الضروري كبح تقدم القوات الروسية، التي أعلنت السيطرة الكاملة على مدينة ليمان الشرقية الاستراتيجية يوم الجمعة، مما منح موسكو انتصارًا آخر في هجومها في منطقة دونباس بشرق أوكرانيا.


ولفتت الصحيفة الأمريكية إلى أن إدارة بايدن تحاول مساعدة كييف في الدفاع عن نفسها دون إثارة الانتقام الروسي من القوات الأمريكية أو الحلفاء.


مشيرة إلى أنه في إحاطة مغلقة في مبنى الكابيتول هيل هذا الأسبوع، قال مسؤولو وزارة الخارجية إن بعض مسؤولي البيت الأبيض لديهم مخاوف من أن تزويد MLRS بمدى يزيد عن 180 ميلاً قد يؤدي إلى قيام القوات الأوكرانية بإطلاق صواريخ على الأراضي الروسية والتسبب في تصعيد كبير.

 

إلا أن الرئيس الأمريكي جو بايدن قال اليوم الاثنين إن الولايات المتحدة لن ترسل أنظمة صواريخ لأوكرانيا يمكنها الوصول إلى روسيا.


ووفقا لرويترز جاءت التصريحات في أعقاب تقارير تفيد بأن إدارة بايدن تستعد لإرسال أنظمة صاروخية بعيدة المدى إلى كييف.


بالمقابل حذر الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، السبت، خلال اتصال هاتفي مع الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون والمستشار الألماني أولاف شولتس، من "خطورة" تسليم أسلحة غربية إلى أوكرانيا مؤكدا أن ذلك يهدد بزعزعة الوضع أكثر.


الأهداف الأمريكية


وعلى الرغم من نفي بايدن نية واشنطن إرسال صواريخ بعيدة المدى تضرب العمق الروسي، إلا أن هناك مخاوف من فكرة تزويد كييف بهذه المنظومة، وإذا ما كانت واشنطن تسعى لإطالة الحرب في أوكرانيا؟


وأشار الخبير العسكري الأردني اللواء الطيار المتقاعد مأمون أبو نوار، إلى أن منظومة الصواريخ MLRS هي التي يجري الحديث عنها في خبر الصحافة الأمريكية، والنسخة المتطورة منها HIMARS.


وأوضح أبو نوار، أن "هذه الصواريخ حساسة جدا حيث قد يصل مداها إلى 300 كيلو متر".


وحول نفي بايدن، قال أبو نوار لـ"عربي21": "لا أتوقع أن يرسلوا لكييف صواريخ بعيدة المدى تصل إلى الداخل الروسي، لأن الغرب لا يريد التصعيد".


وأشار إلى أن "الأوكرانيين يحتاجون الآن قاذفات الصواريخ MLRS ذات الـ 70 كيلو مترا، وذلك لقطع خطوط المواصلات وضرب التعزيزات نحو دونباس".

 

اقرأ أيضا: أوروبا تتفق على دعم أوكرانيا وتختلف على حظر نفط روسيا

 

من ناحيته قال ريتشارد ويتز، مدير مركز التحليل السياسي العسكري في معهد هدسون في واشنطن: "حقق الجيش الروسي بعض التقدم في شرق أوكرانيا ويرجع ذلك جزئيًا إلى قوته المدفعية المتفوقة، كذلك يمكن لبعض القذائف الروسية إطلاق النار على مسافة أبعد من تلك الموجودة في أوكرانيا".


وأوضح خلال حديثه لـ"عربي21"، أنه "من خلال تزويد القوات المسلحة الأوكرانية بأنظمة مدفعية بعيدة المدى، تأمل الولايات المتحدة في موازنة هذا التباين وإعطاء موسكو حافزًا أكبر للتوصل إلى اتفاق سلام بدلاً من مواصلة القتال على أمل تحقيق المزيد من التقدم".

 

تباين في المواقف


وعلى الرغم من نفي بايدن نية واشنطن إرسال صواريخ بعيدة المدى، إلا أنه لم يشر إلى أن واشنطن سترسل منظومة MLRS أم لا، خاصة أن هذه المنظومة وفقا للخبراء يمكنها حمل نوعين من الصواريخ، قصيرة المدى تصل إلى 70 كيلو، وطويلة المدى تصل إلى ما يزيد على 3000 كيلو متر، هل يعني إرسال هذه المنظومة أن واشنطن ترغب بإطالة أمد الحرب؟


أشار أبو نوار إلى أنه سيتم منح كييف "نوعية من الصواريخ لن تغير الكثير من شكل المعركة، وتعمل على إعاقة الروس قليلا، ولكن لن تغير في توازن القوى".


وأضاف: "الروس يتقدمون ببطء ولكنهم أعادوا زخم هجومهم، ولذلك لاحظنا أنهم سيطروا على ليمان وهي مركز تقاطع وتوزيع القطارات في كل أوكرانيا، بالتالي هذه الصواريخ إذا تم إرسالها فلن تساهم في إطالة أمد الحرب، لكنهم سيحاولون إعاقة تقدم الروس قليلا، لأن هناك تقدما روسيا بزخم عال نحو إقليم دونباس، وأتوقع أن يسقط هذا الإقليم خلال أسابيع".


بدوره قال مارك كانسيان، كبير مستشاري برنامج الأمن الدولي في مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن: "من المحتمل أن يكون النظام الصاروخي الذي تنوي واشنطن إرساله هو HIMARS، وهو نظام صاروخي مدفعي مركب على شاحنة، ويطلق صواريخ بعيدة المدى".


وأوضح كانسيان خلال حديثه لـ"عربي21"، أن "الصواريخ الأساسية في هذا النظام غير موجهة وتأتي في حافظة يمكنها حمل 6 صواريخ، وهذه الصواريخ الأساسية يصل مداها إلى حوالي 45 كم".


وأضاف: "هناك نسخة ذات مدى ممتد يصل إلى 70 كم، ولكن تحتوي الإصدارات الحالية من الصاروخ على رأس حربي واحد - أي ليس ذخيرة عنقودية وبالتالي فهي متوافقة مع المعاهدات الدولية، وهو يعادل أنظمة Uragan أو Smerch الروسية".


وأشار إلى أن هناك نسخة متخصصة، ATACMS، بمدى 350 كم، لكنه شكك في أن الإدارة الأمريكية ستوفرها لأوكرانيا، والتي سيكون هدفها الوحيد هو مهاجمة الأراضي الروسية والإدارة مترددة في تصعيد الصراع.


لافتا إلى أن "هناك أيضًا نسخة موجهة من الصاروخ ستكون مفيدة جدًا للأوكرانيين، حيث إنها دقيقة في حدود 10 أمتار، وستعمل جميع الإصدارات على تحسين المدفعية الأوكرانية، لكن سيكون التحدي الأكبر بالنسبة للأوكرانيين هو تعلم كيفية تشغيل وصيانة النظام بسرعة".


وحول ما إذا كانت واشنطن تسعى لإطالة الحرب أم لا عبر تزويد كييف بهذه المنظومة، أو أنها تسعى لدفع موسكو للجلوس على طاولة الحوار، قال كانسيان: "النظام نفسه لا يشير إلى أي شيء عن طول الحرب أو التسوية، حزمة المساعدات الأخيرة البالغة 40 مليار دولار تكفي إلى 30 سبتمبر وتشير إلى أن الإدارة تتوقع أن الحرب قد تستمر طويلاً".


بالمقابل يقول أندرو باسيفيتش، رئيس معهد كوينسي، لـ"عربي21"، إنه "من الواضح أن إدارة بايدن ملتزمة بمزيد من التصعيد، ويبدو أن الأساس المنطقي هو أنه من خلال تزويد أوكرانيا بكميات متزايدة من الأسلحة الثقيلة، يمكن هزيمة روسيا".


وأكد أن "الهزيمة الروسية وعدم إنهاء الحرب في أقرب وقت ممكن تحدد الغرض من السياسة الأمريكية الحالية".


إلا أن البروفيسور بيل شنايدر، الأستاذ الفخري في جامعة جورج ميسون، خالف باسيفيتش في رأيه بأن واشنطن تسعى لإطالة الحرب.


وتابع شنايدر: "لا أستطيع أن أتخيل أن الولايات المتحدة تنوي إطالة أمد الحرب في أوكرانيا".


وقال شنايدر خلال حديثه لـ"عربي21": "ليست لدي معلومات داخلية، لكني أتخيل أن الصواريخ تهدف إلى تقصير الحرب وليس إطالة أمدها، حيث سيتعين استخدامها لتهديد القوات الروسية في أوكرانيا".


واستدرك بالقول: "لكن إذا كانت الصواريخ تستهدف أهدافًا خارج أوكرانيا، فسيؤدي ذلك إلى توسيع الحرب وربما إطالة أمدها، ولا أعتقد أن الولايات المتحدة لديها مصلحة في القيام بذلك".


لافتا إلى أنه "يكاد يكون من المؤكد أن الحل السياسي يجب أن يتضمن بعض التنازلات الإقليمية من قبل أوكرانيا، بالتأكيد منها القرم، وربما أجزاء من دونباس، لكن الرئيس زيلينسكي يعارض تقديم أي تنازلات، لذلك سيتعين عليه أن يتعرض للضغط من قبل الولايات المتحدة للسماح لهم بذلك".


الرد الروسي المتوقع


ومع تحذير بوتين للغرب من تزويد كييف بالأسلحة، يبقى السؤال ما هو الرد الروسي على موقف واشنطن الراغب بتزويد أوكرانيا بالصواريخ؟


يرى المحلل الروسي والدبلوماسي السابق "فيتشسلاف ماتوزوف"، ردا على أخبار إرسال واشنطن صواريخ إلى كييف، أن الأحلام الأمريكية وفق وصفه غير مهمة كثيرا للقيادة الروسية.

 

واعتبر ماتوزوف خلال حديثه لـ"عربي21"، أنه "إذا أرسلت واشنطن والغرب سلاحا إلى السلطة الأوكرانية الحالية التي وصفتها روسيا بالسلطة النازية، فهذا دليل على أنهم يحاولون إطالة أمد المعارك حتى يستنزفوا روسيا عسكريا واقتصاديا بشكل أكبر ولوقت أطول، وهذا ما أعتبره أحلاما لا يمكن أن تتحقق".


وحول الرد الروسي على هذه الصفقة، قال ماتوزوف، "لن يكون هناك رد خاص بهذه الصفقة، فروسيا تعمل وتنفذ الخطة العسكرية التي حددتها ووضعتها القيادة الروسية في 24 شباط/فبراير، ولذلك لا يمكن لأي خطوات أمريكية مشابهة أن تؤثر على الموقف الروسي أو الخطة الرئيسية وحتى سلسلة العقوبات التي تم فرضها على روسيا لن تكون ذات فائدة لأمريكا أبدا".


ولفت إلى أن روسيا "لا يمكن أن تتراجع أو تتنازل أمام كل الضغوطات الأمريكية من هذا النوع".


وعن إمكانية إطالة هذه الصفقة للحرب، وهل يمكن أن تدفع روسيا للجلوس على طاولة الحوار، قال: "أي سلاح يتم إرساله اليوم سيبقى تحت أعين الجيش الروسي وكثير من الأسلحة التي تم إرسالها للجيش الأوكراني يتركونها وراءهم بعد أن ينسحبوا".


وأضاف: "القضية الآن ليست الحل السياسي، فاليوم لا يجري الحديث عن حل سياسي، واليوم هم تركوا هذه الفكرة السياسية والدبلوماسية، كذلك روسيا تستخدم الطريقة التي اتبعها بوريس جونسون في بريطانيا وأوستن في أمريكا، أنه لا حل سياسيا إلا بعد هزيمة روسيا في أوكرانيا وهذا الأمر مستحيل".


واعتبر أن "هزيمة روسيا وفق ما يرغب الغرب مهمة مستحيلة، وأن هزيمة روسيا هي من أهداف السياسة الغربية ليس فقط واشنطن بل حلف شمال الأطلسي، ولذلك فروسيا لن توقف الحرب حتى تنفذ كل الخطة التي وضعها بوتين حتى النهاية، وأهم عناصر هذه الخطة إزالة العناصر النازية في القيادة والسلطة الأوكرانية وتدمير سلاح الجيش الأوكراني الذي يهدد الأمن القومي الروسي بمساعدة أمريكية".


وأكد أن استمرار روسيا في المعارك جاء بعد أن وجد الروس دلائل مطلقة على أن أمريكا كانت تحاول أن تتحول أوكرانيا إلى دولة نووية، وأنه كان هناك تبادل للخبرة بين واشنطن وكييف لإنشاء القنبلة النووية، حيث وجدت القوات الروسية في محطة زاباروجيا النووية 30 طنا من البلوتونيوم و40 طنا من اليورانيوم المخصب الجاهز لإنشاء قنبلة نووية.

 

وكانت السلطات الأوكرانية قد نفت وجود مخزونات من البلوتونيوم واليورانيوم المخصب والضرورية لصناعة قنبلة نووية في محطة زابوروجيه الذرية الواقعة تحت سيطرة القوات الروسية أو أي مكان آخر بالبلاد.


ووفقا لخبر نشره موقع روسيا اليوم، قال مدير هيئة التفتيش الحكومية للطاقة الذرية الأوكرانية، أوليغ كورنيلوف، في منشور على "تلغرام"، إن "هيئة التفتيش الحكومية للطاقة الذرية تنفي نفيا قاطعا المعلومات عن المخزونات المزعومة من البلوتونيوم واليورانيوم المخصب في محطة زابوروجيه التي استولى عليها الروس أو في أوكرانيا بشكل عام، قابلة لاستخدامها لصناعة السلاح النووي".

التعليقات (0)