صحافة دولية

NYT: إيران تسعى لبناء نفوذ دولي عبر الطائرات المسيرة

تقارير تتحدث عن احتمال شراء روسيا مسيرات إيرانية
تقارير تتحدث عن احتمال شراء روسيا مسيرات إيرانية

ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" أن إيران حققت في السنوات الأخيرة تقدما مطردا في تصميم وإنتاج المسيرات القتالية، وتوسع من إنتاجها.

 

وأضافت الصحيفة في تقرير ترجمته "عربي21"، أن إيران تسعى اليوم لبناء نفوذ دولي، وتقوم ببيع المسيرات المتقدمة التي يمكن تحميلها بالأسلحة لدول أخرى، بما فيها دول تعرضت في السنوات الماضية لعقوبات اقتصادية مثل فنزويلا والسودان، وذلك حسب تقارير إعلامية في إيران، والصور التي التقطت عبر الأقمار الاصطناعية، وخبراء الدفاع في داخل وخارج إيران، ووفرت هذه المصادر للتمويل والتأثير السياسي لإيران، والتي تتعرض للعزلة، وتكافح تحت ضغط العقوبات الأمريكية.

 

وهناك تقارير عن احتمال شراء روسيا مسيرات منها، كما قال المسؤولون الأمريكيون هذا الشهر. وقالوا إن لديهم معلومات عن احتمال تحول موسكو لعميل يشتري الأسلحة الإيرانية، وإنها تخطط لشراء مئات من الطائرات دون طيار، في محاولة لتعويض خسائرها من المسيرات في الحرب الأوكرانية.

 

وحثت الولايات المتحدة إيران على عدم بيع الطائرات، وحذرت البلدين من العواقب. وقالت وزارة الخارجية الإيرانية إن علاقاتها العسكرية مع روسيا سبقت الغزو لأوكرانيا بداية هذا العام، دون تقديم تفاصيل، فيما قال وزير الخارجية حسين أمير عبد اللهيان، في مقابلة هذا الشهر، مع صحيفة "لا ريببليكا" الإيطالية، إن بلاده ليست لديها خطط لتوفير السلاح لأي طرف في الحرب. لكن قائد الجيش الإيراني الجنرال كيومرث حيدري قال في خطاب، الأسبوع الماضي، إن بلاده مستعدة لتصدير الأسلحة والمعدات العسكرية للدول الصديقة، مضيفا أن المسيرات الإيرانية "لعبت دورا بعيدا عن حدودنا". ولم يذكر حيدري روسيا بالاسم، إلا أن تعليقاته جاءت في ذات اليوم الذي زار فيه الرئيس الإيراني فلاديمير بوتين طهران، والتقى مع المرشد الأعلى للجمهورية الإسلامية، آية الله خامنئي، الذي عبر عن دعم كبير للغزو الروسي في أوكرانيا.

 

اقرأ أيضا: مسيّرات إيران.. ما مواصفاتها وهل ستغير مسار حرب أوكرانيا؟

ونقلت الصحيفة عن سيث فريتزمان، المحلل الدفاعي المقيم في القدس، أن إيران "أصبحت وبشكل متزايد لاعبا دوليا في تصدير الطائرات المسيرة.. وظهور مسيرات جديدة مثل مهاجر- 6 في مناطق مثل القرن الأفريقي يكشف عن رؤية دول المنطقة لها كعامل مغير للعبة"، في إشارة للمسيرة الإيرانية التي يمكنها التحليق على مدى 125 ميلا، وقادرة على حمل الأسلحة الموجهة بدقة.

 

وأضاف: "هذه حرب مدهشة لكنها رخيصة.. وكلفة المسيرات الإيرانية أقل من النماذج الأخرى المتوفرة في السوق، لكنها تزداد تقدما، وأثبتت فعاليتها في معارك الشرق الأوسط".

 

وبدأت إيران تطوير صناعة الطائرات دون طيار في أثناء الحرب العراقية- الإيرانية في ثمانينات القرن الماضي. واستطاعت خلال السنوات الماضية إنتاج عدد من النماذج للطائرات المسيرة المستخدمة للرقابة والهجوم، كل هذا رغم العقوبات التي شلت اقتصادها وصناعتها بسبب برامجها النووية والصواريخ الباليستية.

 

وأثارت هذه التطورات قلق "إسرائيل" والولايات المتحدة في السنوات الأخيرة. واستهدفت "إسرائيل" مواقع إنتاج وتخزين للمسيرات في حرب الظل المتصاعدة بين الجانبين.


ولا تزال المسيرات الإيرانية على هامش السوق الدولي، وتشتريها الدول ذات الدخل المتدني، أو التي تتعرض للعقوبات، حسب فرانتزمان. وتواجه طهران منافسة شديدة من الدول بالمنطقة، وبخاصة تركيا التي باعت طائرتها المسيرة "بيرقدار تي بي2" لدول مثل باكستان وأذربيجان وإثيوبيا، واستخدمتها أوكرانيا في الحرب مع روسيا.


وانتهى حظر للأمم المتحدة يمنع إيران من شراء أو بيع الأسلحة عام 2020، رغم احتجاج الولايات المتحدة، والتي كانت تريد تمديده، ما أزال عقبة قانونية أمام إيران لبيع الطائرات المسيرة، وبناء مكانة لها في سوق تكنولوجيا الطائرات المسيرة. وظهرت إشارات أولى عن استغلال إيران رفع الحظر عنها، وزيادة صادرات السلاح في آب/ أغسطس العام الماضي.


ففي إثيوبيا، التي شهدت العام الماضي حربا بين الحكومة ومتمردي التيغراي، ظهرت مقاتلات "مهاجر -6" المسيرة في خلفية زيارة رئيس الوزراء الإثيوبي آبي أحمد لقاعدة جوية عسكرية. وكانت المسيرة مسلحة بصواريخ "جو- أرض". وأكد الدبلوماسيون الغربيون تلقي إثيوبيا طائرات مسيرة من إيران، وهو ما قبلته وزارة الخزانة الأمريكية في تشرين الأول/ أكتوبر، عندما فرضت عقوبات جديدة استهدفت صناعة الطائرات المسيرة في إيران.

 

اقرأ أيضا: مدير CIA: روسيا تسعى لشراء مسيرات إيرانية مسلحة.. وهذا مقلق

وقال وزير الجيش الإسرائيلي بيني غانتس في شباط/ فبراير إن نفس الطائرة التي شوهدت في إثيوبيا بيعت لفنزويلا، ولفت الانتباه لخطاب ألقاه الرئيس الفنزويلي نيكولاس مادورو وهو يقف إلى جانب نموذج لطائرة مسيرة في مربط للطائرات. وبحسب وزارة الدفاع الفنزويلية والمسؤولين الأمريكيين، بدأت فنزويلا بتلقي نماذج لبناء مسيرة على تصميم "مهاجر-2" ومنذ عام 2007، وهو العام الذي فرضت فيه الأمم المتحدة حظر السلاح على إيران. وكانت تجمع في الشركة المملوكة للدولة "كافيم"، والتي وضعت على قائمة العقوبات الأمريكية عام 2013؛ لأنها خرقت قانون عدم الانتشار لإيران، كوريا الشمالية وسوريا.

 

وفي تموز/ يوليو، عرض مادورو مسيرة قتالية صممت بناء على نموذج "مهاجر-2"، واتهمت "إسرائيل" إيران في شباط/ فبراير بتزويد فنزويلا بصواريخ دقيقة لاستخدامها في المسيرات. ونشر حسين دالريان، المحلل العسكري المقرب من الحرس الثوري، شريط فيديو في كانون الثاني/ يناير، قال فيه إن إيران صدرت المسيرات لفنزويلا وإثيوبيا. وقال: "الجمهورية الإسلامية لديها مستوى من الإنتاج الواسع لعدة مسيرات، بما فيها العسكرية والاستطلاعية والمسيرات الانتحارية، ولديها مخزون ضخم الآن"، وأضاف: "لأن المسيرات فعالة، ولأن بعض الدول تحمست لها، فإن إيران تصدر في السنوات الأخيرة المسيرات مثل "مهاجر-2" الجديد و"مهاجر-6" و"أبابيل"".

 

وحسب محللين عسكريين وصور التقطتها الأقمار الاصطناعية وتحليل الصور، فقد صدرت إيران المسيرات إلى السودان، مع أن الخرطوم هي عرضة لحظر السلاح من الأمم المتحدة. وفي عام 2008 قام جنود حفظ السلام التابعين للأمم المتحدة بالسؤال عن المسيرات القتالية التي استخدمت في السودان قيل لهم إنها "أبابيل-3".

 

ولدى إيران حوافز سياسية، ورغبة بالتأثير عبر هذ الصفقات على الدول التي تشتريها، كما وزدت الجماعات الوكيلة عنها في لعبة التنافس على الشرق الأوسط. وتساعد الصفقات هذه على بناء علاقات دولية رغم محاولات أمريكا عزلها، وتوفر مصدرا للدخل، إلى جانب بيع النفط خلافا للعقوبات المفروضة.

 

وفي أيار/ مايو، سافر الجنرال محمد باقري، قائد هيئة الأركان للجيش، إلى طاجيكستان لافتتاح مصنع ينتج "أبابيل-2". وهو أول مصنع تقيمه إيران في الخارج، وغطى الإعلام الإيراني المناسبة بشكل مكثف، وأنه خطوة على تحول إيران للاعب في سوق صناعة المسيرات العالمي. 


وقالت وكالة تسنيم، المرتبطة بالحرس الثوري، إن تصدير المسيرات هو صورة عن "تعميق إيران تأثيرها الإستراتيجي في الشرق". فيما ذكرت الصحيفة الرسمية المرتبطة بالحكومة أن تجربة نجاح الأسلحة الإيرانية في الشرق الأوسط وإثيوبيا جعلت من إيران مصدرا مهما للأسلحة في المنطقة وعلى المستوى الدولي.

التعليقات (0)