صحافة دولية

تقرير يكشف انتشار السرطان بمناطق حقول النفط بالعراق

ينتج الحرق "العبثي" للغاز المنبعث عند التنقيب عن النفط ملوثات مرتبطة بالسرطان- جيتي
ينتج الحرق "العبثي" للغاز المنبعث عند التنقيب عن النفط ملوثات مرتبطة بالسرطان- جيتي

كشف تحقيق أجرته هيئة الإذاعة البريطانية "بي بي سي"، عن تعرض المجتمعات التي تعيش قرب حقول النفط في العراق، حيث يحرق الغاز في الهواء الطلق، لخطر الإصابة بسرطان الدم.

وتعتبر مثل هذه الأماكن في العراق "مناطق لتقديم القرابين (البشرية) في العصر الحديث" حيث تعطى الأولوية فيها للربح بدلاً من احترام حقوق الإنسان، وفق الأمم المتحدة.

وينتج الحرق "العبثي" للغاز المنبعث عند التنقيب عن النفط، ملوثات مرتبطة بالسرطان.

وتعمل شركتا بريتيش بتروليوم (BP) وإيني الإيطاليّة (Eni) النفطيتان الكبيرتان في أكبر مناطق التنقيب عن النفط بالعراق، وتعتبر الغازات المشتعلة من هذه المواقع خطيرة لأنه ينبعث منها مزيج قوي من ثاني أكسيد الكربون والميثان والسخام الأسود الملوّث للغاية.

ويحظر القانون العراقي، لأسباب صحية، حرق الغاز على بعد ستة أميال من منازل السكان، لكننا وجدنا بلدات يحرق الغاز فيها على بعد أقل من ميلين من البيوت.

واطلعت "بي بي سي" على تقرير مسرب لوزارة الصحة العراقية، يحمّل تلوث الهواء مسؤولية ارتفاع الإصابة بأمراض السرطان بنسبة تصل إلى 20 في المئة في البصرة وذلك بين عامي 2015 و2018.

وأشارت النتائج الأولية للتحقيق إلى مستويات عالية من التعرض للمواد الكيميائية المسببة للسرطان، من خلال رصد التلوث في المجتمعات المعرضة للخطر.

وأظهرت بيانات الأقمار الصناعية، أن حقل الرميلة أكبر حقول النفط في البصرة، يتسبب بحرق الغاز أكثر من أي موقع آخر في العالم. وهذا الحقل ملك للحكومة العراقية، وشركة بريتيش بتروليوم (BP) هي المقاول الرئيسي فيه.

وفي هذا الحقل توجد مدينة تسمى "شمال الرميلة" لكن السكان المحليين يسمّونها "المقبرة". وقد توصّل مراهقون لهذه العبارة بعد أن لاحظوا مستويات عالية من حالات سرطان الدم لدى أصدقائهم، والتي يشتبه في أن يكون سببها اشتعال الغاز.

وقال عالم البيئة المحلي البروفيسور شكري الحسن، أن السرطان هناك منتشر لدرجة أنه أصبح "مثل الإنفلونزا".

ويظهر تقرير وزارة الصحة العراقية أن الحكومة على دراية بالقضايا الصحية في تلك المناطق، لكن رئيس الوزراء العراقي نفسه أصدر أمرا سريا، اطلع عليه قسم بي بي سي نيوز عربي، يحظر فيه على الموظفين التحدث عن الأضرار الصحية الناجمة عن التلوث.

 

اقرأ أيضا: فحص جديد يكشف الإصابة بالسرطان مبكرا

وأفاد ديفيد بويد، مقرر الأمم المتحدة الخاص المعني بحقوق الإنسان والبيئة، بأن الأشخاص الذين يعيشون بالقرب من حقول النفط هم "ضحايا التواطؤ بين الدولة والشركات، ويفتقرون في معظم الحالات إلى السلطة السياسية لتحقيق التغيير".

وبحسب اختبارات المواد الكيميائية المسببة للسرطان والمنبعثة من حرق الغاز التي أجراها خبراء في مجال البيئة والصحة، لإجراء أول رصد مستقل للتلوث في المجتمعات التي تعيش بالقرب من الحقول النفطية، أظهرت أن مستويات البنزين، المرتبطة بسرطان الدم وغيره من اضطرابات الدم، وصلت إلى الحد الوطني للعراق أو تجاوزته في أربعة أماكن على الأقل من أصل خمس مواقع تم رصدها.

وأشارت عينات البول، التي جمعت من 52 طفلا، إلى أن 70 في المئة منهم لديهم مستويات مرتفعة من مادة 2 نفثول (2-Naphthhol)، وهي أحد أشكال مادة النفثالين التي يحتمل أن تسبب السرطان.

وقالت الدكتورة، مانويلا أورجويلا جريم، أستاذة سرطان الأطفال في جامعة كولومبيا: "إن لدى الأطفال مستويات عالية منها.. وهذا الأمر مدعاة قلق ويعني أنه تجب مراقبتهم عن كثب".

وعرضت "بي بي سي" هذه النتائج على وزير النفط العراقي، إحسان عبد الجبار إسماعيل. وقال لنا: "أوعزنا إلى جميع الشركات المتعاقد معها والعاملة في حقول النفط بالالتزام بالمعايير الدولية".

طلبت بي بي سي شركتي بريتيش بيتروليوم وإيني الرد على تحقيقها.

فقالت إيني (ENI) إنها "ترفض بشدة أي ادعاء بأن أنشطتها تعرّض صحة الشعب العراقي للخطر".

في حين قالت شركة (BP): "نحن قلقون للغاية من القضايا التي أثارتها بي بي سي، وسننظر في هذه المخاوف على الفور".

0
التعليقات (0)