سياسة عربية

الريسوني: جماعة الحوثي حصان طروادة لإيران وعلي صالح

نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني - عربي21
نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين أحمد الريسوني - عربي21
هاجم أحمد الريسوني نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين، السعودية وإيران والعراق، واصفا إياهم بـ"معامل تكرير وصناعة الطائفية"، معربا عن أسفه من تحول الصحوة الإسلامية إلى صحوات "مذهبية" و"طائفية" بسب هذا الدول الثلاث.

وقال أحمد الريسوني الفقيه المقاصدي المغربي، في حوار شامل خص به موقع "عربي21"، إن جماعة الحوثي تمثل حصان طروادة الذي يضم في أحشائه إيران وعلي عبد الله صالح، وإن سقوط العاصمة صنعاء بيد الجماعة دليل على أن اليمن "حطام دولة".

واعتبر الريسوني، في الحوار الذي جاء على ثلاثة محاور، أن الصمت السعودي والخليجي، راجع أربعة اعتبارات تتراوح ما بين "الارتياح" و"الدعم" السعودي للحوثي و"الصفقة" مع إيران، و"العجز" السعودي بسبب الإنهاك في ملفات أخرى خارجية كمصر والعراق.

وسجل الريسوني وجود ثلاثة ثوابت جديدة للسياسة السعودية والإماراتية، أولها تصفية جميع منجزات الربيع العربي، وثانيها التصدي لأي تجربة ديموقراطية حقيقية في العالم العربي، وخاصة في المشرق العربي، وثالثها مواجهة حركة الإخوان المسلمين ومطاردتها أينما حلت أو ارتحلت.

وبخصوص "داعش" أكد الريسوني أن الذين يصطفُّون اليوم لحرب داعش هم الذين تسببوا - بقصد أو بدون قصد - في ظهورها وهيأوا لها كل أنواع المغذيات والمقويات، وأن العلاج الحقيقي إنما يكمن في الإصلاح لا في السلاح.

وتحدث الريسوني عن مستقبل الربيع العربي الديموقراطي، وعن كلفة الإصلاح، كما تطرق في حواره إلى محاذير "تسلف" الحركة الإسلامية، وأيضا عن الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين.
 
وفي ما يأتي نص الحوار كاملا:

** المحور الأول: سقوط صنعاء
 
* نبدأ من اليمن.. كيف تقرأون سقوط صنعاء في يد الحوثيين؟
 
- لا يخفى على أحد أن جماعة الحوثي المسماة (أنصار الله) متبناة ومحتضَنة بصورة كاملة من إيران وحزب الله اللبناني، بل هي عبارة عن (حزب الله اليمني). وعلى هذا الأساس فلها كل أشكال الدعم بالسلاح والمال والخبرات والتدريب... كما أن الزحف الحوثي معزز هذه المرة بعلي عبد الله صالح وحزبه وأتباعه العسكريين والسياسيين والقبليين. بمعنى أن الحوثيين في هذا الزحف الأخير هم حصان طروادة الذي يضم في أحشائه كل من ذكروا.

من جهة ثانية، هم الآن يزحفون على دولة منهكة ومفككة ومشتتة الولاءات، أو هي بالأحرى حطام دولة، هذا هو التفسير الذي يبدو لي.
 
* ما تفسيركم للصمت السعودي والخليجي حول هذا التطور الخطير؟
 
- هناك من يتحدثون عن الارتياح السعودي لما يجري، بل تتحدث مصادر يمنية وسعودية عن الدعم السعودي للحوثيين، لكونهم يأتون على حساب التجمع اليمني للإصلاح وجماعة الإخوان المسلمين.
وهناك من يرون أن هذه التطورات هي جزء من التفاهمات السعودية الإيرانية؟ وقد تم اللقاء بين وزيري الخارجية السعودي والإيراني في نفس اليوم الذي سيطر فيه الحوثيون على صنعاء ومؤسسات الدولة فيها، وقد أعلن الوزيران عن فتح صفحة جديدة في العلاقات بين البلدين.

وهناك من يرون أن الأمر أقل من هذا كله، فهو عجز سعودي لا أقل ولا أكثر، خاصة بعد حالة الانهماك والاستنزاف التي غرقت فيها السعودية في كل من مصر والعراق.

أيا ما كانت التفاصيل الآنية، فإن هناك ثوابت جديدة للسياسة السعودية الإماراتية، تبدت خلال السنوات الأربع الماضية: وهي أولا تصفية جميع منجزات الربيع العربي، وثانيا التصدي لأي تجربة ديموقراطية حقيقية في العالم العربي، وخاصة في المشرق العربي، وثالثا مواجهة حركة الإخوان المسلمين ومطاردتها أينما حلت أو ارتحلت!، فهذه العناصر كافية لتفسير الموقف السعودي مما يجري في اليمن.
 
* لماذا تقبل السعودية بمن تصفهم بـ"الشيعة" حكاما فعليين لجارها الجنوبي، في حين تحارب "الإسلام السياسي" على بعد مئات الكيلومترات؟
 
- ربما يرون أن الحوثيين في جميع الأحوال سيظلون أقلية مذهبية، وليس لديهم إمكانية التمدد أو التأثير خارج حدود اليمن. فالزيدية حكموا اليمن لقرون، ولم يتجاوزوه في يوم من الأيام. بل حتى هذه السيطرة والانتصارات الحوثية قد تكون قصيرة العمر، بينما يرون أن "الإسلام السياسي السني" عابر للقارات، ومتجذر في جميع الأقطار الإسلامية...
 
** المحور الثاني: سبل مواجهة "داعش"
 
* في مقالكم الأخير، رفضتم فكرة التحالف الدولي ضد "داعش"، لماذا؟
 

- مقالي الأخير (كلفة السلاح وكلفة الإصلاح) يرمي أساسا لبيان أن الذين يصطفُّون اليوم لحرب داعش هم الذين تسببوا - بقصد أو بدون قصد - في ظهورها وهيأوا لها كل أنواع المغذيات والمقويات، وأن العلاج الحقيقي إنما يكمن في الإصلاح لا في السلاح...
 
* هل "داعش" بالبساطة التي يستطيع فقط "العلماء" "الصادقون" مواجهتها والقضاء عليها؟
 
- عمل العلماء الصادقين - لو سمح به وفسح له اليوم - لن يعالج داعش الحاضر، وإنما  سيعالج دواعش المستقبل، داعش اليوم كان يمكن للعلماء أن يجنبونا معضلتها وكوارثها، لو فسح لهم منذ سنين وعقود، هذا ما أقصد.
 
* تقولون بأن "داعش" بنت السياسة الأمريكية، فيما يرى فريق آخر أن "داعش" بنت "التاريخ" و"الخبرة" الإسلامية، كيف تردون عليهم؟
 

- نعم صحيح، هناك عوامل ومؤثرات مساعدة كثيرة، لكل منها نصيبه ودوره، لكن ما قلته وأريد التنبيه عليه وتأكيده هو أن داعش ولدت وترعرعت ونجحت في ظل - وبفضل- الاحتلال الأمريكي ومخلفاته، وخاصة قيامه بتدمير الدولة العراقية والوحدة العراقية والمجتمع العراقي.
 
* ما الذي تخشونه من تداعيات الحرب العالمية على "داعش"؟
 
- للأسف لم نعد نخشى شيئا، فكل السناريوهات السيئة والأسوأ، هي إما واقعة أو في حكم الواقعة، (مزيد من التقسيم، مزيد من الاستبداد، مزيد من القتل، مزيد من قطع التيار الكهربائي عن الشعوب العربية...).

أرجو أن نكون على وشك استنفاد جميع الممكنات السيئة والأسوأ، لنتطلع من ورائها إلى بعض المسارات المشرقة والمبشرة (فإن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا).
 
** المحور الثالث: مستقبل الربيع العربي
 
* هل أغلق قوس الربيع الديموقراطي؟
 
- الربيع العربي، أو الربيع الديموقراطي، أو الانتفاضات أو الثورات العربية... إذا ما نظرنا إلى ما حصل على أنه "حادثة"، أو "لحظة تاريخية"، فنستطيع أن نتحدث عن نهايته، أو تعثره، أو انقلابه إلى ضده... وإذا نظرنا إليه على أنه تعبير عن المجتمع العميق ضد الدولة العميقة، فهو عندي كالبركان، يثور ويهدأ، أو يهدأ من جهة ثم يقذف من جهة أخرى، وهو على كل حال موجود ومشتعل ومستمر.

 وبغض النظر عن الكيفيات والمواعيد الزمية، فالمستقبل المؤكد عندي هو حتمية انتصار الشعوب العميقة على الدول العميقة. وهذا ليس تخمينا أو تمنيا، بل هو مبني على كون التعليم في توسع، ومنه التعليم الإسلامي، والإعلام في توسع، والتواصل والتفاعل في تيسر وتوسع، والوعي السياسي في تصاعد، والثقافة الحقوقية في نمو، والزوايا المظلمة في انحسار، واحتكار الدين في طريق الاندثار. فاجمعْ هذه الأمور كلها واحسبها، وانظر النتيجة...
 
* ما هي "كلفة الإصلاح" في بلاد الربيع الديموقراطي؟
 
- عندنا حديث نبوي شريف يقول: "من خاف أدلج، ومن أدلج بلغ المنزل. ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة". والحكمة الإسلامية تقول: من عرف ما قصد هان عليه ما وجد. ومن طلب العسل فليتحمل لسعَ النحل. بمعنى أن التجارب التصحيحية الإصلاحية الجارية أو المنشودة لا بد لها من ثمن، ولا بد لها من وقت. ونفاستها تستحق التضحيات المطلوبة. ولكن في جميع الأحوال، فكلفة التصحيح والإصلاح أقل بملايين المرات من كلفة الفساد والاستبداد.
 
* هل انتقل العالم العربي إلى الصحوة "الطائفية/ المذهبية" بعد الصحوة "الإسلامية" الجامعة؟
 

- للأسف هذا صحيح، فالصحوة الإسلامية تحول جزء كبير منها إلى صحوة طائفية. وهذه إحدى بركات الاحتلال الأمريكي للعراق والحرب الأمريكية في العراق. وقد قيل قبل عشر سنوات: هذه الحرب خاضتها أمريكا وانتصرت فيها إيران. من يومها دخلنا في سباق طائفي سياسي محموم. كنا في صحوة مباركة، فدخلنا في صحوة ملوثة. لحسن الحظ فإن هذه الطائفية تخفُتُ وتتلاشى بقدر بعدنا عن مصانعها ومراكز تكريرها وضخها (إيران والعراق والسعودية).
 
* ألا تتخوفون من فكرة "تسلف" الحركة الإسلامية؟

 
- عن أي تسلف وأي سلفية نتحدث؟ فكلنا سلفيون بمعنى من المعاني، ومحمد عبده ورشيد رضا، وعلال الفاسي وعبد الحميد بن باديس، يُعَدُّون من أقطاب السلفية...
 
* أعني التسلف الوهابي؟
 
- إذا كنت تقصد السلفية الوهابية النجدية، فهي فعلا مشكلة بل معضلة، بسطحيتها وعنفها، وهي الآن واقع لا يرتفع، فهي ليست مجرد شيئ يخشى حصوله وانتشاره، بل هي شيئ متفش واسع الانتشار، لكن يرجى علاجه وانحساره، وذلك محتاج إلى وقت غير قليل، والزمن جزء من العلاج.
 
* هل أنتم راضون عن أداء وخط سير الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين؟
 
- الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين عرف ويعرف منعطفا بارزا، من خلال مؤتمره الذي انعقد قبل شهر بمدينة اسطنبول. ويتمثل هذا المنعطف في التوجه القوي نحو التجديد والنهوض العلمي من جهة، ونحو الإصلاح الديني الاجتماعي من جهة أخرى. وقد انعكس هذا بوضوح في أوراش مؤتمر دور العلماء في نهضة الأمة الذي انعقد بموازاة مع الجمعية العموية للاتحاد، كما تجلى في الكلمة الافتتاحية التي ألقاها فضيلة العلامة يوسف القرضاوي رئيس الاتحاد، حيث ركز على قضيتين أطال في بيانهما: قضية المرأة في الفقه الإسلامي، وقضية الدعوة العالمية والتعريف العالمي بالإسلام الصحيح. وهو ما أكده حفظه الله وألح عليه منذ أيام قليلة، في اجتماع الأمانة العامة. ولذلك سيتم على هذا الأساس تنويع الأوعية والمسالك العلمية والبحثية والدعوية للاتحاد.

 وقد روعي ذلك في تشكيل اللجان والمراكز، التي ستترجم هذا التوجه وتخرجه إلى حيز الفعل، في غضون السنوات المقبلة بحول الله تعالى وتوفيقه.
 
التعليقات (0)