ملفات وتقارير

انتخابات وطوارئ في يوم واحد بمصر.. ما دلالات التزامن؟

السيسي يمدد حالة الطوارئ للمرة الثالثة- جيتي

في الوقت الذي أعلنت فيه الهيئة الوطنية للانتخابات في مصر اليوم الاثنين الثامن من كانون الثاني/ يناير 2018 الجدول الزمني للانتخابات الرئاسية والتي تبدأ في السادس عشر من مارس/ آذار القادم للمصريين في الخارج، ويوم السادس والعشرين من نفس الشهر للمصريين في الداخل، وافق البرلمان المصري أيضا على القرار الجمهوري الذي أصدره رئيس الانقلاب عبد الفتاح السيسي لمد حالة الطوارئ ثلاثة أشهر إضافية تبدأ من الثالث عشر من كانون الثاني/ يناير الجاري، وتنتهي في الثاني عشر من نيسان/ أبريل القادم.

 

ويكشف التزامن السبب الحقيقي من وراء مد حالة الطوارئ التي فرضها السيسي بعد حادث تفجير كنيستين في نيسان/ أبريل الماضي، مبررا قراره بأنها ضرورية لمتطلبات الأمن القومي ودعم مؤسسات الدولة المعنية في حربها ضد ما أسمته الإرهاب.

ووصفت النائبة آمال رزق الله، عضو لجنة الدفاع والأمن القومي، تأييدها للقرار معللة ذلك بأن مصر تمر بحالة حرب، وأنها مستهدفة داخليا وخارجيا، وأوضحت لـ "عربي21" أن مصر تشهد هجمات إرهابية تستهدف المدنيين والجيش والشرطة، وهو ما يستوجب مد حالة الطوارئ، ورفضت رزق الله التعليق على تزامن هذا القرار مع بدء الانتخابات الرئاسية، موضحة أن تأمين الانتخابات أيضا يحتاج لفرض الطوارئ.


في المقابل أبدى الكاتب الصحفي أشرف البربري مدير تحرير جريدة الشروق المصرية تعجبه من هذا التزامن، موضحا في مقال له بالجريدة أن الانتخابات من المفترض أن تشهد تجمعات انتخابية ومسيرات دعائية، وهي أمور تجرمها الطوارئ، موضحا أن البرلمان والحكومة خالفوا الدستور الذي حدد فرض الطوارئ بثلاثة أشهر يتم تجديدها لمرة واحدة.

 

اقرأ أيضا: تحديد آذار المقبل موعدا رسميا لانتخابات الرئاسة في مصر

ويأتي هذا التمديد الثالث لحالة الطوارئ منذ تفجير الكنيستين، في ظل جملة من القوانين فرضها السيسي ضد معارضيه بهدف تحجيم الشارع المصري كان أبرزها، منح القوات المسلحة حق الضبطية القضائية، والانتشار في الشوارع والميادين، وقوانين التظاهر والكيانات الإرهابية والجمعيات الأهلية، ومحاكمة المدنيين أمام القضاء العسكري، وتحديد دوائر خاصة لنظر قضايا العنف والتوسع غير المعقول في أحكام الإعدام وتنفيذها وتعديلات قانون الإجراءات الجنائية في تخفيض درجات التقاضي والتجاوز عن شهادة الشهود، وأخيرا قانون إعادة محاكم أمن الدولة العليا طوارئ مرة أخري وإحالة قضايا ما يعرف بالإرهاب إليها، وهي القوانين التي اعتبرها الفقيه الدستوري الدكتور نور فرحات كافية وتغني عن الطوارئ التي فشلت في ظل نظام مبارك مازالت تكرر هذا الفشل.


وأوضح في ندوة عقدت مؤخرا بالقاهرة أن تمديد الطوارئ هذه المرة، يفتح الباب لمراقبة مواقع التواصل الاجتماعي ، بعد إعلان رئيس البرلمان أكثر من مرة أن هذه المواقع وغيرهما تبث أخبارا للتواصل بين "الإرهابيين"، وأنها مصدر قلق وخوف من نشر الفوضى، وسيتم مراقبتها جيدًا، مشيرا إلى أن مد الطوارئ يعد استمرارا للكوميديا السوداء التي تعيشها مصر، خاصة وأن النظام الحالي يمتلك قوانين تحقق له الطوارئ دون الحاجة لإعلانها.

انتخابات بنكهة الطوارئ


من جانبه اعتبر المعارض المصري الدكتور محمد جمال حشمت رئيس البرلمان المصري بالخارج أن مد حالة الطوارئ هي استمرار للإجراءات القمعية التي يفرضها النظام العسكري في مصر، مضيفا لـ " عربي21 " أن استمرار الطوارئ يعكس أيضا فشل السيسي ونظامه في إقناع الشعب بأحقيته في الاستمرار.


وأضاف أن "السيسي مازال رغم كل إجراءاته القمعية يخاف من غضبة شعبية إذا وجدت لها متنفسا، خاصة وأن الأيام القادمة تشهد الذكرى الثامنة لثورة 25 يناير التي مازالت تمثل دعما كبيرا لكثير من الثائرين والرافضين لنظام السيسي، إضافة إلى رغبة السيسي بأن يضع الطوارئ على رقبة كل من يمكن أن ينافسه في الانتخابات التي تجري بعد أسابيع من الآن، ففي اليوم الذي تعلن فيه موعد الانتخابات، يقوم فيه برلمان السيسي بمد الطوارئ، وهي رسالة واضحة بأنه لا انتخابات ولا منافسة، ومن يريد مخالفة ذلك فعليه أن يتحمل الطوارئ".

 

اقرأ أيضا: مصر.. انتخابات بلا مرشحين ولا برامج والسيسي يغرد منفردا

وحول الأسباب التي يراها لقيام السيسي بهذه الخطوة رغم تأثيرها السلبي على سمعة مصر واقتصادها، أشار حشمت أن السيسي ونظامه غير مهتم إطلاقا بذلك، لأنه معتمد على الدعم الإماراتي والسعودي من الناحية المالية، والدعم الأمريكي والإسرائيلي من الناحية السياسية، وبالتالي فإن مصالح الشعب بالنسبة له تحصيل حاصل، بينما المهم له هو استمرار القبضة الأمنية والعسكرية من خلال التوسع في حالات الاعتقال العشوائي والاختفاء القسري والتصفيات الجسدية والإعدامات الظالمة.