كتاب عربي 21

حوار صريح مع حزب التحرير: عن الدور البريطاني بتركيا وماليزيا وجمود الوعي السياسي

1300x600
يحرص حزب التحرير الإسلامي دائما على مواكبة التطورات السياسية في المنطقة والعالم؛ من خلال إصدار بيانات أو تعليقات سياسية تشرح ما يجري وتحدد موقف الحزب منها، وبعض هذه التعليقات تأتي تحت عنوان: أجوبة أسئلة سياسية، بحيث يقوم أمير الحزب عطاء بن خليل أبو الرشتة أو أحد مسؤولي الحزب بالرد على الأسئلة؛ من خلال عرض المعلومات وتحديد الموقف من الحدث السياسي.

وقد أصدر الحزب في السادس والعشرين من شهر أيار/ مايو الماضي سلسلة أجوبة حول التطورات في تركيا وزيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بريطانيا، وكذلك التطورات في ماليزيا وعودة مهاتير محمد إلى الحكم، إضافة للتطورات في أرمينيا وارتفاع أسعار النفط.

والملفت في هذه الأجوبة السياسية أن حزب التحرير يركز على الدور البريطاني المستمر في العالم، ولا سيما في تركيا وماليزيا، فهو يعتبر أن عملاء بريطانيا في تركيا كانوا وراء محاولة الانقلاب التي حصلت ضد أردوغان في العام 2016، وأن سبب زيارة الأخير لبريطانيا مؤخرا من أجل تطمين وإرضاء البريطانيين والتخفيف من مواقفهم السلبية من أردوغان، بعد الإجراءات التي اتخذها ضد عملاء بريطانيا في تركيا؛ الذين شاركوا في الانقلاب ضده.

وأما في تحليل ما جرى في ماليزيا، فيعتبر حزب التحرير أن "عودة مهاتير محمد إلى الحكم تمت بدعم بريطاني"، ومن خلال عودة بريطانيا إلى "خادمها القديم والمخلص مهاتير محمد"، حسب تعبير البيان، وأنه "من المتوقع أن تبتعد ماليزيا اليوم عن السياسات الأمريكية وتستأنف العمل للحد من التدخل الأمريكي في المنطقة، وفقا للسياسات البريطانية".

هذه نماذج بسيطة من التحليلات والأجوبة السياسية التي يقدمها أمير حزب التحرير عطاء بن خليل أبو الرشتة، ومسؤولو الحزب لأعضاء الحزب وجمهورهم المنتشر في أنحاء العالم، ويمكن الاطلاع على هذه الآراء والمواقف والتحليلات إما على موقع الحزب أو صفحة الفيسبوك، أو من خلال المنشورات الدورية.

ويبدو أن المنهج السياسي والتحليل السياسي لدى حزب التحرير لا يزال متوقفا عند سبعينات القرن الماضي (أي منذ وفاة مؤسس الحزب الشيخ تقي الدين النبهاني)، والذي كان يقوم على أساس الصراع البريطاني - الأمريكي في العالم، وأن معظم ما يجري من تطورات إقليمية ودولية، وحتى محلية وداخل معظم بلدان المنطقة، مرتبط بهذا الصراع، وأن بريطانيا لا تزال دولة عظمى قادرة على التحكم في أحداث العالم، وأن عملاءها منتشرون في كل المنطقة؛ يحركون الأحداث والتطورات في مواجهة أمريكا وعملائها.

كما يؤمن الحزب أيضا (وهذا يُستنتج من التحليلات والمواقف والأجوبة السياسية التي يصدرها) بأن معظم التطورات في المنطقة والعالم تتحرك من خلال عملاء أمريكا وبريطانيا وأن دور الشعوب والأحزاب والقوى السياسية على اختلاف الانتماءات والتوجهات الفكرية والسياسية غير مؤثرة، وأنه ليست هناك أدوار اساسية للقوى الإقليمية كتركيا وإيران وباكستان والسعودية أو لبعض القوى الدولية، كروسيا والصين والهند.

هكذا إذن يبقى الوعي السياسي لحزب التحرير جامدا عند سبعينيات القرن الماضي، وكأنه لم تحصل أية تطورات دولية أو إقليمية، وأن بريطانيا لا تزال دولة عظمى تصارع الدور الأمريكي في العالم، وأن معظم حكام وأحزاب المنطقة هم إما عملاء بريطانيون أو عملاء أمريكيون، وهذا ما ينطبق على الأوضاع في تركيا وماليزيا ودول أخرى.

وبدون الدخول في نقاش تفصيلي حول التطورات التركية ومحاولة الانقلاب التي حصلت قبل عامين والدور الأمريكي فيها، وكذلك في مناقشة التطورات في ماليزيا وأسباب عودة الماليزيين لانتخاب مهاتير محمد وحزبه، والحملة على رئيس الحكومة السابق نجيب رزاق ومشاكل الفساد في البلاد. فهل من المعقول أن يظل وعي حزب التحرير لكل هذه التطورات جامدا ومتأخرا وغير قادر على قراءة كل المتغيرات الداخلية والخارجية؟

قد تكون نظريات حزب التحرير وأفكاره وتحليلاته السياسية صالحة لزمن مضى، وخصوصا خلال ولاية أمير الحزب المؤسس الشيخ تقي الدين النبهاني، والذي كان يتمتع بوعي وعمق سياسي مميز، حسب كل العارفين بمسيرة الحزب ومؤسسه. لكن ألم يحن الأوان لأن يقوم الحزب بتقييم مسيرته السياسية والفكرية والتنظيمية بعد حوالي خمس وستين عاما على تأسيسه؟ وهل يظل التاريخ متوقفا عند الإمبراطورية البريطانية والتي لم تكن الشمس تغيب عنها، وتحولت اليوم إلى دولة محدودة الفاعلية والدور على الصعيد العالمي؟ ومتى ينتهي الجمود في الوعي السياسي للحزب؟