صحافة دولية

تايم: ماذا تريد السعودية من باكستان؟

تايم: الاستثمار السعودي يهدد بمفاقمة الخلاف الباكستاني مع الهند- جيتي

نشرت مجلة "تايم" الأمريكية تقريرا للكاتب جون هينكس، يتحدث فيه عن الاستثمارات التي أعلنت عنها السعودية في باكستان، بقيمة 20 مليار دولار، مشيرا إلى أن السعودية تريد الحصول على مقابل لهذه الاستثمارات.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أن ولي العهد السعودي مرفوض من معظم العالم بعد جريمة مقتل جمال خاشقجي في تشرين الأول/ أكتوبر 2018، التي توصلت المخابرات الأمريكية إلى أنه هو الذي أمر بتنفيذها.

 

ويلفت هينكس إلى أن مجموعة من الأسماء الرفيعة في عالم المال والأعمال قررت الابتعاد عن مؤتمره الاستثماري، الذي أطلق عليه "دافوس الصحراء"، مشيرا إلى أنه قوبل بتظاهرات حاشدة في تونس، فيما ذكرت تقارير أن ملك المغرب رفض استقباله. 

 

وتستدرك المجلة بأن الوضع لم يكن كهذا عندما وصل ابن سلمان إلى باكستان، التي استقبلته بحفاوة بالغة، وقدمت له مسدسا مذهبا، وأعلنت عن عطلة رسمية خلال الزيارة التي استمرت يومين، وقال رئيس الوزراء الباكستاني عمران خان: "كانت السعودية دائما صديقا عند الحاجة، وهو ما يجعل قيمة الصداقة عالية". 

 

ويفيد التقرير بأن ولي العهد أعلن عن استثمارات في مجال الصناعة البتروكيماوية والتنقيب عن المعادن بقيمة 20 مليار دولار، وبالإضافة إلى الدعم المالي، فإن ابن سلمان أمر بالإفراج الفوري عن ألفي معتقل باكستاني في المملكة، وقال خان الذي خرق البتروكول عندما قرر قيادة السيارة بنفسه: "لقد سحر قلوب الباكستانيين". 

 

ويقول الكاتب إنه ينظر إلى الزيارة التي قام بها ابن سلمان إلى إسلام أباد على أنها محاولة لتصحيح صورته المشوهة، وتقديم نفسه بصفته رجل دولة، مشيرا إلى أن باكستان كانت أول محطة في جولة آسيوية تضم الهند والصين، اللتين مثل باكستان، لم تشجبا جريمة قتل خاشقجي، إلا أن "استثمار السعودية في القوة النووية في جنوب آسيا ليس مجرد علاقات عامة".

 

وتتساءل المجلة عن سبب حاجة باكستان للمال السعودي، وتجيب قائلة إن السعودية لديها تاريخ في توفير الدعم المالي لباكستان، سواء على شكل دعم المدارس الدينية هناك، أو تخفيف العقوبات التي فرضت على باكستان بعد إنتاج إسلام أباد القنبلة النووية، ومنح 1.5 مليار دولار عندما انهارت الروبية الباكستانية علم 2014.  

 

ويستدرك التقرير بأن الاستثمارات الأخيرة تأتي في وقت تعاني فيه باكستان من أزمة اقتصادية، وتراجع الاحتياط الأجنبي الذي تستخدمه لشراء الوقود إلى أقل من 8 مليارات دولار، مشيرا إلى أنه منذ تولي السياسي الشعبوي خان رئاسة الحكومة في آب/ أغسطس، فإنه تبنى استراتيجية تقشف، يحاول منه خلالها دعوة الدول الصديقة للمساعدة.

 

وينوه هينكس إلى أن باكستان حصلت في تشرين الأول/ أكتوبر على 6 مليارات دولار مساعدات، منها 3 مليارات على شكل دين مؤجل، مشيرا إلى أن المملكة أعلنت عن دعم للحكومة الباكستانية بعد زيارة خان إلى الرياض، عندما تراجع الاحتياطي في البنك المركزي إلى 40%، في وقت تتفاوض فيه الحكومة مع صندوق النقد الدولي لإنقاذها، للمرة الثالثة عشرة منذ الثمانينيات من القرن الماضي.

 

وتقول المجلة إن الحوافز الاقتصادية التي تريد السعودية الحصول عليها تتعلق بالضغوط التي يعاني منها الاقتصاد، فالمملكة المعروفة تاريخيا بالنفقات الباذخة لكسب العقول القلوب لم تعد قائمة. 

 

وينقل التقرير عن الخبير في شؤون الشرق الأوسط في كينغز كوليج في لندن أندرياس كريغ، قوله إن "السخاء الذي اتسمت به السعودية كان ممكنا في الثمانينيات والتسعينيات من القرن الماضي، ولم نره في المرة الماضية، وبالتأكيد لن نراه في ظل (أم بي أس)"، وأضاف أن التعهد بدفع 20 مليار دولار "ليس مجرد حزمة إنقاذ لأنهم يحبون الباكستانيين، بل للتأكد من أن الاستثمارات مستدامة وستعود بأرباح".

 

ويشير الكاتب إلى انه تم تخصيص 8 مليارات دولار لبناء مصفاة نفط في ميناء غوادور، الذي يعد جوهرة التعاون الباكستاني الصيني، والمنطقة التي استثمرت فيها الإمارات، لافتا إلى أنه في الوقت الذي يتوقع فيه أن تضخ الصين 62 مليار دولار لمشروع الحزام والطريق، فإن السعودية ستقوم بزيادة نفطها المخصص لباكستان.

 

وتتحدث المجلة عن الطريقة التي يمكن فيها للمال السعودي تغيير الدينامية في منطقة جنوب آسيا، مشيرة إلى قول الباحثة في معهد "تشاتام هاوس" فرزانا شيخ، إن قبول حكومة خان الاستثمار السعودي محفوف بالمخاطر، فغوادور يقع في ولاية بلوشستان المضطربة القريبة من ولاية سيستان الإيرانية

 

ويلفت التقرير إلى أن متشددين إسلاميين قتلوا 27 من الحرس الثوري على الجانب الإيراني من الحدود في الأسبوع الماضي، وألقت طهران باللائمة على باكستان، واتهمتها بمنح الملجأ للمتطرفين، مشيرا إلى أن طهران اتهمت السعودية بالترويج للعنف ضد الغالبية الشيعية في البلاد.

 

وتعلق شيخ قائلة إن باكستان تحاول التحرك بحذر بين المصالح الإيرانية والسعودية في المنطقة، ومحاولة كل منهما السيادة عليها.

 

ويجد هينكس أن الاستثمار السعودي يهدد بمفاقمة الخلاف الباكستاني مع الهند، فقد وصل ابن سلمان إلى نيودلهي وسط الاتهامات المتبادلة بين الهند وباكستان بعد هجوم 14 شباط/ فبراير في ولاية كشمير، الذي قتل فيه 44 جنديا هنديا، وأعلن جيش محمد، الذي يعمل من باكستان، مسؤوليته عن الهجوم، وتقول شيخ إن هذه الجماعة حصلت على دعم مالي من السعودية، ومن المتوقع أن تنظر الهند للاستثمار السعودي في باكستان بنوع من القلق. 

 

وتنوه المجلة إلى أن هناك مظهرا آخر  بدا في الطائرات التي رافقت طائرة ابن سلمان عندما دخلت المجال الجوي الباكستاني، وإطلاق 21 طلقة من المدفعية لاستقباله، وحديث مسؤول باكستاني عن دعم "إخواننا السعوديين".

 

ويذكر التقرير أن الجيش الباكستاني يعد من أقوى  20 جيشا في العالم، بحسب موقع "غلوبال فايرباور" الأمريكي، مشيرا إلى أن باكستان تعد واحدة من ثماني دول أعلنت عن امتلاكها للسلاح النووي، فيما تأتي الهند في المرتبة الرابعة من ناحية أقوى جيوش العالم، بحسب تصنيف الموقع. 

 

ويورد الكاتب نقلا عن كريغ، قوله:" تقدم باكستان القدرات العسكرية لدول الخليج، خاصة السعودية، ولا يستطيعون العمل دون الباكستانيين"، مشيرا إلى أن عدد الجنود الباكستانيين المرابطين في السعودية يصل إلى 65 ألف جندي، و"لو ساءت العلاقات فلن تجد السعودية مصدرا للقوة العسكرية لتزويد الآلة العسكرية الضخمة". 

 

وتبين المجلة أنه في إطار آخر، فإنه طالما انتشرت شائعات عن أسلحة نووية "مطلوبة وجاهزة" من باكستان طلبتها السعودية، مشيرة إلى أنه مع أن باكستان والسعودية تشتريان أسلحتهما من الولايات المتحدة وبريطانيا، إلا أن نائب وزير الطاقة الأمريكي قال قبل فترة إن واشنطن لن تساعد السعودية على بناء مفاعلات نووية قبل أن تتعهد بعدم تخصيب اليورانيوم محليا. 

 

وتختم "تايم" تقريرها بالإشارة إلى قول كريغ: "الباكستانيون جزء مهم في هذا الأمر؛ لأنهم يستطيعون الحصول منهم على التكنولوجيا التي لا يمكنهم الحصول عليها من أحد غيرهم في هذا الوقت".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)