ملفات وتقارير

هذه رغبات أمريكا وإيران من إجراءاتهما وتهديداتهما المتبادلة

فرض ترامب عقوبات جديدة ضد صناعات الحديد والصلب والألمنيوم والنحاس الإيرانية- جيتي

تصاعدت حدة التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، في الذكرى السنوية الأولى لانسحاب واشنطن من الاتفاق النووي، وبعدما أمهل الرئيس الإيراني الأطراف الموقعة للاتفاق شهرين، من أجل اتخاذ تدابير تحافظ على مصالح بلاده.


وسارع الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بالرد على الخطوة الإيرانية، من خلال فرض عقوبات جديدة ضد صناعات الحديد والصلب والألمنيوم والنحاس الإيرانية، لتشديد الضغط على النظام، مهددا باتخاذ "إجراءات جديدة إذا لم تغير طهران جذريا سلوكها".


وبعدما انسحب من الاتفاق النووي مع إيران المبرم في 2015، جدد ترامب في بيان التأكيد أنه يأمل في أن يلتقي "يوما ما القادة الإيرانيين؛ للتفاوض على اتفاق" جديد.


وأعلن البيت الأبيض فرض عقوبات على كافة التعاملات التجارية في قطاعات الحديد والصلب والألمنيوم والنحاس، التي تعد ثاني أكبر الصادرات الإيرانية بعد النفط الذي تسعى الولايات المتحدة إلى فرض حظر تام على تصديره.

 

ردع متبادل


وعلقت وزارة الخارجية الإيرانية على عقوبات الولايات المتحدة الجديدة بالقول إن "العقوبات الأمريكية على المعادن الإيرانية تخالف الأعراف الدولية"، محذرة في الوقت ذاته من أن "واشنطن ستتحمل المسؤولية عن خسائر طهران".


وهدد رئيس هيئة الأركان العامة للقوات المسلحة الإيرانية محمد باقري في وقت سابق، أن "بلاده يمكن أن تغلق مضيق هرمز الاستراتيجي، إذا واجهت مزيدا من ممارسات الأعداء"، في ظل تشديد الولايات المتحدة لعقوباتها على طهران.


وأمام هذه العقوبات والإجراءات والتهديدات، تحدثت "عربي21" مع محللين سياسيين للتعرف على دلالات هذا التصعيد والرغبات التي يسعى كلا البلدين لتحقيقها في هذه المرحلة.


من جهته، يرى المحلل السياسي المختص بالشأن الأمريكي جو معكرون أن "ما يحدث محاولة لإيجاد ردع متبادل بين الطرفين، إلى جانب رغبات الطرفين بالمواجهة الدبلوماسية الموازية للرغبة في الحوار"، موضحا أن "واشنطن تحاول لي ذراع النظام الإيراني للدخول في حوار وفق الشروط الأمريكية".

 

اقرأ أيضا: الاتفاق النووي مع إيران يدخل منعطفا حرجا.. ما فرص إنقاذه؟


ويضيف معكرون في حديثه لـ"عربي21" أن "النظام الإيراني أيضا يحاول من خلال إجراءاته التأقلم مع عاصفة ترامب، دون أضرار كبيرة على نفوذه الإقليمي"، معتقدا أن "التهديدات العلنية تتضمن جهودا ومحاولات لتفادي أي خطأ في الحسابات"، بحسب تعبيره.


ويشير معكرون إلى أنه ربما يكون هناك رغبات تتعلق بالخطاب الشعبوي رغم أنه ليس ضروريا في هذه المرحلة، موضحا أن "ذلك يظهر في خطاب ترامب وبعض المحافظين الإيرانيين الذين يرون التوتر مع واشنطن فرصة في عودتهم للحكم، لكن بالأساس الصراع الحالي هو صراع نفوذ بين الطرفين".


ويؤكد أن "هناك محاولة لإيجاد ردع مشترك لتفادي الحرب، وواضح بأن الطرفين ليس لديهما رغبة بالمواجهة العسكرية"، مشددا على أن "الصدام العسكري مستبعد، وربما سيقتصر الأمر حاليا على ممارسة الضغوط الاقتصادية والسياسية كل طرف على الآخر، لأن المؤسسة العسكرية بالبلدين غير راغبة بالمواجهة"، وفق تقديره.

 

ممارسة الضغوط


من جانبه، يعتقد المحلل السياسي المختص بالشأن الإيراني طلال عتريسي أن "كل طرف يحاول أن يمارس ضغوطا بأقصى ما يستطيع"، مبينا أن "أمريكا أرسلت بوارج عسكرية إلى منطقة الخليج، لكنها في الوقت نفسه تعلن جاهزيتها للحوار دون شروط مسبقة".


ويضيف عتريسي في حديثه لـ"عربي21" أن "إيران بالمقابل تقول إنها ستتراجع بشكل متدرج عن الاتفاق النووي، لكنها مستعدة للعودة إلى الاتفاق إذا قامت الدول الأخرى بحماية الاتفاق"، مؤكدا أننا "في مرحلة تصعيد، لكنها لن تصل إلى المواجهة العسكرية".


ويشير عتريسي إلى أن "ترامب ينطلق من فكرة واضح (أمريكا أولا.. استعادة الهيبة الأمريكية)، التي يعتقد أن سلفه أوباما تخلى عن هذه المسألة وأضعف هيبة الولايات المتحدة، وفي الوقت نفسه ترامب لا يريد أن يخوض الحروب، ويهتم بجني المال، وبكل وضوح يبدي استعداده للتعامل مع من يدفع المال".


وبحسب تقدير عتريسي، فإن "ترامب رفض الاتفاق النووي مع إيران لأن الولايات المتحدة لم يكن لها حصة في فتح الأسواق الإيرانية، والتي استفادتها منها بشكل كبير أوروبا"، منوها إلى أن "وضع ترامب الداخلي يدفعه لهذا التصعيد، ليظهر أمام الأمريكيين أنه متشدد ويحمل المصالح الأمريكية والإسرائيلية ويحمي دول الخليج وحلفاءه".

 

اقرأ أيضا: ما سر تمسك أوروبا بالاتفاق النووي مع إيران.. ماذا لو انهار؟


ويرى أن "مشكلة أمريكا أنها لا تملك رؤية واضحة في التعامل مع إيران، وهي تمارس أقصى الضغوط على إيران لجلبها إلى التفاوض من موضع الضعف والخوف الاقتصادي"، موضحا أنه "ربما تكون هذه استراتيجية ترامب، لكنه لن يذهب إلى الحرب العسكرية".


ويتابع عتريسي قائلا: "ترامب يريد أن تحقق الحرب الاقتصادية الأثر في تغيير سياسات إيران، ولكن لا يبدو ذلك متحققا حتى الآن"، مؤكدا أن "إيران بالمحصلة ليس لها مصلحة في الانسحاب من الاتفاق النووي، لأنها في وضع مناسب في ظل التأييد الدولي للاتفاق"، على حد رأيه.


وينوه إلى أن إجراءات أمريكا انعكست سلبا على الوضع الاقتصادي الداخلي الإيراني، في حين حقق النظام استفادة سياسية من التشدد الأمريكي، مشيرا إلى أن "إيران لا تبحث عن الحرب، لكنها تستعرض قدراتها، من خلال تهديدها بإغلاق مضيق هرمز".