ملفات وتقارير

بين دعوات المقاطعة والترشيد.. تكاليف الحج تثير جدلا بتونس

دعوات لمقاطعة السعودية بسبب دعمها لأمريكا وصفقات السلاح مع ترامب

أثار إعلان وزارة الشؤون الدينية عن التسعيرة الجديدة للحج، موجة جدل بين التونسيين، لم تخل في معظمها من التذمر من الارتفاع المشط للتكلفة، فيما تعالت أصوات دعاة وشيوخ تراوحت بين ترشيد أداء هذه الفريضة ومقاطعتها.

 

وكشف وزير الشؤون الدينية، أحمد عظوم، الثلاثاء، عن التسعيرة الجديدة للحج، التي حددت بنحو 13 ألفا و896 دينارا تونسيا، حوالي 4700 دولار، مؤكدا أن هذا السعر كان سيقع تجاوزه لولا بعض التدخلات التي قامت بها الوزارة.

 

ضرائب معاليم جديدة

 

وأوضح مدير إدارة الحج والعمرة، غسان العليوي، في حديثه لـ"عربي21"، أن ارتفاع تسعيرة الحج بنحو ألفي دينار تونسي مقارنة بالسنة الفارطة مرده الهبوط المتواصل للعملة المحلية، إضافة للضرائب والمعاليم التي فرضتها السعودية فيما يتعلق بالإقامة وتنقل الحجيج.

 

وأكد أن عدد الحجيج التونسيين بلغ هذا الموسم 10982 حاجا، وأنه العدد ذاته الذي حددته السلطات السعودية الموسم الفارط.

 

ولفت إلى أن التحسين في ظروف الإقامة للحجيج التونسيين، سواء من حيث الخدمات المقدمة داخل النزل من فئة أربع وخمس نجوم، أو بمدى قربها للحرم المكي، انعكست بدورها على الأسعار.

 

غياب الشفافية

 

واتهم رئيس الجمعية التونسية للتفكير الإسلامي، مهدي بوكثيرة، وزارة الشؤون الدينية بالتلاعب بملف الحج، مؤكدا وجوه شبهات فساد مالي وإداري بخصوص شفافية المعاملات في تكاليف الحج.

 

وأكد في حديثه لـ"عربي21" أن الجمعية بصدد تجهيز مبادرة اجتماعية لترشيد الحج، في ظل الظروف الاقتصادية والاجتماعية المزرية التي تعيشها البلاد.

 

وأضاف: "أبواب الخير بالنسبة لمن حج مرة واحدة وأراد تكرارها مفتوحة في مجالات أخرى في بلده، كالزكاة وإطعام الفقراء وبناء المدارس والمستشفيات، وهذا ما نريد أن نوصله للحجاج التونسيين".

 

حج النافلة

 

ودعا الشيخ بشير بن حسن إلى مقاطعة "حج النافلة"، لافتا في تصريح لـ"عربي21" إلى أن الحج ركن من أركان الإسلام، وفرض لا يمكن إسقاطه، لكنه مشروط بالقدرة والاستطاعة.

 

وأضاف: "نعلم جيدا أن أسعار الحج بلغت درجة من الغلاء الفاحش، لكننا لا نستطيع أن نصدر فتوى بإلغاء هذه الفريضة. أما ما يتعلق بالنافلة منه، فقد سبق أن أصدرت فتوى تحرم ذلك قبل حتى الشيخ الغرياني".

 

وذهب الداعية التونسي للقول بأن الأموال التي يصرفها أصحابها في حج النافلة، والتي يذهب جزء منها لدعم ترامب، الأولى بها الفقراء والمحتاجون والمرضى من أبناء بلدهم.

 

وسبق أن طالبت نقابة الأئمة في تونس السنة الفارطة بمقاطعة الحج، داعية السلطات التونسية إلى تعطيل إجراءات هذه الفريضة بالنظر لارتفاع الكلفة والوضع الاقتصادي الصعب التي تعيشه البلاد.

 

مقاطعة الحج

 

وفي هذا الخصوص، جدد الكاتب العام لنقابة الأئمة، فاضل عاشور، دعوته إلى مقاطعة الحج، متهما في حديثه لـ"عربي21" كلا من السلطات التونسية والسعودية بتحويل الحج لأداة للتربح من خلال فرض أتاوات على المسلمين في بقاع العالم.

 

وتابع: "السعودية الآن متورطة حد النخاع في حروب ضد المسلمين يقع تمويلها جميعا من أموال الحجيج، وهي بصدد القيام بمراجعات فكرية وعقائدية، بالتالي حكامها اليوم غير مؤتمنين ولا مؤهلين لإدارة شؤون الحجيج".

 

نقد وسخرية

 

وضجت مواقع التواصل الاجتماعي بتعليقات التونسيين حول الزيادة الجديدة في أسعار الحج، تراوحت بين النقد والسخرية، فيما حضرت صور الرئيس الأمريكي دونالد ترامب إلى جانب حكام السعودية في تدوينات بعض النشطاء.

 

 

وعلق الناشط جمال العبيدي ساخرا : "يقدّر عدد الحجاج لهذه السنة بـ11 ألف حاج، وبذلك ستكون مساهمة تونس لدعم الاقتصاد الأمريكي في حدود 160 مليون دينار عملة صعبة".

 

وكتب الإعلامي أنيس مرعي: "تسعيرة الحج لهذا الموسم بلغت 13896 دينارا تونسيا... فقط!".

 

 

وقال الناشط باتحاد الشغل، مراد بوحاري، إن "الحج أضحى حكرا على السعوديين، وبيت رزق الأمريكيين، وملاذ الأمراء والأثرياء والمتمعشين".

 

مقابل ذلك، استغرب المحلل السياسي إبراهيم الوسلاتي من تذمر التونسيين من ارتفاع تسعيرة الحج، والحال أنه مرتبط بالاستطاعة.