كتاب عربي 21

في مواجهة التصعيد الإسرائيلي: رد شامل وإعادة ترتيب الأولويات

1300x600
تؤكد مصادر قيادية مقاومة في بيروت أن العمليات العسكرية التي يشنها العدو الصهيوني في العراق وسوريا ولبنان وغزة؛ هي جزء من المواجهة الشاملة التي يتعرض لها محور المقاومة في المنطقة من قبل التحالف الإسرائيلي- الأمريكي والمدعوم من دول عربية، وذلك للرد على النجاحات التي تحققت في السنوات الأخيرة وللتحضير لصفقة القرن الأمريكية، ولقطع الطريق أمام عودة محور المقاومة إلى ما كان عليه قبل الثورات العربية، خصوصا بعد الزيارة الأخيرة للوفد القيادي من حركة حماس إلى إيران واللقاءات المهمة التي حصلت خلال الزيارة.

ومع أن هذه المصادر تربط أيضا بين التصعيد الإسرائيلي واستمرار التحضيرات للانتخابات الإسرائيلية في شهر أيلول/ سبتمبر، وسعي رئيس الحكومة الإسرائيلية بنيامين نتنياهو لتحسين شعبيته قبل الانتخابات، فإنها تشير أيضا إلى أن هذه العمليات تستهدف قوى المقاومة ومراكزها وأسلحتها وكوادرها؛ من أجل وضع قواعد جديدة للصراع العسكري وللقضاء على أية قوة يمكن أن تشكل خطرا حقيقيا على الكيان الصهيوني.

وعلى ضوء ذلك، تتوقع هذه المصادر اشتداد حدة الصراع في المرحلة المقبلة وعدم توقفه عند حدود معينة، مما يجعل خيار الحرب أمرا وارادا في أية لحظة، رغم أن التقديرات الواقعية لدى جميع الأطراف لا ترى مصلحة في حصول الحرب الشاملة لأن ذلك ستكون له تداعيات كبيرة.

لكن كيف يمكن مواجهة هذه الحرب الإسرائيلية- الأمريكية؟ وهل سيكون رد حزب الله على العدوان الصهيوني الأخير في لبنان وسوريا كافيا؟ وهل يمكن أن ينجح العراق والحشد الشعبي في مواجهة العمليات العسكرية التي تستهدفه؟ وهل ستتوقف الغارات الإسرائيلية على سوريا؟ وماذا عن استمرار التصعيد الإسرائيلي في مواجهة الفلسطينيين في غزة والاعتداءات من قبل المستوطنين الصهاينة على المسجد الاقصى؟ ومن سيقف في مواجهة صفقة القرن الأمريكية القادمة في الأيام المقبلة؟

حول هذه التساؤلات، تطرح بعض الأوساط الأسلامية في بيروت رؤية مغايرة ومختلفة عن كيفية المواجهة. فحسب هذه الأوساط، الرد العسكري على العدو الصهيوني هو أمر ضروري ومطلوب في كل الجبهات، لكن هذا الرد لن يكون كافيا لوقف هذا التصعيد الإسرائيلي- الأمريكي، بل المطلوب رؤية جديدة لكل ما يجري في المنطقة ودولها. فلا يمكن مواجهة المشروع المعادي لقوى المقاومة في ظل استمرار الصراعات في دول المنطقة واستنزاف القوى والطاقات في صراعات على السلطة أو من أجلها أو بسبب الصراعات الإقليمية والدولية.

وتضيف هذه الأوساط: بعد ثماني سنوات تقريبا من الربيع العربي والثورات الشعبية وما تخللها من أزمات وصراعات، لا بد من مراجعة شاملة لكل ما جرىـ والتوقف عن تمزيق دولنا والانخراط في صراعات داخلية. ولا بد من البحث عن حلول حقيقية للأزمات القائمة؛ تسمح للجميع في المشاركة في إدارة البلاد ومعالجة الأزمات الداخلية، وإعادة الأولوية لمواجهة المشروع الصهيوني المدعوم أمريكيا ومن بعض الدول العربية.

وتتابع الأوساط الأسلامية: لقد أصبح واضحا أن كل المنطقة مستهدفة من قبل العدو الصهيوني، وهو لن يسمح لأية قوة عربية أو أسلامية أن تمتلك عناصر القوة، وهو يراهن على استمرار الخلافات بين كل هذه القوى وعدم توحيد موقفها في مواجهة هذا العدو ولذا، لا بد من وقفة جريئة من الجميع من أجل وقف الصراعات البينية وإعادة تحويل البوصلة نحو هذا العدو، والعمل من أجل معالجة الخلافات الداخلية عبر الحوار الداخلي والتعاون الإقليمي المشترك لمواجهة تحديات المنطقة.

ومع أن هذه الأوساط الإسلامية تدرك أن ما تطرحه قد لا يلقى التجاوب المطلوب والسريع في ظل الانقسامات الحادة والصراعات العميقة، فإن التصعيد الصهيوني في كل الجبهات يستدعي من الجميع إعادة البحث مجددا في أفق الوضع، وإعادة تصويب البوصلة نحو العدو الأساسي، وتقديم التنازلات لمصلحة الأوطان على حساب القوى والأحزاب والطوائف.

فهل يلقى هذا النداء أصداء إيجابية، أو أنه سيضيع بين أزيز الصواريخ والطائرات المسيّرة؟