ملفات وتقارير

محللون: بيان السعودية حول عدن "حماّل أوجه" وتجاهل الإمارات

البيان السعودي الجديد أعلن دعم الحكومة الشرعية ورفض أي بديل عنها- جيتي

فتح بيان السعودية الصادر مساء الخميس، بشأن التمرد الذي يقوده انفصاليون جنوبيون بدعم من الإمارات على الحكومة اليمنية، في عدن جنوبا، الباب أمام تساؤلات عدة حول ما ورد فيه، ودلالة توقيته.

جاء البيان السعودي الذي أكد على دعمه للحكومة الشرعية رفضه أي بديل عنها، بعد أيام من شكوى يمنية رسمية ضد الإمارات إلى مجلس الأمن، عقب استهداف طيرانها قوات الجيش في زنجبار وعدن، وهو ما أورده الرئيس عبدربه منصور هادي في بيان تلا العملية.

جدل واسع أثاره البيان السعودي، حيث يرى معلقون في الشأن اليمني أنه في الوقت الذي تضمن نقاطا إيجابية، إلا أنه كان حمالا لأوجه عدة، إلى جانب التناقضات التي وردت فيه، وتجاهله لدور الإمارات ودعمها الانفصاليين الجنوبين.

"ترضية لفظية"

الكاتب والسياسي اليمني، عبدالناصر المودع، اعتبر  أن البيان لا يعدو كونه "ترضية لفظية للحكومة، من أجل جرها إلى فخ الحوار مع الانفصاليين المدعومين من الإمارات.

وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إن بيان السعودية الأخير شبيه ببيانها السابق، الذي طالب بعودة الأوضاع إلى ما كانت عليه قبل أحداث عدن، فيما لم ينفذ منه شيء، بل إن الانفصاليين تمددوا بعده إلى أبين وشبوة.

وبحسب المودع، فإن البيان يبدو ظاهريا كأنه ضد الانفصاليين، لكنه عمليا لا يعني شيئا.


وأشار إلى أن السعودية تريد أن تفرض مخرجات جاهزة للحوار تضع الانفصاليين في داخل الحكومة، وتمنحهم غطاء شرعيا لحكم معظم محافظات الجنوب.

وذكر السياسي اليمني أن البيان لم يذكر الوحدة إلا على استحياء، فيما أشار إلى الاستقرار في اليمن، وهذا أمر له دلالات خطيرة في الوقت الذي يراد من الحوار تمكين الانفصاليين بجزء من السلطة والدولة.

"إيجابيات وتناقضات"

من جانبه، رأى الصحفي والكاتب اليمني، مأرب الورد، أن البيان السعودي تضمن نقاطا إيجابية وسلبية، ومعنى أدق، فهو "حمال أوجه".

وقال في حديث خاص لـ"عربي21" إنه أثار تساؤلات، وأجاب على أخرى مطروحة من قبل الرأي العام اليمني والحكومة خلال الأيام الماضية.

وبحسب الورد، فإن الإيجابية فيه أن السعودية حددت موقفها من الانقلاب في عدن، وهو ما كان ينتظره اليمنيون والشرعية، رغم أنه جاء متأخرا.

وعلى الرغم من أنه لم يسم ما حدث في عدن انقلابا على الشرعية، وأسماه "تصعيدا"، فضلا عن أنه لم يشير  إلى الدور الإماراتي في دعم الانفصاليين، إلا أنه عمليا جيد. وفقا للصحفي الورد.


وأشار إلى أن المملكة أمام اختبار حقيقي لترجمة ما ورد في بيانها، من التأكيد على عودة الحكومة إلى عدن، وانسحاب الانفصاليين من المقرات التي سيطروا عليها. مؤكدا أن غير ذلك يعني أنه بيان تخديري، وسيظل حبرا على ورق، كسابقيه.

كما لفت إلى أن تأكيد البيان أن أي زعزعة لأمن واستقرار اليمن يهدد أمن السعودية، يعد رسالة بأنها ما تزال تدعم الحكومة الشرعية أمام محاولات العبث بذلك.

كما وجه البيان رسالة للمجلس الانتقالي المدعوم من أبوظبي بأنه لا بديل للشرعية، ورفض فرض أي واقع جديد في عدن.

وأوضح أن البيان السعودي وردت فيه تناقضات، ففي الوقت الذي تدعو إلى إخلاء المقار المدنية والعسكرية في عدن من الانفصاليين، في المقابل، دعت إلى حوار فوري ودون شروط مسبقة. مؤكدا أن دعوة المملكة إلى حوار فوري دون شروط، وإلى انسحاب من المقار الرسمية في عدن، يكرس "تبادل أدوار" لترضية الحكومة من جهة والانفصاليين من جهة أخرى.

ونوه الصحفي اليمني إلى أن أي حوار فوري يخدم الانتقالي يشرعن الواقع الذي فرضه.

وذكر أن هناك رسالة خطيرة وردت في البيان، وهي  أن المملكة لن تقبل أي تصعيد عسكري أو معارك جانبية، وهو تهديد موجه للحكومة الشرعية المعنية بالعمل العسكري لاستعادة عاصمتها، وهذا من حقها.

كما أن هذه التهديد المبطن قد يفهم منه أن هناك تواطؤا سعوديا مع الإمارات في القصف الجوي على الجيش الوطني، أواخر الشهر الماضي.

وذكر الصحفي اليمني أن البيان تجاهل الحديث عن انحراف التحالف الذي تقوده بفعل الدور الإماراتي، وهو ما أكده الرئيس اليمني، في بيانه في الأيام القليلة الماضية.

"رفض ومحاولة للتوافق"

من جهته، قال رئيس مركز ساس للدراسات، عدنان هاشم: "ما يهم هو التحرك السعودي على الأرض، وحظر الطيران الإماراتي، والبدء بإجراءات دعم الحكومة الشرعية".

وأضاف في حديث خاص لـ"عربي21" أن رفض السعودية وجود واقع جديد في اليمن هو الجديد في البيان.

وأشار هاشم إلى أن توقيت البيان جاء في خضم حديث عن مشاورات غير مباشرة في "جدة"، وهو ما يؤكد أن السعودية تعرضت لـ"ليّ ذراع" من قبل الإمارات في عدن، في محاولة خلق واقع جديد، وهو ما ترفضه المملكة وتعتبره تهديدا لأمنها القومي.

ووفق رئيس مركز ساس، فإن السلطات السعودية تشعر بضغط من الحكومة وأبوظبي، وستحاول بناء توافق مع "الانتقالي الجنوبي".

وأوضح أن هذا التوافق قد لا يعني دعما كبيرا للشرعية بقدر ما ينتقص منها ويضعف مشروعية التدخل السعودي في اليمن.