صحافة دولية

بوليتيكو: خطر السعودية بات من قيادتها ليس من متطرفيها

بوليتيكو: الكونغرس يساعد السعودية على زعزعة استقرار الشرق الأوسط- حيتي

نشر موقع مجلة "بوليتيكو" مقالا للسفير الأمريكي السابق في السعودية ومؤلف كتاب "دبلوماسي الصحراء: في داخل السعودية بعد 11/ 9"، روبرت جوردان، يتهم فيه الكونغرس بمساعدة السعودية على زعزعة استقرار الشرق الأوسط، مطالبا إياه بالتوقف عن مساعدتها. 

ويقول جوردان في مقاله، الذي ترجمته "عربي21"، إن هجوم 14 أيلول/ سبتمبر ضد المنشآت النفطية السعودية، الذي تقول الولايات المتحدة وبريطانيا وألمانيا وفرنسا إن إيران هي التي نفذته، كشف عن المدى الذي وصل إليه الشرق الأوسط في اتجاه الحرب، مستدركا بأن التركيز على العدوان الإيراني يجب ألا يحجب الدور السعودي في تدهور الوضع، بما في ذلك الحرب الكارثية في اليمن

ويرى الكاتب أن "المسارعة لإمداد السعودية بالدعم العسكري سيعطي الإشارة الخاطئة إلى السعودية، التي أضرت سلوكياتها خلال الأعوام الماضية بالموقف الدولي لأمريكا، وهددت الأمن القومي الأمريكي". 

ويشير جوردان إلى أن "الكونغرس يدرس حاليا مشاريع لوقف الدعم الأمريكي للحملة التي تقودها السعودية في اليمن، ويجب أن يعلق صفقات السلاح مع السعودية وأشكال الدعم الأخرى، وليس فقط المساعدة في وقف الحرب المرعبة في اليمن، لكن أيضا التوضيح للسعودية بأن عليها تجنب أي خطوة قد تقود إلى حريق إقليمي واسع". 

ويقول السفير الأمريكي: "أعلم من تجربتي الشخصية تعقيدات العلاقات الأمريكية السعودية، فقد عملت سفيرا في الرياض في الفترة ما بين 2001 – 2003، وحتى الآن فإن هذه ربما تعد من أصعب المراحل في العلاقات الثنائية بين بلدينا منذ تسعة عقود، وواجهت في فترة عملي حالة الإنكار السعودية بأن 15 مهاجما شاركوا في 11/ 9 هم مواطنون سعوديون، وغضوا الطرف عن التهديد الذي يمثله التطرف الديني على بلدينا، وكما هو الحال الآن، فإن قادة السعودية رفضوا الاعتراف بالمخاطر التي شاهدها الجميع بوضوح، لكن الآن فإن المخاطر النابعة من السعودية لا تأتي من المواطنين المتشددين، بل من القيادة السعودية ذاتها".

 

ويلفت جوردان إلى أن "من بين التحركات الصارخة التي اتخذتها القيادة السعودية خلال السنوات الماضية تحركين ثبتا في أذهان المشرعين والرأي العام الأمريكي، وهما الحملة الكارثية التي قادتها السعودية في اليمن، وجريمة قتل الصحافي في (واشنطن بوست) جمال خاشقجي، ويقف ولي العهد محمد بن سلمان، المعروف بـ(أم بي أس) وراء هذين العملين". 

وينوه الكاتب إلى أنه "في اليمن لم تؤد حرب السنوات الأربع إلى أي تقدم ضد الحوثيين، مع أن القتال أدى إلى مقتل عشرات الآلاف من المدنيين، وهدد الملايين بالجوع والمرض، واستخدمت معظم الـ 20 ألف غارة التي شنتها السعودية وحليفتها الإمارات، الذخيرة الأمريكية لاستهداف المدنيين بطريقة غير قانونية، وهذا رغم التدريب والدعم الأمريكي الطويل للجيش السعودي". 

ويشير جوردان إلى أن "آخر مقال كتبه جمال خاشقجي في (واشنطن بوست)، حذر فيه السعودية من مواصلة الحرب، ودعاها لإنهائها بطريقة سلمية قبل أن تدمر سمعتها، لقد التقيت أول مرة مع جمال عندما كنت سفيرا، وكان سعوديا يفخر ببلده، ونبعت دعوته للإصلاحات المحلية واحترام حقوق الإنسان من رغبته في رؤية بلاده مزدهرة، لكنه قتل بطريقة وحشية على يد عملاء سعوديين لانتقاده (أم بي أس)".

ويقول الكاتب: "كان على إدارة ترامب شجب العملين، حرب اليمن وقتل خاشقجي، والحد من الدعم العسكري للسعودية، إلا ان ترامب وقف مع القائد السعودي المتهور، ولم ينتقد انتهاكات بلاده الرهيبة، وزاد من بيع السلاح الذي قتل آلاف المدنيين الأبرياء في اليمن". 

 

ويعلق جوردان قائلا إن "الرئيس تحدث عن صفقات السلاح لتبرير دعمه السعودية، مرسلا رسالة رهيبة، مفادها بأن قيم أمريكا للبيع، مقوضا في ذلك مبادئنا الأساسية". 

ويستدرك الكاتب بأن "الوضع القائم يشكل تحديا للسعودية والولايات المتحدة، فالحرب في اليمن عززت علاقات الحوثيين مع إيران، بشكل وفر لها حليفا لديه الاستعداد لضرب السعودية ومصالح أمريكا في المنطقة، (كما بدا من الزعم الزائف للحوثيين بشأن المسؤولية عن الهجمات على منشآت النفط السعودية)، وعلاوة على هذا فإن الحرب في اليمن منحت كلا من تنظيم القاعدة وتنظيم الدولة الفرصة لتعزيز مواقعهما في اليمن وتخطيط هجمات في المستقبل ضد الولايات المتحدة والمصالح الأمريكية، بل إن الحرب في اليمن أثرت على الشراكة بين السعودية والإمارات العربية وحلفائهما في اليمن، الذين شاركوا معا في قتال الحوثيين، ثم بدأوا الآن يقاتلون بعضهم". 

ويقول جوردان: "في ضوء هجوم 14 أيلول/ سبتمبر، فإن على الكونغرس مقاومة الضغط لاتخاذ مواقف متشددة تضامنا مع السعودية، وعليه مواصلة الضغط، وليس التوقف، للحد من الدعم العسكري الأمريكي للسعودية، ويقوم الكونغرس حاليا بمناقشة عدة قرارات للدفاع من شأنها تعليق الدعم الأمريكي للحرب في اليمن، وتقديم نوع من المحاسبة لجريمة قتل خاشقجي، بما في ذلك وقف مؤقت لبيع القنابل للسعودية والإمارات". 

ويؤكد السفير السابق أن "تفعيل هذه الإجراءات هو إشارة إلى أن قيم أمريكا ومبادئها ليست للبيع، وستساعد على خفض التوتر في المنطقة لا صب الزيت على النار المتقدة، ورغم الدعم داخل الحزبين لهذه الخطوات في كل من مجلس النواب والشيوخ، إلا أن الجمهوريين الخائفين من معارضة الرئيس يحاولون مقاومة هذه الإجراءات، لكن الوقت حان للتحرك قبل أن يؤدي سوء السلوك السعودي إلى حرب مع إيران تكون أكثر كارثية من الحرب الحالية في اليمن". 

 

ويرى جوردان أن "وقف صفقات السلاح للسعودية في هذا الوقت سيكون مجالا لتخفيف التوتر، وإرسال رسالة للسعودية بأنها لن تستطيع الانتصار عسكريا في الحرب مع الحوثيين، ففي العام الماضي أدى وقف أمريكا عمليات تزويد الوقود للمقاتلات السعودية في الجو لإقناع الرياض بدعم وقف محدود لإطلاق النار ولأغراض إنسانية في ميناء الحديدة، ووقف السلاح في هذه اللحظة سيقنع الرياض بالعودة إلى طاولة المفاوضات قبل أن يتطور النزاع بشكل يجعل من تحقيق السلام أمرا مستحيلا". 

ويبين الكاتب أنه "في التعامل مع السعودية لم يكن الخيار بين قبول السلوك السعودي أو قطع العلاقات معها، ووجد الرؤساء الأمريكيون، من روزفلت إلى ريغان، طرقا مختارة للتعاون مع السعودية وحماية المصالح الأمريكية في الوقت ذاته، ومن الناحية المثالية سيعمل الكونغرس والرئيس في مجال السياسة الخارجية، لكن عدم استعداد الرئيس للحد من سلوك السعودية يعني أن الكونغرس يتحمل الآن المسؤولية للتحرك، ولا يستطيع اليمن الانتظار حتى تصحيح الوضع في إدارة جديدة". 

ويختم جوردان مقاله بالقول إن "الرهانات عالية حتى يتم تخويف الكونغرس بدعوات التعاطف مع السعودية عقب الهجمات التي تعرضت لها، وفي حال فشله في التحرك فإن السلاح الأمريكي سيقتل مزيدا من الأبرياء في اليمن، وتتراجع فرص السلام، وسيتجرأ الطغاة في العالم على ممارسة عمليات قتل، مثل جريمة خاشقجي، وستظل الحرب في اليمن مساحة لتقوية الإرهابيين وتقويض استقرار المنطقة".
 
لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)