ملفات وتقارير

"الحبل السري".. هكذا بث نظام الأسد روايته إلى السويد وتركيا

أثار عرض الفيلم في مهرجان مالمو بالسويد سخطا واسعا- صفحة الليث حجو عبر فيسبوك

فجر فيلم سوري من إخراج الليث حجو، جدلا واسعا في السويد وتركيا، بعد اتهامات طالته، ببث رواية نظام بشار الأسد لأحداث السنوات الماضية، على حساب ملايين الضحايا والمهجرين.

 

وشارك الليث حجو في فيلمه الجديد "الحبل السري" في مهرجان مالمو للسينما العربية في السويد قبل أيام، وهو الفيلم الذي أعلن عنه للمرة الأولى منتصف العام الماضي، ويحكي قصة زوجين تعرض حيّهما للحصار، وتدخل الزوجة في مخاض مبكّر يستحيل معه وصول القابلة إليها بسبب وجود قنّاص يترصّد العابرين، علما بأن حجّو عرض فيلمه للمرة الأولى في مهرجان الجونة بمصر، في أيلول/ سبتمبر الماضي.

 

ومما فجر غضب السوريين، تصوير الليث حجو مشاهد من فيلمه في مدينة الزبداني التي دمرها النظام السوري، وهجّر سكانها بعد فرضه حصارا طويلا عليهم، ليظهرها حجّو على أن المسلحين هم من قاموا بذلك، وهم من يمنعون قابلة من الوصول إلى امرأة في مخاض الولادة.

 

وبحسب ناشطين سوريين، فإن تجربة حجّو الذي برز في غالبية أعماله منتقدا للسياسات الداخلية، خدم نظام الأسد أكثر من أي مخرج آخر، بوضع سقوف معينة للانتقاد، وإظهار سلبيات لا يرى النظام مشكلة كبيرة في ظهورها.

 

وقالت صفحة "سوريون مستمرون في مالمو"، إن تصوير فيلم "الحبل السري" للمخرج حجو على أنقاض مدينة الزبداني المدمرة أشبه ما يكون بتصوير "حفلة فوق مقبرة جماعية".

 

وتابعت بأن "عرض أعمال كهذه بحضور سوريين ناجين من إرهاب الأسد في منفاهم السويدي الذي اختاروه ملاذاً آمناً لهم هو أشبه بإعادة عرض حفلة المقبرة الجماعية تلك".

 

ومما زاد من غضب الناشطين، إعلان مقهى "لالي كود" في إسطنبول، عرضه فيلم "الحبل السري"، وهو ما اعتُبر استفزازا لمشاعر السوريين، وسط حملات مطالبة إدارة المقهى بإلغاء العرض.

 

اقرأ أيضا: الغارديان: ترامب خان الأكراد بعد وقوفهم معه بوجه "الدولة"

 

وقال الممثل السوري الشهير نوار بلبل، في حديث لـ"عربي21"، إن نظام الأسد يبحث عن أي محفل دولي، حتى إن كان في تنزانيا أو كمبوديا، لإثبات نظرية "المؤامرة"، ورواية تفاصيل ما جرى خلال السنوات الماضية، من وجهة نظره.

 

وتابع بأن العتب الأكبر هو على إدارة مهرجان مالمو التي سمحت بعرض هذا الفيلم، الذي صور على أنقاض الدمار الهائل بفعل قصف النظام، مؤيدا في الوقت ذاته مطالب الناشطين، بإلغاء عرض الفيلم في مقهى "لالي كود" بعد غد الخميس.

 

وبحسب بلبل، فإن اختيار إسطنبول لعرض الفيلم، يخدم النظام السوري لوجود شريحة كبيرة من السوريين، قائلا إن من داعمي ومنتجي الفيلم شركة "سوريا الدولية" للإنتاج الفني، والاتحاد الأوروبي، ومنظمة "مدني" التي ترأسها ريم تركماني.

 

وذكر بلبل أن زوجة الليث حجو، تعمل مديرة لمكتب أسماء الأسد، عقيلة رئيس النظام بشار الأسد.

 

بدوره، هاجم المخرج زياد كلثوم، مواطنه وزميله بالمهنة، الليث حجو، واصفا إياه بأنه أحد "صناع البروباغاندا للطغاة والقتلة".

 

وتابع في منشور عبر "فيسبوك"،بأن مثل هذه الأفلام "تمجد القاتل وتلمع صورته من جرائم حرب مات فيها الألوف من البشر وعذب وقتل الآلاف في سجونها، كي تعطي فرصة لقاتل أن يعبر عن نفسه وروايته من خلال منصات عالمية".


وأضاف أن "المؤسف والأكثر إيلاما هو صمت المخرجين العرب من سوريا والعراق ومصر وتونس وغيرها من البلدان العربية على سلوكيات هذه المهرجانات، بل التصفيق الحار والتزاحم للمشي على السجادة الحمراء بكامل أناقتهم، كسلع رخيصة دون محتوى تلوكها ماكينة السوشيال ميديا".

وفي رسالة إلى حجو، دون تسميته، قال كلثوم: "أن تكون مخرجا سينمائيا فهذا يضعك في خانة الرسل في زمن الثورات، لتكون حريصاً على نقل الواقع وهموم المجتمع وتطلعاته بكل تفاصيله وحقيقته وليس لتكون عبداً لماكينة الصنعة وأضوائها".

 

اقرأ أيضا: ماذا يعني نقل أحد أكثر جنرالات الأسد دموية إلى درعا؟

 

وشن الممثل فارس الحلو، هجوما على إدارة مهرجان مالمو، بإدارة أحمد قبلاوي، قائلا إن بعض الممثلين المصريين، المؤيدين لنظام عبد الفتاح السيسي، دفعوه إلى الموافقة على عرض "الحبل السري".

 

وأضاف أن فيلم الليث حجو، وفيلما آخر حمل اسم "مسافرو الحرب"، من إخراج جود سعيد، أنتجا تحت إشراف المخابرات السورية.

 

اللافت أن المخرجة، والمدونة السويدية جوشكا ويسليس، أعلنت انسحابها من مهرجان مالمو، احتجاجا على مشاركة الفيلمين.

 

وقالت ويسليس إن "استخدام مهرجان سينمائي محترم كمنصة دعاية للأسد، يعد وصمة عار"، مشبهة حجو، بالمخرجين النازيين الذين يستخدمون معسكرات الاعتقال كخلفية لتبييض سمعة أدولف هتلر، وتبرئته.

وبرز اسم المخرج السوري الليث حجو منذ مطلع الألفية الجديدة، بإخراجه المسلسل الشهير "بقعة ضوء"، بعد سنوات من عمله مساعدا لمخرج مسلسل "مرايا"، والمسلسلان يحملان نقدا ساخرا للأوضاع في سوريا.

 

وبعد الثورة، أخرج حجو عدة مسلسلات لم تخف ممارسات النظام السوري التعسفية بحق المواطنين، على غرار مسلسلي "الندم" و"مسافة أمان".