أفكَار

جدل تجريم "النسوية" في السعودية ما دلالاته ومآلاته؟

أثار فيديو عملت عليه الإدارة العامة لمكافحة التطرف في السعودية جدلا كبيرا - جيتي

صنفت الإدارة العامة لمكافحة التطرف في السعودية عبر فيدو ترويجي نشرته الجمعة الماضية الحركة النسوية ضمن خانة التطرف والمتطرفين، وهو ما دفع هيئة حقوق الإنسان للرد عليها بالتأكيد على أن "النسوية في السعودية غير مُجرمة، وأن المملكة تولي حقوق المرأة أهمية بالغة".

لكن رئاسة أمن الدولة أصدرت بيانا بشأن الفيديو الترويجي الذي بثه موقع الإدارة العامة لمكافحة التطرف قالت فيه إن "رئاسة أمن الدولة توضح أن القائمين على المحتوى المذكور لم يوفقوا في إعداد ذلك الفيديو؛ نظرا للأخطاء العديدة التي أوردها".

وأضافت في بيانها "كما تبين أن من قام به ونشره تصرف بشكل فردي جانب الصواب، ما استدعى التحقيق في ذلك، واتخاذ الإجراءات اللازمة لإعادة هيكلة التعامل مع الإعلام الجديد بما يضمن عدم تكرار مثل هذه الأخطاء مجددا".

من جهتها أكدت هيئة حقوق الإنسان أن "النسوية في السعودية غير مجرمة، وأن المملكة تولي حقوق المرأة أهمية بالغة، مشيرة إلى النقلات النوعية التي شهدتها حقوق المرأة والتي مكنتها من كافة حقوقها لتصبح شريكا مهما في تحقيق التنمية المستدامة، هي أحد أهداف رؤية المملكة 2030".

 

اقرأ أيضا: عوائق العلمنة في لبنان.. الطائفة كملاذ خلاصيّ

بدوره علق أستاذ الفقه الإسلامي وأصوله بجامعة أم القرى في مكة المكرمة، الدكتور محمد السعيدي على بيان هيئة حقوق الإنسان بقوله "جرمتموها في هيئتكم أم لم تجرموها، هذا لا يغير من الواقع شيئا فهي جريمة عند الله وعند رسوله، وعند خلقه".

وتابع في تغريدة له على تويتر "ويجب عليكم مراعاة المصطلحات، فالنسوية مصطلح معاصر يُطلق على هيئات تطالب بالشذوذ، وزواج المثليات.. ووو  وما تتحدثون عنه حقوق شرعية ليس لها علاقة بالنسوية".

وأوضح السعيدي في حديثه لـ"عربي21" بأنه "لا يوجد في السعودية من يؤيد ما يسمى بالفكر النسوي بصورته التي يعبر عنها مصطلح (Feminism) على الأقل علنا وبأسماء صريحة، بل من اشتبه باعتناقهم شيئا من هذا الفكر تم استيقافهم، وكانت مطالبة كندا بإطلاق سراحهم سببا في قطع العلاقات معها".

وأضاف "لذلك فلا يوجد سجال من حيث المضمون، وبالنسبة للمصطلح فسوف تقرر الدولة المصطلح الذي تراه أنسب لها دبلوماسيا"، مشيرا إلى أن "السعودية تحفظت رسميا على ما يخالف الشريعة الإسلامية من بنود اتفاقية السيداو، واعترضت على لسان وزير خارجيتها عادل الجبير على القرارات المخالفة للشريعة في مؤتمرات الأمم المتحدة.

ونبه السعيدي إلى أن "المشكلة اليوم هي فقط في مصطلح النسوية، فمن يعتقد أنه مصطلح مشاع، ليس أحد أولى به من الآخر، وأنه لا مانع من استخدامه مع التأكيد على أن المراد به حقوق المرأة التي يكفلها الشرع، لا يرى بأسا من استخدامه، ومن ذلك هيئة حقوق الإنسان السعودية وبعض الكتاب".

وواصل شرح فكرته بالقول "لكن هناك من يرى أن المصطلح رهين ببلاد منشئه، ولا يمكن عزله عنها، لذلك ينبغي الاكتفاء بمصطلح الحقوق الشرعية، فهؤلاء ضد استخدام المصطلح ولو بنوايا طيبة" ذاكرا أنه يوافقهم في ذلك.

من جهتها لفتت الكاتبة والأكاديمية السعودية، عضو مجلس الشورى السعودي، لطيفة الشعلان إلى أن "السعودية على موعد مع حدث عالمي كبير هو انعقاد G20  (قمة مجموعة العشرين) في الرياض في نوفمبر 2020، ومن ضمنها W20  (مجموعة تواصل المرأة العشرين)، علما بأن رئاسة المملكة لـ G20  كما سبق وأعلن ولي العهد، تبدأ بعد شهر، أي في ديسمبر القادم".

وتابعت في تغريدات لها عبر صفحتها على موقع تويتر "خلال هذا الحدث العالمي المهم الذي تستضيفه الرياض، ستطرح الوفود ضمن ما تطرح، نقاشات وموضوعات النسوية، كالمساواة والتمكين، ناهيك عن استخدام المصطلح ذاته المتداول أكاديميا واجتماعيا في العالم قاطبة، وضمن سياقات كثيرة ونحن جزء من هذا العالم".

ووصفت دعم من أسمتهم بـ"الأخونج العرب" لمطالب تجريم النسوية في السعودية بأنه "ليس شعبويا أو جاهلا مثل مطالبات بعض ربعنا، بل يأتي في سياق مناكفة المملكة والرغبة في إحراجها" على حد قولها.

 

اقرأ أيضا: مجالس الإفتاء.. لماذا تخلو من النساء الفقيهات؟

ووجهت الشكر لرئاسة أمن الدولة على بيانها عن أخطاء فيديو التطرف مشددة على أن "النسوية غير مجرّمة ولن تُجرَّم أبدا، وكل جهود البعض الحثيثة إعلاميا، وفي مواقع التواصل مهما اختلفت أهدافهم لتشويهها وتخوين رموزها الوطنية، وربطها بأجندات خارجية ومفاسد أخلاقية باءت بالخسران".

لكن الأكاديمي الشرعي السعودي، المقيم في أوروبا، الدكتور سعيد بن ناصر الغامدي، قلل من قيمة الجدل حول النسوية في السعودية، واصفا له بـ"الزوابع التي تصطنعها السلطة القمعية لإشغال الناس ببعضهم بعد أن فاحت روائح الفساد والاستبداد" وفق وصفه.

وأردف لـ"عربي21" قائلا "وبرهان ما أقول أن بعض المدافعات عن ذلك هن من أدوات السلطة وأتباعها، وهي التي وضعت أنظمة تستهدف تفكيك الأسرة، وتمزيق المجتمع من داخله، وذلك بغرض سلب المزيد من الأموال، وقمع الحريات، ومصادرة الحقوق".

ولفت الغامدي في ختام حديثه إلى أن النظام يهدف كذلك إلى "إقناع الغرب بالتغيير للتغطية على الفساد السياسي والعسكري والاقتصادي، وهم في سبيل ذلك يستخدمون بعض أدواتهم حتى من المشايخ وأساتذة الشريعة المعروفين، الذين يقومون بالدور المطلوب منهم، وهذه عادة النظام من قديم، كما استعملوا قضية قيادة المرأة للسيارة وأمثالها من قبل".