ملفات وتقارير

كيف يؤثر دور تركيا وروسيا في ليبيا على مؤتمر برلين

روسيا لم تعارض تحركات أنقرة الأخيرة بخصوص الملف الليبي- جيتي

لوحظ مؤخرا محاولة لعمل تفاهمات تركية روسية، في الملف الليبي والتوصل لرؤية متقاربة للحل السياسي، بعيدا عن التصعيدات العسكرية، وسط ترحيب روسي غير مباشر بخطوات "أنقرة" في ليبيا، في حين وجدت دول نفسها بعيدة عن الملف خاصة فرنسا وإيطاليا ومصر.


وطرح الدور التركي والروسي وما قابله من غضب أوروبي وإقليمي بعض التساؤلات حول تأثيره على المؤتمر الدولي المرتقب الذي تستضيفه دولة "ألمانيا"، وهل تسارع الخطوات التركية وإحداث حالة توازن قوى في معركة العاصمة سيفرغ قمة "برلين" من مضمونها أو يحكم عليها بالفشل قبل أن تبدأ.


تغيير توازنات

 
كما لوحظ حالة غضب وفزع لدى اللاعبين الدوليين في ليبيا وعلى رأسهم "إيطاليا وفرنسا" من التفاهمات بين أنقرة وموسكو، ومسك خيوط اللعبة هناك، كونهم اعتبروا هذا التقارب هو سحب البساط من تحت أقدامهم.


وذكر تقرير لموقع "أجنسير" الإيطالي أن "ليبيا صارت بالنسبة للعديد من الأطراف الإقليمية والقوى العالمية موقعا جيوسياسيا هاما، وأن "التدخل المباشر لروسيا وتركيا في ليبيا يعمل حاليا على تغيير توازنات هناك".

 

اقرأ أيضا: هذه أبرز بنود مذكرة تفويض إرسال قوات تركية إلى ليبيا

وحذرت بعض الصحف الفرنسية مما أسمته "فرض التحركات التركية والروسية نفسيهما في ليبيا مثل ما حدث في شمال سوريا وهي في ذلك مستفيدة من حالة الانقسام الداخلي.


فشل أوروبي

 
ودعت جريدة "لوموند" الفرنسية إلى "دق ناقوس الخطر من التدخلات الأجنبية التي تهدد استقرار شمال أفريقيا ومنطقة الساحل في وقت يغيب التوافق عن مجلس الأمن إذ لم يتمكن من اعتماد قرار واحد يدعو إلى إنهاء معركة "طرابلس"، مؤكدة أن "الانقسامات الأوروبية خاصة بين فرنسا وإيطاليا حيث حرمت نفسيهما من أي عمل فعال فإنه إذا تمكنت التحركات التركية والروسية من فرض نفسها في ليبيا، مثل ما حدث في شمال سوريا، فإن أوروبا ستدفع ثمن فشلها"، وفق الجريدة.


ووسط الغضب الأوروبي ومعه التخوفات المصرية في ظل تسارع الخطى التركية ومحاولة التفاهم مع روسيا في ليبيا، تظهر تساؤلات من قبيل: هل سينحصر الملف الليبي بين "تركيا وروسيا"؟ وكيف سيؤثر الأمر على قمة "برلين" المرتقبة؟


خدمة قمة "برلين"

 
من جهتها، أكدت الأمين العام لحزب الجبهة الوطنية الليبي، فيروز النعاس، أنه "بالنظر إلى ما يجري على الأرض الآن يبدو أن الملف الليبي انحصر بالفعل بين دولتي "تركيا وروسيا"، وأعتقد أن "أنقرة" تأخذ على عاتقها محاولة تحييد "موسكو" ودفعها للتخلي عن "حفتر" ومشروعه".


وأشارت في تصريحاتها لـ"عربي21" إلى أن "تركيا لا تحاول قطع الطريق على "برلين" بل العكس تماما خطواتها الآن تخدم مصلحة المؤتمر الدولي الذي تهدف إليه "ألمانيا"، خاصة بعدما صرحت المستشارة الألمانية بأن المؤتمر يهدف إلى وقف التدخل الخارجي وتحييده"، بحسب كلامها.


وتابعت: "بعد إبعاد فرنسا ومصر والإمارات أو على الأقل تحجيم تدخلهم لا زالت "روسيا" متواجدة، وإذا تمكنت "تركيا" من تغيير موقف "موسكو" سيحقق مؤتمر "برلين" هدفه في تحقيق تفاهم بين الدول المتداخلة في ليبيا"، كما رأت.


فشل مؤتمر ألمانيا

 
لكن أستاذ القانون الدولي والأكاديمي المصري، السيد أبو الخير رأى أن "قمة "برلين" فشلت قبل أن تبدأ بعدما أصبح الملف الليبي برمته في يد "تركيا" بتنسيق مع "روسيا" التي يهمها ملف "سوريا" في المقام الأول، وهذا الدور التركي والروسي أصاب الدور الأوروبي والمصري بالفشل والعجز، وأضحى مؤتمر "ألمانيا" بلا جدوى ولا طائل من انعقاده".


وأوضح في تصريح لـ"عربي21" أن "التنسيق الروسي التركي على أشده الآن خاصة فى البحر المتوسط، والأمر يتلخص في تحقيق مصالح مشتركة بين الدولتين كون "موسكو" تهتم بسوريا وتضغط على "أنقرة" بهذا الملف في حين تضغط "تركيا" عليها بالملف الليبي، لكن كل هذا سينهي الدور المصري والإماراتي والسعودي فى دولة مهمة مثل "ليبيا"، حسب تقديراته.

 

اقرأ أيضا: هذه أبرز مصادر حفتر "المشبوهة" لتمويل هجومه على طرابلس

ورأى مدير مركز "بيان" للدراسات، نزار كريكش، أن "روسيا لن تكون فاعلاً رئيسياً في ليبيا لكنها ستكون "رديفا" لتركيا التي عليها أن تضمن عدم استفراد الأوربيين بالملف الليبي، لذا ستحاول "أنقرة" تغيير نطاق الحوار في مؤتمر "برلين" لكي يشمل كافة المعنيين بما في ذلك "موسكو".

 

لاعبون جدد

 
وحول تأثير تركيا وروسيا على القمة الألمانية، قال: "من الممكن أن تستمر "برلين" لكن ضمن إطار جديد وبلاعبين جدد وبحلول أكثر واقعية تمنع محاولات الاستفراد المصري والفرنسي، وسيعتمد المسار على قدرة كل طرف على التموضع الفعلي على الأرض وقدرته على احترام وفهم الأزمة الليبية، لكن الجانب المصري لا يبدو أنه يعي ما يحدث"، وفق تصريحاته لـ"عربي21".


وبدوره، قال المدون الليبي المقيم في "تركيا"، منير المهندس، إن "اللعب في الملف الليبي الآن خرج إلى العلن وأصبح فوق الطاولة، وسارع الكل إلى تحقيق مصالحه هناك ما زاد الوضع "ربكة" وتسارعت الأحداث في الداخل بزيادة الاشتباكات والإمدادات لحسم معركة "طرابلس" قبل انعقاد قمة "برلين" التي لم تعد على الخارطة بحسب بعض الأطراف في ليبيا".


واستدرك قائلا لـ"عربي21": "لكن دول أخرى تعمل على ضرورة وجود لها في هذا المؤتمر إن عُقد في موعده المعلن، وأعتقد أن المؤتمر لن ينجح في نسخته الأولى على غرار المؤتمرات السابقة، لكن قد يحدد ملامح لاتفاق قريب بين الأطراف المتنازعة حول ليبيا الآن"، كما توقع.