صحافة دولية

الغارديان: هذه المخاطر الكبرى التي تهدد مستقبل الإنترنت

الغارديان: المخاطر الكبرى على الإنترنت هي رقابة الحكومات- جيتي

خصصت صحيفة "الغارديان" افتتاحيتها للحديث عن الرقابة على الإنترنت التي تمارسها الدول على مستخدميها. 

وتشير الافتتاحية، التي ترجمتها "عربي21"، إلى أن "ظهور الإنترنت حمل وعدا بتوسيع الآفاق وتواصل الأفراد، والعثور على أصدقاء جدد، وتعلم الأمم من بعضها، وهذا الحلم لم يكن لا أساس له من الصحة، إلا أنه لم يكن كاملا، وقد ثبت اليوم صحة كلام المتشككين، فنحن ندخل عصرا يتم فيه تعريف الإنترنت بأنها في حالة تشنج لا توسع". 

وتلفت الصحيفة إلى أنه "في الوقت الذي يزداد فيه عدد المستخدمين للإنترنت، إلا أن المساحة التي تقدمها تتعرض للتهديد، ولا يتم تقييد هذا الفضاء من الشركات التكنولوجية وخيارات المستخدمين فقط، بل بشروط الحكومات أيضا". 

وتقول الافتتاحية: "لو نظرنا إلى الهند، التي قررت في نهاية العام الماضي قطع خطوط الإنترنت في كشمير، ما يعد أطول حظر تفرضه دولة ديمقراطية، وبدأ عام 2019 بقطع استمر 20 يوما في جمهورية الكونغو الديمقراطية، وتبعها السودان وزيمبابوي والعراق لاحقا في محاولة لوقف الاحتجاجات، وقامت إثيوبيا بقطع الإنترنت خشية حصول غش في الانتخابات وبعد اغتيال مسؤولين". 

وتفيد الصحيفة بأن "أثر هذه الخطوات كلها لم يكن فقط وقف دخول المعلومات أو توزيعها في الداخل، بل أيضا إعاقة وصول الأخبار إلى الخارج، وتقول منظمة (أكسس ناو)، التي تقوم بالدعوة لإنترنت مفتوحة، إن الإغلاقات تستهدف أحيانا خدمات بعينها أو خنق ترددات بدلا من الإغلاق الكامل، وزادت هذه الحالات من 75 حالة في عام 2016 إلى 196 حالة في عام 2018، وبالتأكيد ستظهر نتائج عام 2019 زيادة أخرى".

 

وتفيد الافتتاحية بأن "الإغلاقات لا تعد هي الأمر الوحيد المتعلق بخنق استخدام الإنترنت، بل هناك قوانين (الأخبار المزيفة) في سنغافورة وبورما، بالإضافة إلى وقف منصات بعينها وذلك وسيلة لمنع تبادل المعلومات، ولاحظت المنظمة غير الحكومية الأمريكية (فريدام هاوس) تراجعا في الحرية على الإنترنت وللعام الثامن على التوالي، وهذا عائد في جزء منه لزيادة عدد المستخدمين للإنترنت، فنصف سكان العالم لديهم اتصال على شبكات الإنترنت، ووجدت المجتمعات طرقا أخرى للمعلومات ولتضخيم أصواتها، ففي الوقت الذي تنفق فيه الحكومات مليارات الدولارات لمنح مواطنيها فرصة استخدام الإنترنت، إلا أنها تقوم بالبحث عن طرق لحرمانهم منها". 

وتنوه الصحيفة إلى أن "الميول المتزايدة في العالم نحو الديكتاتورية أدت إلى زيادة الرقابة والبحث عن تكنولوجيا متقدمة لفرضها، فالأنظمة التي تحاول توسيع طرقها التقليدية للسيطرة على الأخبار، مثل اعتقال الصحافيين وإغلاق الصحف، تتعلم من بعضها، فعندما أغلقت دولة بينين الإنترنت العام الماضي فإنها تعلمت من الكونغو وغامبيا". 

وتؤكد الافتتاحية أن "الصين فعلت كل ما لديها من أجل السيطرة على الأخبار، من خلال بناء نظام متقدم يشتمل على التحكم الداخلي وبناء جدار النار العظيم، الذي يمنع من دخول الخدمات الخارجية، ويقوم (غريت كانون) بالسيطرة على الأهداف ومسار المعلومات، ومع أنها استخدمت الإغلاقات، إلا أن الصين حاولت التأكيد أنها ليست بحاجة لعمل هذا". 

وتشير الصحيفة إلى أنه "قبل خمسة أعوام أعلنت إيران أن الصين ستساعدها في بناء (شبكة معلومات وطنية) وضمان (خدمات آمنة ومحلية وصحية)، واستطاعت في تشرين الثاني/ نوفمبر، وخلال الاحتجاجات الواسعة النطاق، قطع الصلات الخارجية في وقت ظلت فيه الشبكات المحلية تعمل بطريقة عادية". 

وتذكر الافتتاحية أن "روسيا أعلنت أنها انتهت من فحص يؤكد أن خدماتها لن تنقطع لو فصلت عن الشبكة العنكبوتية العالمية، وجاء هذا الفحص بعد تمرير قانون (الإنترنت السيادية)، الذي يؤكد سيطرة الحكومة على الشبكات، وبأن أي تدفق للمعلومات يتم من خلال شبكات الدولة، فيما يجب تسجيل أي مصدر للمعلومات في البلد".

وتستدرك الصحيفة بأنه "رغم أن هناك منافع اقتصادية من هذه الجهود التي تقنع المستخدمين بالاعتماد على الخدمات المحلية، وعدم الحصول على الخدمات الخارجية، إلا أن الجهود ليست اقتصادية بالنسبة للرئيس الصيني شي جين بينغ، الذي يريد تحويل الصين إلى (قوة عظمى في مجال الإنترنت)، ويقدم نظامه على أنه نموذج للدول التي تريد حماية استقلالها والحفاظ عليه، ولا تصدر الصين التكنولوجيا فحسب، لكنها تصدر المهارات والقوانين بشكل يجعل من الرقابة أمرا طبيعيا، وعقدت عددا من ورش العمل التي دعت إليها عشرات الدول للتعلم حول القوانين المتعلقة بالإنترنت". 

وتجد الافتتاحية أن "من المثير أن صحيفة الحزب الشيوعي الرسمية رحبت بقرار الهند إغلاق الإنترنت في ولايتي آسام وميغاهليا، واعتبرت أن هذا قرار مهم يدعو لتنظيم الإنترنت للحفاظ على السيادة والمصالح القومية". 

وتقول الصحيفة: "صحيح أن هناك ديمقراطيات تقوم بالحد من طبيعة ما ينشر في الإنترنت أكثر مما تسمح به حكومة ناريندرا مودي في الهند، إلا أن المسألة هي نوعية في النهاية، فهناك فرق بين منع صورة لانتهاك الأطفال ومنع انتقاد زعيم سياسي، بالإضافة إلى أن هناك فرقا بين قوانين شفافة وواضحة يمكن تحديها من نظام قضائي مستقل، وتعليمات غامضة يتم تطبيقها بشيء من العشوائية، ففي الصين تعد الرقابة سرا". 

وتختم "الغارديان" افتتاحيتها بالقول إن "التحدي الأكبر هو كيفية الرد عندما يتم استخدام الإنترنت للتحريض على الكراهية والعنف، وفي ميانمار وبنغلاديش والهند وأماكن أخرى حصلت حالات قادت إلى القتل والتشريد، ويجب في هذه الحالة التدقيق في كل منع يهدف لحماية الرأي العام؛ لأن الحكومات عادة ما تقوم بانتهاك القوانين".

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)