ملفات وتقارير

متظاهرو العراق والتيار الصدري.. توتر متصاعد ينذر بالصدام

سيطرة الصدريين على بناية المطعم التركي وسط ساحة التحرير مكان الاحتجاجات في بغداد، أمس السبت- جيتي

يبدو أن العلاقة بين التيار الصدري والحراك الشعبي، دخلت مرحلة جديدة بعد نحو أربعة أشهر من الانسجام، إلا أن ما تشهده ساحات الاحتجاج، وتحديدا في العاصمة بغداد، ينذر بتصاعد التوتر بين الجانبين.

سيطرة الصدريين على بناية المطعم التركي وسط ساحة التحرير مكان الاحتجاجات في بغداد، أمس السبت، بالقوة وإزالة اللافتات من جدرانه، والاعتداء على المحتجين الرافضين لرئيس الحكومة المكلف محمد توفيق علاوي، أشعل أزمة الخلاف بين الطرفين.

وما زاد التوتر بينهما أيضا، تغريدة زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، الأحد، التي دعا فيها لإعادة الثورة إلى سلميتها، وضرورة مشاركة أصحاب "القبعات الزرقاء" التابعة لمليشيا "سرايا السلام" مع القوات الأمنية في منع قطع الطرق، وإعادة الدوام في المدارس.

وفي المقابل، خرجت تظاهرات ضخمة  في محافظات وسط وجنوب البلاد ذات الغالبية الشيعية، رافضة تكليف علاوي لرئاسة الحكومة كونه تسلم مناصب سابقة في الحكومات المتعاقبة، ومنددين في الوقت ذاته بمواقف الصدر بالقول: "يا مقتدى شيل إيدك هذا الشعب ميفيدك". 


كل ذلك، أثار تساؤلات حول إمكانية تطور الأحداث بين الحراك الشعبي والتيار الصدري، ووصولها إلى الصدام، الأمر الذي قد يقود البلد إلى مرحلة خطيرة يصعب تداركها، بحسب مراقبين.

 

اقرأ أيضا: مهلة رئيس العراق تنتهي.. لماذا عاد الصدر للتظاهرات؟


تصاعد الغضب

السياسي العراقي أثيل النجيفي، قال في حديث لـ"عربي21" إن "المظاهرات حق طبيعي كي تنفس الشعوب عن غضبها، وتطالب بحقوقها وتعبر عنها، وليس من الصحيح مواجهتها بالقمع، لأنه ذلك سيولّد عنفا لا يمكن السيطرة عليه".

ورأى أن "انسحاب التيار الصدري من ساحات المظاهرات، قبل أسبوع، كانت محاولة منه لإنهاء المظاهرات، لكنه فشل في ذلك، واليوم عاد إلى ساحات الاحتجاجات على ما يبدو في نية لتمرير تكليف محمد توفيق علاوي".

وبخصوص دعوة مقتدى الصدر أتباعه بمعاونة القوات الأمنية لمنع قطع الطرق وإعادة دوام المدارس، قال النجيفي: "يجب على التيار الصدري أن لا يزج بنفسه في عمل الحكومة ومنع قطع الطرق، وأن الحكومة المقبلة يجب أن تأخذ دورها، فهذه من وظيفة أجهزة الدولة".

لكن محافظ نينوى السابق، رأى أن "محمد توفيق علاوي، لا بد أن تُعطى له الفرصة لتشكيل الحكومة، فإذا جاء بتشكيلة من الأحزاب والمحاصصة الطائفية والعرقية، فبذلك لم يتغير شيء عن حكومة سلفه عادل عبد المهدي، والأمور بهذه الحالة قد تؤدي إلى مظاهرات أشد غضبا من سابقاتها".

هيمنة صدرية

من جهته، قال الباحث في الشأن السياسي العراقي الدكتور سعدون التكريتي، أنه "ما دام الاتفاق قد حصل بين تحالفي الفتح بزعامة هادي العامري وسائرون المدعومة من مقتدى الصدر، فإن أي تقاطع معهما لن يتجاوز التظاهرات، وربما الاحتكاك غير المؤثر".

 

اقرأ أيضا: لماذا اهتزّت مكانة المعممين في العراق بعد تظاهرات أكتوبر؟

وأضاف التكريتي في حديث لـ"عربي21": "رأينا مشاهد دخول أصحاب القبعات الزرقاء إلى التحرير والمطعم التركي، ومعها تغريدة الصدر حول التعاون مع القوات الأمنية لمنع قطع الطرق وإعادة دوام المدارس، مما يعني أننا مقبلين على هيمنة للتيار الصدري، مهما كشفت تقلباته عن ازدواجية مواقفه".

وأوضح، قائلا: "يجب أن نفرق هنا بين حركة الاحتجاج وبين ملف تشكيل الحكومة التي ربما يتعرقل بعد أول ظهور لمحمد توفيق علاوي، كونه لم يكن غير مريحا للكتل السياسية التي ستصوت عليها".

وأشار التكريتي إلى أنه "في نهاية المطاف يمكن القول، إن موجة التظاهر ستنتهي الآن، ولكن لا يعني هذا هدوء الأوضاع، ولا سيما إذا ما أدركنا، أنها اليوم باتت تدخل إلى حد ما بالصراع الأمريكي – الإيراني، والذي لن تكتب نهايته على ما يبدو قريبا".

وكان الرئيس العراقي برهم صالح، قد كلف، أمس السبت، وزير الاتصالات السابق محمد توفيق علاوي، برئاسة الحكومة الانتقالية، خلفا للمستقيل عادل عبد المهدي، لكن المحتجين قابلوه بالرفض، واتهموا القوى السياسية بالالتفاف على مطالبهم.