اقتصاد دولي

هذه أبرز خسائر اليوم الأول لـ"حرب النفط".. وردود الفعل

تكهن بنك أوف أمريكا جلوبال بهبوط أسعار النفط إلى نطاق العشرين دولارا خلال الأسابيع المقبلة- جيتي

دخلت روسيا والسعودية حربا مفتوحة في سوق النفط، بعد انهيار تحالف أوبك الذي استمر نحو ثلاث سنوات، وسط توقعات متشائمة لتداعيات تلك الحرب على الاقتصاد العالمي وخاصة اقتصادات الدول النفطية.


وانتهى اتفاق استمر ثلاث سنوات بين أوبك وروسيا يوم الجمعة، بعد أن رفضت موسكو تأييد تعميق تخفيضات النفط للتأقلم مع تفشي فيروس كورونا، لترد أوبك على ذلك بإلغاء جميع القيود على إنتاجها.


وفي خطوة اعتبرها مختصون بمثابة إعلان حرب في أسواق النفط العالمية، خفضت شركة أرامكو السعودية المملوكة للدولة، أسعار النفط الخام المتجه إلى آسيا (شحنة نيسان/إبريل) بمقدار 6 دولارات للبرميل، وخفض النفط الخام المتجه إلى الولايات المتحدة بمقدار 7 دولارات للبرميل.


كما خفضت عملاق النفط السعودي، الأسعار إلى شمال غرب أوروبا وإلى منطقة البحر المتوسط بما يتراوح بين 6 دولارات و8 دولارات للبرميل. 


وأعلنت الرياض كذلك عزمها زيادة الإنتاج الشهر المقبل لما يزيد عن عشرة ملايين برميل يوميا رغم تراجع الطلب العالمي بسبب تفشي فيروس كورونا، وفقا لرويترز.

 

اقرأ أيضا: 5 صدمات قاسية للاقتصاد السعودي بـ 3 أشهر.. ما خطورتها؟

خسائر قاسية للنفط


وفي اليوم التالي للقرار السعودي، فقدت أسعار النفط 31 بالمئةبالمئة من قيمتها في أكبر خسائرها اليومية منذ حرب الخليج عام 1991، وهو ما يعني خسائر يومية لإيرادات دول أوبك بأكثر من 500 مليون دولار بناء على متوسط إنتاجهم في شباط/ فبراير.


وقال مدير التصنيفات السيادية للشرق الأوسط وإفريقيا لدى فيتش، يان فريدريخ، "يخفض نزول عشرة دولارات للبرميل في أسعار النفط الإيرادات المالية بين اثنين وأربعة بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي على حسب البلد"، وفقا لرويترز.


وتراجعت العقود الآجلة لخام برنت 22 بالمئة، بحلول الساعة 1000 بتوقيت غرينتش، اليوم الإثنين، عند 37.05 دولار للبرميل بعد أن نزلت في وقت سابق 31 بالمئة إلى 31.02 دولارا للبرميل وهو أدنى مستوى منذ 12 فبراير شباط 2016.


وتراجع خام غرب تكساس الوسيط الأمريكي أكثر من 24 بالمئة إلى 33.20 دولارا للبرميل بعد أن هوى في البداية 33 بالمئة إلى 27.34 دولارا وهو أيضا أدنى مستوى منذ 12 فبراير شباط 2016.


وتكهن بنك أوف أمريكا جلوبال بهبوط أسعار النفط إلى نطاق العشرين دولارا خلال الأسابيع المقبلة. وخفض بنك غولدمان ساكس أيضا توقعاته لخام برنت إلى 30 دولارا في الربعين الثاني والثالث من عام 2020.


وقالت وكالة الطاقة الدولية، الاثنين، إن الطلب العالمي على النفط يتجه للانكماش في عام 2020 للمرة الأولى منذ عام 2009. وخفضت الوكالة توقعاتها السنوية بمقدار نحو مليون برميل يوميا، بما يشير إلى انكماش قدره 90 ألف برميل يوميا.

 

اقرأ أيضا: "أرامكو" تخسر نحو 300 مليار من قيمتها في يومين


سقوط حر للأسهم


وشهدت أسواق الأسهم العالمية والعربية والخليجية سقوطا حرا، وهوى مؤشر ام.اس.سي.آي لأسهم جميع دول العالم أكثر من خمسة بالمئة، الاثنين، بخسائر تقدر بنحو 2.5 تريليون دولار من قيمة الأسهم العالمية.


ويتجه المؤشر العالمي صوب أكبر انخفاض يومي له منذ أوج الأزمة المالية العالمية في كانون الأول/ ديسمبر 2008 وسط عمليات بيع واسعة النطاق بفعل انحدار أسعار النفط.


وأغلق المؤشر العام السعودي منخفضا 7.8 بالمئة، ليهبط للجلسة الرابعة على التوالي وتصل خسائره منذ بداية العام إلى 24.7 بالمئة. وانخفض سهم أرامكو 5.5 بالمئة إلى 28.35 ريالا (7.55 دولارات).


وخفضت أرقام كابيتال تصنيفها لسهم أرامكو اليوم إلى "احتفاظ"، مشيرة إلى انكشاف كبير على سعر النفط مما سيؤثر على أرباحها في 2020.


وانخفض مؤشر سوق الأسهم القطرية 9.7 بالمئة، متكبدا أكبر خسارة في يوم واحد في 20 عاما. وهبط سهم بنك قطر الوطني، أكبر بنوك الخليج، عشرة بالمئة.


ونزل مؤشر دبي 8.3 بالمئة وهو أكبر انخفاض منذ نيسان/ أبريل 2013. وتراجع سهم بنك دبي الإسلامي 9.4 بالمئة وبنك الإمارات دبي الوطني عشرة بالمئة لكل منهما.


وتراجع مؤشر بورصة أبوظبي 8.1 بالمئة ليتكبد أكبر خسارة في يوم واحد منذ تشرين الثاني/ نوفمبر 2009. وتراجع سهم بنك أبوظبي الأول 8.5 بالمئة.


وهوى مؤشر السوق الأول بالكويت عشرة بالمئة مما أدى إلى تعليق التداولات لبقية الجلسة. ونزل المؤشر المصري عشرة بالمئة وفقد سهم البنك التجاري الدولي 6.7 بالمئة.

 

اقرأ أيضا: على خلفية انهيار أسعار النفط.. هبوط حاد في بورصات الخليج


وتراجعت مؤشرات الأسهم الأمريكية الرئيسية وخسر المؤشر داو جونز الصناعي ألفي نقطة اليوم الاثنين، ونزل المؤشر ستاندرد آند بورز 500 القياسي سبعة بالمئة إلى أدنى مستوى منذ يونيو حزيران 2019، مما أدى لوقف تلقائي لمدة 15 دقيقة جرى استحداثه بعد الأزمة المالية العالمية في 2008 و2009.

 

ووعند الإغلاق، هبط "داو جونز" الصناعي بنسبة 7.8% أو 2013 نقطة إلى 23851 نقطة، كما انخفض "ناسداك" بنسبة 7.3% أو 625 نقطة إلى 7950 نقطة، في حين تراجع "S&P 500" بنسبة 7.6% أو 226 نقطة إلى 2746 نقطة.


وفقد المؤشر الياباني "نيكي" 5.1 بالمئة متراجعا إلى أقل مستوى إغلاق منذ الرابع من كانون الثاني/ يناير 2019 ويمثل أكبر هبوط يومي منذ 24 حزيران/ يونيو 2016. ونزلت أسهم شركتي التكرير الكبيرتين جيه.إكس.تي.جي هولدينجز 8.2 بالمئة وإدميتسو كوسان 6.6 بالمئة، كما هبط سهم ميتسوي آند كو 6.9 بالمئة وإيتوشو كورب 5.6 بالمئة.


وانخفضت الأسهم الأوروبية بوجه عام، الاثنين، ونزل المؤشر ستوكس 600 الأوروبي 6.1 بالمئة بحلول الساعة 08:07 بتوقيت غرينتش، ليدخل إلى سوق تتسم بالهبوط والتي عادة ما يتم تعريفها بأنه انخفاض 20 بالمئة من أعلى مستوى على الإطلاق.


وتراجع المؤشر فايننشال تايمز 100 البريطاني الزاخر بشركات السلع الأولية في لندن ثمانية بالمئة مع تراجع أسهم بي.بي ورويال داتش شل بما يزيد عن 20 بالمئة.


وتصدر سهم تولو أويل قائمة الأسهم المنخفضة على المؤشر ستوكس 600 مع تراجعه 57 بالمئة.
ونزل مؤشر قطاع النفط والغاز الأوروبي 7.3 بالمئة مع هبوط حر لأسعار النفط بعد أن بدأت السعودية حرب أسعار عبر تقليص أسعارها الرسمية لبيع الخام ووضع خطط لزيادة كبيرة في إنتاج الخام الشهر المقبل.

 

اقرأ أيضا: وقف التداول ببورصة أمريكا.. والدولار بأقل مستوى منذ 2016

هبوط الدولار 


وفي أسواق العملات، هوي الدولار مقابل اليورو والين، الاثنين، وهبطت عائدات سندات الخزانة الامريكية لمستويات متدنية لم تخطر على بال.


وسارع المستثمرون المذعورون للسندات بحثا عن الأمان ونزل عائد السندات الأمريكية لأجل 30 عاما عن واحد بالمئة ولأجل عشر سنوات عن 0.5 بالمئة ليبدد ما كان مصدر الجذب الرئيسي للدولار في وقت ما.


ووسط تعاملات محمومة، نزل الدولار 0.3 بالمئة مقابل العملة اليابانية إلى 101.58 ين وهو أقل مستوى في ثلاثة أعوام. وفي أحدث تعاملات، زاد اليورو واحدا بالمئة إلى 1.1408 دولار بينما تراجع الدولاران الأسترالي والنيوزيلندي ما يقرب من اثنين بالمئة مقابل نظيرهما الأمريكي.


وخلال التعاملات، نزل الدولار الأسترالي ستة بالمئة لأقل مستوى في 11 عاما مقابل الين بينما نزل نظيرة النيوزيلندي أكثر من سبعة بالمئة.


وفي أحدث تعاملات، سجل الدولار الأسترالي 0.6540 دولار أمريكي متعافيا من انخفاض إلى 0.6311 دولار بينما قبع الدولار الأمريكي عند أقل مستوى في 17 شهرا مقابل سلة من العملات.


ردود فعل متباينة


وفي أول تعليق لها على انهيار أسعار النفط، قالت وزارة المالية الروسية، الاثنين، إن روسيا يمكنها التكيف مع أسعار للنفط بين 25 دولارا و30 دولارا للبرميل لفترة من ست إلى عشر سنوات قادمة. لكن نيجيريا والجزائر، العضوان في أوبك، قالتا إن انهيار تحالف أوبك سيعود بالألم على المنتجين.


وقال وزير الطاقة الروسي، ألكسندر نوفاك في اجتماع مع رئيس الوزراء ميخائيل ميشوستين، الإثنين، إن انحدار أسعار النفط لن يؤثر على قطاع النفط الروسي.


ونقل الموقع الرسمي للحكومة الروسية عن نوفاك قوله "صناعة النفط الروسية تملك قاعدة موارد عالية الجودة وهامشا كبيرا من القوة المالية لتظل قادرة على المنافسة عند أي مستوى سعر متوقع، فضلا عن المحافظة على حصتها السوقية."


ودعا وزير النفط النيجيري، الاثنين، أوبك والدول غير الأعضاء إلى اجتماع جديد للنظر مجددا في خفض الإنتاج، معربا عن خيبة الأمل حيال انهيار أسعار النفط بعد انخراط السعودية وروسيا في حرب على الحصة السوقية.


وقال وزير الدولة للبترول تيميبري سيلفا للصحفيين إن التراجع الحاد في خام برنت، الذي نزل بما يصل إلى 30 بالمئة اليوم، قد يجبر على تغيير في الأساليب.


وأعلن وزير الطاقة الجزائري محمد عرقاب، أن بلاده تجري مشاورات مستمرة مع منتجين آخرين للنفط منذ يوم الجمعة بعد فشل أوبك في الاتفاق على خفض للإنتاج.


وأضاف لتلفزيون النهار، الاثنين: "اتفقنا يوم الجمعة على أن عدم التوصل إلى قرار سيكون له تأثير سلبي جدا على المنتجين. نحتاج إلى قرار سريع لتحقيق التوازن في السوق".


ونشر الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، سلسلة تغريدات عبر حسابه الشخصي بموقع التواصل الاجتماعي "تويتر"، تعليقا على انهيار أسعار النفط، قال فيها: "جيد للمستهلك، أسعار البنزين تنزل".

 

اقرأ أيضا: هكذا علّق ترامب على انتشار كورونا وأداء إدارته

وأضاف: "السعودية وروسيا تتعاركان على سعر النفط وتدفقاته. ذاك، والأخبار الكاذبة، هما السبب في تراجع السوق."


وقالت أربعة مصادر لرويترز، الاثنين، إن ما لا يقل عن أربع شركات تكرير آسيوية، من بينها هندوستان بتروليوم وبهارات بتروليوم في الهند، تعتزم زيادة مشترياتها من نفط الشرق الأوسط تحميل نيسان/ أبريل إلى الحد الأقصى بعد أن خفضت السعودية بشكل كبير الأسعار للمشترين بعقود محددة الأجل.


وأكدت المصادر أن شركات التكرير الأربع تتطلع لشراء أكبر قدر ممكن من الخام بسعر بخس بموجب عقودها طويلة الأجل مع منتجي الشرق الأوسط، حتى في الوقت الذي خفضت فيه بعض شركات التكرير الآسيوية معدلات معالجة الخام بسبب أعمال صيانة موسمية للمصافي وتفشي فيروس كورونا الذي قلص الطلب العالمي على الوقود.