صحافة دولية

NYT: فيروس كورونا يمثل مأزقا لمصر وهذا ما يعكسه

نيويورك تايمز: كورونا يمثل مأزقا لمصر ويعكس فوضوية التعامل مع الفيروس- تويتر

نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" تقريرا للصحافي ديكلان وولش، يتحدث فيه عن انتشار فيروس كورونا في مصر.

 

ويشير التقرير، الذي ترجمته "عربي21"، إلى أنه عندما أفاق السياح في الأقصر يوم الاثنين وجدوا أنفسهم محجوزين في الفنادق أو السفن السياحية في النيل، وبدا أن مصر قررت أن تتخذ إجراءات صارمة لمواجهة فيروس كورونا في البلدة التاريخية التي هي في قلب قطاع السياحة.

 

ويلفت وولش إلى أنه تم إرسال الأطباء الحكوميين لفحص السياح؛ أملا في إيقاف انتشار المرض، إلا أنه مع ذلك فإنه لم يتم فحص سوى عدد قليل من الناس، مشيرا إلى أنه حتى قبل الحصول على النتائج عادت الأمور إلى طبيعتها، فسمح لمجموعات السياح بزيارة المعابد القديمة في البلدة.

 

وتجد الصحيفة أن "المقاربة المتضاربة والفوضوية في بلدة الأقصر تعكس المأزق الذي يعيشه المسؤولون في مصر: هل يمكن للحكومة الاستمرار في استقبال السياح الذين يحملون الأموال في الوقت ذاته الذي تحاول فيه مواجهة الأزمة الصحية الوشيكة في جوهرة السياحة في مصر؟".

 

وينوه التقرير إلى أن الأقصر، التي يوجد فيها وادي الملوك وقبر توت عنخ آمون، أصبحت اليوم مركز تفشي فيروس كورونا، وتم اكتشاف 45 مصابا بالفيروس على قارب نهري (أ. سارة)، وتم نقلهم بوسائل نقل عسكرية إلى وحدة عزل في مستشفى على الساحل الشمالي.

 

ويذكر الكاتب أنه في الوقت الذي يتفشى فيه الفيروس قام وزير السياحة المصري بزيارة أحد المعابد في الأقصر يوم الأحد ليعلن أنه مفتوح وآمن للزوار، وقال الوزير خالد العناني، خلال زيارة له لمعبد الكرنك، حيث اصطف السياح لدخول المعبد: "الحمد لله أن الناس موجودون هنا"، وكانت بجانبه وزيرة الصحة المصرية، هالة زايد، التي حذرت الناس من "المبالغة" في حجم الأزمة، وقالت: "سنتجاوز هذا معا".

 

وتستدرك الصحيفة بأنه حتى في الوقت الذي كانوا يتحدثون فيه كان هناك قارب سياحي يرسو قريبا على شاطئ النهر، حجر على متنه 136 شخصا، مثيرا المخاوف بأن مصر قد تكون على حافة مشكلة عظيمة، مشيرة إلى أن الشعور بالخطر ارتفع ليلة الأحد عندما توفي سائح ألماني يبلغ من العمر 60 عاما في مستشفى في الغردقة، وهي أول حالة وفاة من فيروس كورونا في مصر، وقد جاء السائح من الأقصر.

ويجد التقرير أن المظاهر المتضاربة في الأقصر في الأيام الأخيرة أبرزت محاولة "الحكومة" المحافظة على توازنها في وجه التفشي، مشيرا إلى أنه حتى الأطباء الذين قاموا بإجراء الفحوصات يوم الاثنين لم يرغبوا في إزعاج أي من السياح الذين يقضون إجازتهم هناك.

 

وينقل وولش عن يارا أحمد، وهي صحافية مصرية تحضر مهرجان الأفلام في الأقصر، قولها بأن هناك 400 نزيل في الفندق الذي هي فيه ولم يفحص منهم سوى 10 أشخاص، وبعد إجراء تلك الفحوص، سمح للجميع بالمغادرة وحتى الأشخاص الذين خضعوا للفحص، وتضيف أحمد: "غضب الناس من ذلك، وقالوا: (يجب أن يتم فحصنا جميعا)، فرد عليهم الأطباء قائلين: (إن هذا ما نستطيع فعله، وإن لم يعجبكم هذا فيمكنكم الشكوى لدى الوزارة)". 

 

وتورد الصحيفة نقلا عن الدكتور سيروس شاهبار من منظمة "فايتال ستراتيجيز" للصحة العامة، قوله إن استراتيجية الفحص هذه يمكن أن تعطي مؤشرا إن كان المرض انتقل من القارب السياحي إلى البر، "لكن ليست استراتيجية احتواء، لأنك لا تقوم باحتواء أي شخص".

 

وينوه التقرير إلى أنه حتى يوم الجمعة كان في مصر مجرد ثلاث حالات معلنة من الإصابة بالفيروس، وهو ما يشكل أحد أقل المعدلات في الشرق الأوسط، وأعلنت مصر ليلة الاثنين أن لديها 59 حالة، معظمها على القارب في الأقصر، لكن لا أحد يعرف شيئا عن مدى انتشار المرض في بلد عدد سكانه 100 مليون نسمة، إلا أن الأقصر أصبحت مركزا لنقل الفيروس إلى بلدان أخرى.

 

ويفيد الكاتب بأنه على مدى الأسبوع الماضي تقريبا، عاد 29 سائحا زاروا مصر تبينت إصابتهم بفيروس كورونا لدى عودتهم إلى بلدانهم، مشيرا إلى أن معظم السياح المصابين أمريكيون وفرنسيون، وعدد منهم سافر في القارب السياحي (أ سارة) في النيل، وهو القارب الذي تم الحجر على ركابه في الأقصر.

 

وتنقل الصحيفة عن منظمة الصحة العالمية، قولها ‘ن الفيروس وصل إلى القارب عن طريق تايوانية أمريكية غادرت مصر في 1 شباط / فبراير، فيما قالت السلطات المصرية إنها لم تعلم عن إصابتها بالفيروس إلا في 1 آذار/ مارس، وبأن أول شخص من طاقم القارب أصيب بالفيروس تم اكتشافه في 6 آذار/ مارس.

 

ويبين التقرير أنه مع ذلك فإن بعض المصريين متشككون في كون حكومتهم تصدقهم القول، فتحت حكم الرئيس المستبد عبد الفتاح السيسي تم تقييد الإعلام إلى حد كبير، وتقوم الحكومة باستمرار بالتعتيم على الحقيقة لتجنب الإحراج الدولي، كما حاولت في السابق أن تعتم على أن قنبلة زرعها تنظيم الدولة هي التي أسقطت الطائرة الروسية في سيناء عام 2015.

 

ويشير وولش إلى أن المسؤولين يصرون هذه المرة على أنهم يلتزمون بالشفافية، وتقول وزارة الصحة إنها أجرت 2166 فحصا، وبأنها تعمل بشكل وثيق مع منظمة الصحة العالمية لتتبع أي شخص يمكن أن يكون اتصل بشخص مصاب.

 

وتورد الصحيفة نقلا عن الدكتور شاهبار، قوله إن أحد أسباب أن تكون بلدان ذات عدد سكان كبير، مثل إندونيسيا ومصر، بعدد إصابات قليلة، هو عدم وجود الإمكانيات لدى نظام الرعاية الصحية فيها لإجراء فحوصات على نطاق واسع كبلدان مثل كوريا الجنوبية أو إيطاليا.

 

ويلفت التقرير إلى أن الأقصر تعد موقعا تاريخيا يجذب السياح بأعداد كبيرة، لكن مركزيتها لصناعة السياحة في مصر جعلها عرضة للخطر في السابق أيضا، فكانت مكان مذبحة إرهابية عام 1997، عندما قام متطرفون برش السياح خارج معبد من المعابد بالرصاص، وقتلوا 62 شخصا، وكان الهدف المعلن من ذلك الهجوم هو ضرب السياحة في مصر للتسبب بضرر كبير للاقتصاد.

 

ويقول الكاتب إن فيروس كورونا يشكل الآن تهديدا جديدا، وقال أحد مكاتب السياحة العاملة على نهر النيل بأن الزبائن ألغوا حجوزاتهم يوم الاثنين وعادوا إلى بلدانهم، وقامت شركات أخرى في الأقصر بإلغاء رحلاتهم تماما، وقال اتحاد شركات السياحة في مصر، يوم الأحد، بأن حجوزات السياح تراجعت بنسبة 80% مقارنة مع الفترة ذاتها العام الماضي.

 

وتنوه الصحيفة إلى أن الفيروس في الأقصر أثار خوف العاملين في قطاع السياحة، وتناقلت وسائل الإعلام الرسمية أخبارا بأن عددا من العاملين في القوارب السياحية استقالوا من عملهم في الأيام الأخيرة، خشية الإصابة بالمرض، فيما بدت شوارع البلدة مساء الاثنين مهجورة.

 

وتختم "نيويورك تايمز" تقريرها بالإشارة إلى أن رجلا من لندن، وهو لورنس وولر، (64 عاما) كان يتمشى في البلدة، وقال ويلر إنه تم فحصه في قاربه السياحي، الذي يرسو على طرف البلدة يوم الاثنين صباحا، وأضاف: "هذا يسبب مشكلة للجميع.. لكني لست خائفا، لأنني لا أظن أنني سأمرض".

 

لقراءة النص الأصلي اضغط (هنا)