حقوق وحريات

لماذا يموت الأطباء المهاجرون ببريطانيا بمعدل أعلى من البيض؟

ممرض: تم وضع جميع الممرضين من الأقليات في الأجنحة الحمراء بينما الممرضون البيض في الأجنحة الخضراء- بي بي سي

قال مسعفون ومسؤولون في مجال الرعاية الصحية من الأقليات العرقية والسود والآسيويين (BAME)، إن "التمييز المنهجي" على الخط الأمامي لمواجهة تفشي الفيروس التاجي كورونا، قد يكون عاملا في وفاة العاملين في المجال الصحي من المهاجرين أكثر من البيض.

ومن بين أكثر من 2000 شخص شملهم الاستطلاع، كشفت بعض التعليقات أن موظفي هيئة الخدمات الصحية الوطنية من السود والآسيويين والأقليات العرقية (BAME)، يشعرون بالخوف من وجودهم في الصفوف الأمامية الأكثر عرضة للخطر، بينما يشعر آخرون بأن توزيعاتهم غير عادله، بالإضافة إلى شعور الكثير بأن صوتهم غير مسموع، وبعضهم يتم دفعهم للاستقالة.

وربما يكون الأمر الأكثر إثارة للصدمة، هو أن 50% من العاملين الذين شملهم الاستطلاع شعروا بأن هناك تمييزا عنصريا أدى دورا في ارتفاع عدد الضحايا؛ حيث زعم واحد من كل خمسة  أنه عايش الأمر شخصيا.

ونشر موقع "ITV.COM" البريطاني بعض التعليقات التي أدلى بها الأطباء والعاملون في مجال الرعاية الصحية، من السود والآسيويين الذين استجابوا للمسح:

وقال رئيس الجمعية الطبية البريطانية (BMA) الدكتور تشاند ناجباول: "بمجرد كونك طبيبا من الأقليات، هذا من شأنه أن  يعرضك للخطر".

وردا على الاستبيان قال؛ "إن هذا مصدر قلق حقيقي، ويتعلق بثقافة موجودة في هيئة الخدمات الصحية الوطنية منذ فترة، ويجب معالجتها"، مضيفا؛ "إن وباء كورونا مع العديد من التحديات التي أتت معه، قد أبرز العديد من المشاكل، وأهمها الظلم الذي بات ظاهرا وجليا".
وكان السبب الأكثر شيوعا الذي تم تقديمه في المسح للأسباب المحتملة لتفاوت أرقام الوفيات، هو نشر موظفي الأقليات في الصفوف الأمامية، حيث احتمالية التعرض للفيروس أكبر.

ووصف أحد المستجيبين بأن "التوزيعات غير عادلة"، مضيفا: "تم وضع جميع الممرضين من الأقليات في الأجنحة الحمراء، بينما الممرضون البيض في الأجنحة الخضراء".

وقال طبيب بريطاني استشاري لأمراض القلب من أصول باكستانية: "العديد من الأطباء ذوي البشرة البيضاء، يشغلون المناصب الإدارية تاركين الأقليات في فوهة المدفع".

وقال طبيب أطفال استشاري؛ إن كل هذا يتلخص في "التمييز المنهجي على خطوط المواجهة الأمامية" في مكافحة فيروس كورونا. وقال مستشار الجهاز التنفسي البريطاني من أصل آسيوي: "لا تأخذ إدراة المستشفى اقتراحات الأقليات، كما يتم تجاهل مخاوفهم أو تعليقاتهم".

وفي حين وصفت مسؤولة في المجال الطبي تجربتها قائلة: "تم عن طريق الرسائل الإلكترونية، إبلاغ الموظفين  الذين تحدثوا عن الأمر بشكل علني للمسؤولين، أنهم سيخضعون للتحقيق".

وفي الغالب يوجد العاملون في الصحة من الأقليات بشكل مكثف في المستويات الدنيا من التسلسل الهرمي للرتب في NHS، مع نقص وجودهم في نطاقات الأجور العليا.

وقالت أنو أغبولا من مستشفى الصحة العقلية، إن الشعور بعدم التمثيل الكافي للأقليات في "أماكن مختلفة"، يجعل من الصعب عليك التحدث بصراحة و"من الصعب أن يُسمع صوتك".

أما بالنسبة للأقليات العرقية القادمة من الخارج، يقترن خوفهم من فقدان وظائفهم بخوفهم من فقدان إقامتهم في البلاد، بسبب لوائح التأشيرات المعمول بها فيما يخص التوظيف.

وقال أحد المستجيبين: "الكثير من الأقليات ليس لديهم دعم مباشر من عائلاتهم، هم يعيشون بمفردهم في المملكة المتحدة، أعتقد أن هذا يزيد من الضغط؛ خاصة أن الكثير منهم لم يتمكنوا من العودة إلى أوطانهم ليكونوا مع أحبائهم".

وقالت ممرضة من الفلبين؛ إن موظفي الأقليات يعيشون في "خوف" من فقدان وظائفهم و"الحكم عليهم" إذا تحدثوا بصراحة. وقالت بأن البديل هو الاستمرار في العمل على الرغم من الأدوار الخطرة التي يؤدونها.

أما بالنسبة للنقص في معدات الوقاية الشخصية التي تم الإبلاغ عنها، فقد أثر على جميع الأعراق والإثنيات، ولكن ما يقرب من ثلاثة أرباع الذين ردوا على الاستطلاع أشاروا إلى أن نقص الحماية الكافية، ربما كان عاملا في العدد المتفاوت من الوفيات بين الأطباء من الأقليات.

وقال أحد العاملين الصحيين، إنه "منع فعليا" من ارتداء القناع، وأضاف: "لقد تم تهديدنا بالتعرض للطرد إذا تحدثنا مرة أخرى عن عدم سماحهم لنا بارتداء معدات الوقاية الشخصية".

وكان قد أشار 90% من المستجيبين إلى أنه على الحكومة أن تبذل المزيد من الجهد لحماية أطباء الأقليات العرقية.

وأعلنت الحكومة البريطانية أنه سيتم إجراء مراجعة رسمية لمعرفة سبب تفاوت الأرقام بشكل غير متناسب بين الأقليات والبيض.

وقال مات هانكوك، وزير الصحة في بريطانيا؛ إنه "قلق للغاية" بشأن أعداد الأقليات المصابين بفيروس كورونا أو ماتوا بسببه.

وعند سؤاله عن نتائج الاستطلاع بشأن قضية العنصرية والسلوك التمييزي، قال هانكوك؛ إنه شيء "عازم على القضاء عليه".

وفي بيان، قال متحدث باسم هيئة الخدمات الصحية الوطنية: "بينما ننتظر نتائج تحقيقات الصحة العامة في إنجلترا حول تاثير فيروس كورونا على الأقليات، طلبنا بالفعل باتخاذ تدابير احترازية لتقييم المخاطر التي يتعرض لها الموظفون"، وأضاف: "التأكد من حماية جميع موظفي هيئة الخدمات الصحية الوطنية، سيظل دائما أولوية قصوى مطلقة".

وقال الدكتور ناجوبال: "لسنا بحاجة إلى مراجعة رسمية نحن بحاجة إلى تحقيق مناسب". وأضاف: "94% من الأطباء الذين لقوا حتفهم بفيروس كورونا كانوا أقليات، وهي نسبة كبيرة جدا".

ولكن هل ستصل المراجعات أو التحقيقات إلى شيء؟ قال أحد المستجيبين: "أنا واثق بأن أرواح الأطباء الذين فقدناهم من الأقليات، سيتم وضعهم في طي النسيان، دون إحداث الكثير من التغييرات أو حماية من تبقى منهم".

 

اقرأ أيضا: استمرار انتشار كورونا عالميا.. والمخدرات تتراجع (ملخص)